أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - فتاوى تكسيح الأطفال














المزيد.....

فتاوى تكسيح الأطفال


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4625 - 2014 / 11 / 5 - 10:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ليس أقسى من رؤية طفل لا يستطيع الركض مع الأطفال ومشاركتهم لعبهم و”تنطيطهم” و”عفرتتهم” الجميلة. تراه منزويًا في زاوية "حوش" المدرسة، ينظر إلى زملائه يلعبون الكرة و"ينطّون" الحبل ويتخفّون وراء الشجر في "الاستغماية"، وهو جالسٌ يكسو الحزنُ عينيه لأنه لا يستطيع النهوض معهم!
إنه "شلل الأطفال"؛ الذي يسببه ڤ-;-يروس poliovirus. لكن عالمًا أمريكيًّا اسمه "يوناس إدوارد سولك" عكف في معمله وبين أنابيب اختباره ومراجعه حتى تمكّن عام 1958 من ابتكار مصل يمنح أجسام الأطفال درعًا ضد هذا الڤ-;-يروس الشرير. فاختار العالمُ 28 أكتوبر من كل عام، يومًا عالميًّا لمكافحة شلل الأطفال، تخليدًا ليوم ميلاد هذا الرجل، الذي سهر حتى اقتنص أحد أهم الابتكارات الطبية في تاريخ الإنسان، فهزم شبحًا يدمر الأطفال: زهور اليوم وأبطال الغد.
وفي هذه الأيام، أطلقت الحكومة المصرية حملتها القومية الدورية ضد شلل الأطفال، أدعو كل أمٍّ وكل أبٍ أن يلتزموا بها ويذهبوا بأطفالهم لإعطائهم الجرعات المقررة في مواعيدها.
بسبب جهود هذا الرجل، واهتمام الحكومات المختلفة بتوفير الأمصال لأطفال بلدانهم، وتكثيف حملات التوعية، انحسرت بالفعل، منذ أواخر الثمانينيات الماضية، نسبُ الإصابة عالميًّا حتى وصلت إلى 99٪-;- واختفى المرض من معظم دول العالم، ماعدا: أفغانستان- باكستان- الهند- نيجيريا، وبعض الحالات في سوريا.
لكن اختفاء المرض أحزن البعض!! فانطلق أئمةٌ في باكستان يفتون بتحريم تطعيم الأطفال! لأنهم يشتبهون بأن ذاك اللقاح قد أُخذ من الخنزير! لأن "الغرب الكافر" هو صانعه!
فخرج مسلحون يوم الأربعاء 10 سبتمبر 2014، وأطلقوا النار على الفريق الطبي في حملة التلقيح فأسقطوا شرطيًّا يواكب الحملة، ليصل عدد الضحايا، منذ 2012، إلى 60 شخصًا من نشطاء مكافحة شلل الأطفال، ما بين أطباء وممرضين وعاملين في مجال التلقيح وشرطيين يؤمّنون الفرق الطبية! والنتيجة؟ تجاوز عددُ الأطفال المصابين بالشلل في باكستان الرقمَ القياسي الذي سُجّل عام 2000، وأعلنت منظمة الصحة العالمية في مايو الماضي فرض حالة الطوارئ في الصحة العامة بالعالم بسبب انتشار شلل الأطفال في عدة دول، احتلّت باكستان وحدها 80٪-;- من نسبة الإصابة العالمية، وتقع معظم الإصابات في المناطق القَبلية الواقعة تحت سيطرة "طالبان" على تخوم أفغانستان، معلنةً أن باكستان هي البؤرة الأولى لهذا المرض على مستوى العالم.
تأملوا الصورة المشهدية للموقف واحزنوا معي:
رجل طويل عريض كامل البنيان ضخم الجثة، يتناول وجبته الهائلة من لحم الضأن المحمر مع صحن الفتة بالمرق الدسم، ثم ينام في قيلولته قرير العين لكي "يهضم" وجبته العظيمة. ليصحو بعد ذلك ويذهب إلى شاشة فضائية أو منبر ليخطب في الناس ويُفتي بتحريم تطعيم الأطفال! فيحطم، بكلمة صغيرة آثمة ركيكة، مستقبل براعم نحيلة مازالت تبحث عن مكان ضئيل في الحياة التي احتلّها الكبار بأجسامهم الضخمة!
بأي حق يكسر هذا الرجلُ أو ذاك مستقبل طفل و"يُكسّحه" ويملأ البلدانَ بمواطنين مُقعدين يتحولون إلى عبء على حكوماتهم التي أصلا لا تحترم المعوقين ولا الأسوياء؟!
أيها المزايدون على الإسلام، يا من تقضون أعماركم في محاربة هذا وذاك بتهم خاوية غير موجودة إلا في رؤوسكم بزعم "الدفاع عن الإسلام" الذي لا يحتاج دفاعكم، انتبهوا واختاروا العدو الصحيح ولو مرة واحدة في حياتكم. أولئك الجاهلون هم أعداء الإسلام، وأعداء الإنسانية، وأعداء الحياة. بكلمة سوء من أفواههم يدمرون أطفالا لا ذنب لهم، سوى أنهم ولِدوا في بلاد تكره الأطفال.
"سيكُبُر الأطفالُ فيما بعد،
وتكبرُ أقدامُهم،
وبدلا من الركضِ في دوائرَ بلا هدفٍ،
سيتعلمون السيرَ بخطواتٍ واسعةٍ،
نحو شيء ما..
أما الطفلةُ العسراءُ تلك،
-لأن قدمَها محشورةٌ في حذاءٍ حديديّ-
ستظلُّ تركضُ
في دوائر.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كأننا نتعلّم (1)
- فاطمة ناعوت -كاتبةٌ صحفية وشاعرة ومترجمة مصرية - في حوار مفت ...
- أنا ابن مصر العظيم
- استلهموا هجرة الرسول
- أنا أعلق إذن أنا موجود
- ماذا نفعل بالإخوان؟
- أنا عاوزة ورد يا إبراهيم!
- عيد ميلاد دولة الفرح
- قرد فاطمة ناعوت
- لا تقربوا الصلاة!
- اطفئوا مشاعلَهم، نورُها يُعمينا
- هل لدينا محمد يونس؟ 2-2
- القطة التي كسرت عنقي
- قرّاء العناوين والصحف الصفراء
- رصاصة في رأس يفكر
- والدليل: قالولووو
- هذا قلمي بريءٌ من الدم
- محمود عزب، أزهرىٌّ من السوربون
- بيان حول الكلمات الثلاث التي أغضبت البعض
- بيان بشأن الذبح في عيد الأضحى


المزيد.....




- هكذا أعادت المقاومة الإسلامية الوحش الصهيوني الى حظيرته
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة-إيفن مناحم-بصلية ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تعلن استهداف مستوطنة كتسرين بصلية ...
- المواجهات الطائفية تتجدد في شمال غربي باكستان بعد انهيار اله ...
- الإمارات تشكر دولة ساعدتها على توقيف -قتلة الحاخام اليهودي- ...
- أحمد التوفيق: وزير الأوقاف المغربي يثير الجدل بتصريح حول الإ ...
- -حباد- حركة يهودية نشأت بروسيا البيضاء وتحولت إلى حركة عالمي ...
- شاهد.. جنود إسرائيليون يسخرون من تقاليد مسيحية داخل كنيسة بل ...
- -المغرب بلد علماني-.. تصريح لوزير الشؤون الإسلامية يثير جدلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف حيفا ومحيطها برشقة صاروخي ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - فتاوى تكسيح الأطفال