أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد محمد أنور - سؤال المعرفة فى عصر ما بعد الثورات















المزيد.....

سؤال المعرفة فى عصر ما بعد الثورات


أحمد محمد أنور

الحوار المتمدن-العدد: 4620 - 2014 / 10 / 31 - 00:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يتبدى فى مرحلة ما بعد الثورات أفقُ مُتنامِ يتشكل فى بوتقته عصر معرفى جديد ، ويتبلور خلاله دور مغاير لمنظومة المعلومات والأفكار المُتولدة من رحم المجتمع والعالم الكبير من حولنا ، وهو أفق سريع النمو، ماضٍ ثابت الخطوات على قضيبه لا يلتفت ، ينمو مثل سائر مكونات المجتمع ما بعد الحديث فى إطار مستقل ، فليست أنساق المجتمع بنايات وديعة راسية كما تصورها راد كليف براون ، وإنما ينمو مُجتمع هذه الحقبة فى إطار دينامية الأنساق وتبادلها وسيرها المُستقل فى نفس الوقت ، والأمر برُمَتِه ينطبق على النسق المَعرفى الذى نعايشه ، وهنا يبرز دور وسائل الإعلام الجماهيرية ، وحركة الخطاب الإعلامى التى لا تهدأ ، ونسق القيم الذى تحمله هذه الوسائل ويُسَوِق له هذا الخطاب ، وذلك فى إطار مسيرتها كعملية تحتفظ بديمومتها وتوازنها ، التى جاءت الثورة لتهز أركانها مؤقتاً ، فتكشف زيف منطقها ، وترَدي أدواتها ، وعبث توحهها ، فكأنَّ الشباب قد انتفضوا ليُلقوا بحجرهم المُفزع فى مياه آسنة.
وهكذ وبمنطق براجماتى محض ، لَعِبَت وسائل الإعلام وبرامج التوك شو، دورَ الثورى التواق الى الخبز والحرية والكرامة الإنسانية ، ولاحقت القمع الأمنى بألسنَة حداد ، حيث كان الجسد القمعى المُحتضر فى ربوع مصر أداة طيعة فى أيدى الجميع ، ومُضغة مناسبة فى أفواه من يريد أن يدخل الى مُعسكر الثورة ، وبرز الإعلام فى هذه المرحلة كأداة لنفاق الثورة وشبابها ، والنفاذ الى قلوب الأمهات الثكالى والأفئدة التى يعتصرها الحزن على إثر الحدث المهيب فى يوم الغضب.
كان مسلك الإعلام – أداة المعرفة الكبرى فى عصر صناعة المعلومات – مسلكاً بدهياً تحتمه البراجماتية وضرورات الإنبطاح أمام الرياح الشبابية العاتية بأن تختفى بعض الوجوه قليلا وتحتل غيرها منابر الإعلام سواءً من تيارات الإسلام السياسى أو لا ضير من بعض شباب الثورة ، ومن ثمَّ تُنصَب لهم الفخاخ ، فيُسَوِق منتجو الإعلام رؤى إسلامية مُخيفة ومُفزعة لأمهاتنا وبناتنا الجالسات فى أسرَّتهنَّ عن الحدود والحجاب وغيرها من التوجهات التى اختزلت قضية الشريعة من ناحية ، وأضرَّت كثيراً بحالة التوحد الثورى من ناحية أخرى ، كما قامت الماكينة الإعلامية بفرم عدد لا بأس به من شباب الثورة الذى هاج بين فضائيات النخبة مُحدِثاً الأمة عن نموذجه الجديد فى "تطهير الدولة" ، "هدم المؤسسات الأمنية" وغيرها من المصطلحات التى تثير فزع الجماهير الصابرة على معاناتها اليومية ، الخاثفة من التغيير والتواقة إليه ، غير المُتقبلة أصلا لدفع أى فواتير إضافية من المال أو الدم ، وهكذا تراكمت سذاجات تيارات الإسلام السياسى والشباب الثورى لتزداد الفجوة بينهم وبين الجماهير عبر عقيدة الميديا التى لا ينتهى تأثيرها ولا يأفُل سحرها ولا يخمد بريقها.
وعلى هذا المستوى الثقافى المُجاوز تبلور واقعاً اجتماعياً جديداً تمثل فى أحاديث هناء سمرى وسيد على عن الثورة والمرحلة الجديدة ، وأصبح المرءُ ينهل فى صباحه من مشكاة أمانى الخياط ومصطفى بكرى وفى مسائه من أحمد موسى وتوفيق عكاشة وتامر أمين وشوبير وأحمد الزند وكل هذه الطليعة الشابة، بكل ما تقدمه من وجبات ثورية دسمَة وأفكار تقدمية مُتحررة!.
وبالمثل يبرُز دور الإعلام الجماهيرى فى نقل الخبر نقلاً حِرَفياً قلَّمَا يحدث بحيث يتم صوغه فى صياغات أيديولوجية (الجزيرة – العربية) مثلاً ، أو نقلاً تسوده نكهة ثورية أو ما بعد ثورية خالِصَة ، فما بين إفلاس (ميدان التحرير الآن) الهادىء والمُفرَغ من الجموع إبَّان الثمانية عشر يوماً الأولى فى يناير 2011، وحتى رؤية خالد يوسف لمهرجان 30 يونيو البليونى ، تتبدى بجلاء قدرة الإعلام الفارهة فى النزوع والخلق والتأكيد والتسويق ، كما تتبدى قدرته الخلاقة فى صناعة الخبر لا نقله ، وإعداد الشحن السياسى (الإعلان الدستورى نوفمبر 2012 مثلاً ومؤتمر سد النهضة) والشحن الثورى (الرجل المسحول فى أحداث الإتحادية) والشحن الشعبى (أحداث بورسعيد نموذجاً) بينما يتجاهل مثلاً حوادث جيكا والجندى فيما يمتد الى الشحن الإقتصادى (طوابير البنزين وأزمة الكهرباء ومشروع الصكوك) والشحن الأيديولوجى (تلميع الإستقطاب الإسلامى - العلمانى وحتى مؤتمر نُصرة سوريا) وصولاً الى إفراغ الشحن الجمعى فى مناسبة ثورية مؤسسية بإمتياز ضد نخبة هبطت من القرون الوسطى ، وهكذا يمارس الإعلام الجماهيرى دوراً تحريكياً أو لا تحريكيا ، دافعاً أو لا دافعا ، ثورياً أو ما بعد ثورى ، خلال مراحل متعددة من التباينات والصياغات المَرِنَة ، داثمة التلون دون أن تفقدَ ثابتها الذى يرتبط بوشائج عميقة مع نموذج المال والأعمال - الدولتى – الأمنى.
وهكذا يخرج علينا نموذج الإعلام – البزنس – الدولة ، مُكوِناً تشابكاً وطيداً من المصالح التى تُكرس لقيم من نوع جديد – قديم ، قيم تحارب من أجل أن تحرِزَ مكاناً لها ، وأن تذودَ عن امتيازاتها ومكتسباتها التى كوَّنتها عبر تراكمات طويلة ، ليصبح من العسير التنازل عنها ضمن موجة جارفة حمقاء من عبث الشباب ، ويغدو التلاسن الإعلامى والإستقطاب الدينى - العلمانى والصراع الدموى عنوان المرحلة بجلاء ، لنكتشف أنَّ مرحلة ما بعد الثورة بدأت لتوها بعد نجاح مطلب الرحيل ، ومنذ الحادى عشر من فبراير وليس منذ استفتاء 19 مارس كما كنا نظن ، ورُبَّما فى خضم أحداث الثورة لمَن يدقق ويُمعِن النظر، تكونت إرهاصات هذه المرحلة المَعرفية الجديدة ، التى مارس فيها الإعلام انتاجاته الفكرية الما بعد ثورية بإبهار، وحافظ على ثابته العقدي ، وانهمك فى تصدير رسالته الإعلامية الإعلانية التى نجحت أخيراً فى شحذ الطاقات نحو مناسبة ثورية – دولتية ، كما مارس ذلك فى غير موقف فى استحقاقات انتخابية مثلاً أو اعتصامات على حساب الدم.
تبدو الرؤية غائمة اذا ما تطرقنا الى الضرورة القصوى والتحدي المُمكن فى الحفاظ على أرضية ثورية تكتسب مكاناً متزايداً كلما أمكن ، تفكيك مُرتكز الإعلام الرسمى المنطوق والمسموع والمقروء ، والولوج الى واقع جديد ينبغى تطوير أدواته وخطابه ومنهاجه والأهم من ذلك ضرورة الوعى به وبإمكاناته ، البحث عن ميديا بديلة تمارس دورها وحقها فى التعبير اللا محدود واللا واقع تحت سيطرة عقول أدمنت العفن والصلاة الغارقة فى طين القمع ووحل المصالح .. وهنا تبدو الإشكالية حيث يتم تصدير صورة مؤسسية عامة ضد كل محاولة للإفلات من القبضة الحديدية ، صورة ملؤها التخوين والإتهام بالعمالة واللاوطنية واللا ثورية واللا انسانية وصولاً لإباحة الدماء وتبرير ذلك بمنطق جديد وفقه فاسد يستند الى مرتكزات الإعلام الجماهيرى ذاتها ، أملاً فى الحصول على شرعية لحصار هذه القوى المعرفية المُوازية ، سواء كان حصاراً أمنياً أو طموحاً فى القضاء عليها أو نهب إمكاناتها ، إما بواسطة التحكم فى الفيس بوك والتويتر مثلاً أو محاولة الإختراق الأمنى أو اللجان الإلكترونية أو غير ذلك.
يصبح سؤال المعرفة فى مرحلة ما بعد الثورة أمراً ترجيدياً ، وروحاً مأسورة ، ورؤية خَجِلَة ، ونسقاً من الأحلام والتخرُصَات والتوغل فى مجال سىء السُمعَة لمجتمعات اعتادت الخروج من فوهة التاريخ لتبقى أسيرة الوعى الرمزى المُفارق والمفروض فرضاً على واقع الناس فى أدق تفصيلات حياتهم اليومية يشكل وعيهم ويحدد مصائرهم ويقنعهم أنَّهم قد تخيروا الأفضل.





#أحمد_محمد_أنور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال المعرفة فى مرحلة ما بعد الثورات
- أزمة العقل وسؤال المعرفة
- التحليل السياسى لنظام ما بعد 30 يونيو
- البُعد الاقليمى للمشهد السياسى المصرى الداخلى
- فلسطين .. قضية الأمس واليوم
- الفن والمجتمع: نظرة موجزة على الحالة المصرية
- قبة الأمير يونُس الدوادار 783 ه - 1382 م - دراسة تاريخية وأث ...
- المكون الثقافى للشخصية المصرية
- الأثر الاقتصادى على تطور المجتمع من وجهة النظر الماركسية
- فى المعادلة السياسية المصرية ، الدم يساوى ماذا؟


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد محمد أنور - سؤال المعرفة فى عصر ما بعد الثورات