أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رزاق عبود - عندما يدفن الاباء فلذات اكبادهم














المزيد.....

عندما يدفن الاباء فلذات اكبادهم


رزاق عبود

الحوار المتمدن-العدد: 4630 - 2014 / 11 / 11 - 16:23
المحور: المجتمع المدني
    


عندما يدفن الاباء فلذات اكبادهم!
كان، في الايام الاخيرة، مهموما، متضايقا، تحس انه يكظم شيئا. يكتم عنك امرا. لقد تعود، ان لا يحمل الاخرين همومه، مع انه يحمل هموم الجميع. تشعر انه فقد بريق عينيه من الحزن. يعاني من شئ ما، ويكابر على ألمه. يتسامى على جروحه، ويدفن همومه في غابة من الحزن تغطي كل ملامحه. عندما تسأله يقول: سلامتك! واذا الححت بالسؤال تجد علامة استفهام كبيرة ترتسم على محياه، وامتنان عميق، وهو يحاول تغيير مجرى الحديث كي لا يكدرك بما يعانيه. فكرت الاتصال به تلفونيا، كي اهرب من نظراته الحائرة، المحيرة، وغشاوة الحزن التي تسكن عينيه، لكني لم اجد الشجاعة لذلك. فشلت في امتحان الغور في اسرار حزنه!
شعور بالذنب يراودنا، تركناه، وحيدا في همومه، والمه، وحزنه وعذابه، وشقائه، ولن يغير من وجودنا معه، بعد الفاجعة، شيائا من خسارته الجسيمة. كلماته المعبرة، وهو يصف ابنته، فقيدته بالرقيقة، الطيبة، الشفافة، العطوفة، الحنونة. تعكس بكاءا مرا برسم الكلمات. تخيلتها ملاكا، لاني لم احض بشرف لقائها. ليس صدفة ان تسمي ابنتها، التي تشبه امها تماما، كما فهمت: "ملاك"!
تركت ورائها بيتا نظيفا لامعا شفافا يوشحه السواد. تركت وراءها بنتين بعمر الزهور تركت عمرا لم يكتمل، وسنينا لم تكمل دورتها، وغيابا محسوسا، وحزنا لا ينتهي. تركت ابا محروقا، مهموما، مكدوما، شاحبا، متألما، وقد تعودنا عليه مبتسما ضاحكا. تركت اهلا، واخوات، واصدقاء، ورفقة، واقارب لا يصدقون انهم فقدوها الى الابد.
عندما ينتقل الحي الى عالم الاموات. عندما تتوقف الحياة في عروق الجسد، ويصمت النبض، وتتجمد الدماء، وتحتل غيوم الحزن ملامح الوجه النير، ويتغير اسم الجسد النابض الى جثمان. لاتنفع، وقتها، كل عبارات التعازي المستهلكة، ولا مواساة ذوي القربى والاصدقاء، ولا تجد تمنيات الصبر، والسلوان لها معنى. فالخسارة لا تعوض، والامل لن يعود، والحياة فارقت الجسد. لذا تجدني عاجزا، وقاصرا على التعبير عن مشاعري. تذكرت ابي يوم دفن ابنته الشابة، ثم ابنه القوي اليافع. رأيت صور ابنتي اختي في وجهي بنتيها بتول، وملاك. لا اعرف ولا يمكنني، ان استوعب مذا يدور في خلد صديقي ابو هند وهو يدفن ابنته الشابة صديقته، عزيزته، اليفته، كما تحدث عنها.
كل ما اسعفني من ذاكرتي مقطعين من خاطرة شعرية كتبتها يوما ما، وانا اتخيل مشاعر من يدفنون احبائهم:
عندما تودع حبيبا، تصبح الدموع اثقل من الصخر
عندما تدفن عزيزا، يصبح التراب اغلى من الذهب
عذرا صديقي العزيز، واستاذي الجليل، الجلد ابو هند(هادي الجواد)، لقصوري في التعبير. فاجعتك شلت تفكيري، وكسرت قلمي، وعقدت لساني. لكني استطيع التأكيد انه لا يوجد اقسى وجعا، ولا اشد الما، ولا اعمق جرحا، ولا اكبر مأساة من اضطرار الوالدين لدفن فلذات اكبادهم! عسى ان تكون اقوى من المصاب من اجل بقية بناتك، واحفادك!
رزاق عبود
9/11/2014



#رزاق_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سمر يزبك نجمة سورية تنير فضاء الادب السويدي في خريف ضبابي
- السبي الايزيدي
- العالم كله يريد القضاء على داعش واردوغان يريد القضاء على الا ...
- حجاج الحجر وملائكة كوباني
- الهمجية الاسلامية، داعش نموذجا!
- مرثية البصرة
- حيدر العبادي ومصير بلادي!
- كلكم داعشيون ارهابيون ايها الاسلاميون!
- حكام بغداد وحكام اربيل اوكلوا لداعش مهمة تصفية -الاقليات- ال ...
- وفد الجالية العراقية في السويد، ام حرامية الجالية في العراق؟ ...
- مصر والسعودية ومحمود عباس طلبوا من نتنياهو نزع سلاح حماس!
- هل تبقى الموصل عراقية اذا غادرها المسيحيون؟!
- عبد الفتاح السيسي فرعون مصر المختار!
- مهزلة انتخابات الخارج. السويد نموذجا!
- قتلة، لصوص، وخونة يريدون تمثيل الشعب العراقي!
- آلهة سومرية في شوارع المدن العراقية!
- مختار العصر ام جزار العصر؟!
- فتوى المرجعية العليا للشعب العراقي: انتخاب الاسلاميين حرام!
- جاموسة اسلامية تقتحم قاعة فنية!
- المرأة بين النص الديني والقانون المدني الحديث. نظرة عامة!


المزيد.....




- الخارجية الفلسطينية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة ...
- الأمم المتحدة تندد باستخدام أوكرانيا الألغام المضادة للأفراد ...
- الأمم المتحدة توثق -تقارير مروعة- عن الانتهاكات بولاية الجزي ...
- الأونروا: 80 بالمئة من غزة مناطق عالية الخطورة
- هيومن رايتس ووتش تتهم ولي العهد السعودي باستخدام صندوق الاست ...
- صربيا: اعتقال 11 شخصاً بعد انهيار سقف محطة للقطار خلف 15 قتي ...
- الأونروا: النظام المدني في غزة دُمر.. ولا ملاذ آمن للسكان
- -الأونروا- تنشر خارطة مفصلة للكارثة الإنسانية في قطاع غزة
- ماذا قال منسق الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط قبل مغادر ...
- الأمم المتحدة: 7 مخابز فقط من أصل 19 بقطاع غزة يمكنها إنتاج ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رزاق عبود - عندما يدفن الاباء فلذات اكبادهم