حمودة إسماعيلي
الحوار المتمدن-العدد: 4613 - 2014 / 10 / 24 - 16:55
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كل إنسان يكذب، لأن الصراحة قد تجرح أحيانا
كل إنسان ينافق، لأن الحقيقة قد تؤلم أحيانا
الخشية من أننا قد نجرح من نحب بصراحتنا وصدقنا أو التسبب بخسرانه، هي ما يدفعنا لنكذب وننافق
نكذب على من نحب، لأننا نحبهم
وننافق من لا نحب، حتى لا نبدو قساة أو بدون عاطفة أمام من نحب
سيكولوجيا لا يرى البشر في أنفسهم النفاق، لأن النفاق ليس في الفعل، بل في انفضاح الفعل كنفاق
ولا يرون الكذب في أنفسهم، لأن الكذب ليس في القول، بل في كشف القول ككذب
فلا فضيحة في الفعل، بل الفضيحة في التعرية الاجتماعية للفعل
إن الكذب والنفاق، آليات سوسيونفسية تمكّن الإنسان من المحافظة على صورته الاجتماعية المطلوبة، ضمانا لاستمرار علاقاته العاطفية بمن حوله ومضاعفتها، توفيرا للاندماج وما يحققه من أمان نفسي وأحاسيس بقيمة الذات
الإنسان قد يتحمل لا شعوريا أن يكون منافقا أو كاذبا، لكنه لا يتحمّل أن يكون وحيداً
فالوحدة تنجب أمراضا نفسية، لأنها تخلق مجتمعا وهميا للشخص الوحيد كتعويض عن المجتمع الواقعي المفتقد
مثلما يخلق السجن الانفرادي صديقا خياليا للسجين، كتعويض عن الصديق الحقيقي اللاموجود
يهرب العقل ـ كرد فعل طبيعي من الضياع في الجنون ـ من الوحدة، للجوء للكذب أو النفاق إذا اضطره الأمر، حتى لا يفقد وظيفته وذاكرته الاجتماعيتين
فما الإنسان إلا أقارب وأصدقاء وأحبة وأعداء، وذكريات عن الأقارب والأصدقاء والأحبة والأعداء.. فإن هم ذهبوا، ذهب هو كذلك، فيأتي آخرون وهميون لملأ الفراغ الذي يخلفونّه
ألا ما أقسى من يتحدثون بسوء عن النفاق والكذب
فهم لا يدركون أنهم أنفسهم يكذبون وينافقون، فيقسون رغم كذبهم ونفاقهم
إن من ينفي نفاقه وكذبه، هو أول الكذابين وأكبر المنافقين
لا يقول الإنسان الحقيقة المؤلمة، إلا بدافع الإنتقام ممن يقول له
ولا يصارح الإنسان بالصراحة الجارحة، إلا حينما يود جرح من يخاطبه
أما دون ذلك فو ينافق ويكذب
فنحن نعرف أن هناك من يعرفون أننا نكذب عليهم وننافقهم ولا ينزعجون منا
لأنهم أنفسهم لا يرغبون بسماع الحقيقة ولا بتصديقها
فهي كذلك تؤلمهم
ولتخفيف عن من ينافقونهم يسمون تصرفهم نحوهم تلطّفا، وكذبهم عليهم لباقة
يحب الناس النفاق والكذب لأنه يجعلهم أفضل
فالناس ليس فقط أنهم يعرفون حقيقتهم بل لا يرغبون كذلك أن يسمعوها من الآخرين
فتكفيهم آلام الواقع والحياة، حتى يضيفوا لها ألم الحقيقة
فالناس تصرخ بكلمات نزار قباني : "قلي ولو كذبا كلاما ناعماً..
فهناك حتى من يرى في الحياة كذبة، وفي الحب خدعة : فعيب عليه أن ينزعج أو يتحدث بسوء عن النفاق والكذب.. أم يخدعنا هو كذلك، بنفاقه وكذبه !
ألا أكثر ما يكذب البشر، حين يدعون بأنهم لا يكذبون
وما أسوء نفاقهم، حينما يقولون أنهم لا ينافقون
كتب ستيفن كينغ يقول : "وحدهم الأعداء لا ينافقون، أما الأصدقاء والأحبة فهم يكذبون إلى ما لا نهاية، محاصرين في نطاق الواجب"
#حمودة_إسماعيلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟