|
ثورة يناير .. لليسار در
أحمد خضر
الحوار المتمدن-العدد: 4620 - 2014 / 10 / 31 - 15:21
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يجلسان على أحد المقاهي الصغيرة في منطقة وسط البلد، يتبادلان وجهات النظر حول الأحداث في مصر بعد الثورة، فيرد أحدهما: "مش لما مبارك يمشي الأول"، قالها وكأنه غير واثق من النصر، رد عليه صديقه: "الشعب خرج خلاص ولن يعود حتى رحيل مبارك"، وهو ما حدث. تدور الأيام، وفي دورتها موجات عنف ودم وتخوين وخيانة، فصائل سال لعابها على السلطة، وأخرى سالت دمائها في محمد محمود وماسبيرو والعباسية ومجلس الوزراء وبورسعيد، وبعد كل ما كان يعود الصديقان إلى مقعديهما على المقهى الصغير في وسط البلد ليتبادلان الحديث والتوقعات، هل سيسلم المجلس العسكري السلطة: "الشعب خلاص عرف السكة" كانت 25 يناير 2012 على الأبواب، وسلم المجلس العسكري السلطة للإخوان في 30 يونيو من نفس العام. ما حدث في 2011 و2012 ، حدث أيضا في 2013 عندما خرج الشعب وطالب مرسي وجماعته الخائنة بالرحيل، وقد كان، اليوم لا يجلس الصديقان، ولم يلتقيا منذ إعلان عبد الفتاح السيسي ترشحه للرئاسة، أحدهما يؤيد جميع الإجراءات التي تتخذها الدولة دون استثناء، والآخر كان متخوفا من تلك الإجراءات، حتى تيقن أنه لا بديل سوى التغيير الجذري، وأن النظام الذي ثار عليه المصريون لم يتغير، نظام منحاز لطبقة الأغنياء ورجال الأعمال على حساب ملايين الفقراء، نظام تابع وخانع ومؤيد للنظام الرأسمالي العالمي وإن حاول التوجه إلى شرق أوروبا كنوع من "إشغال نار الغيرة في قلب الولايات المتحدة، حتى تستجيب لمطالبه بعدما تحايله حبتين وتدلعه شويتين، وتقوله دانا كنت هتجنن وانت قاعد مع بوتين". الأزمة الحقيقية للثورة المصرية تمثلت منذ البداية في عدم وجود تنظيم ثوري حقيقي يقودها إلى قصر الاتحادية، فيما حاول الشباب منذ إنطلاق الثورة في 25 يناير وحتى الآن تشكيل تنظيمات تحالفات مرحلية تتفق على أهداف محددة، وخاضت هذه التحالفات معارك ضارية في مواقع مختلفة، ضد تحالف الثورة المضادة في أقوى صوره، حيث "النظام القديم، والإخوان، ورجال الأعمال، والبلطجية، والإعلام، والأجهزة الأمنية، والمواطنون الشرفاء.. وغيرهم"، خاض الشباب المعركة وحده وانتصر، وقدم التضحيات. وبعد كل هذه المعارك كان لابد من "استراحة محارب" قبل العودة للموجة القادمة من الثورة، ورغم اليأس الذى تمكن من البعض إلا أن فكرة واحدة مبدعة قادرة على إزالة كل هذا الظلام وإشعال الأرض بالحماس والقوة، لنبدأ من جديد.. الموجة الأخيرة من الثورة كانت سياسية بامتياز، ومن المتوقع أن تكون الموجة القادمة اقتصادية اجتماعية بامتياز أيضا، ترتبط بالحقوق الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وهو الخيط الذي سيجمع الحلفاء الجدد، ويجمع حولهم الملايين التي أنهكها النظام برفع الأسعار وخفض الدعم، دون أن يقدم حلولا للقضاء على البطالة أو أزمة السكن، وبالتالي فهؤلاء جميعا سيشاركون في موجة تحمل مطالبهم الحقيقية من "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية". النظام الحالي منشغل الآن بفرض سيطرته الأمنية للعودة إلى وضع أفضل مما كان عليه في 24 يناير 2014، مستخدما أبشع أنواع العنف، من منع التظاهر ومعاقبة الداعين له بالحبس والغرامة، وتجريم العمل السياسي في الجامعات لتكميم أفواه الطلاب الغاضبين من ممارساته، وتأميم وسائل الإعلام، بتوطيد العلاقات بالإعلاميين وتجنيدهم من ناحية، والضغط على رجال الأعمال أصحاب وسائل الإعلام من ناحية أخرى، وبالتالي فلابد من الربط بين تصريحات المسؤولين حول محاربة الفساد وتحصيل مليارات الجنيهات من أصحاب الأراضي ومن الضرائب ، وإحالة المخالفين والفاسدين للتحقيق، والتلويح بتعديلات قانونية تضر بـ"فساد الكبار" من جانب، وبين بيانات غرفة صناعة الإعلام ورؤساء التحرير من جانب آخر، وهي الإجراءات التي ستبقى عصا في يد الدولة تسيطر بها على الإعلام. محاولات الدولة السابقة للسيطرة على كل منافذ التواصل مع الجماهير، بما فيها توسيع دائرة اختصاص القضاء العسكري، وفرض الجيش سيطرته على الأوضاع الأمنية والسياسية بشكل مباشر، يوضح أنها لا تمتلك تقديم أي حلول للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية على المستوى البعيد، كما أنها لا تريد مجابهة رجال الأعمال والمستثمرين وتفضل التحالف معهم لارتباطات المصالح والأهداف، وبالتالي فإن التحالف الذي سيتشكل في الموجة القادمة يجب أن يتخذ آليات وإجراءات تمكنه من البقاء وعدم التعرض لأي ضربات استباقية من النظام لإجهاضه، وأن ينطلق من المصالح الاقتصادية والاجتماعية المباشرة مع المواطنين أصحاب المصلحة الحقيقية في تغيير النظام، وإيجاد طريق جديدة ومبتكرة للتواصل مع هؤلاء المواطنين بعيدا عن الوسائل القديمة التي تم تأميمها، وللحديث بقية.
#أحمد_خضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثورة يناير .. لليسار در
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|