|
تهافت البخاري وتحريفه لحديث الرسول
سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي
الحوار المتمدن-العدد: 4616 - 2014 / 10 / 27 - 18:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كان النبي يحب الأنصار لموقفهم الرائع من المهاجرين ونصرة الدعوة، فأتت إليه امرأة من الأنصار ذات مرة تكلمه في أمرٍ ما.
هذه الحادثة وثقها الرواة تحت عنوان.." فضائل الأنصار".
ولكن البخاري خالف الرواة بتوثيق الحادثة تحت عنوان آخر تماماً ويقلب المعنى بالكلية، حيث وثقها تحت عنوان.."فضائل النساء"..وحذف الأنصار، وبوّب لها باباً تحت عنوان.."ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس"..
والفرق واضح أن هذه سقطة حديثية خلعت الفعل نفسه من سياق إلى سياق آخر تماماً به شبهات ومطاعن على الرسول..وإليكم الدليل.
في مسند الطيالسي(ت204هـ) روى الحادثة كما يلي.." حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر قثنا شعبة، عن هشام بن زيد قال: سمعت أنس بن مالك يقول: جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلا بها، وقال: «والذي نفسي بيده، إنكم لأحب الناس إلي، قال يعني الأنصار"..(3/545).
في مسند أحمد(ت241هـ) قال:.." حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي، قثنا محمد بن جعفر قثنا شعبة، عن هشام بن زيد قال: سمعت أنس بن مالك يقول: جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلا بها، وقال: «والذي نفسي بيده، إنكم لأحب الناس إلي"..(باب فضائل الأنصار مسند أحمد 2/808).
في صحيح مسلم (ت261هـ) قال:.." حدثنا محمد بن المثنى، وابن بشار، جميعا عن غندر، قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن هشام بن زيد، سمعت أنس بن مالك، يقول: جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " فخلا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: «والذي نفسي بيده إنكم لأحب الناس إلي ثلاث مرات"..(باب فضائل الأنصار صحيح مسلم 4/1948)
أما عند البخاري(ت256هـ) فوثقها تحت عنوان آخر وأعطى لها معنىً آخر تماماً حيث قال.." حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن هشام، قال: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخلا بها، فقال: «والله إنكن لأحب الناس إلي"...(باب ما يجوز أن يخلو الرجل بالمرأة عند الناس صحيح البخاري 7/37)
والرواية الأخرى للبخاري وثقها تحت عنوان كيفية اليمين ، حيث قال.."حدثنا إسحاق، حدثنا وهب بن جرير، أخبرنا شعبة، عن هشام بن زيد، عن أنس بن مالك: أن امرأة من الأنصار أتت النبي صلى الله عليه وسلم معها أولاد لها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده، إنكم لأحب الناس إلي» قالها ثلاث مرار"..(باب كيفية اليمين صحيح البخاري 8/31)
ملاحظات على ما سبق:
1-الحديث عن شعبة عن هشام بن زيد عن أنس، ثم انتقلت واختلفت الراوية بعد ذلك.
2-نقل البخاري حديثيه عن شعبة عن وهب بن جرير وغندر المعروف بمحمد بن جعفر الهذلي والمشهور بصاحب الكرابيس، وصاحب الكرابيس هذا لم يعجب ابن حجر حيث قال فيه.."كان فيه غفلة"..ووافقه ابن حبان في الثقات، أما وهب بن جرير فقال فيه ابن حبان.."كان يخطئ "..وروى العجلي أن عفان كان يتكلم فيه.
3-هذا حال رواة البخاري كان من بعده يتكلمون فيهم.
4- تحريف القصة بدأ من الناقلين عن شعبة أو ممن نقلوا عنهم، أو من شعبة نفسه حيث أضاف الراوي عند الطيالسي قصده للأنصار وليس للنساء كما تهوّر البخاري ودون حديثه مخالفاً لسير القصة.
5-الحديث عند البخاري به طعن في رسول الله، حيث يشبهه بزير النساء الذي يعشقهم ويخلو بهم، والدليل تحريفه ضمير الإِشارة من جمع المذكر(إنكم) إلى جمع المؤنث(إنكن) وتبويبه للباب تحت عنوان جواز خلوّ الرجل بالمرأة، ومذهب البخاري في أي قصة أو معتقد يظهر من تبويبه وعناوينه.
والآن إلى المحدثين الذين أطروا البخاري ووضعوه ورجاله في مرتبة العصمة، ما رأيكم فيما سبق؟
لو قلتم أن البخاري أًصاب فقد اتهمتم النبي بعشقه للنساء وخلوّه بالأجنبيات منهن..ثم قسمه على ذلك، وسبق القسم يؤكد الإرادة والحماس لما قيل، فلو قلتم وما الخطأ قلت: أن الأنبياء من صفاتهم الزهد والترفع عن الدنيا وشهواتها، وتكونوا قد أوقعتم النبي تحت طائلة قوله تعالى.." زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب .. (آل عمران:14)
فالأنبياء يبحثون عن حسن المآب وما عند الله، ولا يبحثون عن الشهوات من النساء، وقبولكم بهذا الحديث يخلع صفة من صفات النبوة عن النبي.
أما لو قلتم أن البخاري أخطأ..قلنا وما بال حديثكم أنه.."أصح كتاب بعد كتاب الله"...وما بال إطرائكم لشخصه ورجاله، وما بالكم بمن استدرك على علم الحديث ورفضه للجرح والتعديل كونه يقوم على أحكام نسبية تُفضي إلى أحكام مطلقة باسم الشريعة والسنة، رغم أن العكس هو الواجب، أن يأتي النسبي من المطلق وليس العكس.
#سامح_عسكر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عشرة أدلة تثبت اختلاق قصة رجم الغامدية
-
بدعة ليلة النصف من شعبان
-
عندما يكون الدين سيفاً على الإرهاب
-
حوار إعلامي مع ابن تيمية
-
تناسخ الأرواح عند الهندوس
-
ميثولوجيا الصحابة
-
أكذوبة مالك بن صعصعة ومعراجه
-
الثورة البحرانية الحضارية
-
إنهم يضربون داعش
-
تعالوا لنفهم داعش
-
حوار مع الأصدقاء والقراء على الفيس بوك (3)
-
حوار مع الأصدقاء والقراء على الفيس بوك (2)
-
حوار مع الأصدقاء والقراء على الفيس بوك (1)
-
الانحطاط في خطبة الجمعة المصرية
-
عوائق الفكر
-
الذاتي والموضوعي في أزمة التنوير
-
طاعون داعش قابل للانتشار
-
قتل العلمانيين عند الأزهر
-
تشريع الحدود بين الأمة والسلطة
-
إنك لا تهدي من أحببت ياأزهر
المزيد.....
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
-
تردد قناة طيور الجنة على القمر الصناعي 2024 لضحك الأطفال
-
شولتس يحذر من ائتلاف حكومي بين التحالف المسيحي وحزب -البديل-
...
-
أبو عبيدة: الإفراج عن المحتجزة أربال يهود غدا
-
مكتب نتنياهو يعلن أسماء رهائن سيُطلق سراحهم من غزة الخميس..
...
-
ابو عبيدة: قررت القسام الافراج غدا عن الاسرى اربيل يهود وبير
...
-
المجلس المركزي لليهود في ألمانيا يوجه رسالة تحذير إلى 103 من
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|