|
مصلحة الوطن .. والتستر على سارقي ثروات الوطن !
علاء مهدي
(Ala Mahdi)
الحوار المتمدن-العدد: 4625 - 2014 / 11 / 5 - 02:43
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في خبرتناقله عدد من وكالات الأنباء وتم نشره على صفحات مراكز التواصل الإجتماعي جاء أن " الجلبي يفتح النار على المالكي ويهدد بفتح ملفات فساد كبرى تتعلق بالتسليح وبيع عقارات ". الخبر نشر في يوم الأثنين 27 تشرين الأول 2014، اي بعد خروج نوري المالكي من رئاسة الوزارة وتولي حيدرالعبادي هذا المنصب من بعده. والمقصود بـ "الجلبي" في الخبر هو الدكتورأحمد الجلبي رئيس حزب المؤتمر الوطني العراقي، الذي أشتهر بدوره الفعال في إقناع الولايات المتحدة الأمريكية بأهمية إحتلال العراق وإسقاط نظام الحكم فيه ، وكان قد تولى منصب رئيس مجلس الوزراء خلال فترة مابعد السقوط ويتبوأ حاليا منصب نائب رئيس الجمهورية حاله حال غريمه نوري المالكي. دون شك أن فترة حكم المالكي كرئيس لمجلس وزراء العراق لدورتين دامتا لثماني سنوات قد رافقتها العديد من الفضائح المالية التي فاقت أرقام مبالغها حدود ميزانية العراق حتى بات من الصعب المصادقة على ميزانية الدولة الأمر الذي قد يؤدي إلى إعلان أفلاسها وهي سابقة خطيرة لم يسبق للعراق أن مر بها بإعتباره من الدول الغنية بمواردها الطبيعية. يذكر الخبر أيضاً أن الجلبي عازم على كشف ملفات فساد لها علاقة بالمالكي والمحيطين به وهي ملفات تتعلق بعقود تسليح وصفقات نفذها مكتب القائد العام للقوات المسلحة الذي أستحدثه المالكي وخصص له ميزانية بخمسمائة مليون دولار ويعمل فيه أكثر من خمسمائة موظف ، كما أشار إلى قيام المالكي أو المكتب بالإستيلاء على عدد من العقارات في معظم المحافظات حيث سيطر عليها أقارب للمالكي فضلاً عن المبالغ الكبيرة المجهولة التي سحبت من المالية العامة. قد يبدو هذا الخبر عاديا للكثير منا خاصة خلال فترة مابعد السقوط حيث كشف الكثير من الأخباروالتقاريرالمنشورة عبر وكالات الأنباء والمتداولة على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي عن سرقات وإختلاسات بملايين أو بلايين الدولارات من قبل أشخاص متنفذين في السلطة أو قريبين منها أو من أقارب المسؤولين وأفراد عوائلهم أو متعاقدين معهم حتى باتت هذه الأخبار لاتجذب الإنتباه لكثرتها كما أن الناس قد تعودوا على سماعها وكأنها جزء من ممارسات الحكم الحالي. إن ما يحمله مجمل الموضوع من غرابة، سيقودنا مضطرين إلى التفكير والتأمل في عدة احتمالات، أولها ، أن التصريحات الأخيرة للدكتور الجلبي تكشف انه كان على علم بأمر هذه الملفات، ولكنه لم يكشف عن امرها بوقت مبكر أو في وقت حدوثها للحيلولة دون ضياع أموال الدولة عن طريق الفساد والتلاعب، وانه قد آثر السكوت لسبب ما. ولكن إذا لم تدعم البراهين الواقعية والملموسة هذا الاحتمال، فإن الإحتمال الثاني هو أن يكون قد علم بأمر هذه الملفات بعد انتهاء فترة حكومة المالكي وانتقاله إلى منصب نائب رئيس الجمهورية، وهذا يثير تساؤلاً عن طبيعة الأنظمة المالية ووسائل الرقابة الحسابية والتدقيقية التي هي من مهام ديوان الرقابة المالية المرتبط أساسا بديوان رئاسة الجمهورية. أما الإحتمال الثالث ، فهو أن يكون مجمل الخبر مفبركاً ولاصحة له وهذا أمر استبعده شخصيا بشدة بانياً موقفي هذا على مجموعة حقائق وشواهد عن أشخاص فاقت ثرواتهم البلايين خلال فترة مابعد السقوط بعد ان كانوا من المعدمين مالياً، وهم لا يملكون أية شهادات أو أختصاصات أو مواهب. إنه لمن الغريب وإلى حد بعيد حقا، أن يتم تداول مثل هذه الأخبار عن إتهامات بفضح جرائم عن فساد مالي وإختلاسات وسوء إستغلال مناصب حكومية والإستيلاء على عقارات بدون وجه حق ، وعلى مستويات عالية، وتحديدا من قبل نائب لرئيس الجمهورية ضد نائب آخر لرئيس الجمهورية دون أن يتم التعليق على الخبر من قبل هيئة النزاهة والمراقبة وبقية الهيئات المالية والقضائية او حتى الإدارية. انهم يتناسون أن الأموال المختلسة والعقارات المستولى عليها هي من أملاك الشعب العراقي وأن على السلطات المسؤولة أن تتخذ الخطوات السريعة للتحقيق في مثل هذه الإتهامات وكشف الملابسات والإعلان عن نتائج التحقيق وردع ومعاقبة المسيئين وإسترداد الأموال المسروقة وإعادة الإملاك المستولى عليها بدون حق لإصحابها الشرعيين مع تعويضهم عن الأضرار التي لحقت بهم بصورة صريحة وواضحة ، وكل هذا يجب أن يتم بعلم وتحت أنظار الشعب العراقي. إن تداول مثل هذه الإتهامات بصورة علنية يضع كلا الشخصيتين في موضع الشك وان على الجلبي أن يثبت صحة إتهاماته وبعكس ذلك يتحمل مسؤولية جنائية خطيرة تتضمن الإتهام الكاذب المتسبب بالإساءة لسمعة المالكي ، وإن على المالكي أن يثبت برائته من التهم المنسوبة له وبعكسه تطبق عليه العقوبات وفق القوانين المرعية. ولعل هذا كله يعيد إلى الذاكرة موضوع هرب نائب رئيس الجمهورية السابق طارق الهاشمي إلى خارج العراق والذي ثبتت ممارسته لنشاطات إرهابية من ضمنها عمليات إغتيال وقتل وتعذيب خلال فترة توليه منصب نائب رئيس الجمهورية وقد تمكن من الهرب بسهولة دون أن تتم محاسبته أصوليا وفق القوانين المرعية وبدأ بممارسة نشاطات ضد النظام والشعب العراقي من دولة جارة وفرت له الحماية. وقبل الجلبي ، كان قد وقع رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بنفس المطب عندما أعلن صراحة وعبر شاشات التلفزيون " بأنه لايريد الذهاب إلى مجلس النواب لأنه يمتلك ملفات لـ 13 إرهابياً هم أعضاء في مجلس النواب " وإنه " يمتلك ملفات لوزراء ونواب متهمون بالإرهاب لكنه لايريد الكشف عنها لأنها تخرب العملية السياسية"! (1). أعتقد ان مايفتقد إليه قسم كبير من السياسيين والمسؤولين العراقيين هو أن يتفهموا أن مسؤولياتهم السياسية والإدارية لا تعني أنهم مفوضون بالعمل بدون حدود أو صلاحيات وأنهم أحرار فيما يفعلون أو يقولون. ان إشغالهم لهذه المناصب الرفيعة المستوى يعتبر تكليفا من قبل الشعب إذا ما اعتبرنا أن الحكومة الحالية قد جاءت فعلاً نتيجة إنتخابات ديمقراطية نزيهة وأن عليهم ممارسة صلاحياتهم وفق ماحدده القانون والدستور العراقي وان تلك التصرفات يجب أن تصب في مصلحة الدولة العراقية والشعب العراقي. إن إخفاء معلومات وعدم البوح بها أو التبليغ عنها أو السكوت عنها تحيناً لفرصة مناسبة للإبلاغ عنها تعتبر بمثابة مشاركة في الفعل الجرمي ويجب أن يحاسب مرتبكها او الذي تستر عليه من قبل السلطات القضائية. في موقف حدث معي عندما كنت مديرا لحسابات شركة المخازن العراقية في سبعينيات القرن الماضي ، طلب مني أحد المدراء العامين أن أنفذ أمراً بتجهيز جهة ما خارج حدود الصلاحيات والتعليمات وعلى " مسؤوليته الشخصية ". رفضت تنفيذ ذلك تحريريا بالقول : "إن تنفيذ أمركم بتجهيز تلك الجهة خارج حدود الصلاحيات والتعليمات فيه مسؤولية مالية وبإعتباري مديرا لحسابات الشركة فأنني مسؤول عن المحافظة عليها. كما أن مسؤوليتكم المالية بإعتباركم مديرا عاما للشركة تتحدد بمبلغ الراتب الذي تتقاضاه. عدا ذلك ، فإن قرار تعيينكم مديرا عاما للشركة لم يشر إلى أن من صلاحيتكم إدارة الشركة على مسؤوليتكم الخاصة".
هذا الموقف كلفني الكثير فيما بعد على الرغم من أنني مارست صلاحياتي ضمن حدود إختصاصي.
-;--;--;- (1) عن مقال للدكتور كاظم حبيب بعنوان " إن كان المالكي صادقاً ولايكشف ملفات القتلة فتلك مصيبة ، وإن كان كاذباً فالمصيبة أعظم؟ نشر في 15 نيسان 2014.
#علاء_مهدي (هاشتاغ)
Ala_Mahdi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مآسي انتهاكات حقوق الإنسان في العراق .. ومتطلبات إعادة البنا
...
-
المحرقة .. وكيف نجوت منها ..؟ !
-
المكسيك .. رحلة لم تكن في الحسبان..!
-
إيزابيل دينكيزيان .. حكاية معاناة وتألق!
-
عندما أصبح -سوادي- سكرتيراً للمدير العام!
-
ندوة حوارية أم مهرجان خطابي؟
-
هذه هي العوامل وهذا هو الحل .. ماذا ننتظر ..؟!
-
هل يبقى العراق عراقاً بدون مكونه المسيحي ..؟!
-
نساء مهاجرات بخطر !
-
من سينقذ المرأة العراقية؟
-
يوم لاينفع فيه عض الأصابع! حلول ومعالجات رهينة الانتظار والت
...
-
فوضى وتخبط !
-
أفكار ثائرة على نار هادئة!
-
أديب عراقي ينعي نفسه!
-
ذكريات أكثر من مؤلمة .. ! حسوني شهيد عراقي من أصل إيراني . .
...
-
شميرام .. مازلت أتذكرحكايتها بألم .. !
-
ميزانية الأحرار: أرقام تفتقر لمراعاة الجانب الإنساني
-
هل المسألة فيها -إنَّ-.. ؟!
-
بإنتظار نتائج الإنتخابات العراقية!
-
هوامش على دفتر . . . الإنتخابات!
المزيد.....
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو
...
-
الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر
...
-
أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام
...
-
اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع
...
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|