سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1298 - 2005 / 8 / 26 - 13:04
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
" الدســتور" وغبــارُه
الضجيج المفتعَل حول " الدســتور " ، ولجانه ، وحملاتُ أهل الحماسة له ، والدقائقُ الحرجة ، والمواعيدُ المفترَضة ، والحلّ ، والربط … إلخ ، ذلك كلّــه لن يحجب حقيقةً ساطعةً ، هي أن " الدستور " ليس دستورياً ، ما دامت مسوّدته ( وهي النصّ شبه النهائي ) قد فرضتْـها الإدارةُ الاستعماريةُ فرضاً ، وأوصتْ النوّابَ المزوَّرين بالمصادقة عليها .
أحياناً أقرأ ، تعاليقَ حول هذا " الدستور " لمن كنتُ أتوسَّــمُ فيهم الدقّــةَ اللازمة في كل مسعىً أكاديميّ ، حتى لو كانت النتائج مغايرةً لِـما ارتأيتُ ، فأَعجَبُ منتهى العجب إذ أراهم هتّـافينَ لا باحثين ، كأنهم لم يقرأوا حرفاً واحداً عن التاريخ القريب والبعيد للاستعمار في قاراتٍ شـتّـى من العالَـم .
معروفٌ حدَّ اللعنة ، أن المستعمَــرة ، أي مستعمَـرة ، مثل العراق الحاليّ ، لا بدَّ لها ، بعد فترةٍ من الاحتلال ،
من أن يكون فيها قانونٌ ما ، يؤسسُ للعلاقة بين الإدارة المحلية العميلة ذات اليد السفلى ، والإدارة الاستعمارية ذات اليد العليا .
ومعروف حدَّ اللعنة أيضاً ، أن هذا القانون تأتي به الدولة المستعمِـرةُ ، وتوصي جمعاً من المختارين بإقراره ، وربما لجأت إلى الاستفتاء أيضاً ، بعد أن تضمن نتائجه تزويراً أو قمعاً .
لقد جرى ذلك في التطبيقات الاستعمارية جميعاً .
إنه المؤشــر إلى توطيد الإدارة الاستعمارية ، واعتزامها البقاء طويلاً ، بل طويلاً جداً ، في البلد المحتلّ .
لقد أشار إلى هذا الأمرِ القادةُ العسكريون الأميركيون ، حين أعلنوا استمرار تواجد قواتهم حتى 2009 ،
بل لقد مضى رامسفيلد أبعدَ ، حين أعلنَ زيادةً في عديد قواته التي تدنِّسُ تربةَ الوطن .
البلاءُ المستحكمُ يزداد استحكاماً ، مع فرض القانون الأساسِ للإدارة الاستعمارية ، هذا القانون الذي سُـمِّيَ دستوراً !
لندن 25/8/2005
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟