خليل الفخري
الحوار المتمدن-العدد: 4624 - 2014 / 11 / 4 - 13:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يمكن القول أنّ الشعب التونسي و بجدارة قد حسم أمره و اختار الطريق التي تؤمن مستقبلا أفضل له و لعائلته حين نأى .بنفسه بعيدا عن خيمة الأحزاب الدينية و بخاصة حزب النهضة بعدما اكتوى بنارها جميعا خلال تجربة مريرة تركت بصماتها على حياة التونسيين و ملأت شوارع تونس بالرصاص و الموت و اشلاء الضحايا . عندما صوّت في الأنتخابات التشريعية التي جرت مؤخرا في تونس للتيار العلماني , وبذلك يكون قد سدّد طعنة مميتة لمجموعة الأحزاب و التيارات الدينية بتلاوينها ، سواء المتشدد منها الذي كان يحاول اعادة دورة الحياة الى عهد الخلافة الراشدة ، او حركة النهضة التي اجهدت نفسها في مسعى المزاوجة بين الأنفتاح على الديمقراطية التي هي نتاج تضحيات بعض الشيئ و بين التمسك بثوابته ارضاء لقواعده و عدم الخروج عن الأجماع .فقد جاءت النتائج بما لا تشتهيه و تتوقعه قيادة النهضة ، و بذلك يكون السيف قد سبق العذل .
و ازاء تلك المستجدات ليس امام التونسيين بعد اليوم من وقت لأضاعته ، فالمهام التي تنتظرهم جمّة و صعبة للغاية في ظلّ معوقات كثيرة ستنبئ الأيام القادمة عنها .
انّ اعادة تىتيب البيت التونسي من الداخل يتطلب من الجميع المشاركة دون استثناء فصيل او حركة او تجمّع لأن سياسة التهميش و الأقصاء و ابعاد المعارضة عن المشاركة في رسم القرارلابد وان يقود البلاد الى كارثة و صراعات دموية كتلك التي عاشها العراقيون ايام حكومة المالكي البغيضة ، ومن هنا تبدو مسألة المصالحة الوطنية و الدعوة للتعايش السلمي و التسامح و نبذ العنف و طي صفحة الماضي هي من المهام التي تفرض على الجميع النهوض بها و السعي الحثيث من اجل ترسيخها كحقيقة و واقع ..
لقد عكست نتائج الأنتخابات التشريعية رغبة التونسيين و مقدار تعلقهم بالديمقراطية و الرغبة في الخروج عن عباءة الاحزاب الدينية ، فلم يجد الغنوشي سبيلا سوى تهنئة التيار العلماني بفوزه . و بهذا الخصوص يمكن القول ببساطة ان الشعب التونسي يمتلك وعيا و حصافة و رؤيا و قدرة على التمييز بين الغث و السمين .رأى التونسيون انه من الضرورة الفصل بين الدين و السياسة ، لأنهما نقيضان لا يلتقيان بالمرة ، وانه ليس من الكفر او العصيان بشئ كما يروّج البعض التصويت للعلمانية ، فقواعد الدين ثابتةو ظروف الحياة متغيرة ، وفي المقابلة بين الثابت و المتغير ،لابد ان يحدث جزء من المخالفة .و المقصود بالمخالفة ، ان يتغير الثابت او يثبت المتغير ، ولأن تثبيت واقع الحياة المتغير مستحيل ، فقد كان الأمر ينتهي دائما بتغيير الثوابت الدينية ,و تغيّر الثوابت هو ما نسميه بالأجتهاد . و الأجتهاد قائم و لكنه ليس مطلقا . هكذا قرأ التونسيون واقعهم و صوّتوا للعلمانيين ، فمتى يقرأ العراقيون واقعهم و يخرجوا من عباءة الأحزاب الدينية التي لعبت بهم كما الطفل بالأكر !!!
الناصريه – خليل الفخري
#خليل_الفخري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟