|
الموسيقى بين روح الأنثى ومنى الرجل .. قراءة فلسفية
نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 1299 - 2005 / 8 / 27 - 07:45
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أي النايات ستعزف وأنت التي تدركين أن روح الموسيقى من دون همستك الهامسة لاتساوي توناً واحداً في سلم الحلم بين أصابع هذا العازف المسكين . لقد أدركت النغمة شكل العذوبة الخفية وأنت أدركت عذوبة القبلة العلنية ..والفارق كالغارق..نسمة الهواء حبل الضوء وابتسامة العشيقة يد منقذة ، فيما قلوب الأمهات هي المراكب الذي تأخذنا بعيدا عن الموت لحظة إحساسنا بأن الحب صار مثل السكين يحز رقاب الأغاني والورد ومظلات المطر. مرات يشعلني الثلج جمرة في صيف من الانتظار وأتصور أن امرأة مثلك صنعها الله من أيقونة مليئة ( بالاآت ) الحزينة وكأنك تدركين أن الحب يبدأ بممانعة وينتهي بفراق غير أني أكافح مثل بلشفي لأقنعك بأن الحب هو لحظة الصفاء الأولى التي منحها الله إلى آدم لحظة النزول وبسببه حدث التعاشق الأول فجاء قابيل وهابيل ومن بعدهما جئنا نحن .ورغم هذا يبقى عنادك مثل مرمر صلد وقوي وناعم كخدك لحظة يستريح عليه لساعة في بحيرة ضوء قمر الفجر . تظل المرأة رغم كل هذا الصد والعناد مصدرا هاما من مصادر الكشف . كشف لذواتنا التي لا يكتمل فيها نمو الشجر إلا عندما تسقى من مطر نازل من شفتين مشتاقتين فتحس أن الوجود الذي يعيش على نسمة الأوكسجين ليس هو O2 فقط بل هو O2 وامرأة وبذلك تكتمل عناصر الحياة وحين تعزف الموسيقى يتهادى جسدك مثل غيمة على فراش الحديقة فتكبر عناوين تنبؤاتي وتنبسط في جسدي رؤى الكشف الروحي لما وراء ما يكون ، قراءات من الغيب والميتافيزيقيا تمنحني حلم أن أكون لك . ولكنك بذات القسوة والمرمر والعناد تتركين كأسك فارغا وتغادرين المكان كعصفور فتح له باب القفص خلسة لأبقى وحدي أفسر في الموسيقى مشاعر الكتابة واحل بهمسات الكمان معادلات الجذب الكوني لحجر سقط على رأسي من كوكب الزهرة فسال دم شهد قبلات النحل على سرير الوردة . تمنحنا الموسيقى قدرا كبيرا من الأصغاء الى أرواحنا . تطل من مفترقات طرق حيواتنا المبعثرة بين ساعات العمل وقراءة صفاء دموع حاجة من هم منتمين ألينا .أبناؤنا ، حبيباتنا ، أباؤنا والجنود الذين ماتوا في الحروب التي لاتحصى وأما حشد من الكلمات الصانعة لهذه المشاعر والحاجات يأتي التفكير بصناعة أمراة ملحا وقتما تنهض الموسيقى من خدر النوم وتمرر أشائها على حاسة الأصغاء فندرك أن علينا أن نضع منى الرجولة في كيس الأنوثة ونسافر الى مدجن ليس فيها سوى الشعراء ومساكي النايات وقتها نتخلص من هم أن نكون محطمين من وجدان حضارة السيف والولاة ونبدأ نقرا الأزمنة بصفاء الموجة وهي تغسل بالصراخ المتوسل شبكة الصياد الجائع . أن الموسيقى وحلم الأنثى ومنى الرجل وتضاف اليهما الفلسفة يشكلان خلقا للفكرة العظيمة والقائلة على لسان يسوع ع ( الأنسان بناء الله ..ملعون من هدمه ) . هذا الهدم ترممه الموسيقى وتمنع الفلسفة أنهياره التام وتضيف له المرأة لمسة الأمل فيما الرجل بمناه يعيد بناء الهدم مكونا ذاتا مشعة لحياة جديدة . والحياة في تعبير الفلسفة زمن لذاكرة بثقافات متنوعة . أنها مجموعة من تفاعلات مدار اليوم ، وهي دوران الوقت وتأثير المكان .والحياة في الفلسفة هي الحب المصاغ بتعابير مختلفة ، فيما تصبح الموسيقى بالنسبة للفلسفة والحياة كما الملح على صحن الرز بدونه لن يصبح الأكل طيبا . وفي كل سعي لفهم وقيعة الحياة وفق خاطرة الفلسفة علينا أن نعي ماوراء الواقع .أي نذهب الى أبعد من أمكنتنا .هناك نجد الخلق بمطلقه السابح في سدم عظيمة لاتنتهي حتى حين ينتهي الخيال . مجرات وكواكب وسماوات تذهب الى حيث تذهب دموعنا لحظة الخشوع له . هنا كانت الفلسفة تبحث عن كنهة مايكون ، وهنا تحركت روح الموسيقى رغبة بخطوة جديدة في الطريق الى المنى حيث فكر الرجل بأن يخترع حبا يرميه كحجاب على المرأة ومن ثم يسلب قلبها . لأن الأزل يقول : الحصول على قلب المراة يعني الحصول على أول الغايات . أفكر بالموسيقى والفلسفة والجمع بينهما لحظة أشتعال الهاجس بين كائنين ( ذكر وأنثى ). أفترض تقابلات وعي ، وإيصالات فهم ، ومبادئ متعارفين عليها حتى قبل أن يولد أبو قراط . يقودني التفكير الى كينونة لحظة هائمة في دمعة من الحيرة والتخيل وأدرج بلحظة ظن يتساوى فيها الهائم والنائم ( ديالوجا ) متخيلاً حدث بين صانعي أزل الحب البشري الأول . أبوانا آدم وحواء ( عليهما السلام ) : آدم : أفكر أن نتشارك سوية بصناعة دمعة تكشف رغبتنا بالعودة الى بهاءه . الندم يأتي مع ألم المشاعر . ومشاعرنا تتألم وأرغب أن تذهب مع الدمعة أشجان مساعدة لفعلها كخرير الماء وهديل الحمام وحفيف الشجر انها ترسل أنغاما احس فيها فيضا من عواطف صادقة ونحن في لحظة نسينا صدقنا وسهونا وها نحن ندفع ثمن ذلك بالنزول الى الأرض . حواء : لاتدخل المقدر بالدمع فتنال منه شعورا بالضعف . والمنغمات التي تريد أرسالها هي وليدة شجنه وبعضا من خلقه فكيف نتوسط أليه بموجداته . أن الذي قدر هو قادر ودعنا نصنع من هذه المنغمات وجودنا الجديد . ـ ولكننا خسرنا فردوسا لايعوض . ـ وربحنا فردوسا لايعوض . ـ كان ذاك فردوسا جاهزا ؟ ـ وعلينا أن نتعلم لنصنع فردوسا غير جاهز . ـ كيف ؟ ـ نغمض أجفاننا ونتخيل وعندما نفتحها نسعى لصناعة هذا التخيل . ـ ومن يساعدنا ؟ ـ المنغمات ذاتها . ـ وما أول مانتخيله في اغماضتنا ؟ ـ نتخيل بيتا صغيرا يظمنا أنا وأنت . وفعلا أغمضا أجفانهما وتخيلى بيتا يأوي لحظة المودة الأولى وما ان فتحها حتى وجدا حمامة وفي منقارها غصنا من زيتونة ،عرفا أنه ينبغي أن يوضع على بوابة البيت تعبيرا عن السلام فيما حملت لهما الريح قصبة ومن صوتها المعبر عن مودة السكن البشري الأول صنع آدم نايا لمساءات الرعي وتأمل عظمة الوجود الفوقي الذي غادره منذ أيام . فيما اهداهم الشجر ظله ليستريحا عليه بعد فصل من ساعة الأنشغال ببناء البيت . وهكذا يخلق التصور الأفتراضي شكل المودة التي تحاورت بروح الفلسفة للوصول الى قناعة أن لاترسل دمعة تتوسل بها بل أبدأ من جديد وكل شئ يهون . أن وعي الشئ يأتي من الرغبة الى فهم حاجة ما . كنت دائما أضع هكذا تصور لفهم مايحيط بي حتى لحظة أقتراب الموت في مواقف حياتية كثيرة ولأني لاأجد في نفسي سوى نفسي وهو محاولة تقيد رغبتي بمعرفة ما أصنع عن طريق تخيل الحصول على امرأة جميلة أو سباحة أصغاء في كومة من الآلآت الوترية والهوائية أو متعة قراءة لكتاب في تخيل الجمال وردة في فم غيمة كتبه ( غاستون باشلار ) . هذه الميتا ـ الشعر الزرقاء تقودني الى فصول من مودة أمتلاك الشئ . والشئ في تعريف كل راغب هو ( الحلم الذي نريده ونتمناه ) وحين تحققت احلام آدم ولدنا نحن لنحلم من بعده ولم أكن مرميا في حشرجات ( نتيشة ) القائلة ( ينبغي أن تتوقع مزيدا من الهزائم والمصائب القادمة ) . بل كنت أضع الموضوع في اللاضياع وأجعله معي دائما وأحاول ان احسن من صناعته . قد يكون في ذلك مشقه لكن الرؤية تخلق الرؤى والرؤى تخلق الصدق والصدق يقود الى حقيقة وهنا لاأسقط في التماهي والتناهي لأني أثبت وجودي بنقطة من خلال عمل شئ كأن اؤلف معزوفة او اكتب قصيدة أو اجعل شهيقي مع التي أودها أملا لرغيف ينام هادئا في بطن جائع وتلك ما كانت الفلسفة تطلق عليه عبارة ( صناعة الحكمة من ممكن الحلم ) وبذلك أكون قد اوجدت لحياتي المعنى والمنى والهاجس وحين تشعر بوجود الهاجس فأنت ربما ستشعر بعد لحظات بالولادة الجديدة وتلك في آدمية الحب غاية المنى بعد لحظة اكمال بناء البيت لأن القادم هو شروع للجديد ولاشروع يتم من دون منغمات . وبهذا أكون قد وجدت نفسي ورأيت مدى طريقي لأعود مرة اخرى لأصغي لمعزوفة أحبها وأتوسد احضان امراة اعشقها فيتكامل لدي المنى في لحظة النشئ ويصبح بمقدوري ان ازاول مهنة الكشف عن الذي يتمناه بدني وتتمناه احشاء الجائع وفي أي حالة اكون انا قد وصلت الى ضرورة أن أكون من ضمن الموجود الفاعل وهذا عائد لفضل النغمة والرحمة وأغماضة الجفن .
أور السومرية 24 أوغست 2005
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلسفة لولادة حصان
-
حوار مع الشاعر العراقي كمال سبتي..قصيدتي قصيدة معنى ..والأنا
...
-
المندائية :المقدس وهو يتدفئ بمعطف النور
-
الثقافة العراقية العربية بين عولمة الدستور وحلم المتنبي
-
قصائد لحلمة النهد فقط
-
حوار مع الشاعرة اللبنانية جمانة حداد...أنا أتحدى أي سلطة ولي
...
-
كائنات حية تعمل وتفكر وتشتغل بالسياسة
-
الجوع عندما يكون قاسياً كالنساء ..(.........)
-
رؤية للزمن المفترض بصورته الفيثاغورسية
-
ميثولوجيا الأهوار ..مستوطنات الحلم السومري والطوفان المندثر
-
قلوب معلقة تحت أهداب الشعر
-
غادر مبتهجاً وعاد مع سلة تمر
-
أمنيات وجنود ورز التموين
-
حب وعولمة وقبعة جيفارا
-
ليل وطني أغنية للعشق
-
لتكن أنت الأشبين
-
مشاعر من ذهب لأمي وحبيبتي
-
خاتم أمي الوحيد وتسريحة كوندليزا رايس
-
قمر يولد من رحم وردة .أمي تصفق لتلك الندرة
-
وطني ومعطف غوغول
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|