|
الخليج..ارهاب الورقة الخضراء ( الدولار)
احمد البهائي
الحوار المتمدن-العدد: 4625 - 2014 / 11 / 6 - 21:57
المحور:
الادارة و الاقتصاد
في منتصف شهر اكتوبر الماضي نشرت صحيفة الفايننشال تايمز مقالا تحلل فيه انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، وموقف السعودية منه ، قولها ان السعودية تستفيد من انخفاض أسعار النفط وإن دعم السعودية لانخفاض أسعار النفط، يسبب مشاكل لغريمتيها روسيا وإيران ، وكأنها كانت تمهد وتضع سيناريو لما يحدث الان بهدف اخفاء الغرض والهدف الحقيقي من خفض اسعر النفطة .
ما يهمنا هى منطقتنا العربية ، التي تعيش على الويلات السياسية والاقتصادية ، فدول المنطقة كلها لم تسلم حتى دول الخليج ، فأسعار النفط تعيش اوقات حرجة ، فمسلسل هبوط الاسعار مازال مستمر ، فالاسعار هبطت الى ادنا مستوياتها منذ اربع سنوات ، حيت تراجعت الى اكثر من 27% ووصلت الى ما دون 82 دولارا للبرميل ، فالمحللين والمتابعين للشأن يرجع سبب التراجع الى المؤشرات الضعيفة والمصاعب التي تواجة اكبر اقتصادات العالم "الصين-اليابان-البرازيل-الاتحاد الاوروبي" ، وبسبب بعض العوامل الجيوسياسية وزيادة مخزونات الانتاج من النفط ، ولكن مازاد الامر خطورة وخاصة على دول الخليج ، ما قامت به امريكا مؤخرا من انهاء العمل ببرنامج شراء السندات (التيسير النقدي )لترتفع قيمة الدولار مقابلة بالعملات الاحرى ، مما انعكس بالسالب على اسعار النفط ليعمق ويسرع من وتيرة الهبوط السعري للبرميل ليصل الى مستويات تهدد اقتصادات دول منطقة الخليج ، التي تقوم بنود ميزانيتها على العائد من الصادرات النفطية ومشتقاتها ، وما نحشاه ان يستمر الهبوط ليتعدى حاجز الامان السعري ليصل الى سعر تكلفة الانتاج وهنا تظهر الارقام الحمراء في بنود الميزانية لاغلب تلك الدول .
فامريكا تعلم ذلك جيدا بل وتعمل عليه ، وذلك باستخدام اسلوب الجرعات لا الصدمات لترجع ما يحدث الى العوامل الجيوسياسية والتغيرات الاقتصادية المنطقية ، لتظهر ان لا دخل لها في الحدث ، بالاضافة الى ماسبق ذكره فامريكا لديها من الاوراق لتحقيق هذا الغرص ، فهناك النفط الصخري ، فمن المتوقع ان ترفع امريكا اجمالي الانتاج منه ليصل الى 2 مليون برميل يوميا ، واستخدامة كبديل غير تقليدي ، كذلك النفط المهرب من مناطق النزاعات في العراق وسوريا وليبيا وغيرها وشرائه بأبخس الاثمان ، والتي تصل الى اقل من 30 دولار للبرميل .
فالبعض يرجح ذلك استنادا على ان مشكلة ايران النووية التي كانت تستخدم كفزاعة وبعبع لابتزاز دول الخليج بات حلها اقرب من القريب ، ومن هنا اصبح لا داعي لهذا الفائض النقدي والنمو الاقتصادي والاستثماري والخدمي الذي كان يطوع لرغبات امريكا بحجة خلق توازن في المنطقة حسب الرأي الامريكي ، والبعض الاخر يقول ان ما يحدث هو حالة موسمية قصيرة اعتادت عليها اسواق النفط ، وخاصة في فترات ما بين موسمي الصيف والشتاء ، والتي يعاد فيها تقيم حسابات المخزون النفطي لدى الاقتصادات الكبيرة ، وهناك من يرجح ان ما يحدث هو نتيجة اتفاق خليجي بقيادة سعودية مع امريكا ، يستحدم كورقة ضغط على ايران لقبول الشروط الدولية الامريكية لانهاء برنامجها النووي ، مستندين في ذلك على قدرة اقتصادات دول الخليج في تحمل انخفاض اسعار النفط لوقت الى ما تملكه من احتياطيات نقدية على عكس الوضع الايراني .
ولكن في تصوري ان ما يحدث هو استكمال للمخطط الامريكي الكبير ، فامريكا تسير في مخططها الشرق اوسطي بنجاح ، وحان الوقت للبدء في جزئه الثاني وهو الارهاب الاقتصادي ، فمع وقف برنامج التيسير النقدي والبدء برفع اسعار الفائدة تدريجيا وزيادة انتاجها من النفط الصخري وقيام اغلب الاقتصادات الكبيرة باتباع سياسة التحفيز النقدي للهروب من التضخم ، ورفع العقوبات المفروضة عن ايران لتعود الى انتاجها الطبيعي من النفط بالاضافة الى شراء النفط المهرب من مناطق النزاع ، تصبح كل ادوات المخطط حاضرة وتحت التنفيذ ليكتمل المخطط الكبير . فامريكا تريد ان يكون هناك عجز مستديم في ميزانيات دول الخليج ، وان يصبح بند الفائض النقدي في ميزانيتها من الماضي ، وبالتالي استنفاذ ما لدى تلك الدول من احتياطيات نقدية لسد العجز وتمويل مصروفاتها الفوقية والتحتية بها ، وخاصة بعد ما قامت به دول الخليج من دور تاريخي في انقاذ الاقتصاد المصري من الانهيار بضخ المليارات من الدولارات فيه والذي على اثره تعطل المخطط بعض الشئ .
ومن هنا نقول : ** الم يحن الوقت لدول الخليج ان تعيد النظر في سياساتها الاقتصادية والنقدية بما يحافظ على ثرواتها ومقدراتها وخاصة النفطية ، فكلنا نعرف بان قرار ربط اقتصادات دول الخليج بالاقتصاد الامريكي هو قرار سياسي بالدرجة الاولى ، وما يحدث على ارض الواقع يثبت ويؤكد ان الارتباط بالاقتصاد الامريكي لم يعد افضل الخيارات الاقتصادية واقلها مخاطرة وانه سيؤدي للاستقرار الاقتصادي والنقدي ، بل تستخدمه امريكا في تحقيق اهداف مخططها ، وعلينا الا ننسى ما حدث بالامس القريب من تداعيات ازمة الدين الامريكي وخفض التصنيفها الائتماني وتأثيرها السالب على الاقتصاد الخليجي ، فمعظم استثمارات الخليج مقومة بالدولار والتبادلات التجارية والاحتياطيات المالية مرتبطة بالدولار، حيث انخفضت القوة الشرائية لعملات تلك الدول وارتفع معدل التضخم بها ، ومازالت اتارها ممتدة حتى الان ، وقد تأخذ منحنى اكثر سلبية لتزيد من الضغوط على المالية العامة وميزانيات تلك الدول . فهناك قيمة عالية من الودائع الخليجية في بنوك الولايات المتحدة الامريكية ، فحجم استثمارات الخليج في السندات الامريكية كبيرة جدا على الرغم من ان سندات الخزانة الامريكية صنفت اقل من سندات تصدرها دول مثل المانيا وكندا وغيرها من الدول ، ولم تعد اكثر امانا عن غيرها من السندات ، بمعنى لم تعد ملاذا أمنا كالسابق ، والان بدأت تظهر الاثار السلبية للطرق التي اتبعتها امريكا في علاج ازمة ديونها المالية ، فدول الخليج تضررت من تلك الازمة والان من طرق علاجها ، مما يسيدعي الوقوف وقراءة المؤشرات والبيانات والنتائج ، لتتيقن ان الوقت قد حان للبدء في رسم سياسات اقتصادية جديدة يمكن من خلالها تنويع اصولها الخارجية ومكونات احتياطياتها النقدية واستثماراتها ، وعدم تركيزها في اطار وسلة وفلك الافتصاد الامريكي سواء الدولارية او سندات الخزانة ، والبحث عن بدائل اخرى وبسلة متنوعة ** الم يحن الوقت لدول الخليج بربط اسعار النفط والغاز بسلة موسعة من العملات تشارك الدولار ، حتى يمكن تقليل المخاطر والتقلبات السعرية والسوقية . ** الم يحن الوقت لدول الخليج بالتحول من مرحلة " التعاون " الى مرحلة " الاتحاد " الكامل والشامل بينهم تحت عملة موحدة مرتبطة بسلة من العملات ، تدعم اقتصاداتها ببناء هيكلية مالية عالمية ترفع بها حظوظ القوة التفاوضية التجارية مع الكيانات الاقتصادية الاخرى ، وتسهم في القضاء على مخاطر اسعار صرف العملات بها ، وتجعلها اكثر مهابة وثقل اقتصادي ومالي عالمي بين بقية الاقتصادات الهامة ، فالعملة الموحدة سوف تشكل كتلة اقتصادية قوية ، تسهم في تحقيق التكامل الاقتصادي الذي يمكن من خلاله امكانية خلق قرار سياسي موحد وقوي في مواجهة مثل هكذا مخطط او اي ازمة مفتعلة او فجوة اقتصادية مصطنعة ، فكل المقومات التي تساعد على بناء هكذا وحدة متوفرة سواء كانت مالية او بيئية او بشرية او قانونية .
#احمد_البهائي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تركيا..كردستان بين شيفر ولوزان
-
عندما أكبر سأضربكم.. لا ياسيادة الرئيس
-
سيناريو داعش..دراماتورجيا
-
مصر..هل لها من حرب؟ (جعجعة بلا طحن)
-
غزة..قربان على مذبح التهدئة
-
السيسي رفض الموازنة..أين الحل ؟
-
تساؤلات المشهد العراقي..فالمخطط دائما وابدا يبدأ من العراق
-
بعيدا عن السياسة - قصة في سطور -
-
حسابات الديمقراطية = 35مليون ناخب
-
السيسي.. عودة الروح..هل قرأها ؟
-
الحركة العمالية المصرية من المادية الى الفلسفة الاجتماعية
-
حسم السباق الرئاسي..متى المشهد الاخير؟
-
إمارة قطر..المخطط له اوجه كثيرة
-
إمارة قطر..والي عكا يعود
-
روسيا..مشهد جورجيا،اوكرانيا،وسايكس بيكو
-
مصر الثورة لا تصالح .. محاكم ثورية لا جنائية
-
الاخوان..يرقصون على انغام قطبية قرضاوية
-
مصر..بين الجلاء الاقتصادي والاحتكارات الكبرى
-
هل اخطأ عمر موسى ؟
-
الدستور.. تكريس البورجوازية والبيروقراطية لبقاء السيطرة الاح
...
المزيد.....
-
البنك الدولي: إسرائيل دمرت 93% من فروع البنوك في غزة
-
يقترب من الـ 51 .. سعر الدولار اليوم في البنك المركزي والبنو
...
-
كلنا هنلبس دهب براحتنا من تاني “تراجع سعر الذهب اليوم عيار
...
-
إحصاءات أوروبية: روسيا ثاني مورد غاز للاتحاد الأوروبي بعد ال
...
-
“27 لاعب في القائمة” تشكيلة العراق المتوقعة في كاس الخليج..
...
-
وفد إسباني يزور الجزائر لتعزيز العلاقات بعد رفع القيود على ا
...
-
الكشف عن أسباب تأخير إرسال الموازنات: أضرار اقتصادية هائلة!
...
-
شركات نفط الإقليم تعلن عن زيادة بالإنتاج هذا العام
-
بلومبيرغ: -هوندا- و-نيسان- تستعدان لمفاوضات اندماج
-
بريطانيا تفرض عقوبات على 20 ناقلة نفط من أسطول الظل الروسي
المزيد.....
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|