|
عندما يفكر الفقراء
مرام مغالسة
الحوار المتمدن-العدد: 4617 - 2014 / 10 / 28 - 19:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا يمكن اعتبار العدالة المجتمعية مفهوما معاصرا بل هو ضرورة تاريخية لازمت نشوء المجتمعات الإنسانية باعتبار تبادل المنافع والأدوار بين افراد المجتمع الإنساني ضرورة لاستمرار الحياة ؛ ومع تنامي اعداد السكان ازداد التنويع في امكانيات أفراد المجتمع الواحد ومهاراتهم بشكل متفاوت مما زاد من عبء وضرورة التكافل المجتمعي على حد سواء واحاله لتطبيق معقد يرتبط بكافة المجالات ؛ رغم ان ذلك يثقل عاتق الدولة النامية الا انه يقع عليها لزاما واجب السعي الحثيث للحفاظ على مجتمع متوازن تدعمه عدالة مجتمعية منظمة شاملة ومهنية يتيح لجميع أفراده تداول الفرص والعطاء في ظل دولة ديمقراطية آمنه. ان اختلال التكافل المجتمعي وافتقاره لمنظومة مهنية شاملة ومستدامة يخلق شريحة مجتمعية فقيرة تنعزل بتعاطيها مع الامور الحياتية اليومية ويعيق ارتباطها بالمجتمع والدولة على حد سواء ، لقد اصبح التباين الطبقي في مجتمعات العالم الثالث اكثر وضوحا مع سوء ادارة الموارد وفوضى الرأسمالية أما في مجتمعنا الأردني فإننا نراه في مشاهد يومية في كل مكان مما يمس إنتمائنا الوطني شئنا ام ابينا والأكثر من ذلك يطعن إنسانيتنا باستمرار . وعندما نتحدث عن انعزال الفقراء عن الدولة والمجتمع فكريا فإننا نعنيه نتيجة للإنعزال المادي الذي يسال عنه اصحاب القرارفي الدولة ؛ فنجد الفقراء اسرى خواطرهم مجبرين لا مكرهين حيث أن ذهنيتهم تتحرك ضمن مساحة ضيقة جدا من الإمكانيات والخيارات المادية بشكل يؤثر حتما في منهج تفكيرهم فنجدهم يقعون في دوامة تأمين الإحتياجات اليومية المتتالية التي لا تنتهي ومن هنا يقعون ضحية التفكير على المدى القريب لتلبية الحاجة ويسقطون من حساباتهم التفكير على المدى البعيد اوحتى التخطيط لغد افضل ، إن التفكير الآني يفقدهم الإهتمام بالأفكار ويزيد ارتباطهم بالأشياء مما يهدد تراكم النماء الفكري لديهم ولا يتيح لديهم فرصة تطوير النهج الفكري أوتراكم الخبرات على المستوى الفردي والاسري والمجتمعي مما يفسر احتكار الطبقة الفقيرة على الارجح لانواع معينة من الممارسات المجتمعية الخاطئة كالزواج المبكر الذي يعتبر حلقة لا منتهية من الإنغماس اللاواعي بالفقر وعامل رئيسي لاستمرار العنف الأسري والتسلط الإقتصادي بين افراد العائلة الواحدة ؛ ونتيجة لشح مواردهم في تلبية احتياجات العيش اليومي- التي لا تحتمل وفقا لمعاييرالإنسانية التأجيل - نجدهم يتوقعون وبشكل متسارع تتالي عطاءات سد الحاجة لا الحلول التي يصحبها ضيق النفس والأفق بشكل لا يتيح بانتظار العطاء رسم خطة ولا يتيح لديهم مرونة بالتفكير كتغيير الخطة عند الإصطدام بالمعيقات وبالتالي تكون النتيجة خنوعهم والإستسلام ؛ ان ذلك يجعل الفقراء يعتقدون انهم لا يملكون القرار في تحديد مصائرهم نتيجة اعتقادهم بانهم ضحايا ظروف وجودية قاسية رافقتهم منذ الصغر وان هذه الظروف مازالت تحول دون قدراتهم مما يساهم كثيرا باقصائهم من دائرة المجتمع المتفاعل ؛ فهم يستبعدون إمكانية تغيير الواقع المعاش ولا يعتبرونه من الخطط المستقبلية كونه يدخل ضمن دائرة اللامعقول فمع انعدام الإمكانيات تنعدم الخيارات ، وهنا تبرز خطورة الإتكالية على من وعد بالمساعدة ونتحقق أن الإنعزال الفكري لشريحة من المجتمع لا يبشر بالتطوير المجتمعي او العلمي او الإقتصادي ولا يعد مجتمعنا بالكثير. وهنا نتحدث عن شريحة من المواطنين لا تعيش ضمن دائرة التفكير الطبيعي للحفاظ على مستوى من العيش الكريم وتؤثر في فرص التفكير المستقر على المستوى المحلي الوطني مما يشكل إعاقة مهمة امام تفاعل مجتمعي طبيعي بين افراد المجتمع الواحد؛ طريقة تفكيرهم على المدى القريب والتعلق بالأشياء تحيد بهم عن الإنتماء الوطني باعتبارهم مستقصيين من دائرة المصلحة العامة والتكافل المجتمعي بفعل قصور في وعي وقرارات المتنفذين ونجد من الإنعزال الفكري كما ذكرنا اعلاه المتجسد بالإتكالية العمياء على الغير فرصة حتمية لجعلهم طعما سهلا للمنظمين غير الشرعيين ومخططي الجرائم باعتبار الفقراء والعاطلين عن العمل هدفا واضحا سهل المنال مما يجلب وبالا على امن الدولة والمنطقة وخلق عناصر موالية لا للدولة بل عليها. لا يعتبر ما اقوله ابتكارا او تزيدا بل هو واقع تتحمل مسؤوليته الدولة بمؤسساتها ويتطلب منها وضع مخطط وطني "يوطن الفقراء" ويمكنهم من ممارسة مواطنتهم واخذ حقوقهم ..نعم ممارسة مواطنتهم باخذ حقوقهم حيث ان مطالبة الدولة مواطنيها بالحفاظ على الامن والامان يقابله ضمان الدولة للحق بالسكن والحق بالعمل والحق بالعيش الكريم. نحن بحاجة لمخطط يدمجهم حرفيا ومهنيا في سبيل إحياء مجتمعنا الأردني مجتمعا متجانسا بعيدا عن التخلف الفكري الذي يعيق المجتمع عن التطوربكافة محاوره ويجرد افراده من الإنتماء بما يهدد امن الدولة ويجعلها في مهب التفككات الطائفية التي تعصف بمنطقتنا؛ مخطط يدرس إدارة الموارد المحلية و يوفر فرص تمكين إقتصادي عادلة يرافقه برامج ذات نهج محلي علمي ومتخصص لا نهج مستورد تتناوله نشاطات مفككة من هنا وهناك . المحامية مرام مغالسة ناشطة في حقوق المرأة والإنسان
#مرام_مغالسة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|