أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - جهاد الرنتيسي - عمان..مرآة العراقيين ..ونافذتهم علي العالم















المزيد.....

عمان..مرآة العراقيين ..ونافذتهم علي العالم


جهاد الرنتيسي

الحوار المتمدن-العدد: 1300 - 2005 / 8 / 28 - 05:20
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


ثمة علاقه بين " النوافذ " و " المرايا " تجسدها التحولات السريعه لوجود العراقيين في الاردن .
فلا يحتاج التعرف علي اوضاع العراق لاكثر من بضع جولات في شوارع عمان واحيائها الشرقيه والغربيه .
وقد تكون سهولة الاكتشاف سببا في دوام اغرائه ، وبقاء المدينه نقطة جذب للباحثين عن تصورات قريبه من الواقع العراقي .
وكما هو الحال في العواصم القريبه من البؤر الملتهبه ينقسم الفضوليون الذين يجوبون عمان بين دبلوماسيين يبحثون عن معلومات تضيف جديدا لمراكز صنع القرار في بلادهم ، وتجار حروب ، واعلاميين ، ولا يخلو الامر في طبيعة الحال من الجواسيس .
وتتربع مرحلة ما بعد غزو الكويت وتحريرها علي سدة محطات تحول الوجود العراقي في الاردن .
ففي تلك الفتره بدا عبور العراقيين للمنفذ الوحيد يكتسب طابع النزوح وان لم تكتمل مواصفات الهجره الجماعيه حسب تعريفها الاكاديمي .
واسهم هذا النزوح في تفاقم ازمة السكن الناجمه عن عودة عشرات الاف الاردنيين الي بلدهم بعدما اصبح بقاءهم في الكويت اقرب للمستحيل .
وتعد هذه المساهمه واحده من مظاهر اتساع الحضور العراقي في الحياه اليوميه الاردنيه التي تدخل السياسه في ادق تفاصيلها ..
وكما لعبت اسباب النزوح دورها في تحديد اشكاله القت ظلالها علي اجواء النازحين ، وانماط علاقاتهم ، وسبل كسبهم لمعيشتهم في بلد يعاني من ازمات اقتصاديه متلاحقه .
فانقسم النازحون بين هارب من فقر راكمته حروب خاسره ، وانفاق علي التسلح ، وحصار اقتصادي وباحث عن الامن بعد مشاركته في انتفاضة الجنوب ، وراغب في منفي يوفر له الظروف الملائمه لاستعادة توازن نفسي استهلكته محاولات التعايش مع ممارسات اجهزة الامن في دولة بوليسيه .
وتوزع معظم النازحين العراقيين في احياء عمان الشرقيه المعروفه بفقرها في محاولة للتكيف المرحلي اعانتهم علي انتظار حلول بدت مستعصيه علي مدي السنوات الفاصله بين حرب الخليج الثانيه وانهيار النظام في بغداد .
وخضعت غالبيتهم لقوانين سوق العمل الاردني المعروفه بضيقها والمتخمه بالمواطنين العائدين من الكويت بعد فقدانهم لوظائفهم…
ففي تلك الفتره التي تجاوزت العقد ببضع سنوات كانت السمه الرئيسيه لحياة العراقيين في عمان تتشكل من السكن في غرف رطبه صيفا وباردة شتاء ، وبطاله تجد لها قناعا بين الحين والاخر ، وانتظار مضن امام مكتب المفوضيه الساميه للامم المتحده في حي الشميساني .
ومن بين فقراء العراقيين من اختار المغامره ، وركب الطائره متوجها الي اندونيسيا حيث تنتظر مراكب المهربين الراغبين في عبور البحر الي استراليا .
وبين هؤلاء ايضا من استعان علي قسوة الحياه ببضعة دولارات يرسلها اقارب واصدقاء في الولايات المتحده وكندا ودول الخليج .
ومنحت بائعات السجائر المتشحات بالسواد في الساحة الهاشميه ، وعلي ارصفة الشوارع المؤديه اليها عمان خصوصيه يصعب وجودها في غير بغداد .
وكثيرا ما يصطدم الحضور العراقي في الحياه اليوميه بقوانين الاقامه والعمل المتبعه في الاردن ، فيضطر النازحون المنسيون لمغادرة المملكه الي دمشق او بيروت والعوده اليها كل ستة اشهر .
وتشكو بائعات السجائر من مصادرة مفتشي امانة العاصمه لبضاعتهن خلال ملاحقتهم للبائعين المتجولين .
ويتفاقم احباط الشبان حينما تلتقطهم دوريات الشرطه الباحثه عن العماله الوافده غير المرخصه .
وللحد من شكوي بائعات السجائر ، وتذمر الشبان الذين كانوا يعملون بلا تراخيص تدخل صحفيون مقربون من المعارضه العراقيه ومنظمات حقوقيه محليه لدي مسؤولين حكوميين ، واسفر تحركهم عن تعامل السلطات الاردنيه بقدر اكبر من المرونه عندما يتعلق الامر بالعراقيين .
وانطوي تعاطي النازحين العراقيين للسياسه علي بعض الغرابه ، فهم متابعون جيدون لما يجري في بلادهم ، وحذرون في تداولها ، وحريصون قدر استطاعتهم علي اخفاء مواقفهم من النظام حتي لحظة انهياره .
وفسر معارضون عراقيون هذه المعادله بحالة الشيزوفرينيا التي كرسها الرئيس صدام حسين لدي عامة الشعب العراقي خلال سنوات حكمه ،فما يظهره العراقي تجاه نظامه السياسي مختلف عما يبطنه ، ولا سيما في عمان حيث ينشط عملاء المخابرات العراقية ويتعامل عامة الاردنيين مع صدام باعتباره رمزا قوميا .


ولذلك بدت معرفة نفوذ قوى المعارضة في أوساط بسطاء النازحين بالغة الصعوبة فالعراق في نظرهم " سجن كبير " والاردن " ساحة هذا السجن " على حد وصف معارض تسكع طويلا في شوارع عمان قبل أن يستقر في هولندا .

ولكن تردد بسطاء النازحين في تحديد مواقفهم المعلنة لم يحل دون حضور قوى المعارضة الذي جسدته حركة الوفاق الوطني بافتتاحها مكتبا في أحد أحياء عمان الغربيه ونشطاء حركة الضباط والمدنيين الأحرار وبعض أنصار الشريف علي بن الحسين والمجلس الأعلى للثورة الاسلامية .. والى جانب الحضور السياسي طفا على السطح دور المثقفين العراقيين الذين ساهموا في تسليط الضوء على معاناة شعبهم خلال مشاركتهم في الفعاليات الثقافيه الأردنية .

ولكن عمان لم تكن بالنسبة لهؤلاء سوى ممر لعواصم اللجوء السياسي والانساني التي كاد تحديدها يقتصر على مكتب مفوضية اللاجئين بعد وضع السفارات الأوروبية قيودا على التأشيرات الممنوحة للعراقيين .

ومع بدء التحضيرات النهائية للحرب الأخيرة تحولت عمان الى واحدة من محطات عبور شخصيات المعارضة المشاركة في عملية التغيير .

ونظرا لحساسية الشارع الأردني تجاه الأحداث التي شدت أنظار وأسماع شعوب الكوكب نحو المنطقة حرص قادة المعارضة العراقية الذين مروا بعمان على أن يكون عبورهم هادئا وبعيدا عن أعين وسائل الاعلام .

وأخذت تطورات الحضور العراقي في العاصمة الاردنية منحى أكثر دراماتيكية مع سقوط تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس .

فالرغبة في استدانة كلفة الوصول الى العراق شعور جمع بسطاء النازحين وراكمه القلق على الأهل والارتفاع الفلكي في أجور وسائط النقل .

وبدت عمان في تلك الأيام وكأنها تتهيأ لفقدان بعض الملامح التي أضفاها الحضور العراقي على تفاصيل الحياة اليومية طيلة 13 عاما .

الا أن هذا الانطباع تلاشى خلال بضعة أشهر فما كان يحدث لم يتعد مقدمة لتغيير في شكل الحضور وطبيعته لم تعجز العاصمة الأردنية عن التفاعل معه .

ويتمثل الحضور الجديد في سيارات " المرسيدس " والـ " بي أم دبليو " ذات اللوحات العراقية التي تجوب شوارع عمان الغربية .

وعلى عكس البسطاء الذين نزحوا قبل سنوات الى عمان الشرقية يبقى أصحاب هذه السيارات حولهم حواجز نفسية تفصلهم عن المواطنين الأردنيين .

والسيارات التي يتمنى الجزء الأكبر من المواطنين الأردنيين ركوبها ليست سوى واحد من مظاهر الثراء التي تحيط بهؤلاء .

ففي أحياء عمان الشرقية وفي قاع المدينة لا يظهر لهم أثر ويتركز تواجدهم في أحياء " عبدون " و " الصويفية " و " الرابية " و " الجاردنز " الفاخرة ، ويترددون على الفنادق ذات النجوم الخمس والمطاعم التي يرتادها عادة السياح والدبلوماسيين وأبناء الصفوة .

وخلال الأشهر الماضية لم يعد انتشار المطاعم والشركات والمكاتب التجارية العراقية في عمان المظهر الوحيد لمنحى الاستقرار الذي يأخذه الوجود العراقي فقد تصدر العراقيون قائمة مشتري العقارات.

وبات من المألوف أن يبحث الأردني عن السمك المسقوف والكبه الموصلية والكباب والباجة وأن يستأجر شقة في بناية يملكها عراقي .

وكرست زيادة مساهمة العراقيين في رؤوس أموال الشركات الأردنية انطباعا بتوجههم نحو توطين أموالهم في الأردن .

ويتشعب الحديث في صالونات عمان السياسية حول أصول الظاهرة الجديدة التي تتم اعادتها في أغلب الأحيان الى طبقة أثرياء الحرب التي أفرزتها عمليات سلب ونهب أعقبت انهيار النظام والصفقات التي كانت تندرج في اطار برنامج النفط مقابل الغذاء والامتيازات المالية لمسؤولي النظام المخلوع .

ويسود اعتقاد بأن مكونات هذه الظاهرة باتت على قناعة بضرورة ترتيب أوضاعها خارج العراق لتجاوز احتمالات تعرضها للمحاسبة .

الا أن حسابات أصحاب رؤوس الأموال العراقية الهاربة تبدو مختلفة الى حد بعيد .

ففي الوقت الذي ينتظر بعضهم انهاء ترتيبات سفره الى خارج المنطقة اشترى آخرون فللا وشققا فخمة في عمان مما أدى الى ارتفاع أسعار العقارات .



#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانسحاب المصيده


المزيد.....




- -نمر بأوقات خطيرة-.. مبعوث بايدن يحذر من التوترات الحدودية ب ...
- عميل للخدمة السرية يتعرض للسرقة تحت تهديد السلاح خلال زيارة ...
- أكثر من 20 عضوا في حلف الناتو تحقق هدف الإنفاق الدفاعي
- منتدى DW: الإعلام يكافح من أجل المصداقية في أوقات عصيبة
- حدث فلكي يقع مرة واحدة في العمر.. كيف تشاهد ”انفجار نوفا-؟
- نظرة من الغرب إلى زيارة بوتين المرتقبة لكوريا الشمالية
- وزارة الدفاع البولندية تؤكد إجراء تحقيق في انتهاكات عمل لجنة ...
- صحيفة: الشرطة الفرنسية تستعد لاضطرابات بسبب الانتخابات البرل ...
- مسؤول عسكري إسرائيلي: نجحنا في إبعاد خطر اجتياح -حزب الله- ل ...
- نائب رئيس بلدية القدس يدعو للتوقف عن جمع نفايات قنصلية فرنسا ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - جهاد الرنتيسي - عمان..مرآة العراقيين ..ونافذتهم علي العالم