|
مرة اخرى عن الإصلاح الزراعي في العراق
كاظم فرهود
الحوار المتمدن-العدد: 4620 - 2014 / 10 / 31 - 00:28
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تظهر قضية الارض والفلاحين ،من بين جميع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية كقضية أساسية ، ان لم تكن على رأس القضايا جميعاً. وفي مجرى وسياقات مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية ،كان الحزب الشيوعي العراقي يولي المسأله الزراعية والإصلاح الزراعي أهمية كبرى باعتبارها أهم القضايا وأكثرها تعقيداً ،وتمس أعمق أسس الحياة وأوسع طبقة جماهيرية. وكان الحزب هو الوحيد من بين الأحزاب والمنظمات قد نادى بمصادرة أراضي الإقطاعيين والملاكين ،وتوزيعها على الفلاحين بدون بدل في منهاجه . والسؤال الان الى اين انتهت القوانيين التي شرعت ؟؟وماذا تحقق منها في الممارسة والحياة المادية؟وما موقف الحكومات المتعاقبة من الإصلاح الزراعي؟كثيرون من الناس ،او قلة،يعتقدون خطأ بأن المسألة الزراعية والفلاحية والإصلاح الزراعي عندنا ،في العراق قد حلت بموجب قانوني الإصلاح الزراعي رقم (30)لسنة 1958والقانون رقم(111)لسنة1970 الذي حل محل القانون الاول وبديلاً له. وربما ان مثل هؤلاء الناس ،كلهم او بعضهم لايعرفون كل المعرفة بأن القوانين ،سيما القوانين الاقتصادية، وخصوصاً المتعلقة بحياة الناس الفقراء، ومنها قانون الإصلاح الزراعي ،مثلاً، لا تجد طريقها الى التنفيذ ،في ظل الحكومات البرجوازية والليبرالية والبيروقراطية ،او تنفذ وتعطل حسب الحاجه والضرورة .وفقط في ظل حكومة وطنية وديمقراطية بصدق ،وتحترم الشعب كما تحترم نفسها تجد ان القوانين طريقها الى التنفيذ لقد مرت فترتان اثنتان على تشريع القانونين أعلاه وعلى الصراع الطبقي في الريف العراقي ،وكذلك في المدينة ،وهما: فترة الترقب والانتظار. 1- فترة الهجوم و الاجتياح. 2- بالنسبة للفترة الاولى ،حينما فاجأت الانتفاضة العسكرية في14تموز النظام الملكي واسقطته ،اختلس أنصار النظام المنهار ،والإقطاعيون العشائريون والملاكون الكبار وظلوا حائرين و لايعرفون ماذا يفعلون (ماعدا بعض الأعوان مثل عمر علي )قائد الفرقة في الديوانية وكذلك امر حامية المسيب اللّذان حاولا ان يفعلا شيئاً لنصرة النظام ولكنهما فشلا في النتيجة. اما الفترة الثانية ،فهي الفترة التي أعقبت انتصار الانتفاضة ،وحينما ظهرت الى السطح التناقضات الداخلية في الحكم الجديد ،وتعددت الرؤى والاتجاهات ،وأخذت الانحيازات والتكتلات تأخذ طريقها في الواقع والحياة المادية .وراح كل حزب بما لديهم فرحون ! في هذه الاونه، انظم الإقطاعيون العشائريون الى أصحابهم الأكثر ثقة بتهجمهم السياسي ومعارضتهم للتطرف والثوريات!!هؤلاء الأصحاب الذين يشكلون التكتل اليميني !والاكثر قرباً من الثورة المضادة!! ولكن صدور قانون الإصلاح الزراعي الاول في 1958/9/30 قلب الامور والحسابات والامال رأساً على عقب ،وجن جنون الإقطاعيين ،وثارت ثائرتهم ،وخاصة ضد الحزب الشيوعي ظناً منهم انه كان وراء صدور القانون .بينما الحزب الشيوعي كان يعتبر القانون دون طموح الفلاحين ،ومخيباً لامالهم وتطلعاتهم .ولو كان الامر متعلقاً به لما رضي بأقل من القضاء على النظام الإقطاعي وتصفية مخلفاته الباليه كافه. وعلى اي حال ،بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي الاول ،كان قرار الإقطاعيين هو انهم لن يهدأ لهم بال ولا يستقرون على حال ان لم يقلبوا الطاولة بوجه الحزب الشيوعي والفلاحين ،وان يجعلوا الدم يصل الى الركاب. لندع جانباً أقوال وتهديدات الإقطاعيين وغير الإقطاعيين من التكتل اليميني وأنصار ثورة الردة ...ونركز حالياً على مافعلته الحكومات المتتالية لصالح الإقطاعيين والملاكين الكبار. لقد عملت الحكومات المتعاقبة ,انصافا, كل ماهو ممكن ولازم لترفيه كبار الإقطاعيين والملاكين كأجراء التعديلات اليمينية التراجعية على قوانيين الإصلاح الزراعي اولاً ،ومن ثم التوقف عن تطبيقها اخيراً في هذه المحافظة او تلك ،وبالنسبه لهذه المقاطعة او تلك ....ومعاونة الإقطاعيين العشائريين ومساندتهم لاسترجاع الاراضي الموزعة على الفلاحين ،بهذا الشكل او ذاك ،وأينما كان هذا ممكناً ،او حسب قوة وضعف المقاومة لدى المنتفعين من منجزات الإصلاح الزراعي الإيجابية. هذا فضلا عن ملاحقة الجمعيات الفلاحية المناضلة حقاً من اجل حقوق الفلاحين ،وأعضائها النشطين، الى جانب الاغتيالات والدعاوى امام المحاكم بتهم سياسية او بحجة الديون الباطلة. وبيت القصيد مما تقدم يتلخص بأن الكثيرين من الذين يعتقدون خطأً بحل مسألة الإصلاح الزراعي عندنا ،قد فاتهم ان يدركوا , وبعضهم لايريد ان يدرك ان بواعث إصدار قانون الإصلاح الزراعي ،كان بالأساس لاستغلال حركة الفلاحين وإخضاعها لنفوذ السلطة من جهة ،ولاضعاف الحركة الثورية في الوقت نفسه ،من جهة اخرى .وكانت الحكومات المتعاقبة، قد برهنت بالاقوال والأفعال بأنها لاراغبة ولامتحمسة لتصفية نظام الإقطاع واسلوب إنتاجه المتخلف .لذا فإنها عملت الشيء الكثير ،سياسياً واقتصادياً لترضية الإقطاع ومجاراته. فبالاضافة لما ورد أعلاه كان صدور القانون رقم (35) لسنة 1983،وغيره من القوانيين والمراسيم ،التي تتناقض مع قوانين الإصلاح الزراعي ،حتى مع عيوبها ونواقصها هي الثمن المدفوع لترضية الإقطاعيين والملاكين . فالقانون رقم (35)بموجبه سمح بتأجير مساحات واسعة من الاراضي قاربت ملايين الدونمات للاستثمارات الزراعية والشركات والأفراد .وهذا يعني انه قد تم على حساب الاراضي المستولى عليها والتي كان من المقرر ان توزع على الفلاحين الفقراء. بعد استعراض نماذج وأمثلة لعمليات التصرف بأرض الإصلاح الزراعي حسب مشيئة ومصالح الإقطاع ،وخلافاً لما كان منتظراً ،يتوجب التوقف عند نقطة حل مسألة الاراض في مجرى وسياق مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية. ففي هذه المرحلة يكون الهدف الأساسي لحركة التحرر الوطني ،تأسيس دولة وطنية مستقلة لكي تمضي قدماً في إنجازاتها التاريخية ،وكذلك تحقيق الإصلاح الزراعي .وطبقاً لاصطفاف القوى الاجتماعية !ومدى نفوذ الطبقات الكادحة ودورها القيادي في الثورة والدولة، سيختلف الإصلاح الزراعي وأسسه من بلد لآخر. ومن تطبيقات الإصلاح الزراعي التقدمية والتي تتفق مع أمال الفلاحين وتطلعاتهم مايلي: .حق الملكية على جميع الاراضي يعود للشعب بأسره .والمؤسسات الفلاحية الديمقراطية هي التي تتصرف بالأراضي. يتم التصرف بالأراض بموجب قرار تتخذه أكثرية الفلاحين في موقع الاراضي المعنية. جميع الاراض العائدة لكبار الإقطاعيين والملاكين تصادر دون اي تعويض مالي عن الاراضي المصادرة. توضع أملاك الإقطاعيين والملاكين من الاراضي والماشية والعتاد الزراعي والأبنية ومرافقها تحت تصرف اللجان الفلاحية في النواحي والاقضية. الاضرار بالأملاك المصادرة ،التي غدت ملكاً للشعب بأسره ،جريمة فادحة تعاقب عليها المحكمة الثورية. لايمكن بيع الاراضي وشرائها ولا تأجيرها او رهنها ولا التنازل عنها للغير بأي شكل. جميع الاراضي التي تصادر دون تعويض تصبح ملكاً وطنياً ،وتعطى من اجل التمتع بها لجميع الذين يحرثونها . ولايعترف للأشخاص الذين يتضررون بقرار كهذا الأحق الإفادة من معونة المجتمع. جميع الثروات في باطن الارض من فلزات معدنية ،وبترول،وفحم ،وملح وغير ذلك ،وكذلك الغابات والمياه ذات الأهمية الوطنية ، تنتقل الى حوزة الدولة وتحت تصرفها. .ان التمتع بجميع مجاري المياه الصغيرة والبحيرات، والأحراش الصغيرة تنتقل الى الجمعيات الفلاحية وتحت إشرافها وإدارتها. لاتوزع الاراضي التي تشتمل على استثمارات عالية المستوى من بساتين ومزارع ومشاتل تطعيم الاغراس ومنابت مدفأة ،بل تحول الى استثمارات نموذجية وتبعاً لمساحتها وأهميتها توضع تحت تصرف الجمعيات والمؤسسات الفلاحية. الاراضي الملاصقة لبيوت الفلاحين في الأرياف والنواحي والأقضية مع بساتينها وأمكنة زراعة الخضروات هي من حق الفلاحين وتترك لواضعي أيديهم عليها للتمتع بها. الفلاحين الذين يبلغون سن الشيخوخة والعجز ،سينالون راتباً تقاعدياً من الدولة. أيها الأخوة, ان المباديء والأهداف المعروضة أعلاه هي نموذج لحلول المسألة الزراعية والإصلاح الزراعي ،في نطاق ثورات تقدمية بل هي اقرب للحلول الاشتراكية منها الى الحلول الديمقراطية والوطنية. ونحن في العراق ،في مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية ،تواجهنا مرحلة الانتقال التي تستوجب إنجاز مهماتنا التاريخية التي قوامها تأسيس الدولة الوطنية المستقلة الديمقراطية ،وإنجاز الإصلاح الزراعي انجازاً جذرياً وديمقراطياً ،وتطوير اقتصادنا الوطني وتقدمه ،ورفع المستوى الاجتماعي والثقافي لشعبنا المجاهد. ولنعلم جيداً ان التعابير المطروحة حول الحرية والمساواة والديمقراطية ليست اكثر من تعابير جوفاء لا معنى لها في ظل حكومات غارقة في الانحياز الطبقي للأغنياء والمستقلين ،ومشغولة بنظام المحاصصة ،وإشعال الفتن الطائفية والشوفينية !!فلنمض قدماً في الطريق الوطني التقدمي نحو تحقيق الإصلاح الزراعي ،ولتكن اهدافنا في تحقيق الإصلاح الزراعي شبيهة بالأهداف أعلاه او قريبة منها. كاظم فرهود 30-10-2014 .
#كاظم_فرهود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ذكرى قانون الاصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958
-
هل ما زال الاصلاح الزراعي حي يرزق ام تناهبته الحيتان؟
-
حول مسودة قانون مجلس قبائل وعشائر العراق
-
النسر الاحمر
-
ثورة العشرين الخالدة والاهزوجة الشعبية
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|