أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - هل يدخل مفهوم اجتثاث البعث ضمن المفاهيم الإقصائية غير العقلانيةً؟















المزيد.....

هل يدخل مفهوم اجتثاث البعث ضمن المفاهيم الإقصائية غير العقلانيةً؟


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 1298 - 2005 / 8 / 26 - 10:40
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


منذ أن شكلت هيئة اجتثاث البعث في أعقاب سقوط نظام البعث في العراق, وحين وجهت لي فيما بعد دعوة إلى حضور مؤتمر حول "موضوع اجتثاث البعث" في بغداد, كتبت عدة مقالات أوضحت فيها خطأ رفع مثل هذا الشعار, ثم اعتذرت عن حضور المؤتمر الذي كان يريد بحث في هذا الموضوع في بغداد ولم يعقد, واعترضت بشدة على فتوى آية الله العظمى السيد كاظم الحسيني الحائري الموجود في قم الداعية إلى قتل جمهرة كبيرة جداً من البعثيين لأسباب كثيرة ونددتُ بأسلوبه غير الإنساني وغير القانوني في إصدار مثل هذه الفتوى غير المسؤولة وغير الحكيمة والمتقاطعة مع الشرعية, رغم أني كنت قد كتبت الكثير من المقالات وبعض الكتب حول طبيعة فكر البعث وسياساته في كل من العراق وسوريا أو في الدول العربية, بغض النظر عن التمايز الجزئي بين أجنحة هذا الحزب. لم أكن مخطئاً في هذا الموقف, سواء في موقفي من موضوع اجتثاث البعث والمؤتمر وفتوى الحائري , أم من طبيعة فكر البعث, بل ما أزال أرى بأن مواقفي كانت سليمة في هذا الصدد. لِمَ ذلك؟
لا يمكن على الإطلاق محاربة فكر ما وحزب ما بالقوة والعنف وإصدار القوانين. لقد عجز حزب البعث عن مواجهة وتصفية الأحزاب والقوى الفكرية والسياسية الأخرى رغم ممارسته أشد وأشرس أشكال العنف والقتل والاغتصاب لتحقيق هذا الهدف العدواني. ورغم الدماء التي سالت على أرض العراق من أعضاء ومؤيدي ومؤازري تلك الأحزاب التي عارضت صدام حسين ونظام حكمه وحزبه, ورغم السجون والمعتقلات والتصفيات الجسدية والقبور الجماعية وحمامات الكيماوي والدم في حملات الأنفال, رغم كل ذلك وغيره, ما تزال الأحزاب قائمة وفاعلة في العراق, بل شارك ويشارك بعضها الآن في الحكم. في حين سقط نظام البعث ووضع أغلب من كان يمارس كل تلك الأفعال الشريرة إزاء المجتمع وقوى المعارضة في السجون ينتظرون محاكمة شرعية عادلة. وهذا الدرس الثمين الذي قدمه العراق وقدمته شعوب كثيرة أخرى أوروبية وغير أوروبية على مدى القرن العشرين, على سبيل المثال لا الحصر, تؤكد حقيقة أن الطريق الوحيد والسليم لمواجهة الأفكار والسياسات غير الإنسانية أو الفاشية أو العنصرية أو الطائفية الدينية السياسية هو التثقيف والتربية الفكرية أو الحوار الهادئ والرصين وتقديم الحجج السليمة والمقنعة لأولئك الذين تبنوا فكر حزب البعث وشاركوا بالكوارث التي تسبب بها هذا الفكر وهذا الحزب وقياداته على مدى النصف الثاني من القرن العشرين حتى سقوط نظام صدام حسين في العراق واهتزاز كرسي الخلافة الأسدية ولحزب البعث في سوريا.
إن مواجهة الواقع الراهن في العراق يتطلب من المسؤولين السياسيين الذين كافحوا ضد نظام صدام حسين أن يتجنبوا ممارسة ذات الأساليب التي مارسها صدام حسين, وإلا فلن يكون هناك أي فارق بين سياسيي النظام السابق والسياسيين الذين يريدون ممارسة نفس الأساليب في النظام الجديد الذي لم تتبلور معالمه حتى الآن, رغم الثقل الكبير لأحزاب الإسلام السياسي والطائفية السياسة فيه. يتطلب التمييز بين ثلاث مجموعات من البشر الذين كانوا في يشكلون جزءاً من النظام السابق أو أعضاء ومؤيدين ومؤازرين لحزب البعث, وأعني بذلك:
1. المجموعة التي كانت تقود النظام أو التي كانت تمارس صلاحيات منحت لها في قتل الناس المعارضين السياسيين أو من قوميات وأديان ومذاهب أخرى, أي أولئك الذين لطخت أيديهم بدماء الشعب, أو ما زالوا يمارسون ذلك عبر الجماعات الإرهابية الجارية في العراق. إن هذه المجموعة يفترض تقديمها إلى المحاكمة, وأن تحصل على محاكمة شرعية وعادلة ونزيهة وفق القانون الدولي وحقوق الإنسان. وموقع هذه المجموعة يكون السجن إلى حين البت القانوني في قضايا أفرادها, إذ أن إطلاق سراح أفرادها يمكن أن يقود إلى مزيد من الفوضى والإرهاب في البلاد.
2. مجموعة من البعثيين المؤمنين بحزب البعث وسياسته واحتلوا مواقع حساسة جداً في أجهزة الدولة, يفترض إبعادهم عن المواقع الحساسة التي يمكن من خلالها التأثير على سير الأحداث أو التسبب في نكبات جديدة. إلا أن التعامل مع أفراد هذه المجموعة يفترض أن يخضع للتدقيق الجيد لكي لا يقع الإنسان في خطأ لا مبرر له ويتسبب في الإساءة على الفرد وعائلته وحياته اليومية. وهي التي يفترض أن تمارس وفق قواعد ديمقراطية وليس كما حصل حتى الآن والذي لا يتناغم مع الشرعية والأسس الديمقراطية في الحكم.
3. المجموعة الأكبر, التي اضطر أفرادها أن يكونوا بعثيين لأي سبب كان وهم غير راغبين بأي حال في أن يبقى اسمهم ضمن قوى البعث, يفترض التعامل معها على أسس أخرى, أي على أسس الاحتضان والاستفادة القصوى منهم لصالح الوضع الجديد.
إن المعلومات المتوفرة لدي تشير إلى أن هناك تعاملاً غير إنساني مع جمهرة كبيرة من المجموعة الثالثة التي كان المفروض احتضانها. فقد أبعدت عن المواقع التي كانت تشغلها وتعرضت للإساءة ومعاقبتها بتقليص رواتبها أو حتى التآمر عليها لزجها في المعتقلات, تماما كما فعل البعثيون في قوى المعارضة لسابقة أو بمن كانوا لا يريدونه أو يريدون احتلال موقعه أو وظيفته. وهي إساءة كبيرة لا يجوز السكوت عنها.
إن السلوكية الراهنة التي تمارسها قوى الإسلام السياسي في الحكم وبعض المسؤولين الآخرين إزاء الجمهرة الثانية والثالثة تستوجب إعادة النظر بها, كما يفترض عدم وضع مادة خاصة في الدستور تتعرض لموضوع اجتثاث البعث أو فكره, إذ أن هذه القضية مجافية للدستور الديمقراطي وللشرعية الدستورية. ولكن يفترض أن يتضمن الدستور موقفاً عاماً من القوى والأشخاص الذين يصادرون حرية الإنسان ويحرمونه من الحياة الديمقراطية ومن الذين ارتكبوا جرائم بحق الشعب أولاً, وأن يتضمن رفضاً للفكر العنصري والشوفيني والطائفي ويرفض التمييز بمختلف أنواعه ثانياً, ويحاسب بحزم وشرعية كل من يبث الحقد والكراهية ومعاداة الإنسان ويحرض ضد الأديان والمذاهب والقوميات والأفكار الديمقراطية إلى المحاكمة لنيل الجزاء المناسب وفق القانون الديمقراطي.
إن الإساءات إزاء الجمهرة الكبيرة ممن احتسب بعثياً لأي سبب كان غير مبرر ودون وجه حق, كما أن التجاوز على الشرعية القانونية وممارسة التعذيب أو الطرد من الوظيفة والمحاربة بالرزق مرفوضة, إذ تعتبر كلها من الأفعال التي تساهم في زيادة عدد المعادين للوضع القائم والانخراط في صفوف قوى الإرهاب المعادية لمصالح الشعب وتقدمه وحياته الحرة والديمقراطية, إضافة على كونها منافية للحياة الديمقراطية.
إن الإجابة عن السؤال الذي ورد في عنوان المقال, "هل يدخل مفهوم اجتثاث البعث ضمن المفاهيم الإقصائية غير العقلانيةً؟, تتلخص في أن مفهوم اجتثاث البعث مفهوم غير عقلاني وغير ديمقراطي وإقصائي للفكر الآخر والرأي الآخر والإنسان الآخر بالطريقة التي طرحت فيها ومورست في العراق. إننا لا نمتلك حق إقصاء الآخر وفكره, ولكن من حقنا مناقشة الفكر الآخر وتفنيد مكونات هذا الفكر واتجاهاته ونوازعه والأغراض التي يسعى إليها وكشفها أمام أنظار المجتمع بطريقة علمية وموضوعية سليمة وصريحة, وبغير ذلك سوف لن نختلف كثيراً عن فكر وممارسات صدام حسين وحزبه بأي حال.
وفي ضوء ذلك أدعو إلى إلغاء هيئة اجتثاث البعث, وإلى إعادة النظر في ما ورد في الدستور بهذا الصدد, وإعادة النظر بشأن من فصل أو نقل أو أحيل على التقاعد دون وجه, أدعو الحكومة الحالية والجمعية الوطنية وسائر القوى السياسية في العراق أن تمارس سياسة حكيمة تساهم في إعادة لحمة المجتمع بدلاً من تفكيكها والتي مارسها صدام حسين وحزبه طيلة ما يقرب من أربعة عقود, كما أدعو إلى التعجيل في تقديم المسؤولين عن جرائم النظام السابق إلى المحاكمة لينالوا العقاب الذي يستحقونه, إذ من غير المعقول والمقبول أن يبقوا سنوات رهن التحقيق دون تقديمهم إلى المحاكمة.



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول الكرد الفيلية مرة أخرى
- خالد مشعل, هل هو سياسي أم إسلامي إرهابي يحرض على الإرهاب في ...
- السيد عبد العزيز الحكيم وموضوع الفيدرالية الشيعية!
- حوار مع السيد جوزيف سماحة حول العرب والقضية الكردية
- حوار مع ملاحظات السيد طلال شاكر في مقاله رأي وتساؤلات
- هل الزميل الدكتور شاكر النابلسي على حق حين تساءل: لماذا لم ي ...
- المصالحة الوطنية هدف الشعب, ولكن وفق أي أسس؟
- لكي لا تتشظى وحدتكم ولكي لا تخسروا قضيتكم أيها الأخوة الكرد ...
- مشاعر القلق والخشية من المساومة سيدة الموقف والإشاعات في الس ...
- هل حكومة الجعفري المؤقتة تؤدي مهماتها بشكل معقول؟
- هل بدأ موعد قطف ثمار -الفوز الساحق!-, هل بدأ الشعب يعيش عواق ...
- مشروع للحوار الديمقراطي بين أفراد وجماعات المجتمع المدني الع ...
- حوار هادئ مع سخونة أراء السيد الدكتور الشكر?ي!هل اليساريون ي ...
- هل هناك تغييرات فعلية جارية في فكر وممارسات الأحزاب الشيوعية ...
- رسالة مفتوحة إلى آية الله العظمى السيد علي السيستاني!
- من هو المسؤول: الضحية أم الجلاد؟
- الجامعة العربية المفتوحة في الدانمرك: واقع متطور وآفاق واعدة
- من أجل مواجهة إرهاب الإسلاميين المتطرفين في العالم في ضوء أح ...
- هل الأخوة الكرد بحاجة إلى صدمة لينتبهوا إلى ما يجري في وسطهم ...
- لا وألف لا للتعذيب, سواء أكان لي أم لأعدائي!


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - كاظم حبيب - هل يدخل مفهوم اجتثاث البعث ضمن المفاهيم الإقصائية غير العقلانيةً؟