أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - مَيْل عالمي إلى -القُوَّة الناعمة-!














المزيد.....

مَيْل عالمي إلى -القُوَّة الناعمة-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 4626 - 2014 / 11 / 7 - 14:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جواد البشيتي
"القوَّة الناعمة" Soft Power هي مصطلح جديد في عالَم السياسة، ابتكره جوزيف ناي، مساعد وزير الدفاع في عهد الرئيس بيل كلينتون؛ وضديده هو "القوَّة الخشنة (القوَّة العسكرية)" Hard Power.
أنْ تَحْكُم وتتحكَّم بالتي هي أحسن، ومن غير أنْ تَجِدَ نفسكَ مضطَّراً إلى استعمال وممارَسَة "فن الإكراه (أو العنف والقوَّة الخشنة)"؛ فهذا هو جوهر، أو مبدأ، "القوَّة الناعمة"، وفي العلاقة بين الدول على وجه الخصوص؛ لكنَّ "القوَّة الناعمة"، ومهما علا شأنها، وذاع صيتها، وكَثُر أنصارها، لا تنهي أبداً الحاجة إلى "القوَّة الخشنة (والحروب على وجه الخصوص)"؛ فكلتاهما في وِحْدَةٍ لا انفصام فيها مع الأخرى، ويمكن (لا بَلْ يجب) أنْ تتحوَّل إلى الأخرى.
كلاوزفيتس نفسه لم يَغِبْ عن ذهنه، أو كتاباته، معنى هذا المفهوم، أو المصطلح، أيْ "القوَّة الناعمة"؛ فهو الذي أَسَّس للصلة الجدلية والضرورية، في عِلْم السياسة، وفي عالَمها الواقعي، بين "فن الإقناع (الدبلوماسية)" و"فن الإكراه (العنف)"، مُوضِحاً أنَّ "الحرب" و"السياسة" تتماثلان في "الأهداف النهائية"؛ لكنَّهما تختلفان في "وسيلة بلوغها"؛ فالحرب امتداد للسياسة؛ لكن بوسيلة أخرى هي العنف؛ والمرء (الدولة) يسعى أوَّلاً في إقناع خصمه بالاستخذاء والامتثال لإرادته، التي هي إرادة مصالحه؛ وهذه مهمة يتوفَّر على تأديتها الدبلوماسيون؛ فإذا أخفق وفشل في سعيه هذا لجأ إلى الإكراه، أيْ العنف والحرب؛ وهذه مهمة يتوفَّر على تأديتها العسكريون؛ أمَّا مكيافلِّي فَلَمْ يكترث كثيراً لِرَفْع منسوب الحُبِّ الشعبي للحاكِم في الحياة السياسية للدول، مُفَضِّلاً الحاكِم الذي يخشاه شعبه على الحاكِم الذي يحبه شعبه، وإنْ تحدَّث عن أهمية وضرورة أنْ يُحْسِن الحاكم تمثيل دَوْر "أنا مِنْكُم ولكم، في معتقداتكم وعاداتكم وتقاليدكم ولباسكم وثقافتكم..".
وفي العصر الذي نعيش، عصر العولمة، التي رَفَعَت فيها الرأسمالية الغربية (كثيراً) منسوب الوحشية والفساد، نرى ظاهرتين متناقضتين: ظاهرة "القوَّة الناعمة"، والتي في أساسها تكمن "قوَّة المثال"، وظاهرة "الحروب من أجل بَيْع السلاح"؛ فَمِن قَبْل، وفي عصر كلاوزفيتس أيضاً، كانت الدول تتسلَّح (تَصْنَع، وتشتري، وتَحوز، السلاح" من أجل (أيْ لغاية) خَوْض الحروب، أكانت دفاعية أم هجومية؛ أمَّا الآن فالحروب "تُصَنَّع"، وتَشْعَل فتائلها، من أجل بَيْع وتصريف واستهلاك مُنْتَجات الصناعة العسكرية، في مراكزها العالمية، والفوائض من هذه المُنْتَجات.
في عالَمِنا، الذي اخْتَفَت منه، أو كادت أنْ تختفي، فواصِل الزمان والمكان بين شعوبه وأممه، والذي بات، في ترابطه وتفاعله، أقرب ما يكون إلى "قرية واحدة كبرى"، تَجْتَهِد دول كثيرة في اكتساب النفوذ (الإقليمي والدولي) بأوجهه المختلفة من طريق "القوَّة الناعمة"، أيْ من طريق تقديم نفسها إلى العالَم وشعوبه على أنَّها المِثال الحَسَن الذي يمكن أنْ يُحْتَذى لِمَا ينطوي عليه من قِيَم ومبادئ أخلاقية وإنسانية وديمقراطية وحضارية، أو لِمَا يُمثِّلُه من طرائق وأساليب جديدة جيدة للنهوض الاقتصادي والاجتماعي. وفي سعيها هذا، تحتاج هذه الدول، في المقام الأوَّل، إلى "آلة إعلامية جديدة قوية"، تسندها "حقائق موضوعية"، وتَرْفَع، مِنْ ثمَّ، منسوب الصدقية في خطابها الإعلامي، الذي يخالطه، بالضرورة، كثير من روح الدعاية؛ ومع ذلك، ينبغي لنا ألاَّ نَضْرِب صفحاً عن حقيقة أنَّ "الدول الناعمة"، ومهما كانت درجة نعومتها، تَتَّخِذ من "المبادئ" مداراً لأقوالها، ومن "المصالح" مداراً لأفعالها.
إنَّها "قوَّة ناعمة"؛ لأنَّ مُسْتَعْمِلها (من الدول) يَحْمِلك على الاستسلام (له) من غير أنْ يضطَّر إلى استعمال "القوَّة الخشنة" ضدك؛ ولأنَّه يضغط بحنان، ويأسركَ من الدَّاخل باستحواذه على قَلْبِكَ وعقلكَ؛ ولأنَّه يدفعكَ، في طريقة خفية ذكية، إلى التَّصَرُّف والعمل بما يخدم مصالحه وأهدافه، جاعِلاً مصالحه وأهدافه مَطالِبَ لكَ؛ ولأنَّه يؤسِّس لكَ نمط عيش يبقى ببقائه سُلْطَةً خفيةً عليكَ، ويذهب بذهابه؛ ولأنَّه يُقْنِعكَ بحقائق الواقع، وليس بالقول فحسب، بأنَّ مصيركَ من مصيره، تَكْسَب إذا كسب، وتَخْسَر إذا خسر؛ فـ "القوَّة الناعمة" تحتاج إلى ذكاء يفوق كثيراً، وكثيراً جداً، الذكاء الذي تحتاج إليه "القوَّة الخشنة"؛ ولعلَّ هذا ما يجعل نتائج "القوَّة الناعمة" أَرْسَخ وأبقى من نتائج "القوَّة الخشنة".



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مواطنو -اللادولة-!
- عندما يُنْكِر السيِّد حسن نصر الله -مَذْهَبِيَّة- الصراع!
- بروزور مُزَوِّراً للحقائق!
- هكذا تكلَّم أوغلو!
- -النهضة- إذْ خَرَجَت من حيث دَخَلَت!
- عندما يتحدَّث السيسي عن مصر المُهَدَّدة في وجودها!
- ما هو -شكل- الكون؟
- تركيا وإيران.. لِمَ لا تتحالفا؟!
- في الجانب الخفي من الحرب على -داعش-!
- خَطَر عربي وإسلامي وتلمودي يتهدَّد القدس!
- -كوباني-.. ما بَيْن -الحقيقة الواقعية- و-الصورة الإعلامية-!
- استثناء -الحق- من -التَّفاوض-!
- المأزق التركي في كوباني!
- نتنياهو الذي استغبى العالَم في نيويورك!
- -سوريَّة- و-العربي السوري-.. أين هما الآن؟!
- لا تَتَلَهُّوا ب -الهدف النهائي- للحرب!
- حرب جوية تحبل بحرب برية!
- أَهذه هي حقيقتنا الاجتماعية التاريخية؟!
- استراتيجية بنكهة توراتية!
- فلاديمير بوتين وأبو بكر البغدادي!


المزيد.....




- كيف سيغيّر مقتل يحيى السنوار مسار الحرب؟.. الجنرال باتريوس ي ...
- ترحّمت على يحيى السنوار.. شيخة قطرية تثير تفاعلا بمنشور
- صورة يُزعم أنها لجثة يحيى السنوار.. CNN تحلل لقطة متداولة وه ...
- استشهد بما فعلته أمريكا بالفلوجة والرمادي وبعقوبة.. باتريوس ...
- قائد القيادة المركزية الأمريكية يهنئ الجيش الإسرائيلي بالقضا ...
- سوء الأحوال الجوية يؤخر عودة مركبة Crew Dragon إلى الأرض
- رماة يتألقون في عرض -يابوسامي- ضمن مهرجان الخريف بمعبد نيكو ...
- الحرب بيومها الـ378: مهندس -طوفان الأقصى- يودع ساحة المعركة ...
- الأزمة الإنسانية تشتدّ... المنظمات المحلية طوق نجاة السوداني ...
- علماء يرسمون خارطة للجدل البشري قد تساعد في معالجة الندوب


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - مَيْل عالمي إلى -القُوَّة الناعمة-!