|
الذكاء الصناعي بين الرخاء السلبي والرخاء الاختكاري
أبو الحسن سلام
الحوار المتمدن-العدد: 4629 - 2014 / 11 / 10 - 18:06
المحور:
الادارة و الاقتصاد
- تساؤلات وإجابات –
د. أبو الحسن سلام حول عدد من القضايا العلمية والأكاديمية المطروحة بين الأوساط الثقافية والجامعية طرحت مطبوعة (المسار) التي تصدرها (دائرة العلاقات العامة والإعلام بجامعة السلطان قابوس ) على عددا من الأسئلة حول الاحتمالات المستقبلية لتغلب الآلات والأجهزة الذكية على البشر ، والتخوف من انتفاء الحاجة إلى العنصر البشري ، وترك الأجهزة الذكية لتتخذ القرارات المصيرية بديلا عن الإنسان . وهنا أري أن العقل البشري سيعمل دائما ، ودون توقف على تطوير تلك المخترعات نفسها التي حلّت بديلا عن جهده في القيام بالمهام التي كان الإنسان يقوم بأدائها ، قبل توصل العقل البشري إلى ابتكارها ؛ فمسيرة العقل البشري لن تتوقف . وطالما تتجدد حاجاته وطموحاته نحو المزيد من يسر العيش ورفاهية الحياة ، تتجدد ابتكاراته ووسائله الملبية لتلك الطموحا أما عن القول بانتفاء قدرة العنصر البشري على إنجاز المهام البشرية ، إنما هو انتفاء مقصور على ما هو معلوم أو أصبح معلوما ومتاحا بمخترعاته وله فعالية في خدمة رغبات الإنسان نفسه .وبما أن الحياة الكونية قد جبلت على الصراع ، استمرارا لبقاء الكون نفسه ؛ فإن صراع العقل البشري سيضطرد في مواجهة الآلة الحديثة الذكية التي اخترعها ، مدفوعا بغريزة الإنسان نفسه نحو التعلم والاكتشاف . ولا ننسى أنه مع ازدياد تحكم مجالات الذكاء الاصطناعية بوساطة الربوتات والنانوتكنولوجي( التقنيات المتناهية في الصغر) وعلوم الجينات ؛ فإن لعلوم الميمات ( الصفات الوراثية الثقافية) دورا فاعلا في حلبة المنافسة أيضا. خذ مثلا حلم الإنسان القديم فيما صورته أساطير اليونان التي تحدثت عن (البجاسوس أو القنطور) - وهو الكائن المزدوج الجنس والمقدرة ، إذ هو حصان في نصفه السفلي وإنسان في نصفه العلوي ، وله قدرة على الطيران وقدرة على السير على الأرض – أو تحدثت عن الميندوزا : المرأة التي شعر رأسها من حيّات وتخرج من عينيها أشعة قاتلة لمن تسلط عليه – وبساط الريح في - ألف ليلة وليلة - ألم تصبح تلك الخيالات الفائقة حقيقة واقعية فيما نري الطائرات والسفن الفضائية تسبح في الفضاء ، ألم نري ما يفعله الليزر – إن خيرا أو شرا – وخذ أسطورة البلورة السحرية ، التي تمكن الناظر فيها من رؤية ما بداخل قصر إمبراطور الصين ، ألا يكشف التلسكوب العملاق ما في الكواكب ؟! ألا نرى على شاشات التلفاز ما يحدث في أي مكان على سطح الأرض عبر الأقمار الصناعية ، وهل ما يزال الإنسان في حاجة إلى دعاء حارس العقار صارخا (افتح يا سمسم) على طريقة ( علي بابا) حتى تفتح له أبواب فندق أو بيت أو سيارة أو مول تجاري ؟! ألا يفتح الباب تلقائيا بمجرد ظهور شيء يتحرك أمام الباب أو خلفه . والصيحة التراثية ( شبيك .. لبيك ، عبدك بين يديك ) التي يطلقها جني القمقم المزمن الحبس ، فور إخراجه من محبسه السرمدي ، بلمسة إبهام من (علاء الدين) لمصباحه السحري في تخييلات (ألف ليلة وليلة) هل يخرج لك جني ألف ليلة ، حتى ولو لم يكن اسمك علاء الدين متوسلا بدعاء السمع والطاعة : ( شبيك لبيك .. عبدك بين يديك) إذا لمست ( الروموت كونترول ) بديلا عن خاتم سليمان أو مصباح علاء الدين ؟! ألا يفتح لك أبواب السيارة والمنزل ، وتشغيل التلفاز واللاب توب ) والأجهزة الغبية والذكية بلمسة من إصبعك الوسطي ؟! لقد ألهمت البشرية مخرجا تخيّليا في طفولتها البشرية ، للوفاء بطموحاتها - بالإيهام والتخيّلات الإيجابية – لشحذ وعيها بإعادة إنتاج ما تطمح إليه باكتشاف ما يجدد مسيرة حيواتها ، وييسر لها سبل عيشها الرغد المشترك على الأرض ، فكانت الأساطير منحة الطبيعة تعويضا للإنسانية عما افتقدته مما يحقق لها ما تطمح إليه ، لصيانة حياتها ولتحقيق أمنها ، في مسيرة التوازن الطبيعي للكائنات في الكون العريض . . ومع تراكم التجارب الإنسانية واتساع دور العقل في التجريب ، اكتشافا لما يحقق للبشرية ما تريد ، ومع تجدد قدراته على استيعاب كنوز الطبيعة وتوظيف بعضها بعضا واكتشاف ما بينها من علاقات ، تعود على البشرية بالنفع ، نجح الإنسان في تفعيل مكوناتها التي أدي إليها جهده العقلي المجرب الدؤوب ، وسخرها في خدمته . أما عن الخشية من مزاحمة المنجزات التكنولوجية ذات التقنيات المتناهية في الصغر،وغيرها للعقل البشري، فليس هذا بذات أهمية إذا ما ظل العقل البشري قادرا على التنافس الجاد والدؤوب مع منجزاته التكنولوجية. وحول التساؤلات: • هل ستتفوق الآلات على البشر؟! •أقول : نعم فيما أنجزه العقل البشري في مجالات توظيف الآلات نفسها لخدمته . * هل ستحل الآلة محل الإنسان مستقبلا بحيث تقوم بكافة الأعمال؟! • أقول: نعم ، في حدود ما ابتكرت للقيام به.
• هل تهدد التكنولوجيا مستقبل البشر بحيث ينقلب السحر على الساحر؟! • أقول: جاء في آي الذكر:" وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون" (الذاريات) فهل يعبد كل المخلوقات خالقها ؟! التمرد صفة أصيلة في المخلوقات ، والطاعة موجودة أيضا. وعلي قدر جهد العقل البشري في ترويض صناعته التكنولوجية ، مهما تتفوق تكون السيطرة عليها ممكنة. المسألة متعلقة إذن بقدرة كل من الصانع والمصنوع المشاكل لصورة صانعه على ترويض كل منهما للآخر. *هل سيخضع الإنسان تحت سيطرة الآلة يوما ما؟!
• أقول : في حالة عدم قدرته على التعامل معها.وسؤالك يذكرني بالمسرحية العبثية (المستأجر الجديد) ليوجين يونيسكو إذ زخم الساكن مسكنه بالأثاث والأجهزة ، دون حاجته إليها فعاقت حركته بداخل المسكن. • هل إلى أي مدي نريد نحن البشر أن تذهب بنا التطورات التكنولوجية في مجال الذكاء الصناعي؟!
•أقول : إلى أبعد مدى. لأن البشرية جبلت علي الطموح ، فهي برجوازية صغيرة في جوهر تكوينها السيكولوجي ( في الهارد وير( • إلى أين يتجه العلماء الآن في مجال الدراسات والبحوث المعنية بالذكاء الصناعي؟! • أقول : ليست هناك حدود للعلم ، فالعلم هو ما يقبل التخطئة وتواصل الاكتشافات . راجع العالم المصري النوبلي ( د.أحمد زوير) • بالمقابل ما الايجابيات التي ستحصل عليها البشرية من خلال تطور الذكاء الطبيعي؟! •أقول: المزيد من تيسير سبل الحياة إقتصاديا واجتماعيا وصحيا وثقافيا ، لمن يمتلك وسائل الإنتاج التكنولوجي ، والمزيد من التبعية له ( بخاصة الدول المقيدة بالأيديولوجيات الفكرية والدينية التي تكتفي باجترار أمجاد السلف ولا تشارك في إنتاج المعرفة أو المعلومات ولا دور لها في صناعة الحضارة المستقبلية الجديدة
•هل سيحمل الذكاء الصناعي رسالة السلام بين البشرية ؟! • أقول : بالقطع لا . بل تحمل المزيد المزيد من التفاوت بين منتج المعرفة والتكنولوجية المالك لوسائل إنتاجها والأنظمة الكسيحة المزمنة والمعوّقة – بفتح الواو - والمعوّقة لشعوبها – بكسر الواو -.
#أبو_الحسن_سلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حيوات النص المسرحي في مفترق قراءات بن زيدان النقدية
-
المسرح وصورة الوصايا السبع بين الوعي التراثي والوعي الحداثي
-
المسرح المقارن والكتابة الدراماتورجية
-
نهار اليقظة في المسرح المصري
-
القراءة الطفولية لشهرزاد
-
النموذج الصراعي والنموذج المقاوم في الشخصية المسرحية
-
الفاعل السينوغرافي في فن التمثيل
-
نظرية المسرح - قراءة وقراءة مضادة -
-
هوية التعبير
-
التعبير الحركي وإنتاج الدلالة
-
مدخل لورشة كتابة مسرحية
-
رجل من طينتنا
-
الطاقة النغمية لألحان سيد درويش وعلاقتها بالطاقة التعبيرية ل
...
-
حيوات النص في مفترق القراءات النقدية
-
عم صباحا .. عم مساء
-
الدائرة المغلقة بين قضاء الدولة المدنية وسدنة الافتاء الديني
...
-
صورة المرأة بين الروعة والتشويه - مسرح صلاح عبد الصبور -
-
تربية الإرهاب في المسرح
-
جماليات الأداء بين التمثيل والغناء
-
مباهج الفرجة والتوظيف الخيالي بين قراءة النص المسرحي وعرضه
المزيد.....
-
الجزائر وموريتانيا توقعان على مذكرة تفاهم لاستكشاف وإنتاج ال
...
-
أسهم أوروبا عند ذروة قياسية بعد خفض الفائدة
-
رابطة الكُتاب الأردنيين في -يوبيلها- الذهبي.. ذاكرة موشومة ب
...
-
الليرة السورية تسجل 9900 أمام الدولار في السوق الموازية للمر
...
-
20 مليار دولار صادرات تركيا إلى أفريقيا العام الماضي
-
سعر جرام الذهب عيار 21 سعر الذهب اليوم في محلات الصاغة
-
تقارير أمريكية: الولايات المتحدة تتقهقر اقتصاديا أمام -بريكس
...
-
رئيس البرازيل: سنرد بالمثل إذا فرض ترامب رسوما جمركية
-
المغرب يطلق 20 مشروعا استثماريا بقيمة 1.7 مليار دولار
-
شركات صينية تبني سكة حديدية بملياري دولار تربط تنزانيا ببورو
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|