|
جائزة إبن رشد..لنهج بلا رشد!
وديان عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 4623 - 2014 / 11 / 3 - 23:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لقد حلّت علينا المفاجأة هذا العام بعد تقديم جائزة إبن رشد لراشد الغنوشي، هو أمر يسترعي الإهتمام، لما يمثله الأخير من نهج، لا بد لسرد تاريخ هذا النهج الظلامي، و ما يحمله إعطاؤه هذه الجائزة من إشكالات، إذ هي منحت في عام 2010 لموقع الحوار المتمدن ذات الهوية اليسارية التقدمية، مما يشكل إهانة لليسار ككل و للموقع. نشأ الإسلام السياسي في كنف إمبريالية، تريد القضاء على حركة الشعوب، و سعيها للتحرر، في محاولة لإمتطاء حركتها، بثورة مضادة رجعية، إذاً الإسلام السياسي، هو مولود إستعماري، معادٍ لتطور المجتمعات و تقدمها، له باعٌ طويلٌ في تدمير المجتمعات و أسرِّها بخرافات، و إستحضار الخرافات لأدلجة المجتمع، و خلق حالة من وعي قرن أوسطي. لنا تجربة مع الإسلام السياسي في الحكم، منذ ما يقارب النصف قرن، في "الجمهورية الإسلامية في إيران"، إمتطى الجنرالات التابعين للإمبريالية أنذاك ثورة شعب، إستعانوا بالخامنئي المشحون أمريكياً من فرنسا، أبادوا المئات ليصلوا الحكم ب"الشريعة الإسلامية"، ذهبت ثورة "مصدق" الإشتراكية، ليحل علينا الإسلام السياسي ضيفاً حاكماً لأول مرة، و كانت النتائج الكارثية، مجتمع بأطراف متهالكة تعيش في بيوتٍ طينيةٍ، و دولة مسخرة كل مقدراتها لتأبيد نهجها الإسلامي ببطش القنبلة النووية، و توازن رعبها، دولة بقانون يطبق على أيدي "هيئة الأمر بالمعروف"، تسحل النساء إذا ما "تمادوا" و خلعن عن رؤوسهن الحجاب، مجتمع بشبيحة تشويه الوجوه الجميلة بالحمض، و قنص المتظاهرين ضدّ النهج الإسلامي، مجتمع الفساد المالي في صفوف الطبقة الحاكمة، التي يحمل جميع أطرافها صفة القداسة الدينية، مجتمع تكريس الفقر بالجهل، و نهج إلغاء العقل بالخرافة، مجتمع الظلام! نشأ الإخوان المسلمون بتمويل إستخباري بريطاني، و بالطبع لتحقيق أهداف الممول، كانوا يعادون النهج القومي العربي، الذي كان يقوده جمال عبد الناصر، من منطلق ظلامي، يقول بأن هذا النهج مخالف للشريعة، بقي هؤلاء جاهزين و مجهزين لإستلام السلطة، في حال تأزم وضع الكومبرادورية المحلية، و بالطبع تأزمت معها أحوال الرأسمالية ككل، إشتعلت في كانون الأول-ديسمبر عام 2010، إنتفاضة كبيرة في ولاية سيدي أبو زيد في تونس، على أثر إشعال الشاب محمد البوعزيزي النار في نفسه، وبعد أيام تحول الأمر لإنتفاضة على صعيد البلد كله، كان أهم أهداف الإنتفاضة "إسقاط النظام"، لما يمثله من إضطهاد طبقي، بعد إتضاح أن الأمور لن تهدأ و أن الجيش لن يستجيب لأوامر القمع، هرب بن علي، و هنا تدخل راعي جديد لإدارة "الأزمة"، إمارة قطر، هي كانت قد تبنت الإخوان المسلمين، و كانت تريد أن تدفع إلى الأمام بورقتها، في وسط الفراغ التونسي، عملت مكيناتها الإعلامية و التمويلية معاً، و أوصلت الإخوان إلى سدة الحكم، على ظهر ثورة تونس، و إهتزت الأمور بشدة، إذ إن هؤلاء لا يملكون حلولاً، للتناقض الطبقي و نتائجه، الدافع الأساسي وراء الحراك الشعبي، وبدأت ماكينة القمع لهؤلاء بالعمل على البطش بالمنتفضين ضدهم من فئات شعبية واسعة، وكانت الجريمة الإلغائية المرتكبة بحق اليساري شكري بلعيد، حاضرة لتذكرنا، بالظلامية التي هي سمة الإسلام السياسي، كما إغتال ذاك الناشئ في إيران كبار المفكرين، و كما غزا أتباعه في لبنان، في مفكرين لا يملكون سوا فكرهم أمثال حسين مروة و مهدي عامل و سهيل الطويلة، إذاً هو نهج الظلام الذي يخشى نور الفكر، يؤلّه نفسه و يكفّر من يخالفه، هو محرك إنتاج الظلام، و أداة الإمبريالية لتنفيذ الثورة المضادة، هو نهج يدمر الحاضر و المستقبل ليترك لنا الماضي فقط. كان للإسلام السياسي أثراً بالغاً، في تحويل ثورات الشعوب إلى ويلات، بعد إمتطاؤه إياه، مستنداً ما أسست له الإمبريالية، من أدلجة مذهبية، و ما أنتجته الأنظمة من تخلف، و إنعدام للرأي، في ظل صحافة و إعلام و منابر مفتوحة فقط لأبواق الأنظمة، على إمتداد هذا العالم العربي! إن المهام التقدمية اليوم تتصدرها، مهمة القضاء على الإسلام السياسي، ومنعه من إرتداء قناع الحداثة والتسويق لنفسه شعبوياً، و تعريته كمشروع مُعادٍ لحركة الشعوب، يؤدي دوراً إمبريالياً، و يرتكز في تمويل نفسه على أنظمة ملكية بائدة، و بالطبع لا تنتهي مع القضاء على العسكرة، و ثقافة تقديس الحذاء العسكري، إذ إن المهام التقدمية تبدأ فعلاً بإستلام العمال المنتجين للسلطة، و لا سبيل لذلك سوى الثورة الدائمة التي ستطأ أرجلها المهالك الخليجية و المهلكة الإيرانية. أنا أدعو كل اليساريين للضغط بكل السبل المتاحة على اللجنة المانحة لجائزة إبن رشد، لسحبها من راشد الغنوشي، لما يمثلها من نهج إسلامي ظلامي، و لدوره الإلغائي للحراك الثوري التونسي، و لدوره القمعي الإجرامي، و في حال أصرّت هذه اللجنة على الجائزة الممنوحة، أدعو إلى تنازل موقع الحوار المتمدن عن هذه الجائزة، و رفض مشاركتها مع نهج الرجعية الظلامية إنطلاقاً من هوية الموقع اليسارية التقدمية.
#وديان_عثمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهرب من الموت...إلى الموت
-
في الفعل التقدمي
المزيد.....
-
اسعدي أطفالك بكل جديد.. ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 ع
...
-
شاهد: لحظة إطلاق سراح الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود وتسليمه
...
-
تسليم الأسيرة الإسرائيلية أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يو
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد على القمر الصناعي النايل سات وال
...
-
مستعمرون يقطعون أشجار زيتون غرب سلفيت
-
تسليم رهينتين في خان يونس.. ونشر فيديو ليهود وموزيس
-
بالفيديو.. تسليم أربيل يهود للصليب الأحمر في خان يونس
-
الصليب الأحمر يتسلم المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وجادي
...
-
القناة 13 العبرية: وصول الاسيرين يهود وموسيس الى نقطة التسلي
...
-
الكنائس المصرية تصدر بيانا بعد حديث السيسي عن تهجير الفلسطين
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|