|
الكون المرئي في سطور خلال قرن
جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي
(Bashara Jawad)
الحوار المتمدن-العدد: 4618 - 2014 / 10 / 29 - 11:35
المحور:
الطب , والعلوم
قصة الكون تمتد على مدى 13.8 مليار سنة لكنها باتت معروفة من قبل البشرية منذ بضعة آلاف من السنين، منذ أن بدأ الإنسان البدائي ينظر إلى السماء ويفكر ويطرح على نفسه أسئلة ويبحث عن إجابات. تأمل فيها الفلاسفة والأنبياء والأديان الوضعية والسماوية لكنهم لم يخرجوا سوى بمجموعة من النصوص الخرافية والأساطير والتصورات الغيبية. ثم جاء دور العلم ليدلي بدلوه ويروي لنا حكاية الكون المرئي بمقاربة علمية لكنها نسبية ونظرية. كانت الذروة قد تبلورت خلال القرن العشرين المنصرم والانطلاقة الجديدة قد بدأت خلال العقدين الأولين من القرن الحادي والعشرين. ولقد اهتم علم الكون خلال 2500 سنة بوصف بنية وهيكلية وهندسة وشكل الكون المرئي، وتبين للجميع إنه، من أجل فهم هذه البنية والهيكلية، لا بد من وضع الكون في سياق تاريخ وتطور أحداث من البداية إلى المستقبل البعيد الذي سيتحدد فيه مصير هذا الكون، بعبارة أخرى علينا أن نروي سفر التكوين لهذا الكون المرئي أو المنظور من خلال التعاطي مع النظريات الكونية والأطروحات النظرية التي تشكلت على مر الزمن. تحددت مفردات علم الكونيات الحديث مع بدايات القرن العشرين المنصرم انطلاقاً من القطيعة المعرفية الجوهرية التي حدثت مع التصور القديم للكون المرئي، وبزوغ مفاهيم جديدة متزامنة مع ظهور نظرية النسبية الخاصة والعامة لآينشتين، والميكانيك الكمومي. كانت نظرية النسبية العامة la relativité générale التي بلورها آينشتين بين 1915 و 1919، هي التي سمحت لنا بالتعاطي مع مشكلة تطور الكون بمجمله. ولقد اخبرتنا هذه النظرية أن المكان والزمان ليستا مجرد وعاء يحتوي المادة والطاقة بداخله. فالمادة والطاقة، أو بالأحرى المادة/الطاقة هما اللتان تتحكمان بالزمان والمكان وتمليان على المكان كيفية التحدب أو الإنحناء وعلى الزمان كيفية التسارع والتباطؤ. وبالمقابل يقوم الزمان والمكان بالتأثير على المادة والطاقة ويمليان عليهما كيفية التحرك والتفاعل. ففي الإنحناء أو التحدب الموقعي أو المحلي للمكان الذي تخلقه الكتلة، تتحرك وتتفاعل كتل أخرى وإشعاعات ضوئية سوف تسلك مسارات، لم تعد على شكل خطوط مستقيمة بالمعني الإقليدي، بل على أنماط جيوديزية géodésiques ، أي في مسارات يمكن أن تكون ملتوية ومنحنية أو محدبة. إن خصائص الزمكان الآينشتيني والحركة، ترتبط بالتواجد الموضعي أو المحلي للمادة والطاقة من خلال معادلات رياضية معقدة. لقد طبق آينشتين بنفسه هذه المعادلات، ومن ثم طبقها علماء آخرون من أمثال فريدمان ولوميتر في مجال محاولة فهم التطور الكوني بمجمله. ولقد اكتشف هؤلاء العلماء بأن تلك المعادلات التي تبدو صعبة ومعقدة ، يمكن أن تكون في غاية السهولة لو افترضنا أن المكان الكوني كان متجانساً ومتسقاً أي موحد ومتساوي الخواص في جميع الجهات isotrope، أي يمتلك نفس الخصائص في كل مكان وفي كل اتجاه وكذلك لو حددنا زمناً متجانساً يسري في هذا المكان. عندا ذلك بوسعنا وصف الكون بمعيارين أو ثابتين : الأول هو المعيار أو الثابت المسمى المستوى الزمني paramètre d’échelle ويرمز له بــ (t ) وهو الذي يوسم المسافة بين المجرات، ويتنوع مع مرور الوقت أو مع جريان الزمن، والثاني وهو المعروف بمعيار أو ثابت التحدب أو الإنحناء paramètre de courbure ويرمز له بــ (k) وهو الذي يحدد المجال الهندسي الذي نتواجد فيه ويمكنه أن يأخذ فقط القيم الثلاثة التالية: 1- ، 0 ، 1+ ، حسب ما إذا كانت تلك الصيغة الهندسية دائرية أو مسطحة أو زائدية المقطع على نحو متسم بالغلوhyperbolique . كما اتضح للعلماء من خلال دراسة وتحليل وتطبيق معادلات النسبية العامة أن الكون في حالة اتساع وإن قياس أو حساب هذا التوسع يتم من خلال تجربة بسيطة تتلخص في مراقبة طيف الضوء الذي تبثه النجوم وغازات المجرات البعيدة. فلقد لاحظ العلماء أن طول الموجة المرصودة للضوء أكبر من طول موجة الضوء المبثوث عند انطلاقه من المصدر ، أي النجوم والمجرات، وهو ينزاح نحو اللون الأحمر بسبب التوسع وهو ما يعرف فيزيائيا بــ redshift ويرمز له بــ ( z ) وإن هذا الاختلاف في أطوال الموجات الذي يعطيه المعيار أو الثابت ( z ) هو الذي يعلمنا بالعلاقة بين معدل أو ثابت المستوى paramètre d’échelle للكون المرئي الآن وماكان عليه الكون في لحظة انطلاق الضوء منه. وما نشاهده ما هو إلا تفاعل الفوتونات الضوئية التي تبثها المجرة مع حقل أو مجال الثقالة أو الجاذبية الكونية. فلو كان الــ redshift أو ( z ) صغيراً يمكننا القول أن المقصود هنا هو تأثير دوبلر effet Doppler المألوف في حياتنا اليومية من خلال تلقينا لنوعية الأصوات الصادرة عن القطارات أو السيارات في حالة اقترابها منا أو ابتعادها عنا وهي الظاهرة التي تحدث مع كل أنواع الموجات الصوتية منها أو الضوئية، فكل مجرة أو أي كائن فيها، يرى أن باقي المجرات تبتعد عنه. فنحن لسنا في مركز الكون بل احد المراكز التي لا تعد ولا تحصى للكون لأن كل نقطة فيه تبدو كما لو كانت هي المركز للتوسع. كان العالم هابل Hubble هو الذي اكتشف التوسع الكوني ووضع له قانوناً مع العالم Humason هيوماسون في نهاية سنة 1920 والذي تختصره المعادلة التالية v=Ho.D وبموجبه تحدد قياسات المسافات والسرعات وبالتالي بموجبه فإن كل نقطة هي مركز للتوسع. وبتطبيق معادلات فريدمان ـ لوميتر بهذا الخصوص والمتعلقة بتطبيقات معادلات آينشتين ذاتها يثبت لنا أن المادة تكبح توسع الكون بينما الطاقة السوداء أو الداكنة أو المعتمة هي التي تسهم في توسعه. كشفت لنا الكوسمولوجيا الحديثة العلاقة العضوية المترابطة بين الزمان والمكان والتي حددها آينشتين بمفهوم الزمكان.فالضوء يسير بسرعة محددة وثابتة هي 300000 كلم في الثانية وهي أقصى سرعة يمكن إن تبلغها المادة في تنقلها مما يعني أننا كلما نظرنا في البعد العميق للكون المرئي كلما رأينا ماضي هذا الكون. إن محدودية سرعة الضوء تمنعنا من الوصول إلى الفضاءات البعيدة للكون المرئي في حين تسمح لنا بمعرفة الماضي السحيق للكون المرئي وهي مفارقة جميلة فلو سار الضوء بسرعة لا متناهية فسوف لن يكون بوسعنا أن نشاهد على نحو مباشر ماضي الكون ، إلى جانب ما يمكن أن تقوم به السرعة اللامتناهية للضوء من تأثيرات وتبعات وعواقب على باقي قوانين الفيزياء. وبفضل هذه الهندسة المكانية للكون المرئي، فإننا كلما نظرنا للمجرات البعيدة جداً على تخوم الكون المرئي، كلما اقتربنا من ماضي الكون وعلى نحو أدق ، كلما اتجهنا نحو لحظة الفرادة الأولية الأساسية أو التأسيسية singularité initiale في اللحظة صفر t=0 وهذا الحد هو المعروف فيزيائيا بالأفق الكوني L’horizon cosmique، كلما اقتربنا من لغز الأصل، الذي لم يفك رموزه أحد بعد. ومن المؤكد أن ما وراء هذا الأفق الكوني هناك مجرات لامتناهية العدد لكنها عصية على المشاهدة والرصد لأن الضوء الصدر عنها ليس لديه الوقت الكافي لكي يصل إلينا. وفي كل الأحوال مهما توغلنا في الماضي الكوني فلن نصل أبداً مع الإشعاعات الكهرومغناطيسية لكي نشاهد اللحظة صفر t=0 لأننا سنصطدم بالحاجز الذي يفصل بين اللحظة التي أصبح فيها الكون شفافاً واللحظة التي كان فيها معتما وغاية في الكثافة والسخونة والعماء أو الشواش بحيث لايمكن لأي ضوء أن ينفذ منه. وهكذا نستطيع القول أن الكون محدود بالنسبة لنا وإن حدوده لا تتعدى الخمسة عشر مليار سنة وهي التي تضعه في إطار وصف هندسي مكاني وكذلك في ظرف تاريخي محصور بين نقطتين هما: الأولى وتتعلق بأصله في لحظة الصفر t=0 المعروفة بالفرادة الكونية singularité cosmologique والثانية وتتعلق بمصيره ومستقبله . وهناك بالطبع ماقبل الفرادة أي قبل البغ بانغ وما بعد الحد النهائي للمستقبل المفترض للكون وهي مفاهيم تعالجها الفيزياء الحديثة الثورية التي تتجاوز نسبية آينشتين وميكانيك الكموم الكوانتوم، ويسميها بعض العلماء بالميتافيزيقيا العلمية. ولكي نصف الكون في حالته البدئية لا بد من اللجوء إلى قوانين نيوتن وآينشتين في الثقالة أو الجاذبية الكونية والحال أنها تغدو معطلة، هي وباقي القوانين الفيزيائية الجوهرية الثلاثة الأخرى، في لحظة الصفر أو الفرادة، وبالتالي سنحتاج لنظرية جديدة في الثقالة الكمومية أو نظرية كوانتية أو كمومية للجاذبية أو الثقالة théorie quantique de la gravitation والتي لم نتوصل إليها بعد. تبدأ معلوماتنا العلمية الدقيقة عن الكون المرئي بعد زمن بلانك وهو 10-43 من الثانية بعد لحظة الفرادة الأولية والأساسية والتي تدور حولها تساؤلات عويصة وعلامات استفهام كثيرة. ثم يجري الزمن وتأتي لحظة التضخم المفاجيء في 10 -35 من الثانية بعد البغ بانغ الانفجار العظيم وفي الدقيقة الثالثة من عمر الكون المرئي تنتج التفاعلات النووية الأولية ويتكون الدوتريوم والهليوم 3 والهليوم 4 والليثيوم 7 وذلك من بروتونات ونيوترونات موجود في ذلك الحساء الساخن. وفي الــ 3000 الثلاثة آلاف سنة التالية لم تعد الإشعاعات هي الطاغية على كثافة طاقة الكون بل المادة التي تتحرك بسرعة أقل بكثير من سرعة الضوء. وفي الــ 300000 الثلاثمائة سنة التالية من عمر الكون أصبح الكون شفافاً بعد أن كان معتماً. وكان شعاع الخلفية الكونية الماكروية المنتشر le fond diffus cosmique هو آخر ضوء يبثه الكون بعد ولادته مباشرة بعد ان اجتزنا مرحلة يسميها العلماء العمر المعتم أو الداكن للكون بدون أية إشعاعات أو نور أو ضوء ، وبعدها تحدث عملية القدح للكون عند انهيار الغاز الكوني على نفسه مؤدياً إلى ولادة أول النجوم بعد بضعة عشرات الملايين من حدوث الانفجار العظيم البغ بانغ. ومن ثم تشكلت المجرات من تجمعات النجوم والكوازارات أو السدم أو حشود المجرات والحشود الفائقة من المجرات amas et super-amas des galaxies حتى وقتنا الحاضر. علماء الفيزياء النظرية بحاجة لفرضية التضخم لتفسير حالة الاتساق والتناسب أو التجانس القصوى homogénéité وحالة تساوي الخواص في جميع الجهات isotropie وشبه التسطح في شكل الكون. ولقد اعتقد العلماء أننا نعيش في كون منظم ومنتظم نسبياً والتي أدت بعض التخلخلات واللاانتظام فيه إلى ولادة مجرات يمكننا رصدها. واقترض العلماء أن أي قطعة من الكون، لا على التحديد، متصلة سببياً بالكون البدئي الأولي Univers primordiale حيث تكون كل الجسيمات الأولية فيها قد تبادلت المعلومات فيما بينها ومن ثم دخلت في حالة توسع مفاجيء وسريع هائل سمي بالتضخم حيث تمدد الكون بنسبة 1030 ، أي مائة مليار المليار المليار مرة في جزء من مليار من الثانية. وكانت الانتفاخة الناجمة عن التضخم مجانسة لأن كل المناطق متصلة سببياً منذ البداية أما التخلخلات الميكروسكوبية في الكثافة الناتجة بفعل الظواهر الفيزيائية الكوانتية أو الكمومية المساة التقلبات الكوانتية، فقد تمددت إلى أحجام ماكروسكوبية وانهارت على نفسها تحت وطأة ثقالتها مؤدية إلى ولادة المجرات . فالتضخم يتيح في آن واحد، تفسير الانتظام الشامل للكون والخلل واللاانتظام الموضعي. ومن ثم أعقب التضخم حالة من التوسع المنتظم وغير المتسارع. بقي أن نعرف ما هي الآلية المسؤولة عن هذا التضخم الهائل والمفاجيء للكون البدئي. علماء الفلك وعلماء الكونيات وعلماء فيزياء الجسيمات يتحدثون عن ظاهرة سميت بــ " الفراغ الزائف faux vide " ناجم عن وجود حقل مادي خاص جداً من خصائصه أنه لديه ضغط سلبي، فالمكان يدفع المكان وكلما دفع المكان المكان كلما تكون مكان أكبر أو المزيد من المكان لذلك كان التضخم. وبعد التضخم حصل فراغ حقيقي حيث كان الضغط إيجابياً لكنه مهمل وتم كبح التضخم بفعل تواجد المادة. لذلك أعتبر التضخم مفهوم قبل أن يكون نظرية متكاملة ومتينة ولقد تم اختبار صحة هذا المفهوم بفضل المشاهدات الفلكية بواسطة التلسكوبات الفضائية المتقدمة من نوعية تلسكوب بلانك . كيف ولماذا وأين ومتى؟: التساؤلات بشأن الألغاز الكونية لا تنتهي، فالعلماء يركزون على الــ " الكيف" ويتفادون الخوض في الــ " لماذا" . فمن أين جاء الحساء الكوني الأولي ولماذا كان موجوداً؟ لا أحد يعرف على وجه التحديد. من الممكن افتراضياً أن الكون قبل التضخم نتج عن ترجرج أو تقلب الفراغ الكمومي أو الكوانتي fluctuations du vide quantique حيث أن نظرية الكموم أو الكوانتوم تقوم على نظرية المصفوفات التي جوهرها الاحتمال وليس اليقين، ولكن يبقى السؤال من الذي أحدث هذا التقلب والترجرج الكوانتي ولماذا؟ في مستوى بلانك ، حيث مازلنا نحتاج ونبحث عن نظرية كمومية أو كوانتية للثقالة أو الجاذبية، يدار الكون البدئي وفق قوانين الميكانيك الكمومي، ويمكن وصف تلك الحالة بأنها بمثابة رغوة أو مجاج للزمكان قبل تشكله المادي المعروف، وبفعل الظواهر الكمومية أو الكوانتية، تظهر أكوان طفولية حديثة الولادة تسمى البي بي أكوان bébé-Univers تنبثق من هذا المجاج وتبدأ مرحلة التوسع ومن ثم ، بسبب غامض لدينا، يحدث لها تضخم مذهل ومفاجيء وفي اقل من لمح البصر، بل وفي أقل من واحد من مليار المليار من الثانية. إذاً هناك شيء حديث وظهر للوجود، ولكن لماذا؟ تساءل الفيلسوف الألماني الكبير لابنيزLeibniz :" لماذا يوجد شيء ما بدلاً من لا شيء؟" بيد أنه لم يتمكن هو ولا أحد غيره من الإجابة على سؤاله لأن اللاشيء غير قابل للتفكير ولا معنى له في حين إن الفراغ الكمومي أو الكوانتي ليس اللاشيء ولا العدم بل هو كينونة تسيرها القوانين الكمومية أو الكوانتية، ويمكن تصوره أو التفكير فيه، وهو غير مستقر ويمكن أن يؤدي إلى ولادة أكوان طفولية تواصل تطورها كأي كائن حي. من هنا أعتقد بعض العلماء أن ماضي وحاضر ومستقبل الكون المرئي ثبت من خلال معرفة المعايير والثوابت الكوسمولوجية ولم يبق أمام علماء الفلك والكونيات سوى اكتشاف وقياس أو حساب تلك المعايير والثوابت paramètres ، وبفضلها بوسعنا أن نعرف معلومات عامة عن محتوى الكون المرئي على مستوى اللامتناهي في الكبر. فالحسابات الحديثة عن الكون تطرح علينا ثلاث تساؤلات أساسية: ما هي البايرونات المادية العادية وما هي البايرونات الداكنة أو المعتمة أو السوداء، أو بعبارة أخرى المادة السوداء، إذ توجد كميات من المادة العادية أو الطبيعية المعروفة أكثر بكثير مما يوجد من نجوم منظورة ومرصودة من خلال ما تبثه لنا من ضوء؟ ماهي طبيعة أو ماهية المادة السوداء غير البايرونية، حيث تبلغ نسبتها الكلية من الكثافة 30% في حين أن المادة العادية لا تسهم سوى بنسبة 3% ؟ ربما المقصود بذلك أن هناك نوع من الجسيمات توقعتها أو تكهنت بها نظريات توحيد المادة، أي نوع من الجسيمات الأولية التي ظلت على شكل حفريات أو شاهد على المراحل الأولى من عمر الكون المرئي، والتي تشكل حالياً المادة الطاغية في الكون، وهناك حسابات أخرى تتعلق بالثابت الكوني الذي تخلى عنه آينشتين في بدايات القرن الماضي وأظهرت الحسابات الرياضية الحالية ضرورة وجوده لمعالجة معضلة التوسع الكوني حيث يعمل بطريقة الضغط السالب المعاكس للجاذبية أو الثقالة أي يمكن اعتباره قوة نابذة وطاردة ولكن لا أحد يعرف مصدرها ولا طبيعتها أو ماهيتها أو خصائصها إلى جانب مشكلة هيكيلية وهندسة وشكل الكون المرئي التي تطرقنا إليها في القسم الأول في بداية البحث، ولماذا توجد أشكال محدودة جداً للمجرات مما يستوجب العودة إلى الوراء ، إلى فترة تشكل المجرات وما قبلها. فالعلماء يسبرون بشكل أعمق الحالة الغريبة للكون عند ولادته ولقد تمكّن العلماء عن طريق جمع البيانات المأخوذة من اثنين من مسرعات الطاقة العالية، من استخلاص قياسات لخاصية استثنائية لأحد المراحل الغريبة في نشأة كوننا المرئي تعرف باسم البلازما (كوارك - غلوون) quark-gluon plasma. ولقد أظهرت النتائج سمات جديدة لهذا "السائل المثالي" فائق الحرارة، والذي سيوضح لنا حالة الكون المرئي المبكر بعد حدوث الانفجار العظيم مباشرة عندما كان عمر الكون جزء من مليون من الثانية فقط. ورد ذلك في مقال علمي بهذا الخصوص بعنوان المادة الغريبة: نظرة عن قرب للسائل المثالي تلقي الضوء على ما حدث في جزء من مليون من الثانية من عمر الكون بعد الانفجار العظيم Matière exotique: Le regard profond sur la fluide parfait, jette la lumière sur ce qui s est passé en un fragment de seconde après le Big Bang والذي يلخص نتائج عمل الفريق العلمي المدعو (JET) المكون من عدة علماء من مراكز أبحاث مختلفة بقيادة باحثين في مختبر بيركلي، حيث تمكن هذا الفريق من الحصول على أدق البيانات حتى اليوم عن أحد الخصائص الأساسية لبلازما (كوارك - غلوون)، والتي تكشف عن البنية المجهرية لهذا السائل المثالي، ويشرح Xin-Nian Wang العالم الفيزيائي في قسم العلوم النووية في مختبر بيركلي، بان السائل المثالي هو السائل الذي تكون فيه النسبة مابين اللزوجة والكثافة هي أقل قيمة تسمح بها قوانين ميكانيك الكموم. أي أن هذه السوائل تجري دون أن تعاني من أي نوع من الاحتكاك. وجاء في المقال المذكور توضيح بشأن حساء البلازما الساخنة La Soupe chaud de Plasma الناجم عن التجارب في المسرعات: "فمن أجل إيجاد ودراسة بلازما (كوارك - غلون)، لجأ الباحثون إلى مصادم الايونات الثقيلة النسبوي (RHIC) في مختبر بروكهيفن الوطني في نيويورك ومصادم الهادرونات الكبير (LHC) في سويسرا. ثم قام العلماء بتسريع نوى ذرية ثقيلة حتى طاقات عالية ومن ثم صدمها ببعضها البعض، واستطاعوا إعادة خلق الظروف الحرارية السائدة في الكون في لحظاته الأولى. تتألف النوى الذرية من البروتونات والنيوترونات والتي تتألف بدورها من جسيمات عنصرية تدعى الكواركات، وترتبط تلك الكواركات مع بعضها بواسطة جسيمات أخرى تدعى الغلوونات. وتحت ظروف قاسية كالتصادمات عند درجات حرارة تتجاوز ملايين المرات تلك الموجودة في مركز الشمس، تنفكّ الكواركات والغلونات أو تنفصل عن بعضها لتصبحان سائلاً مثالياً عديم الاحتكاك وفائق الحرارة، يعرف باسم بلازما (كوارك - غلوون). إذ أن الحرارة العالية جدا ستؤدي إلى تلاشي الحدود الفاصلة بين النوى المختلفة، وبالتالي فان كل شيء سيصبح عبارة عن حساء بلازمي ساخن من الكواركات والغلونات. ويضيف Xin-Nian Wang بان هذا الحساء فائق الحرارة يتم احتواءه في حُجيرة خاصة مجهزة ضمن مسرع الجسيمات لكن المشكلة تكمن في أن مدى حياته قصير وسرعة انخفاض درجة حرارته وتوسعه يجعل من إجراء القياسات عليه يشكل تحدياً كبيراً. لذلك طور الفيزيائيون التجريبيون أدوات معقدة للتغلب على هذا التحدي، لكن تحويل المشاهدات التجريبية المتعلقة ببلازما (كوارك-غلوون) إلى بيانات محددة مفهومة عددياً كانت ولا تزال صعبة المنال حتى يومنا هذا. في هذا العمل الجديد، قام العالم Xin-Nian Wang وفريقه بإعادة دراسة لظاهرة كان باحثون من مختبر بيركلي قد قاموا سابقا بشرحها نظريا منذ 20 عاما، تلك الظاهرة هي (فقدان الطاقة عند جسيمات عالية الطاقة) داخل بلازما (كوارك - غلوون) . ويشرح Xin-Nian Wang ما سبق، بأنه عندما يتم إنتاج بلازما (كوارك - غلوون) quark-gluon plasma ، ينتج كذلك في بعض الأحيان جسيمات أخرى نشطة للغاية طاقوياً وبطاقة تفوق بآلاف المرات ما هو موجود في بقية المادة، ومن ثم تنتشر تلك الجسيمات خلال البلازما وتتبعثر وتفقد طاقتها خلالها. وبما أن الباحثين يعرفون طاقة هذه الجسيمات عند تشكلها ويستطيعون قياس طاقتها عند خروجها، فإنهم سيتمكنون بالتالي من حساب فقدان الطاقة، مما يعطي فكرة عن كثافة البلازما وشدة التفاعلات الحاصلة داخلها مع هذه الجسيمات العالية الطاقة. وهي طريقة سبيهة بكيفية اختراق الأشعة السينية لجسم الإنسان حيث نتمكن حينها من رؤية ما بداخله، أي أن تدفق طاقة الجسيمات سوف يخترق البلازما فنتمكن حينها من رؤية طبيعة وخصائص البلازما. برزت إحدى العوائق في تحقيق ذلك وهي أن بلازما (كوارك - غلوون) بمجرد إنتاجها فإنها تتوسع ككرة نارية، كما أنها تبرد بسرعة لتتحول إلى مادة عادية، لذلك فمن الضروري تطوير نموذج يصف بدقة توسع البلازما، النموذج ينبغي أن يعتمد على فرع من نظرية تدعى ديناميكيا السوائل النسبية، والتي تدرس حركة السوائل الموصوفة بمعادلات النسبية الخاصة. وعبر السنوات القليلة الماضية تمكن باحثون في الفريق من تطوير نموذج كهذا، والذي يستطيع أن يصف عملية توسع البلازما ومراقبة ظاهرة السائل المثالي فائق الحرارة، مما يسمح بفهم كيفية انتشار الجسيمات عالية الطاقة عبر الكرة النارية من بلازما (كوارك - غلوون). حلل الباحثون بيانات مجموعة من تجارب أجريت في كل من مسرع RHIC، وأخرى في مسرع LHC، حيث إن كل مسرع منهما أنتج بلازما (كوارك - غلوون) عند درجات حرارية ابتدائية مختلفة. ولقد حدد فريق البحث معاملاً يميّز شدة التفاعل بين الجسيمات عالية الطاقة والمادة فائقة الحرارة. كما إن تحديد قيم المعامل السابق يمكن أن يساعد في تسليط الضوء على سبب كون المادة فائقة الحرارة هي أكثر سائل مثالي في الكون على الإطلاق. ويقول Peter Jacob الذي يرأس مجموعة التجارب في مختبر باركلي، بأن النتيجة الجديدة قيّمة للغاية، وهي بمثابة نافذة تطلعنا على الطبيعة بالغة الدقة لبلازما (كوارك - غلوون). إن المقاربة المتبعة من قبل فريق العمل، المعتمدة على جمع جهود مجموعات عدة من نظريين وباحثين، تُظهر طريقة حصولنا على قياسات دقيقة أخرى لخصائص بلازما (كوارك - غلون) في المستقبل. الخطوة التالية للفريق ستكون تحليل البيانات المستقبلية من مسرع RHIC من اجل الطاقات المنخفضة، ومسرع LHC من اجل الطاقات العالية، ورؤية الطريقة التي تؤثر بها درجات الحرارة تلك على سلوك البلازما، وخاصةً بالقرب من طور الانتقال من المادة العادية إلى حالة بلازما (كوارك - غلون). ووفق مثل هذه المقاربات أعلاه غاص العلماء في دراسة وتحليل المفردات الكونية بغية معرفة الألغاز الكونية كاللغز الكمومي وألغاز اللانهايات من أجل التوصل إلى نظرية المجال الموحد التي أفنى آينشتين عمره وهو يبحث عنها ولم يجدها، وهي النظرية المفترض بها أن تكون النظرية الجامعة والموحدة الشاملة التي تجيب على أي شيء لكي تكون نظرية لكل شيء، على أن تتمتع بالجمال والأناقة والاتساق وذات تشكيل رياضي متقن وتستطيع أن تفسر كل شيء، من حركة المجرات إلى جيشان المكونات القابعة في عمق نواة الذرة، وأن تقدم الإجابات والتوقعات أو التنبؤات والتكهنات فيما يتعلق بكل الظواهر التي يمكن أن تظهر لاحقاً بهذا الصدد والمرتبطة بمعرفة أصل الكون وبدء الزمان وماهية المكونات المجهولة والسوداء، من طاقة ومادة ومضاد المادة وغيرها، وتقديم رؤية مقنعة ومثبتة عن فرضية تعدد الأكوان المتعددة الأبعاد كما قالت بذلك نظرية الأوتار الفائقة ونظرية التناظر الفائق منذ أن كانت مادة وطاقة مكثفة وساخنة بمقادير لا يتصورها العقل و الكون نفسه مضغوطاً في حيز كان أصغر بمائة مليار مليار مرة من البروتون، فحدث الانفجار العظيم وعلينا أن نعرف كيف ولماذا وأين ومتى وقع هذا الحدث الكوني. فالمفتاح الذي يفتح لنا الباب للولوج إلى باطن الكون ومعرفة أسراره هو الضوء، فما هو الضوء وهل هو جسيم أم موجة؟ حيث لابد من البحث المعمق في طبيعة وماهية الضوء وسرعته وعلاقته بنقل المعلومة لكي نسبر أغوار الكون وألغازه وأسراره. كان نيوتن يتصور الضوء بأنه تجمع جسيمات صلدة تنتقل من مكان إلى مكان , إلى أن أجرى العالم توماس يونغ الطبيب وعالم الفيزياء البريطاني تجربة أجابت عن السؤال وهي تجربة الشقين الشهيرة . لقد أضاء شعاعا ضوئيا ومرره خلال حاجز به فتحتان صغيرتان . احدث الضوء على الجانب الآخر من الحاجز شكلا من الضوء الصافي ومن النطاقات المظلمة , شكل ما يعرف بــ figure d interférence أي تداخل الأشكال المتداخلة التي تحدثها كل أنواع الموجات , مثل موجات البحر. عندما تلتقي قمة مع قمة وقاع مع قاع سيقوي كل منهما الآخر , بينما عندما تتقابل قمة مع قاع فإنهما يلغيان بعضهما . إن مناطق الإلغاء ستصنع شكلا من النطاقات المظلمة , حيث يلغي الضوء نفسه على غرار الشكل النطاقي للمياه الهادئة . اكتشاف يونغ أوضح إن الضوء يتصرف كموجة حيث إن التداخل بطبيعته ذا طبيعة موجية . ولكن اذا كان الضوء موجة , فما هو الوسط الذي ينتشر الضوء خلاله ؟ لقد اقترح العلماء على الوسط المفترض الذي يحمل موجات الضوء اسم (الأثير الضوئي ) . في عام 1887 قام العالم البرت مايكلسون وادوارد مورلي بإثبات عدم صحة وجود الأثير. فلقد اكتشف العالمان إن سرعة الضوء كانت هي نفسها في كل الاتجاهات , سواء كان الضوء ضد اتجاه الريح الأثيرية أو في اتجاهها . مما يدل على أنه لم يكن هناك في الواقع شيء اسمه ( أثير ). وهذا يعني أن الضوء ينتشر بدون وسيط . إلا أن نظرية الكموم أو الكوانتوم أوضحت إن الضوء يتصرف كجسيم في بعض الظروف , وكموجة في ظروف أخرى , أي أن له صفات الاثنين , إلا انه في الحقيقة ليس جسيما ولا موجة . وهذا يشير إلى أن طبيعة الضوء طبيعة احتمالية وليست يقينية وتتبع ظروف التجربة . إن الضوء حسب نظرية الكموم أو الكونتوم هو شيء أو علاقة احتمالية من بين احتمالات أخرى . ومن ثم أقيمت المقارنة مع أنواع أخرى من الموجات للوصول إلى مبدأ تطابق التراكيب super position وهو تطبيق لمبدأ تراكب الأمواج ( التداخل البناء ) ولكن ضمن ميكانيك الكموم الكوانتي , ويحدث عندما تجتمع موجتين في نقطة واحدة في الفضاء بنفس طور الموجة . أي يكونان بنفس السعة وبنفس الجهة في كل لحظة مما يولد اهتزازا ذا سعة عظمى تساوي مجموع سعتي الموجتين . فالشيء الكمومي أو الكوانتي مثل الفوتون او الإلكترون يستطيع أن يفعل شيئين متناقضين في نفس الوقت . فالإلكترون يستطيع التواجد في مكانين في وقت واحد متخذا المسار الأيسر والمسار الأيمن في ذات الوقت وهو أمر يستحيل إدراكه بحواسنا البشرية المحدودة. ولقد أوضحت التجارب انه يمكن لإلكترون واحد أن يصنع نموذج تداخل في حين أن أي شيء كلاسيكي لا يستطيع ذلك . فالاكترون يمكن أن يتداخل مع نفسه . إن مبدأ تطابق التراكيب غريب جدا . فكيف يمكن لإلكترون واحد أن يتخذ مسارين بشكل متزامن ؟ وكيف يمكن لفوتون أن يتحرك حركة لولبية لأعلى ولأسفل في نفس اللحظة ؟ وأخيراً كيف يمكن لشيء أن يتخذ اختيارين متناقضين بشكل متبادل؟، هذه هي غرابة العالم الكمومي أو الكوانتي . وتأتي الإجابة من المعلوماتية الحاسوبية les informations informatique . فعملية تجميع المعلومات ونقلها هي المواضيع الذي وجد فيها العلماء مفتاحاً لفهم فكرة ( تطابق التراكيب ) المشوشة والمناقضة للحدس والمنطق الظواهري لدى البشر. بدا الشكل الجديد لميكانيكا الكموم الكوانتوم بالتشكل في عام 1925 عندما جاء عالم الفيزياء الألماني فيرنر هايزنبيرغ Werner Heisenberg بنظرية مبنية على مبدأ المصفوفات matrixs أو الــ matrices في الرياضيات ونظرية المصفوفات قائمة على مبدأ الاحتمال , وهو مبدأ هايزنبرغ إلى جانب مبدأ الريبة واللايقين. في عالم الكموم الكوانتوم , تكون المعلومات التي تجمعها الالكترونات تختلف تماما عن البايتات Bits البسيطة التي يمكن إدراجها في شيء كلاسيكي (البايت هو الناقل الكوني للمعلومات ) . فبينما يتحدث منظرو المعلومات الكلاسيكية عن المعلومات بمصطلح ( البايتات ) , فان منظري المعلومات الكمومية يتحدثون عن المعلومات بمصطلحات البايتات الكمومية او الكيوبايتات qubits . ففي نظرية المعلومات الكلاسيكية فان سؤال ( نعم , لا ) يمكن الإجابة عليه دائما بنعم أو لا . بينما مع نظرية الكموم فإن الأشياء الكمومية يمكن أن تكون في الحالتين في نفس الوقت , على الجانب الأيمن وعلى الجانب الأيسر . ويمكن أن يكون الإلكترون إلى اليسار آو إلى اليمين أو في الجانبين في آن واحد. وبالتالي يمكن للضوء ان يكون كلا من جسيم وموجة في وقت واحد وذلك يعتمد على ظروف التجربة . إن عالم الشيء الكمومي أو الكوانتي ليس لديه هذا الانقسام كما في العالم الكلاسيكي . فنظرية معلومات الكموم ( دراسة الكيوبايتات ) هي منطقة ملتهبة في الفيزياء حاليا . وعلى الجانب العملي , يمكن للكيوبايتات عمل أشياء لا يمكن للبايتات الكلاسيكية عملها . فالكومبيوترات الكمومية أو الكوانتية تستطيع القيام بأشياء يستحيل على الكومبيوترات الكلاسيكية القيام بها. إذا قمت ببناء كومبيوتر كمومي أو كوانتي كبير بما يكفي , سيكون بمقدورك تفكيك كل الشفرات على الانترنت كأنك تلهو بلعبة .ويمكنك التنصت على آية معاملة تجارية آمنة على الانترنت , وتفكيك الشفرة , وسرقة أرقام بطاقات الائتمان والمعلومات الشخصية التي يجري تبادلها . فكل شيء في الحاسوب أو الكومبيوتر الكمومي أو الكوانتي يتجاوز مدى وقابلية وقدرة وسرعة أفضل الكومبيوترات الفائقة في العالم . ليس مصادفة إن وزارة الدفاع الأمريكية تولي اهتماما بالغا للتطورات والأبحاث والتجارب في مجال الحوسبة الكمومية quantum computing وتعد القوة الكامنة للحوسبة الكمومية سببا في أن منظري المعلوماتية الكمومية informatique quantique لا يجدون صعوبات في تمويل أبحاثهم . فالعلماء يرون أن الحوسبة الكمومية أو الكوانتية هي أفضل طريقة لفهم التناقضات الظاهرية لميكانيكا الكموم . إن تفكيك الشفرات ممتع وهام , إلا انه لاشيء مقارنة بالأسئلة التي يطرحها العلماء عن الطبيعة . عندما يعالج العلماء كيبوتة واحدة فإنهم يحاولون فهم طبيعة المعلومات الكمومية ، وبفهم المعلومات الكمومية , سيتمكنون من فهم مادة الكون , بل ولغة الطبيعة ككل . ان التناقضات الظاهرية لميكانيكا الكموم تنتهي لان تكون في جوهرها , تناقضات بخصوص تخزين المعلومات ونقلها . الظواهر الكمومية أو الكوانتية: التشبيك enchevêtrement وبالانجليزي Entanglement: هو ظاهرة كمية ترتبط فيها الجسيمات الكمومية كالفوتونات والالكترونات ببعضها بالرغم من وجود مسافات شاسعة جدا بينها تبلغ مئات السنين الضوئية , مما يقود إلى ارتباطات في الخواص الفيزيائية . مازال العلماء لا يفهمون آلية التشابك . لقد اجبروا على قبول إن الجسيمات (تتآمر ) بشكل ما عبر المسافات الشاسعة . إن قوانين الكموم والمعلومات الكمومية تصف التشابك بشكل رائع , مع ذلك فهي لا تشرح كيف يعمل ؟ إنها لا توضح كيف إن الجسيمات المتشابكة ترتب للتأمر . في سبيل فهم نظرية المؤامرة الكمومية أبحر العلماء عميقا في الحقل الخارق للطبيعة . من الظواهر التي تدهش الناس وتجد تفسيرها في نظرية الكموم أو الكوانتوم، التخاطر télépathie وبالانجليزية telepathy . فاذا كانت الجسيمات تتآمر على بعد مسافات كبيرة لتكون في حالات متساوية ومتضادة بعد القياس , عندئذ هل تستطيع أن تستخدم تلك الجسيمات في إرسال رسالة أسرع من سرعة الضوء ؟ الواقع لقد اثبت العلماء انه من الممكن إرسال ومضة ضوء أسرع من سرعة الضوء نفسه , لكنه تبين لهم استحالة إرسال بايتة من المعلومات على ومضة الضوء هذه . بعض العلماء يأمل أن يتضمن التشابك سر شكل جديد من الاتصالات , ومن ضمنهم مارسيل اوديه marcel odier السويسري الذي كون ثروته من العمل في البنوك . أنشأ اوديه وزوجته مؤسسة لاكتشاف احد حقول المعرفة الذي دعوه ( الفيزياء السايكولوجية ) , حيث تتلاقى الفيزياء والباراسايكولوجي physique et parapsychologie كان اوديه مقتنعا إن البشر والحيوانات يمكنهم التخاطر فيما بينهم. لكنه لا يعرف الآلية التي تسمح للعقول البشرية بالاتصال ببعضها . مع ذلك بدا ان ميكانيكا الكموم تفتح طريقا جدياً وغريباً. انه التشابك , كان اوديه يأمل أن يساعد التشابك في شرح آلية التخاطر . إن ظاهرة التشابك غريبة جدا بحيث إنها تجتذب المعجبين بالخوارق . وتوضح قوانين معلومات الكموم انه من المستحيل إرسال رسائل بالتشابك وحده . وقد برهنت التجارب على أن هناك صراعا أساسيا بين نظريتي النسبية والكموم حول طبيعة الزمن . ففي نظرية الكموم , وبخلاف النسبية والحياة اليومية ,لا يوجد شيء مثل ( قبل ) أو (بعد ) . فنظرية الكم نظرية خشنة ومحببة grainy أو حبوبية granuleux إنها تتعامل مع باقات ووثبات كمومية . مقادير من الطاقة ونظرة منفصلة ومنقطعة للكون . أصبحت ميكانيكا الكموم الكوانتية مهتمة بالجسيمات الدقيقة جدا . فالتشابك هو احد المساحات التي تتنافس فيها نظريتا النسبية ونظرية الكموم . لقد وضع اينشتاين حدا لسرعة نقل المعلومات , إلا أن نظرية الكموم تقول إن الجسيمات المتشابكة تشعر على الفور متى تقاس نظيراتها . نظرية الكم ( لاادرية ) agnastic بخصوص الكيفية التي تتآمر بها الجسيمات مع بعضها , بينما نظرية اينشتاين حريصة على تحديد كيفية إرسال الرسائل من مكان إلى آخر . هذا هو مفتاح مصدر الخلاف. إذا كان هناك نوع من الاتصال بين الجسيمين بما يسمح لهما بان يتآمرا , فقد بينت تجارب العلماء انه من المستحيل معرفة أيهما المؤثر وأيهما المتأثر . أيهما مرسل الرسالة وأيهما المستقبل . يبدو ان الجسيمات تتجاهل مفاهيم مثل قبل وبعد . يبقى التشابك غير قابل للمنع , يتآمر الجسيمان لكي ينتهيا إلى حالتين كموميتين متعارضتين . بالرغم من أن آياً منهما لا يختار حالته ,إلى أن يجبره فعل القياس على ذلك , وبذلك يبدو أن التخاطر ليس له معنى . لكن عالم الكموم اغرب حتى من خيالات الباراسايكولوجي . وبالتالي إن فهم التخاطر بين البشر يستلزم الغوص عميقا في المناطق المجهولة، و عبر نظرية الكموم الكوانتوم للوصول إلى الآلية التي يتم فيها التخاطر . وفي خاتمة قصة الكون في سطور خلال قرن لا بد من طرح التساؤل حول ماذا كان يوجد قبل البغ بانغ Big Bang الانفجار العظيم ، وماذا يُوجد خارج كوننا؟ُ تحاول العالمة كارين ماستر Karen Masters الإجابة عن هذا السؤال بالقول: " يمكننا تعريف الكون على أنّه كل شيء موجود، لذلك في هذه الحالة لا يُوجد شيء خارجه. نقول أيضاً أن الفضاء والزمن بدأا معاً عند الانفجار العظيم ولذلك لا وُجود لشيء قبلهما. هناك تعريف آخر للكون وهو الكون المرئي أو المنظور والمرصود l’Univers observalble (observable universe) –الذي هو الجزء الذي يُمكننا تقنياً رؤيته. ولكن لا يمكننا معرفة ماذا يُوجد خارجه في الوقت الحاضر (طالما أننا لا نستطيع رصده)، لكن نعتقد بأنَّ الفيزياء تستمر بالعمل بنفس الآلية في كل مكان ولذلك نعتقد أنه يجب ان يكون مشابهاً للكون المرئي أو المنظور والمرصود. نظن في الواقع أن الكون ربّما يكون لانهائي من حيث الاتساع ويستمر بالتوسع إلى الأبد على الرغم من إمكانية رؤيتنا لقسم محدود منه. كما يُمكننا التكهن بذلك من خلال اللجوء إلى الميتافيزياء أو الدين بما يتعلق بموضوع ماذا وُجد قبل الانفجار العظيم، لكن من جديد لا يُمكننا استخدام العلم لإخبار أي شيء حول ذلك فالفيزياء كما نفهمها اليوم تتحطم عند تلك النقطة. لقد درست كارين ماستر Karen Masters توزع وحركات المجرات في الكون المحلي. وحصلت على شهادة الدكتوراه من جامعة كورنيل في أوغست عام 2005 وقامت بأبحاث ما بعد الدكتوراه في مركز هارفارد-سيمثسونيان للفيزياء الفلكية وهي الآن زميل في مؤسسة غروبر في جامعة بورتسموث، معهد علم الكون والثقالة. مما يتألف معظم الكون أو ما هي مكونات الكون المرئي أو المنظور؟ تُجيب عن هذا السؤال آميلي ساتونغ Amelie Saintonge: لفترة طويلة من الزمن، اعتقد الفلكيون أن معظم الكون مؤلف من المادة العادية (التي تُعرف بالمادة الباريونية matière baryonique أو"Baryonic matter") وهي نفس نوع المادة التي تُكون كل شيء موجود على الأرض وفي النجوم الأخرى (البروتونات، النترونات والالكترونات). على أية حال، وُجد حالياً أن هذه المادة تكون قسماً صغيراً فقط من المادة الموجودة في الكون. من خلال قياس حركة المجرات والنجوم الموجودة داخل المجرات، تمكن الفلكيون من تحديد وجود مادة لا يُمكننا رؤيتها. عرفوا ذلك لأنه وعلى الرغم من عدم قدرتنا على رؤيتها، إلا أنهم يستطيعون قياس تأثيراتها الثقالية على النجوم والكواكب. تُعرف هذه المادة بالمادة المظلمة أو السوداء la matière sombre ou noire (Dark matter). وهناك شيء آخر أيضاً يُكون معظم الكون ويُشار إليه بالطاقة المظلمة L énergie sombre (Dark energy). طبيعة الطاقة المظلمة لاتزال غير معروفة بالكامل ولكن نعرف أنها تتصرف بشكلٍ مختلف كلياً عن المادة العادية. يُعتقد بأن لهذه الطاقة تأثيراً معاكساً للجاذبية وبالتالي تساهم في توسع كوننا. تكشف أحدث القياسات المتعلقة بالخلفية الكونية الميكروية المنتشرة عن الأقسام النسبية التي تُساهم بها كل مركبة. تنص أفضل التقديرات على أن الكون مكون من 4% مادة باريونية عادية، 23% مادة مظلمة و74% طاقة مظلمة. (ناسا بالعربي)، ملاحظة : أحدث القياسات القادمة من مهمة بلانك تنص على أن الكون يتكون من 68.3% طاقة مظلمة، 4.9 مادة عادية باريونية و26.8 مادة مظلمة. كما أن قيمة ثابت هابل بلغت 67.15 بخطأ يصل إلى +/- 1.2 كيلومتر لكل ثانية لكل ميغابارسيك. Amelie Saintonge: تعمل ايميلي على إيجاد طريقة من أجل كشف الإشارات القادمة من المجرات بالاعتماد على الخرائط الراديوية. ولقد ركزت العالمة آميلي سانتونغ دراساتها على الصور التي ألتقطها تلسكوب بلانك وخاصة صورة عنقود مجرات الكور. وعنقود الكور (Fornax)، وهو اسم الكوكبة الجنوبية التي يُمكننا إيجاد معظم مجراتها. على الرغم من أنّها تبعد 20 ضعف أكثر من عنقود المرأة المسلسلة آندروميدا، فإنّ الكور أبعد بحوالي 10% من العنقود المجري العذراء (Vigro Cluster of galaxies). يمتلك عنقود الكور منطقة مركزية محددة جيداً وتحتوي العديد من المجرات، لكنّها لا تزال في مرحلة التطور. كما يمتلك هذا العنقود المجري أيضاً تجمعات من المجرات تَظهر منفصلة لكنّها بدأت بالاندماج والاقتراب من بعضها البعض.
#جواد_بشارة (هاشتاغ)
Bashara_Jawad#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سيتعرى الكون أمام أعين البشر يوما ما ويكشف عن نفسه؟
-
دورة الحروب الحديثة التي لا تنتهي في العراق
-
حرب التحالف الدولي على داعش تبدأ بالمخابرات
-
الواقع الظاهر والوقع الخفي في الكون المرئي 2
-
الواقع الظاهر والوقع الخفي في الكون المرئي 1
-
داعش بين صورتها الحقيقية وقصور الإعلام 1
-
الغرب ينظر إلينا بعين واحدة
-
نقاط القوة والضعف في كينونة القوة القائدة للعالم
-
داعش الآلة الجهنمية التي خرجت من رحم الإخوان المسلمين
-
الولايات المتحدة الأمريكية منجم المشاكل الدولية؟
-
ومضات من وراء الحدود
-
رحلة في أعماق الكون المرئي من المنبع إلى المصب
-
مقابلة مع د. إسماعيل قمندار
-
الحياة ظاهرة كونية وليست أرضية فقط ؟
-
الشرق الأوسط في إعصار لعبة الأمم
-
حكايات الكوانتا الغرائبية
-
الموجود والمفقود في الكون المرئي
-
التشققات الكونية
-
مفردات الكون المرئي الجوهرية: الصدفة أم الضرورة، الشواش والع
...
-
التشيع والدولة: رجال الدين أمام اختبار الحداثة
المزيد.....
-
الأعراض الأولى لسرطان القصبة الهوائية والوقاية منه
-
أطعمة ومشروبات تجنبها عند تناول المضادات الحيوية
-
الضغوط تتزايد على عمالقة التكنولوجيا.. ماذا يعني قانون الأسو
...
-
الحكومة الأميركية تطلب من القضاء إجبار غوغل على بيع -كروم-
-
” سجل الآن من هنا “.. التسجيل في مسابقة الشبه الطبي في الجزا
...
-
مخدر الاغتصاب GHB .. مراحل تأثيره السلبى على الجسم وكيف يحدث
...
-
وكالة الفضاء الأوروبية تمول شركات صناعات الفضاء الخاصة بملاي
...
-
نوع من الفطر قد يبطئ نمو الورم السرطاني ويطيل العمر
-
للمرة الأولى.. اصطفاف مجرتين بشكل مثالي يساعد على رؤية الكون
...
-
أوبئة عادت لتهدد العالم فى 2024.. فيديوجراف
المزيد.....
-
هل سيتفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في يوم ما؟
/ جواد بشارة
-
المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
-
-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط
...
/ هيثم الفقى
-
بعض الحقائق العلمية الحديثة
/ جواد بشارة
-
هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟
/ مصعب قاسم عزاوي
-
المادة البيضاء والمرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت
...
/ عاهد جمعة الخطيب
-
المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض
/ عاهد جمعة الخطيب
-
الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين
/ عاهد جمعة الخطيب
-
دور المايكروبات في المناعة الذاتية
/ عاهد جمعة الخطيب
المزيد.....
|