أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عادل شكيب محسن - مراحل تطور القطاع الخاص في سوريا















المزيد.....

مراحل تطور القطاع الخاص في سوريا


عادل شكيب محسن

الحوار المتمدن-العدد: 4618 - 2014 / 10 / 29 - 14:29
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


من بعد نجاح ثورة الثامن من اذار عام 1963 بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي, تم توجيه الاقتصاد السوري بشكل واضح وصريح نحو الاقتصاد الاشتراكي. الّا انه مع بداية السبعينات, ظهرت بعض المحاولات من قبل الحكومة السورية لفتح المجال امام القطاع الخاص للمشاركة في دعم الاقتصاد الوطني, حتى تم اعتماد مفهوم اقتصد السوق الاجتماعي عام 2005 بما يعنيه من فتح الباب واسعاً امام القطاع الخاص للاستثمار في سوريا ونقل الاقتصاد السوري من اقتصاد يقوم على التخطيط المركزي الى اقتصاد السوق الذي يقوم على مبدأ التحرير الاقتصادي وتفعيل دور القطاع الخاص في البلاد. سيتم من خلال هذا البحث تسليط الضوء على مسيرة تطور القطاع الخاص في سوريا خلال الفترة 1963-2014, بهدف التعرف على واقع القطاع الخاص في سوريا والمراحل التي مر فيها بشكل مختصر ووافي قدر الامكان.
مع استلام حزب البعث العربي الاشتراكي للسلطة في سوريا عام 1963, رُسمت سياسة اقتصادية جديدة وواضحة تسير بالاقتصاد السوري نحو تحقيق الاشتراكية, بما تعنيه من ملكية عامة لوسائل الانتاج وإدارة الاقتصاد من خلال التخطيط المركزي. فوقف الحزب إلى جانب العمال والفلاحين ضد البرجوازية والإقطاعية, وتم تأميم العديد من المصانع والشركات والمصارف وشركات التأمين ومصادر الطاقة والموارد الطبيعية والتجارة الخارجية والكهرباء والمواصلات والاتصالات ونظام التعليم والصحة في البلاد. كما تم تطبيق نظام نقد خاضع لرقابة شديدة من قبل الدولة وغير قابل للتحويل الحر. ما ادى الى نمو في دور القطاع العام وتقليص لدور القطاع الخاص بشكل كبير. اذ اصبح القطاع الخاص لا يملك اكثر من 25% من الصناعة المحلية, ومعظم هذه الصناعات كانت عبارة عن ورش ومشاغل بسيطة. ومع بداية السبعينيات, عملت الحكومة على اعطاء دور اكبر للقطاع الخاص وتحقيق نوعا من التعددية الاقتصادية في البلاد. فتم السماح بإقامة شركات فندقية وسياحية مشتركة مابين القطاعين العام والخاص, وتم تخفيض القيود على مستوردات القطاع الخاص, كما اصدرت الحكومة السورية تشريعا خاصا بالسوريين من اصحاب رؤوس الاموال الذين غادروا سوريا هربا من موجة التأميم التي شهدتها البلاد في الستينات لتشجيعهم على العودة الى سوريا والاستثمار فيها لدعم وتحسين الوضع الاقتصادي القائم في تلك الفترة. الّا انه في النصف الثاني من السبعينات, ولأسباب سياسية (كانت زيارة انور السادات الى اسرائيل وإقامته صلح منفرد معها واحد من اهم هذه الاسباب), غيرت الحكومة السورية من سياستها الاقتصادية وأوقفت توجهها نحو اقتصاد السوق لتعود وتقوي قبضتها على الاقتصاد من جديد دون ان تتراجع عن ما قامت به من خطوات سابقة.
مع بداية الثمانينات, دخلت البلاد في ازمة اقتصادية ادّت الى زيادة اعباء الخزينة العامة للدولة. اما اسباب هذه الازمة فكانت هبوط سعر النفط العالمي وتراجع عائدات الصادرات السورية وانخفاض حجم المساعدات المالية وتدهور سعر صرف الليرة السورية, بالإضافة الى مواسم الجفاف في تلك الفترة والتي كان لها بالغ الأثر على الانتاج الزراعي. ايضا كان هناك بعض العوامل السياسية التي ساهمت في تردّي الاوضاع الاقتصادية في تلك الفترة, اذ ساءت علاقة سوريا مع العديد من الدول العربية والغربية بعد معارضة سوريا لاتفاق انور السادات مع اسرائيل في نهاية السبعينات, ووقوفها ضد حرب العراق على ايران عام 1980, بالرغم من دعم معظم الدول العربية لهذه الحرب, وبسبب توقيعها على معاهدة الصداقة مع الاتحاد السوفيتي عام 1980. ومن ثم جاءت حركة الاخوان المسلمين المدعومة من بعض الدول الغربية والعربية المتحالفة معها والمعارضة للحكومة السورية, فقامت هذه الحركة بقيادة تمرد مسلح ضد الدولة السورية, مما اثر بشكل سلبي على الوضع الامني والاقتصادي للبلاد. وقد ترافقت هذه العوامل الخارجية بعوامل داخلية ساهمت في زيادة عجز الميزانية العامة. من هذه العوامل على سبيل المثال تنامي البيروقراطية والروتين وانتشار الرشوة والفساد في مؤسسات القطاع العام وارتفاع معدلات التضخم والبطالة في البلاد. فتوجهت الحكومة السورية من جديد نحو تشجيع القطاع الخاص بهدف دعم الاقتصاد السوري ولتخفيف وطأة الازمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد. فتم في النصف الثاني من الثمانينات فسح المجال بشكل اكبر امام القطاع الخاص للمساهمة في السياحة والزراعة والتجارة الخارجية, وتخلت الدولة عن بعض احتكاراتها للقطاع الخاص. كما فُتحت اسواق الاتحاد السوفيتي ودول اوروبا الشرقية ما بين عامي 1978 و 1992 امام منتجات القطاع الخاص, فارتفعت نسبة صادراته من اجمالي حجم الصادرات السورية الغير نفطية لتشكل الثلثين بعد ان كانت نسبتها لا تزيد عن الربع. مما ساهم في خلق ظروف محفزة للقطاع الخاص لزيادة استثماراته, فارتفعت قيمة الاستثمار الخاص من 54014 مليون ليرة سورية عام 1980 الى 57255 مليون ليرة سورية عام 1990. وفي نهاية التسعينات كانت حصة القطاع الخاص في مختلف النشاطات الاقتصادية في سوريا كالتالي : 98% في الزراعة, 72% في النقل, 62% في التجارة, 59% في القطاع المالي, 50% في البناء, 37% في الصناعات التحويلية, وذلك حسب غرفة تجارة دمشق.
مع بداية تسعينات القرن العشرين, انهار الاتحاد السوفيتي الذي كان يمثل النظام الاشتراكي, وظهرت الولايات المتحدة الامريكية كقوة وحيدة في العالم. فاتجهت الحكومة السورية الى تحسين علاقتها مع اوروبا والولايات المتحدة الامريكية. كما بدأت مفاوضات السلام مع اسرائيل بعد مؤتمر مدريد للسلام عام 1991, مما شجع على زيادة الاستثمار المحلي والأجنبي في سوريا. اضف الى ذلك, وبهدف تفعيل دور القطاع الخاص وإعطاءه المجال الاكبر للمشاركة في تنمية الاقتصاد السوري, اصدرت الحكومة السورية قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991 الذي تم من خلاله تقديم مزايا وإعفاءات عديدة للقطاع الخاص. كما عملت الحكومة السورية على تحسين وضع البنية التحتية في البلاد. أدت هذه الظروف الاقتصادية والسياسية الجديدة الى خلق مناخ جاذب للاستثمار ومشجع للمستثمرين السورين والأجانب للاستثمار في سوريا. فارتفعت قيمة الاستثمار الخاص في النصف الاول من التسعينات لتصل الى 94359 مليون ليرة سوريه علم 1995. الّا انه بعد ازدياد عائدات الميزانية العامة للدولة من صادرات النفط الخام الذي زاد إنتاجه في تلك الفترة, ونتيجة لزيادة المساعدات المالية من الدول العربية, وفتح دول الخليج العربي لأسواقها أمام العمالة السورية, ونجاح السياسة التي اتبعتها الحكومة في تحسين الانتاج الزراعي, ازدادت موارد الخزينة العامة للدولة وتحسن الوضع الاقتصادي بشكل عام. ما جعل من الحكومة تشعر بأنها اقل حاجة للإصلاح الاقتصادي والى ضرورة الابقاء على القطاع الخاص في الحدود التي اعتبرتها كافية بالنسبة لها. فلم يتم اصدار الخطوات الاصلاحية التكميلية الضرورية لجذب الاستثمار من بعد اصدار قانون الاستثمار رقم 10 لعام 1991. اضف الى ذلك, عدم التوصل الى اتفاق سلام مع اسرائيل قد زاد من ميل الدولة للإبقاء على قبضتها قوية على الاقتصاد والمجتمع. فانخفضت قيمة الاستثمار الخاص في النصف الثاني من التسعينات لتصل الى 56761 مليون ليرة سوريه عام 2000.
ومع بداية العقد الاول من القرن الحادي والعشرين, عملت الحكومة على نقل الاقتصاد السوري من اقتصاد يعتمد التخطيط المركزي الى اقتصاد السوق من خلال تفعيل دور القطاع الخاص بشكل اكبر وفتح المجال واسعاً امام رؤوس الاموال الخاصة (المحلية والأجنبية) للاستثمار في مختلف المجالات. الّا انه لم يتم الكشف عن توجه الدولة السورية نحو اقتصاد السوق بشكل واضح وصريح حتى تم تبني سياسة اقتصاد السوق الاجتماعي في مؤتمر حزب البعث العربي الاشتراكي عام 2005, ومن بعد ذلك تم اعتماد مفهوم اقتصاد السوق الاجتماعي في الخطة الخمسية العاشرة (2006-2010). وتماشياً مع الاستراتيجية الجديدة الموضوعة من قبل الدولة, تم العمل على خلق مناخ جاذب للاستثمار, فتم تحسين وتوسيع البنية التحتية وإنشاء المدن الصناعية التي بلغ عددها 4 مدن والتي كان لها الدور الكبير في تشجيع القطاع الخاص على اقامة المشاريع الصناعية الضخمة في البلاد, كما تخلت الدولة عن احتكارها لبعض الصناعات مثل صناعة الاسمنت والسكر لصالح القطاع الخاص. كما تم العمل على تحرير التجارة الخارجية وتخفيض درجة تدخل الدولة في التجارة الخارجية وتخليها عن احتكار استيراد العديد من السلع والخدمات وتركها للقطاع الخاص. اضافة الى ذلك, تم فتح قطاع التأمين امام القطاع الخاص, وسُمح له بإنشاء المصارف الخاصة (التي وصل عددها الى 14 مصرف), واقامة شركات الخدمات والوساطة المالية, ومؤسسات مصرفية اجتماعية للتمويل الصغير. اضافة الى ذلك, تم احداث هيئة الاستثمار السورية وسوق دمشق للأوراق المالية (DSM) التي فتحت أبوابها في آذار 2009. كما تم السماح للقطاع الخاص بالاستثمار في مجال التعليم العالي, وبإصدار الصحف والمجلات الخاصة. فارتفع حجم الاستثمار الخاص من 62290 مليون ليرة سورية عام 2001 الى 193268 مليون ليرة سورية علم 2010.
ومع بداية العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين, تغيرت الظروف ودخلت البلاد في ازمة عرّضت الاقتصاد السوري للكثير من الخسائر, وكان لها بالغ الاثر على الوضع الاجتماعي والإنساني في البلاد. فكثير من الضرر لحق بمشاريع البنية التحتية, وتم نهب وتخريب العديد من المصانع والأسواق, ودُمرت الكثير من الابنية والآلات والمرافق, وغابت مظاهر الامان التي كانت سوريا تفتخر بها لأكثر من اربعين عام مضت, ما انعكس سلبا على عمليات الاستثمار في سوريا. فانخفض حجم الاستثمار الخاص بمعدل 70.8% عام 2012, وبمعدل 15.3% و 20.4% و 18.7% و 20.1% خلال الربع الاول والثاني والثالث والرابع من عام 2013 على التوالي.

عادل شكيب محسن
2014



#عادل_شكيب_محسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- موجز لمسيرة القطاع العام في سوريا
- تاريخ تطور الاقتصاد السوري
- مقدمة في علم الاقتصاد
- مدخل الى علم الاقتصاد ...


المزيد.....




- -خفض التكاليف وتسريح العمال-.. أزمات اقتصادية تضرب شركات الس ...
- أرامكو السعودية تتجه لزيادة الديون و توزيعات الأرباح
- أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
- قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
- السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب ...
- نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات ...
- اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ ...
- تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
- للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م ...
- مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عادل شكيب محسن - مراحل تطور القطاع الخاص في سوريا