أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - دستور مشلول لا ولن ينقذ بوش من الورطة !















المزيد.....

دستور مشلول لا ولن ينقذ بوش من الورطة !


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1297 - 2005 / 8 / 25 - 10:25
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


يوما عن يوم يتكشف للعالم الخطأ الفادح الذي ارتكبته الإدارة الأمريكية في تصميمها على إزاحة عميلها في العراق ، صدام حسين ، من على كرسي الحكم فيه ، وعن طريق الحرب ، وليس عن طرق أخرى كانت متاحة أمامها . ولكن تلك الإدارة ركبت رأسها ، ومضت دون أن تلتفت للكثيرين الذين وقفوا ضد شن حرب على العراق ما كانت لتقف حدود تدميرها عند النظام وحده ، وإنما ستمتد بعيدا ، لتحل الخراب والدمار بالعراق وأهله ، مثلما سيتطاير شرار نيرانها ، ليتخطى حدود العراق الى البلدان المجاورة ، مثلما توقع الكثيرون .
لقد قامت تلك الحرب على ثلاثة أهداف معلنة ، هي : تدمير أسلحة صدام النووية والكيمياوية ( أسلحة الدمار الشامل ) ، قطع اليد التي تمد الإرهابيين بالمساعدة والعون ، ثم نشر الديمقراطية في العراق . هذه الأهداف الثلاثة المعلنة هي التي بشرت بها ماكنة الإعلام الأمريكية ، وذلك قبل شهور كثيرة من شن القوات الأمريكية لحربها على صدام ، تلك الحرب التي لا زالت مستعرة الأوار للساعة ، رغم مرور أكثر من عامين على الساعة التي اندلعت بها .
لم تحقق إدارة بوش من أهدافها المعلنة ، والتي ذكرتها قبل قليل ، شيئا ، فهي لم تعثر على سلاح نووي أو كيمياوي على أرض العراق ، وذلك بعد أن قامت فرق التفتيش الدولية من قبل بتدمير ما تبقى من تلك الترسانة عند صدام غب حرب الخليج الثانية ( حرب الكويت ) ، ويبدو أن فرق التفتيش الأممية قد أنجزت مهمتها على أكمل وجه وقتها ، ولكن الإدارة الأمريكية ، ولشيء في قلب يعقوب ، ظلت على شك ، والى أن قامت فرق أمريكية متخصصة بتفتيش الأرض في العراق شبرا شبرا بعد حربها على صدام ، ولكنها في نهاية الأمر لم تعثر على شيء البتة . وحين أفلست من إثبات وجود للهدف الأول لجأت الى الهدف الثاني والثالث اللذين لم تحقق منهما شيئا كذلك ، فالإرهاب تصاعد وتفشى بعد تلك الحرب ، والعمليات الإرهابية ازدادت وتكثفت ، سواء أتلك التي تقع يوميا داخل العراق ، أو تلك التي تقع خارجه ارتباطا بالحرب نفسها .
لقد صار الإرهابيون بعد الحرب على العراق أكثر عدة وعددا ، وأقوى شكيمة وتنظيما ، فقد عادوا يواجهون القوات الأمريكية وجها لوجه ، تدعمهم في ذلك أطراف كثيرة ، كانت بعيدة عنهم عشية الحرب على العراق ، يضاف الى ذلك أن الإرهابيين هؤلاء باتوا يفرضون سيطرتهم على مدن ، وأرياف عراقية ، مثلما يطبقون قوانينهم القادمة من قرون خلت ، والتي لا تمت بصلة الى أي نوع من أنواع الديمقراطية أطلاقا ، وإنما الديمقراطية بعرفهم كفر ما بعده كفر ! فهم يطمحون الى بناء إمارة في العراق لا تختلف أبدا عن إمارة طالبان في أفغانستان .
وعلى هذا لم يبق أمام بوش ، وطليعته في العراق إلا تسويق ديمقراطيته تلك على الكورد في الشمال ، وعلى الشيعة في الوسط والجنوب ، ولكنه ، مع ذلك ، قد تخلى عن تلك الديمقراطية في آخر لحظة ، وبعد أن استغرقت صياغة الدستور العراقي المشلول شهرا عديدة ، سفح فيها من المال والعرق والجهد الكثير ، وبعد أن أثخنت الجراح في جسد الجيش الأمريكي ، وذهاب معظم الأموال التي أعدت لاعمار العراق الى جيوب الشركات الأمريكية ، وذلك حين أنفقت تلك الأموال على مشاريع وهمية ، لم يحصل منها العراقيون سوى وعود أعضاء الوزارة العراقية الجوفاء .
بعد كل هذا الفشل صفقت الإدارة الأمريكية ، متمثلة بالرئيس ، جورج بوش ، والسيدة السمراء ، وزيرة خارجيته ، كوندليزا رايس لانجاز مشروع دستور عراقي مشلول ، ومتخلف ، راعت فقراته الخصوصيات الطائفية والعرقية في العراق ، ومن دون أن تراعي القضايا الوطنية ، والمصلحة العامة لعموم الشعب العراق ، حتى أن رئيس أكبر دولة في العالم ، مثل الرئيس بوش ، راح يستعذب ترديد كلمات من مثل : الشيعة والسنة على لسانه ، وكأنه لم يسمع بفتوى السستاني التي حرمت قبل أيام ترديد مثل هذه الكلمات صونا للشعب العراقي ، وحفظا للعراق !!
لقد تخلى جورج بوش عن ديمقراطية العراق والشرق الأوسط ، تلك الديمقراطية التي كانت هدفا معلنا من أهداف حربه الضروس على عميلهم صدام الساقط ، وهذا ما شهدت به صحف حلفائه الانجليز في تلك الحرب ، ويبدو أن حراجة الظرف في العراق ، والخسائر الأمريكية ، الفادحة في المال والرجال ، هو الذي حدا بالمعلق السياسي للقناة التلفزيونية السويدية الأولى ، بعد سماع إحالة مشروع الدستور المشلول على الجمعية الأمريكية – الإيرانية في بغداد ، الى القول : إن الدافع الذي يقف وراء إصدار مثل هذا الدستور هو رغبة إدارة الرئيس الأمريكي بوش في سحب قواتها من العراق بدءً من ربيع السنة القادمة .
وعلى الضد من المحللين الغربيين يقف خليل زادة ، السفير الأمريكي ، الأفغاني الأصل ، ليقول نصا :( إن مشروع الدستور " ينص على أن الإسلام ليس مصدر التشريع ، بل أحد مصادر للتشريع "، كما ينص على أنه " لا يمكن تبني قانون يتعارض مع مباديء الإسلام " وأوضح أن مشروع الدستور يقضي أيضا بأنه " لا يمكن تبني قانون يتعارض مع مباديء الديمقراطية ، أو حقوق الإنسان ، أو الحقوق التي ينص عليها الدستور . " )
هذا ما قاله السفير الأمريكي ، زلماي خليل زاده في بغداد ردا على ما كتب في الصحف الغربية بخصوص الدستور العراقي ، وتخلي الولايات المتحدة عن هدف تحقيق الديمقراطية للعراقيين عبر الحرب التي أعادت بلدهم الى عصر ما قبل التصنيع ، مثلما أراد مخططو تلك الحرب من الأمريكان . أما ما يقوله الدستور في هذه النقطة بالذات ، وفي الباب الأول من المادة الثانية ، فهو :
أولا – الإسلام دين الدولة الرسمي ، وهو مصدر أساسي للتشريع ، ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابته وأحكامه .
ثانيا – لا يجوز سن قانون يتعارض مع مباديء الديمقراطية ، ولا مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور .
يبدو لي من خلال القراءة اللغوية للمادتين المذكورتين أن ما صرح به السفير الأمريكي من أن الدستور العراقي ينص على أن الإسلام ليس مصدرا للتشريع بل هو أحد مصادر التشريع هو قول لا يجانب الحقيقة ، وذلك لورود كلمة : مصدر ، الواردة في الفقر الأولى من المادة الثانية بصيغة التنكير لا التعريف ، ويبدو أن زاده أعتمد على هذا التفسير ، مثلما أعتمد إسرائيل عليه من قبل في تفسير مضمون مادة وردت في أحد قرارات مجلس الأمن الدولي ، وذلك حين نصت تلك المادة على كلمة : دولة ، وليس الدولة الفلسطينية ، والذي يدعم هذا الرأي هو العبارة التي أضافها المشرع في آخر هذه الفقرة تحوطا ، فقال : ولا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابته وأحكامه أي الإسلام . وقد يجادل البعض في الصفة المنكرة ( أساسي ) التي أعقبت كلمة : مصدر ، فيقول أن هذه الصفة تحسم الأمر لصالح من يرى أن الدستور نص على إسلامية التشريعات في العراق ما دامت تصف المصدر بالأساسي ، والحقيقة هي ليست كذلك ، فصفة أساسي تبعت موصوفها في التنكير كذلك فهي ، والحال اللغوية هذه ، تتبع موصوفها في الدلالة اللغوية أيضا . هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فإننا نلاحظ أن الفقرة الثانية من المادة نفسها تشل حكم الفقرة الأولى منها ، وذلك حين تقول : لا يجوز سن قانون يتعارض مع مباديء الديمقراطية ، ولا مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور .
وعليه يمكن للمشرع المسلم أن يحمل الفقرة الأولى تلك سلاحا بيده ، حين يريد أن يشرع قانونا ما مستقبلا ، بذات القدر الذي يستطيع فيه المشرع العلماني أن يحمل الفقرة الثانية حجة في إبطال قانون المشرع المسلم ما دام يتعارض مع مباديء الديمقراطية والحقوق والحريات الأساسية الواردة في الدستور .
ومع كل ذلك فقد كان المراقبون السياسيون في أوربا يتطلعون الى صدور دستور في العراق أكثر حسما في صيغه وعباراته باتجاه نشر وتحقيق الديمقراطية في العراق والشرق الأوسط ، ذاك الهدف المعلن الذي حملته الدبابات الأمريكية على ظهورها حين غزت العراق قبل أكثر من سنتين ، ولكنه باستمرار الحرب ، وتصاعد العمليات المسلحة تدهورت حياة الناس في العراق من جميع وجوهها ، وتبخرت آمالهم في تحقيق رفاه اقتصادي - اجتماعي ، يضاف الى ذلك تلك المعارضة المتنامية للحرب باطراد في الشارع الأمريكي ، وفي داخل الحزب الجمهوري ، ذلك الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس الأمريكي نفسه . كل هذا جعل ذاك الرئيس أن يلوذ بإصدار دستور مشلول ، عله ينجو من ورطة العراق التي وضعه هو نفسه فيها ، مثلما وضع العراقيين الحالمين بوطن تسوده الحرية ، ويشعر فيه الإنسان بالأمان قولا وحركة ، وطن لا ينتشر فيه خوف ورعب ، ولا تقوم فيه حكومات عصابات قتل ، فاقت في إرهابها للناس فيه إرهاب حركة طالبان في أفغانستان ، ولا فرق بين هذه العصابات سنية كانت هي أم شيعية ، فالوضع في البصرة ، وخوف الناس فيها لا يختلف عن الوضع في الرمادي ورعب الناس فيها كذلك ، فتلك تحكمها عصابات ولاية الفقيه ، وهذه تسوسها عصابات أمير المؤمنين ، وكلاهما يحكمان باسم الله الذي لا يعرفه بوش الغارق في ورطته ، والمتشبث بقشة دستور مشلول ، وهو يعوم في بحر من أحلام البراغماتية طافح بلجج المال والأرباح .



#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصرخي علامة من علامات تخلف العراق في العهد الأمريكي !
- السستاني يصفع الجميع !
- إمارة الحكيم الإيرانية !
- بعد تعاظم الورطة السستاني يمزق صمته !
- الجوع سيوحد العراقيين !
- العرب ورياح الديمقراطية الأمريكية ! 3
- العرب ورياح الديمقراطية الأمريكية ! 2
- العرب ورياح الديمقراطية الأمريكية-1
- علاوي وأحلام العصافير !
- حكومات تحت ظلال سيوف الديمقراطية الأمريكية !
- بوش الدجال بين طالبان سنة العربان وطالبان سنة إيران !
- أوربا نحو القبول بالحصة من الغنيمة العراقية !
- حليفكم الجبل يا مسعود !
- العراق نحو ولاية الفقيه !
- جنود من بطيخ !
- ويسألونك عن الزرقاوي !
- حكومة دونما حكم ودولة دونما حدود !
- حرب الأحزاب الطائفية بدأت في العراق !
- الشيعة العرب هم الخاسرون !
- إثنتان أرعبتا صداما وواحدة أرعبت صولاغا !


المزيد.....




- رجل حاول إحراق صالون حلاقة لكن حصل ما لم يتوقعه.. شاهد ما حد ...
- حركة -السلام الآن-: إسرائيل تقيم مستوطنة جديدة ستعزل الفلسطي ...
- منعطف جديد بين نتنياهو وغالانت يبرز عمق الخلاف بينهما
- قرارات وقرارات مضادة.. البعثة الأممية تدعو الليبيين للحوار
- سعودي يدخل موسوعة -غينيس- بعد ربطه 444 جهاز ألعاب على شاشة و ...
- معضلة بايدن.. انتقام إيران وجنون زيلينسكي
- بيان روسي عن اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى
- -كتائب المجاهدين- تستهدف القوات الإسرائيلية بقذائف هاون من ا ...
- إعلام عبري يكشف عن خرق أمني خطير لوحدة استخباراتية حساسة في ...
- ليبيا.. انتقادات لتلسيم صالح قيادة الجيش


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - سهر العامري - دستور مشلول لا ولن ينقذ بوش من الورطة !