|
الشجعان الجدد يلتحقون أفواجا
محسين الهواري
الحوار المتمدن-العدد: 4618 - 2014 / 10 / 29 - 08:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"يثير مذهب ماركس، في مجمل العالم المتمدن، أشد العداء والحقد لدى العلم البرجوازي كله، إذ يرى في الماركسية ضربا من "بدعة ضارة". ليس بالإمكان توقع موقف آخر، إذ لا يمكن أن يكون ثمة علم اجتماعي "غير متحيز" في مجتمع قائم على النضال الطبقي. فكل العلم الرسمي والليبرالي يدافع، بصورة أو بأخرى، عن العبودية المأجورة بينما الماركسية أعلنتها حربا لا هوادة فيها ضد هذه العبودية."
إننا نحيا في عالم تسود فيه المصالح بدل المبادئ. حيث لا تتورع الطبقات السائدة في شراء الذمم والمتاجرة بمواقف ضعاف النفوس. وهذا ما يتمثل في تغزل بعض الأحزاب بخريجي مدرسة النهج الديمقراطي القاعدي بغية جرهم إلى مستنقع المهادنة. بعدما عبث النظام وحلفاءه بحرية وحياة المئات من المناضلين الشرفاء. وهو ما دفع فعلا ببعض "الشجعان الحقيقيين" إلى الالتحاق بجوقة النظام الطبقية.
ليس من قبيل الصدفة الموازنة بين الهجوم الغاشم لأجهزة النظام والقوى الظلامية من أجل اجتثاث الفعل النضالي الثوري لا سواء من داخل الجامعة المغربية أومن داخل الشارع، وهو ما نتجت عنه عدة اغتيالات واعتقالات في صفوف الماركسيين اللينينيين، وفعل تغزل حزب الأصالة والمعاصرة بتجربة الطلبة القاعديين. فقد اعتبر إلياس العماري تجربة القاعديين " كأحسن تجربة مغربية إنسانية، ولو سياسية بعمق إنساني، عرفها المغرب إلى حدود الساعة".
تغزل حزب الأصالة والمعاصرة بمناضلي النهج الديمقراطي القاعدي، ليس بالأمر الجديد، بل سبقته أحزاب أخرى لإغناء صفوفها بكوادر سياسية تعجز عن استقطابها ببرامجها السياسية، كما أن التحاق بعض المحسوبين على تجربة الطلبة القاعديين بأجهزة النظام ليس بالأمر الغريب، فكل التجارب السياسية للتنظيمات الثورية تعرف اختراقات وتراجعات بسبب عدم مقاومة البعض لأشواك طريق الثورة.
إن موقفنا السلبي من العمل داخل الأحزاب السياسية لا يعود إلى الجمود العقائدي كما يدعي البعض أو بسبب موقف عدمي من طبيعة هذه الأحزاب بل لإدراكنا استحالة تقديم أية إضافة للكادحين من داخل بوتيكات سياسية أنشئت وفق مقاس تخليد استعباد البرجوازية للكادحين. إن الطبقات السائدة بالمغرب، ومن خلال أدواتها السياسية، تمنح " الإصلاحات بيد وتسترجعها بيد أخرى، وتقضي عليها كليا، وتستغلها لأجل تقسيمهم إلى فرق مختلفة، لأجل تخليد عبودية الكادحين المأجورة".
مقولة لينين هذه تجد برهانها في ما يقع الآن على الساحة الوطنية والدولية. حيث أجبر احتدام الصراع الطبقي البرجوازية على تقديم عدة تنازلات للكادحين، إلا أن غياب أحزاب ثورية متحيزة لمصالح الشرائح المضطهدة طبقيا، جعل البرجوازية تسترجع ما فقدته من خلال تفتيت الجماهير الكادحة فرقا وطوائف وتعكير وعيها بصراعات لا يمكنها إلا أن تخلد سيادة الرأسمال.
لو استوعبت الجماهير الشعبية أن الاستغلال قائم باستمرار قيام النظام الرأسمالي لما خدعتها حفنة الإصلاحات المنتزعة بل لاستمرت في النضال لتعميق المكتسبات حتى القضاء نهائيا على نظام استغلال الإنسان لأخيه الإنسان. وهذا هو مربط الفرس الذي نختلف فيه جذريا مع دعاة "أن الإصلاحات هي كل شيء وأن الهدف النهائي لا شيء." ولتوضيح الموقف أكثر سنعود لوصف دقيق لأحد رجالات النظام القائم لقواعد اللعبة السياسية بالمغرب.
يقول إلياس العماري إن حزب الأصالة والمعاصرة "حزب أسس وفق القانون المغربي وفي إطار القانون المغربي من أجل المساهمة من موقعه البسيط في إغناء الحقل السياسي المغربي. إنه حزب مثل باقي الأحزاب، يعيش الديمقراطية على الطريقة المغربية." أي أن الاشتغال من داخل هذه الأحزاب يعني بشكل جدلي الخضوع للتشريعات الطبقية المغربية والدفاع عنها. و"رفاقنا" السابقون يدركون جيدا أن مختلف المذاهب الفلسفية والدينية والسياسية ما هي إلا انعكاس أمين لنظام المجتمع الاقتصادي. إن الماركسية تعتبر أن مختلف الأشكال السياسية للدول البرجوازية مجرد أدوات لتعزيز سيطرة البرجوازية على الطبقات الكادحة.
إننا كماركسيين لينينيين لن نتخلى على أي من "الحيتان الثلاثة" والاكتفاء نظريا وعمليا، مقابل ذلك، بكل ما لا يتخطى حدود الإصلاحية والسقوط من حيث ندري في الصيغة القائلة أن "الإصلاحات هي كل شيء وأن الهدف النهائي لا شيء". ويعلم "رفاقنا الشجعان" بأننا خيرنا في أكثر من مرة بين التسلق الطبقي ومنهج الثورة واخترنا عن قناعة هذا الأخير إيمانا منا بأنه هو السبيل الوحيد لطبقة اجتماعية تخلى عنها الكل باستثناء الجزء رغم وعينا التام بصعوبة وخطورة المهام المطروحة.
#محسين_الهواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جائزة نوبل للتخلفلوجيا
-
في ترجمة الخطاب السياسي
-
-هما ميت واحنا مين-
-
في اقتسام الشرق الأوسط المريض
-
هي من نور، أنتم من نار ونحن من تراب
-
أرجوكم، اعتقلوني بعد الامتحان
-
في اغتصاب مفهوم الثورة
-
كل سنة وأنتم ملتحين
-
عندما تتجند الفاشية لإغتيال الفكر التقدمي
-
حزب عوفير بنكيران
-
قبلات شاذة
-
الاسلاميون برجوازية ملتحية
المزيد.....
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|