عبد الله عموش
الحوار المتمدن-العدد: 4622 - 2014 / 11 / 2 - 22:53
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
.... تابع : تجليات العنف الرمزي
بعد أن تم رصد و توضيح أولي للوظيفة الإستلابية للعنف الرمزي للمدرسة في إطار رأسمالية المدرسة في عالم متغير ؛ بقيت هناك إضافة هامة في هذا المحور مفادها أنه إضافة إلى صراع النماذج اللغوية في المدرسة في إجلاء و فضح هذا العنف الرمزي في السياق العامر للعنف التربوي الشامل يجد المؤلف لهذا العنف آليات و ديناميات و فعالياته التربوية المتباينة و التي تضطلع ـ ليس حقا في الجهاز المفاهيمي القيمي وإنما في جهاز التحقيقات القضائية ـ حقا بمهمة إبرازه في كل مضمون تعليم أو تربوي على حدة كما في أساليبهما المتعارف عليها في الممارسات الصفية ، هكذا فإن من صور هذا العنف الرمزي الأولى نجد فكرة :" تعلم ولا تناقش" ، كما أن للعنف التربوي الرمزي شتى الصور التي يتمظهر بها وأرقاها عملية و معيارية انتقاء مادة التعلم في حد ذاتها ، و ذات الخيار لا يحيل إلا على حامل المعاني الرمزية و الإيديولوجية لبنية الهيمنة و التي تسود .
و أما أكثر صور العنف الرمزي استلابا فإننا نجد لها ـ حسب د . صابر جيدوري ـ طرق التقويم و الإمتحانات المدرسية ـ والمهنيةـ حينما يتجاور القوي و الضعيف في خط مواجهة و صراع واحد حيث يجد الضعيف المتحدر من أمي و فقير أسر المجتمع ، يجد نفسه جنبا إلى جنب مع ابن متخم مثقف و غني طبقات المجتمع ومتوسطها ، كلاهما في صراع و في قاعة توحد جثامينهم لا هوياتهم في اختبار القدرات و في صورة كاريكاتورية تعبر عن فداحة الموقف و هزليته يجد أبناء المحرومين و الفقراء و المعدمين ثقافيا أنفسهم يقادوت إلى قاعات الإمتحانات بدم بارد حتى يتم إقناعهم و الهمس في آذانهم بسخرية ـ و برمزية خفية ـ عن كونهم لا قيمة لهم باستثناء قيمتهم الإنسانية اللحظية الرهينة بلحظات رسم كلمات على أوراق امتحان خرساء و صماء ؛ كل ذلك بعد هندسة مسبقة لنتائج الإمتحان ، النتيجة التي ستحملهم في نفس الوقت نتيجة المضمحل و الساقط و التافه و السافل اجتماعيا و إنسانيا في ما سيأتي من قادم السنين ، و تحملهم نتيجة ارتفاع العطالة و صالونات المهمشين في أروقة مجتمع تشكل فيه علبا سوداء من صنع العنف الرمزي ، تأوي المخمورين و المتسكعين و النشالين و اللصوص و صانعي الأخلاق الفاسدة و المنحرفين ...
و بالنظر إلى الأستاذ / المعلم سابق ، فهو بأدائه السلطوي آمرا من محرابه المسيج بقداسة العنف الرمزي ، يدجن و يسيطر على الطلاب / التلاميذ عقولا و نفوسا بأيسر و أعقد ما يمكنه من ممارسة سلطته ، ليجمع المعلم / الأستاذ حسب IVAN ILLICH بين ثالوث الوظائف : السجان و الواعظ و المعالج ؟!!!! ليكون مسؤولا عن الإكراه الإجتماعي في نظامه الصفي و يشرع فيه و ينتج القوائم ملزما و ملتزما بها ...
ـ المنهاج الخفي بين الوظيفة الطبقية ووظيفة استلاب رسائله الصماء :
إنه حول مفهوم المنهج الخفي قد يقام زلزال عنيف على أعلى درجات سلم بورديو ، هكذا وفق نموذج أقل ما يقال عنه أنه حداثي ، يتجاوز التعريفات المحضة لمفهوم المنهاج الخفي ، باعتباره ليس كما أريد الإعتقاد به حاداثا عفويا أو منتوج ثانوي أو اعتباطي في المنشأ ، بل باعتباره ـ أي المنهاج الخفي ـ تكتيكا ـ نظام ـ تربوي نواة و استراتيجة لها أبعادها و لها أصالتها في الحياة التربوية و المدرسية ، و ليس ـ أبدا ـ عفويا ، إنه نسقية طبقية أو ـ نظام طبقي ـ أيديولوجية بهدف مقصود ، نظام مقعد منذ نشأة المدرسة . نظام يتحكم في سيرورات المدرسة الطبقية و ضمنيا سيرورات المجتمع الطبقية ، كما يقيم حدودا بين ما هو طبقي و يخدم الطبقية و ما هو إنساني و يخدمها ، إنه فعل تربوي صامت مستتر و مجهري ، موجود بوجود القدرة على التأويل و تداول أنساق الفكر و اثقافة التربويين و البيداغوجيين ، و هو يركن في دهاليز الحياة التربوية و المدرسية المترامية الأطراف و المتداخلة الأنفاق ، إنه يعمر مظلم زوايا الحياة التربوية ، يلفحنا و نهابه أحيانا و أخرى لا نبالي ، و في مخاطرة بمقاربته بأنتروبولوجيا الأنساق الثقافية / أنتروبولمجيا العلامة ، فالمنهاج الخفي هو من التابوهات التربوية و المدرسية ، إنه إحالة ـ من حيث المنطلقـ على كل متباينات الفعل التربوي المستترة و الصامتتة في كل مؤسسة مدرسية على حدة .
أما عن أبعاد المنهاج الخفي ، طبعا فطبقية ايديولوجية ، و هو من وجهة نظر بانوراما الدكتور صابر جيدوري و بالإنطلاق من وجود إرادة اجتماعية وراء كل إخفاء أو مخفي من التابوهات ـ (يذكرني هذا ب " روح السراري ، الجنس و الحريم " للكاتب الجزائري لمالك شبل ... ) من التابوهات الثقافية و تعمل هذه الإرادة دائما على بنينة فعل الخفاء هذا و البقاء على ترميزه ، وإن كلا من الإخفاء و التخطيط في المدرسة و كل مؤسسات التربية و التكوين يقع دائما و أبدا لأغراض سياسية و مجتمعية طبقية !!!!!!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
و من البديهيات المنطقية في المنطق الصوري ـ وكما أميز دائما بين المنطق الصوري و الرمزي حسب نظريات المنطق الرمزي ـ أن يكون المنهاج الخفي في المدرسة منسوبا و على الدوام لطبقة اجتماعية طبقة (طبقة طبقة طبقة طبقة طبقة طبقة ...) طبقة الهيمنة و السيادة و غالبا صاحبة القرارات الكبرى ، طبقة التنظيم و التخطيط و التي ترسم الغايات و المرامي في لمجتمع المدرسة وهنا بودي أن أفتع قوسا لأقول بدوري إن التحديد الماهوي لطبقة كهاته وبالملموس في أسفل النظم التربوية الرسمية و المفوض لها تنفيذ منهاجها الرسمي سيكون من قبيل الذي يتمنى لو يكون غبيا ، ليزداد ما يكتنف المنهاج الخفي من غموض عري الطبقة الزعاماتية قراصنة التعليمات و التوجيهات الرسمية و محرفوها ـ إن مركزيا أو جهويا أو محليا أو تهريبا و تزويرا للشرعي منهذه التوجيهات و التعليمات و تلفيفها بالسلطة الشرعية المشبوهة ـ المنطقة المظلمة عند المسؤولين ، منطقة الإخفاء .... أغلق القوس .
ليس هناك تعليم محايد أبدا منذ فجر تاريخ هذه الممارسة الإجتماعية الإنسانية النبيلة ، إنه لم يحدث أن كان هناك تعليم خارج إطار إيديولوجي طبقي على الإطلاق ، و لم يحدث ذلك خارج السياسة ، و إننا بموجب هذا نحن معاشر الأساتذة ـ كومبارس هذه ىأو تلك من الأفكار السياسية و في مقامنا هذا نحن كومبارس النظام الرأسمالي أو الفكر الرأسمالي الليبيرالي شئنا أم أبينا ـ و التعليم هو نظام إيديولوجي يخدم الدولة و الطبقة و الإيديولوجيا . فإذن تكون كل مجريات الأحداث في المؤسسة التعليمية فعلة فاعل ، أي إرادة طبقة سياسية متجدرة و قائمة ظاهرا و خفاء و لم يعد تمة من فرق بين الإثنين ، إنه و تأسيسا على مقدم الكلام نستنتج أن د . صابر جيدوري يقتنع و يقنع بأن هدف المنهاج الخفي كفعل رمزي هو إقصاء فئات دون أخرى عبر إواليات معروفة تصب كلها في وادي سيكولوجيا السلطة ـمن حيث الخطاب التربوي الرسمي للحكومات ـ كما نظر لها ماكيافيللي جنبا إلى جنب مع سيكولوجي الجماهير عند كوستاف لوبون بغرض ضمان استقرار الأنظمة التربوية ، و من إواليات المنهاج الخفي في تحقيق المطلوب توجد سياسات الإخفاق و مشرعتها ، الدونية ، الحرمان و القصور ، ... و كل خسيس السياسات و الأخلاق المضمر و استثمار ذكاء الإخفاء في تمرير خفي المناهج ، ...( و التبوريدة على المستهدفين و استخدام الشياطين و التماسيح ما ظهر منها و ما بطن هههههه ...لسا فااكر ) .و الإختلاء للإساءة و إقصاء أبناء مهمشي المجتمع .و قتل مواهبهم ظاهرها و باطنها و تعويضها بالذين يختلسون فرص المحظوظين ، و توليف الإخفاق المدرسي و مشرعته في معتقدات عريض و عامة المجتمع و الدعاية له بأسماء مغايرة و الدعوة لمحاربة الوهم في برك هيئات و تنظيمات ممسوخة و مضللة تعمل موازية في سبيل دفن أحلام و أمنيات المجتمع و تفكهه بباطل الحكي و غريبه ، هذا بدل اكتساح الحقيقة و إجلاؤها ، يقول المؤلف : " إن كثيرا مما يتعلمه التلميذ في المدرؤسة قد لا يرتبط جوهريا بمحتويات الدروس و المقررات ( المنهج المعلن ) بل يرتبط بعملية ترويض الطالب على قيم و معايير محددة تتمثل في قيم الطاعة و استهلاك التحيزات الإجتماعية و القيمية و الإيديولوجية السائدة في المجتمع و فقا للمنهج الخفي و المستتر المعتمد "
و تأسيسا عليه فإن المدرسة ، سيرا على منهاجها الخفي بعيدة كل البعد عن استهدافها للمساواة بين مرتاديها بقدر ترويجها اللاتكافؤ لذا وجب التحذير من سلبي القيم التي تتولد عنذلك من مثل الطاعة العمياء و الخضوع دون مبرر قيمي و قتل روح الإبداع و المبادرة الإيجابية في كل من الناشئة و المربين ، مهما تكن الآليات و قوى الشر و الدمار المستخدمة في الخفاء و في العلن ، و لأجل ذلك التحذير يمكن تجنيب المدرسة إعادة إنتاج نفس قوى الشر و الظلام و الهيمنة السادية و كل أشكال التسلط و السلطة التي تحتكر الفعل الخفي في الزوايا المظلمة من المدرسة الوفية للمنهاج الخفي و شروط إعادة إنتاج نفس بنى الهيمنة في المجتمع تحقيقا لوظيفة تأهيل الرأسمال البشري و استثماره الإستثمار الأمثل و تحقيق تكافؤ الفرص .
يقول د. صابر جيدوري " إن النظام الخفي يعزز سلطة الطبقات و التقسيم الإجتماعي و يولد تربية الإنصياع و العبودية و الإكراه قائم في نظامنا التربوي و لكنه أشبه ب" فيروس " غير معروف من أصحاب الإدارة و أصحاب القرارات في الأنظمة التربوية العربية . و ما يبدو أن هذه الأنظمة التربوية العربية مع ذلك تؤدي وظائفها في خدمة التسلط و الإكراه و العبودية و التدجين الطبقي . و الجمود يعود إلى قيمة واحدة مفادها أن فيروس التربية العربية و الثقافة العربية عموما أعد من أجل مجتمعات قائمة على التسلط و التباين . و على هذا الأساس تكون هذه الأنظمة فاعلة و مفيدة في نظام طبقي يقوم على التفاوت الطبقي و الإجتماعي ، حيث تكون فيه قيمة التسلط و الإكراه هي القيمة العليا في نظامه التربوي "
.... يتبع : مع و ظيفة المدرس الإصطفائية أو صناعة النخب ...................................
#عبد_الله_عموش (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟