أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - رانيا وصاحبتها














المزيد.....


رانيا وصاحبتها


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4625 - 2014 / 11 / 5 - 10:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


"رانيا" و"عزّة" عادتا من جديد صديقتين حميمتين كما كانتا على مدى ما يقارب عقدين من الزمان. تسألون مَن "رانيا"، ومَن "عزّة"؟! هيا بنا للوراء عامين ونصف.
“تعرفي يا أستاذة فاطمة، أنا حزينة جدًّا! فصداقتي التي دامت 15 عامًا انتهت اليوم. صاحبتي الوحيدة سابتني! والسبب: أنها مسلمة وأنا مسيحية! أشعر أنني غصنٌ اجتُثَّ من شجرته! كانت تسميني "صوت ضميرها". وتبدلت الأمور سريعًا وانتهت الصداقة الجميلة التي كانت مضرب الأمثال!”
كانت هذه الكلمات مفتتحَ مقالي: "رسالة من إحدى لاعنات الثورة" بجريدة "اليوم السابع" بتاريخ الثلاثاء 8 مايو 2012.
رانيا شابة مصرية فرحت بثورة يناير، مثلما فرحنا جميعًا. وباركت سقوط النظام القديم كما فرح كل الحالمين بغد أجمل يليق بمصر، وحياة كريمة تليق بالمصريين. لكنها لم تدرِ أن الفاتورة المستحقة التي عليها أن تدفعها ستكون باهظة! نظرت حولها فوجدت فواتيرَ مريعة دفعها شبابٌ غضٌّ جادوا بأرواحهم فداءَ مصرَ فأسميناهم: "الورد اللي فتح في جناين مصر". ثم نظرت إلى أمهات أولئك الشهداء وتأملت الفاتورة الموجعة التي دفعنها بدموعهن وقلوبهن النازفة لكي تتحرر مصرُ. ثم نظرت إلى فواتير أخرى كمن فقد بصره أو عمله أو مصدر رزقه، أو أصيب إصابة أقعدته وغيرها من الفواتير التي دفعها معظم المصريين عن طيب خاطر في مقابل مصر حرة ومصريين أحرار. حاولت أن تجد موقعًا لفاتورتها الخاصة بين تلك الفواتير. فلم تجد. بحثت عن مبرر معقول لفاتورتها. لكنها لم تقتنع بما يجب أن تدفع. فرفيقة عمرها هجرتها فجأة ودون إبداء أسباب لمجرد اختلاف العقيدة! وأين كان ذاك الاختلاف طوال خمسة عشر عامًا عاشت خلالها الصديقتان كأختين توأمتين لا تفترقان؟! كانتا زميلتين في كلية الحقوق جامعة عين شمس. وحين تزوجتا واختلفت مسارات حياتيهما بسفر صديقتها مع زوجها، ظلّ بينهما تليفون يومي أو أكثر. تخفف كلٌّ منهما صعوبات حياة الأخرى وتمنحها السلوى. لم يعكر صفو سمائهما شيء حتى مرّت أيام الثورة الأولى وبدأ الصعود الممنهج للتيارات الدينية بفتاواهم الإقصائية الشاذة، فبدأت تلمح بعض التغيير في صاحبتها. صفحة صديقتها بدأت تتلوّن ببوستات عن الجحيم وعذاب القبر. أعقب ذلك انسحابٌ تدريجي بطيء وخفوت في المشاعر من صاحبتها نحوها؛ ثم رفض للتزاور والخروج معًا مع تبريرات واهية. واجهتها فأنكرت مرةً تلو مرة؛ وبدأ ظهور الألقاب! راحت تنادي صديقة عمرها بـ”مدام رانيا”!!!! ثم جاءت النهاية عندما نشرت على صفحتها حديثًا شريفًا يلمح إلى أن النصارى جميعًا في النار. سألتها مباشرة فأجابت في البدء بأنه حديث ضعيف، ثم انفجرت قائلة: "ستدخلين النار ولا أريدكِ صديقةً لي لأنكِ "كافرة”. ثم انتهى كل شىء، وأُسِدل الستار.
أرسلت لي رانيا هذه الصرخة قائلة: أنا خسرت كل شىء: الحبيبة والصديقة وما تبقى إلا أن ألعن ثورتكم لأنها حرقت قلبي.”
كلتا السيدتين نبتةٌ مصرية طيبة، لكن إحدى النبتتين وقعت ضحية أيادٍ سوداءُ أفلحت في أن تنتزعها من أرض المحبة الخصبة لتزرعها في أرض بور مليئة بالشوك. أرض "البغضاء". كنتُ، ومازلتُ، أؤمن بأن الثورة، وإن أخفقت في تحقيق أهدافها إلى الآن، إلا أنها نجحت في أن تُقرِّبَ بيننا كمصريين، لأنها وحّدتنا حول هدف واحد اسمه: مصر، وعلى طريق واحد اسمه: الحرية، وتحت مظلّة واحدة اسمها: العدالة والجمال. وكتبتُ مقالي ذلك واختتمتُه بكلمة إلى صديقتها قلتُ فيها: " يُفني الإنسانُ عمرَه لكي يصنع صداقةً رائعة مثل التي تُهدرينها الآن وأنت تظنين أنك تُرضين الله. بينما اللهُ يحبُّنا بقدر ما نحبُّ بعضنا بعضًا. أيتها العزيزة. صديقتك تناديكِ وأعطتني رقم هاتفك لأصلح بينكما. لكن هاتفك مقفول! أرجو ألا يكون قلبك كذلك.”
كنتُ مؤمنة أن شهورًا قليلة سوف تمرّ وترسل لي رانيا من جديد خبرًا سارًا بأن صديقتها أدركت مَن هم أعداء الخير وأعداء مصر وتعود من جديد لأرض المحبة. لكن الرسالة تأخرت عامين، بعدما كنت قد نسيتُ رانيا وقصتها. حتى وصلتني من رانيا قبل أيام كلماتٌ مفرحة، فقررتُ أن تشاركوني فرحتي وفرحتها:
"أستاذتي صاحبة القلم الجريء. من كل قلبي أشكرك. فاكراني؟! أنا رانيا اللي كتبتِ عني وعن صاحبتي عزة مقالة من سنتين. حبيت أطمئنك إن أنا وصاحبتي اتصالحنا من أيام قليلة ورجعنا أقوي من الأول. دي عشرة 17 سنة. وأنا حبيت زي ما شغلتك بمشكلتي أفرحك معايا برجوع صاحبة عمري لحياتي من جديد.”
وأنا بدوري أشكرك يا رانيا لأنكِ لم تحرميني من تشارك الفرحة معكما.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتاوى تكسيح الأطفال
- كأننا نتعلّم (1)
- فاطمة ناعوت -كاتبةٌ صحفية وشاعرة ومترجمة مصرية - في حوار مفت ...
- أنا ابن مصر العظيم
- استلهموا هجرة الرسول
- أنا أعلق إذن أنا موجود
- ماذا نفعل بالإخوان؟
- أنا عاوزة ورد يا إبراهيم!
- عيد ميلاد دولة الفرح
- قرد فاطمة ناعوت
- لا تقربوا الصلاة!
- اطفئوا مشاعلَهم، نورُها يُعمينا
- هل لدينا محمد يونس؟ 2-2
- القطة التي كسرت عنقي
- قرّاء العناوين والصحف الصفراء
- رصاصة في رأس يفكر
- والدليل: قالولووو
- هذا قلمي بريءٌ من الدم
- محمود عزب، أزهرىٌّ من السوربون
- بيان حول الكلمات الثلاث التي أغضبت البعض


المزيد.....




- خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز ...
- القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام ...
- البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين ...
- حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد ...
- البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا ...
- تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
- شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل- ...
- أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
- مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس.. ...
- ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - رانيا وصاحبتها