|
اخفقت النهضة أم عزلة شريك
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4624 - 2014 / 11 / 4 - 23:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اخفقت النهضة أم عزلة شريك مروان صباح / الراحل البارودي خط بأبياته على الصخاري مشروعه الوحدوي للعرب ، عندما قال ، بلاد العُرب أوطاني من الشام لبغدانٍ ومن نجدٍ إلى يمنٍ إلى مصر فتطوان / فلا حدٌ يباعدنا ولا دين يفرقنا / لسان الضاد يجمعنا بغسان وعدنان .. تونس المرة الثانية على التوالي تجمع العرب من أول السطر ، كأنها تقدم لنا استخراجات بشكل سلس وهادئ لواقع أُتخم بتدخُلات الخارجية ، من جانب ، ومن جانب أخر ، يتعلق بقسمة أبناء الوطن ، لهذا ، فإن الاستقراء حتى لو كان من خارج حدود تونس ، فهو ، في نهاية المطاف يساعد في ربط ما تقدم لجملة نتائج تاريخية وأخرى حديثة وما توالت الانتخابات من حقائق باتت ، قدر ، أهل الواقع ، وهي ، بالتأكيد مصيرية ، ليس فقط لتونس ، بل ، لشمال أفريقيا على الأخص ، وبالتالي ، من واجب المراقب توظيف جملة قرائن ومقاربات التى حفظها التاريخ كما حفظتها الذاكرة الذاتية التى نحتكم إليهما ، بالطبع ، لنرجح استقراء على توقعات ، احتكرت التلفزة بإيقاعاتها . نداء تونس ، اسسه محمد باجي قائد السبسي عام 2012 م الذي تولى رئاسة الوزراء بعد ما اطاحت الثورة بنظام ابن علي في كانون الثاني من عام 2010 تضامناً مع بوعزيزي ، السبسي ، هو دون أدنى شك ، أحد رجال النظام البورقيبي منذ 1963 حتى 1991 م تولى العديد من المناصب العسكرية والأمنية والمدنية ، ويستطيع المرء أن يطلق على الرجل بأنه الشخصية المتبقية من العهد القديم والتي استطاعت في فترة وجيزة أن تجمع حولها قواعد شعبية ، تماماً ، كما هو حال ، أحزاب وشخصيات مستقلة لاقت به المنقذ الوحيد ، وبالرغم ، من تقدم السبسي بالعمر ، وللحقيقة يقول المرء ، أنها الشخصية الوحيدة القادرة على ملء القسم الأخر من الوطن ، أمام حركة لها باع طويل في الحركة التاريخية التونسية والتى تمثل التيار الإسلامي العريض منذ 1972 م لكنها ، في الآونة الأخيرة احدثت النهضة تغيرات كبيرة عندما خطت خطى حزب العدالة والتنمية في تركيا وبذات الوقت سجلت ابتعاداً ، واضح ، عندما حاولت إيجاد مساحة ، حولتها ، إلى فارق مضاد للنموذجين ، طالبان والسعودي ، لأن ، اعتقدت النهضة ومن خلال فلسفة حكيمها راشد الغنوشي بأنها بحاجة إلى الاقتراب من نماذج إسلامية ناجحة ، خصوصاً ، في مرحلة الانتقال ، قابلة للحياة مع المجتمع الدولي ، مثل ، التركي والماليزي والاندونيسي ، هم ، نماذج جمعوا بين الإسلام والحداثة ودعموا بتوجهاتهم الاقتصاد الليبرالي ، المعتدل ، دون أن تتخلى النهضة عن توجهاتها اليمينية في الجانب الاجتماعي . الذي وضعها داخل دائرة التساؤل حول رغبتها بالابتعاد عن الاسلام السياسي الراديكالي ،علما أن تاريخها حافل بتحالفات سياسية معه ، وأيضاً ، بعمر مليء من الاعتقالات والمطاردات والنفي . في الذاكرة ما يكفي كي يجنبنا فعلاً الوقوع في تهويلات ، هي ، خارجة عن سياق الحقائق ، وتسمح فولاذيتها أن تقدم تفسير يتحرى الابتعاد عن الضحالة السائدة والتى تجعل الجهالة بوصلة تقود المرء دون أن يستشعر بأمواجها السريعة والشديدة ، فالدوامة ، أعلاها متسع وأسفلها ضيق ، وكما يبدو ، احياناً ، التجهيل مطالب سياسي يعتاش عليه البعض للبقاء على المشهد السياسي ، لهذا ، تكثر الدوامات ، فحركة النهضة التى تراجعت في الانتخابات الحالية بفارق عشرين مقعد لم يكن في الواقع تراجع بقدر أنها خسرت شريك منحها في الانتخابات السابقة أصوات تنظيمه وأنصاره ، هي ، السلفية التونسية ، التي تحالفت مبكراً بعد الثورة مع حركة النهضة ، كما حصل ذلك في ليبيا ومصر ، مع ذلك ، كان لمرور الوقت اثر بالغ عند الشريك ، حيث ، لم تسجل حكومتي النهضة أي تغيير نوعي حتى لو بسيط في انماط المشهد السياسي ، الداخلي أو الخارجي ، تحديداً العربي ، في سوريا ثم لاحقاً ظهور الدولة الإسلامية داعش ، مما جعل التيار السلفي في تونس أن يدير ظهره لكل ما يجري من سياقات ديمقراطية ، أعتقد ومازال يعتقد أنها مضيعة وإهدار للوقت ، لهذا ، نداء تونس ، لم يأتي بأغلبية المقاعد التشريعية على حساب حركة النهضة ، بل ، العكس ، كانت على حساب التيارات المتحالفة مع النهضة ، هي ، علمانية وأخرى ليبرالية ويسارية أمثال حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي يترأسه شرفياً ، الرئيس الحالي المنصف المرزوقي وقد حصل في الانتخابات السابقة على 29 معقد جاء بالمرتبة الثانية تلاه تيار المحبة ، اليوم ، سابقاً ، العريضة الشعبية الذي يتزعمها محمد الهاشمي الحامدي مرشح الرئاسة القادمة وصاحب فضائية سياسية بامتياز تُسمى المستقلة وتبث من لندن ، بنصيب 26 مقعد ، واعتبرت المكونات السياسية التونسية في حينها بأن نجاح قوائم العريضة ونيلها المرتبة الثالثة بمثابة مفاجأة في اوساط المراقبين ، لكن ، هناك أيضاً ، مفاجأة جديدة لا تقل مضمونها عن الانتخابات الماضية ، أو أقل شأناً عن سابقتها ، فمقارنتها واجبة وليس جائزة فقط ، عندما يحل في المرتبة الثالثة حزب الإتحاد الوطني الذي يتزعمه سليم الرياحي رجل الأعمال الثري ورئيس نادي الأفريقي ، حيث ، يعدّ من أهم الأندية الرياضية في شمال أفريقيا ، بالطبع ، كانت قواعد الفريق وراء حصوله على تلك المقاعد ال 16 ، وأخيراً جاءت جبهة الشعبية في المرتبة الرابعة التى حصدت 15 مقعد ، وبالرغم من عدم قدرة الحكومتين التى شكلتهم النهضة في معالجة العديد من المسائل التنموية وعلى رأسها توفير الأمن وتقليص البطالة وإيجاد حلول جذرية للاقتصاد وتحريره من الاعتماد على السياحة ، فقط ، من خلال تنفيذ مشاريع بحجم الوطن التى تستطيع استيعاب خرجين الجامعات والمهنيين وغيرهم ، وبالرغم أيضاً ، من الجمود الذي خيم على نمطيتها ، حيث لم تترك أي رصيد يسمح للمرء ان يذكرها ، إلا أنها ، تمكنت من المحافظة على 69 مقعداً التى يسمح لها لاحقاً من عقد تحالفات مع تجمعات أقل حجماً ، لكنها ، مشهود عداءها لفئتي رجال الأعمال وأعوان نظام بن علي المنصرف عن المشهد السياسي الحاضر بقوة بين شخصيات مستقلة وأخرى سياسية وأمنية متوارية خلف ، نداء تونس . تمثل السلفية التونسية إحدى التيارات الإسلامية المهمة ، بل ، توصف حالياً بأنها التيار الإسلامي الصاعد في صمت ، ولأن خطورتها تكمن بالقدرة على الانتشار بين شريحة عمرية تتراوح من 25 إلى 30 عاماً وتنخفض ، أحياناً ، إلى 19 عاماً ، كما تصيب الطبقات الثلاثة ، الفقيرة والوسط والأغنياء ، وهذا ما يفسر تراجع نسبة المشاركين في عملية الانتخابات ، كونها دنت بفارق ملحوظ عن الانتخابات السابقة ، وبالتالي ، تحمل النتائج دلالات انقسامية ، هي ، قادمة بشكلها الأعمق عما قريب ، فالمسألة ليست مقتصرة على من خاض الانتخابات بأشكالها ، الرئاسية والتشريعية والبلدية وغيرهم بقدر ما ينبغي ان تفرز الانتخابات حالة توحيدية ، تجميعية ، جامعة ، حول سياقات دفعت الأغلبية ثمن باهظ كي تتحقق مطالبها التى تؤمن بأنها تأخرت عقود من الزمن ، إن كانت داخلية ، وما أكثرها ، وبذات الوقت قادرة على محاكاة التطورات المحيطة بتونس ، وما أعقدها ، فإذا كان الذين مارسوا حق التصويت منقسمين حول الفكرة والدولة وصيغتيهما ، رغم ، أن الفارق بالنتائج ليس كبيراً الذي يتيح لفريق عن الأخر بتشكيل حكومة بمفرده ، في المقابل ، يحمل الجانب الأخر في الوطن أمراً يبدو أكثر تعقيداً من أول ، بل ، مركباً ، لأن حجم الحردانين والرافضين للعميلة برمتها كبير ، وبالتالي ، استنكفوا عن ممارسة حقهم في المشاركة ورأوا بأن التنافس ليس أكثر من نوايا تنحصر بين إطاحة فريق وانقضاض الأخر دون أن يحمل التغير فكر متجدد يجتمع حوله أغلبية البشر . بُنيت الدولة التونسية الحديثة على اساس نظام بوليسي ولم يكن ، ابداً ، للجيش ، تاريخياً ، ذات تأثير على النظام كما هو عند الشعب ، وعندما فقدت الداخلية هيبتها وجبروتها بعد الثورة تحولت الدولة من فاشلة إلى رخوة وعلى أتم الجهوزية ، الآن ، أن تتحول إلى مستباحة كما ، هو ، الحال في كل من سوريا واليمن وليبيا الجارة الأهم في الاستقرار والفوضى ، وهذا ، على الأقل ما يسعى إليه الجانب العسكري في الحركة السلفية التونسية بقيادة شيخها الخطيب الإدريسي ( ابو اسامة ) والتى نسجت علاقات عابرة للحدود مع المليشيات المقاتلة في ليبيا وأخرى بين العراق وسوريا ، وبالرغم ، من تحفظ عناصر التنظيم القيام بعمليات في وسط العاصمة أو المدن الكبرى ، وإن كانت حدثت بعض العمليات ، هي ، يتيمة تكاد لا تذكر ، إلا أنها ، ركزت وجودها عند خطوط حدودية المتاخمة لليبيا والجزائر ، وحيث ، تعمدت عامداً التحكم في بعض النقاط كي تبقي حركتها سهلة ومرنة وبمأمن عن حرس الحدود ، ثمة ، اعتقاد راسخ لدي الجماعات المسلحة في شمال أفريقيا والقرن الأفريقي بأن الأولوية ، هي ، السيطرة الكاملة على بلاد الشام من خلال حسم المعارك لصالحها التى بدورها تعمل منذ بداية الاشتباك المسلح على تعبئة العناصر وإمداد بهم إلى مواقع القتال ، ولأن وطيس الحراك الداخلي اشتعل منذ انتهاء علميات فرز الأصوات بالإضافة إلى وطاسه أكبر ، هي ، جبهة ليبيا التى تتصاعد فيها الحرب الأهلية وبالتأكيد ينعكس ذلك على المحيط الأفريقي وبالتحديد على المشهد السياسي التونسي . مسألة فيها نظر ،، ولهذا ، فأن الانتخابات الرئاسية القادمة ، قد يتوسع من خلال نتائجها الانقسام ، خصوصاً ، إن كان الفائز بها من أحد المرشحين ذات الاتجاه الإسلامي أمثال محمد الهاشمي الحامدي أو الرئيس الحالي المنصف المرزوقي حليف حركة النهضة ، وبالتالي ، تصبح الاشكالية ذات سجال يستطيل ، لن يتوقف الانقسام حول صلاحيات وبرامج بين الرئاسة والبرلمان فقط ، بل ، بالتأكيد سيأخذ منحة أخرى ، انسجاماً مع محيط مشتعل ، مستمر بين الأطراف دون انتصار طرف أو هزيمة طرف . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المحنة الكبرى تطرق الأبواب
-
إخفاقاً أوروبياً يرّسخ القطب الأحادي
-
تحالفاً مضاداً يقترب اكتماله
-
هجرة جنّبت المنطقة ويلات
-
تحالف لا يضمن الانتصار وربما يسبب الهزيمة
-
حماس ،،، الاعتبار بما مضى
-
لا مستقبل للعرب دون عودة العراق
-
نقص في الأفراد فائض في القوة
-
فعل المقاومة ،،، استشاط غضب الأنظمة العربية
-
التهنئات للأكفاء
-
سلسلة افتضاحات قادمة
-
محاولة لبننة المجتمع الفلسطيني .. سياسياً
-
إغتيالات وإغتسالات وعلاقات تجمعهم وتفرقهم المصالح
-
الضفة الغربية سياقات وحدتها وانقسامها
-
درويش عصي على النسيان
-
فلسفة الاسترداد
-
انتحار مذهبي بعينه
-
معالجة الانفلات وتهذيب الاختلال
-
البابوية المتجددة والإسلامية المتجمدة
-
المعركة الطامة ، قادمة لا محالة
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|