أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - سيارة للدعارة














المزيد.....

سيارة للدعارة


زين اليوسف
مُدوِّنة عربية

(Zeina Al-omar)


الحوار المتمدن-العدد: 4614 - 2014 / 10 / 25 - 21:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نعم لا تستغرب كثيراً فهناك أنواعٌ عديدة للسيارات..فهناك سيارة الإسعاف التي لا تصل أبداً في الوقت الذي تحتاجها فيه..و هناك سيارة الشرطة التي لا تأتي إلا بعد أن تنتهي الجريمة و يفر المجرم غالباً..و هناك سيارة المسؤول الحكومي و الذي عندما يُقرر العبور عبر شارعٍ ما ستكون على يقين من أن ذلك الشارع قد أصبح مُحرَّماً عليك كحُرمة والدتك عليك..و هناك سيارة لن تراها قبل 100 عام -و هذه إحدى توقعاتي الأكثر تفاؤلاً- و هي تلك السيارة التي تقودها أنثى في بلدٍ خليجيٍ ما.

قيادة السيارة حلمٌ صعب المنال في ذلك البلد..و لا تكمن صعوبته تلك في عدم القدرة على تحقيقه و لكن لأن جلوس الأنثى أمام مقود تلك المركبة أصبح مُرتبطاً في أذهان العديد من مواطنيه برغبتها المؤكدة في فقدان عذريتها!!..لهذا السبب تتم محاربة تحقيق ذلك الحلم بعنفٍ مبالغٍ فيه كثيراً لأنها بمحاولتها تحقيقه فهي لا تراهن على فقدان أمرٍ -من وجهة نظرهم بالطبع- يمكن التفاوض على التنازل عنه بل على أمرٍ يُقارب في قدسيته قدسية الكعبة المشرفة في نظر المسلم.

و من المؤلم أن ترى أن لهذا التوجه الغريب و اللا منطقي أتباعه المتحمسون جداً له لدرجة الترويج لتلك الفكرة -رغم سُخفها و رغم استهزائها بعقول المتحمسين لها قبل عقول من هم حولهم- بحماسٍ منقطع النظير..و من هؤلاء فنانةٌ خليجية أطلقت فتوى غريبة قبل عامٍ تقريباً مفادها أن قيادة المرأة للسيارة في أي مكان آخر هو أمرٌ "جائز" من منظورها الديني و لكن أن تقوم بذلك في مكانٍ تتواجد فيه الكعبة فهنا ينقلب الحكم الشرعي ليصبح "حرام"!!.

و لكن ليست المشكلة هنا هي سُخف فكرة الشرف الذي سيُفقد حتماً عندما تتولى الأنثى هناك -دون الأماكن الأخرى للمفارقة- قيادة مركبتها بنفسها بل أن الأمر بطريقةٍ ما و لمنحه حُرمةً شديدة -ليمتنع أي شخصٍ عن تشجيعه و أي أنثى عن القيام به- تم ربط القيام به بفكرة انتهاك شرائع الدين الإسلامي بشكلٍ علني!!..فتحولت قيادة السيارة و بشكلٍ شديد السخرية من أمرٍ يعكس ممارسةً بشرية طبيعية لحقٍ شخصي إلى جريمةٍ "شرعية" مكتملة الأركان.

لهذا السبب أصبح يؤمن كل من يعارض قيادة المرأة للسيارة أنه بمعارضته الشديدة تلك إنما هو يقوم بالدفاع عن ركنٍ وهمي من أركان إسلامه..و لهذا السبب أيضاً أصبحت -من وجهة نظر تلك الفئة- أي فتاة تطالب بأن تقود السيارة هي فتاة من تنحدر روحها حتماً من ماخورٍ ما..و هكذا يتم قذف شرفها و لكن وفقاً للشريعة الإسلامية..فهنا يكون القذف حكمه "جائز" طالما أن الغرض منه الدفاع عن الإسلام!!..بل أننا نجد أن هناك من تمادى في معارضته لذلك الأمر فنجده يصف أي فتاة تُلمِّح برغبتها الغير بريئة بقيادة السيارة بأمورٍ غريبة كأن يخبرك أنه من المستحيل أن تكون تلك الفتاة من السكان الأصليين لتلك الدولة!!..أي أنه يُسقط عنها الجنسية و بكل بساطة فقط بسبب مطالبتها بممارسة حقٍ شخصي بشكلٍ علني!!.

البعض سيخبرني مُعلِّلاً أن سبب حرمان الفتاة من قيادة السيارة ليس مرجعه عدم الثقة بها أو التشكيك في أخلاقها -لا سمح الرب- و لكن بسبب الخشية عليها من "الذئاب" البشرية التي يمتلئ بها ذلك المجتمع..و هنا سنجد أن هذا التعليل ما هو في حقيقة الأمر إلا إدانة ذاتية و اعتراف شبه صريح بأن ذكور ذلك البلد يعانون من أمرين أولهما هو التدين الأجوف و ما الدفاع الهستيري عن الدين و الأخلاق العامة إلا قناعٌ تتواجد خلفه رغبةٌ دائمة بالفجور في أول لحظةٍ تغفل فيها عين المجتمع كما القانون عنهم.

و الأمر الثاني هو الاعتراف بفشل المناهج الدينية الإسلامية المتشددة في إنتاج منظومةٍ أخلاقية و إنسانية تجعل المجتمع يحترم الآخر طوعاً لا كرهاً..فمنع الأنثى من القيادة بحجة حمايتها من افتراس ذكور المجتمع لها ما هو أيضاً إلا اعترافٌ آخر بأن هناك مرحلةٌ من البهيمية يمر بها ذلك المجتمع وقف الدين الإسلامي عاجزاً أمامها فلم يتمكن من تهذيبها..ففقدت نسبةٌ من المجتمع القدرة الفطرية على احترام حرية و إنسانية الآخر.

كل عام نرى تلك المطالبات المضحكة بقيادة السيارة..ليست مضحكة لأني أجدها سخيفة و لكن لأنه في دولٍ عربية و إسلامية عديدة كدولة الإمارات العربية المتحدة -كمثالٍ بسيط و ليس وحيد- تتمتع المرأة بحق الحصول على أمرٍ أكثر بديهية و هو القدرة على تحقيق الأحلام -مهما كانت- على أرض الواقع..تلك الأحلام التي قادت المرأة هناك لكي تتصدر المشهد السياسي كما الإعلامي و الحربي مؤخراً..المرأة هناك تقود السيارة و رغم ذلك لا تعمل في الدعارة في أوقات فراغها بل تساهم بشكلٍ فاعل و ملحوظ في بناء دولتها و الدفاع عنها..بل أن هناك ما هو أشد بشاعة في نظر البعض و هو أن المرأة هناك يعتمد عليها وطنها في الإنجاز العملي أكثر من الذكر "بالرغم" من أنها تقود السيارة صُبح مساء!!.

مؤلمٌ ذلك النوع الساذج من الأحلام و المؤلم أكثر أن يتم تشريع منع تلك الأحلام عن طريق الدين الإسلامي و الأشد ألماً أن يتم الترويج لذلك الأمر إعلامياً ليقتنع به العامة فيؤمنون بحُرمته و بأن معارضته ما هي إلا دليلٌ على التدين و طريقةٌ سهلةٌ جداً للتقرب إلى الرب..و لكن الأكثر ألماً من ذلك كله أن يكاد يؤمن مجتمعٌ بأكمله أن الفتاة ستحافظ على شرفها فقط لأن هناك ذكرٌ غريب من إحدى بلدان شرق آسيا يقود سيارتها نيابةً عنها.



#زين_اليوسف (هاشتاغ)       Zeina_Al-omar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطأ إملائي
- -سيلفي- إسلامي
- اعتراف
- تصويت
- صداع الجمعة
- على الكنبة
- حج مسعور
- محمد بين الأقدام
- أوجاعٌ جنسية
- لوط
- فتاة سيئة السمعة
- عصا موسى
- مكتبٌ حكومي
- أسد السنة
- حفل تخرج
- 20 ريال
- تعاطفٌ مشروط
- الله هو شرشبيل؟؟
- وصلة رقصٍ شرقي
- قليلٌ من السخرية


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - زين اليوسف - سيارة للدعارة