أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - فرات المحسن - من يحرز الهدف الذهبي في الوقت الضائع















المزيد.....


من يحرز الهدف الذهبي في الوقت الضائع


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 338 - 2002 / 12 / 15 - 04:33
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



من الجلي أن الأمر أصبح واضحا للجميع عن هدف الحملة الأمريكية لاحتلال العراق .فوفق المعطيات الأولية فأن الإدارة الأمريكية دفعت ولحد الآن ما يزيد عن الملياري دولار كحملة إعلامية تزامنت معها تحركات لقطعات عسكرية وبناء قواعد ونقل معدات.أذن الأمر لا يعدوا غير إعلان ساعة الصفر لبدأ الهجوم .
وبعد أن نالت الولايات المتحدة مبتغاها وحصلت على ما سعت إليه في استصدار الغطاء الشرعي لتبرير هجومها،فأنها تراهن مثلما فعلته في حرب تحرير الكويت على أداء السلطة الفاشية في العراق وخطابها المنفلت وتعاملها الأهوج غير العقلاني مع الأزمة وإصرار الدكتاتور على التمسك بالسلطة رغم معرفته التامة بالكارثة القادمة.في هذا المشهد الملتبس فأن الولايات المتحدة الأمريكية وضعت نفسها أيضا في ( مأزق ) التسرع والمغامرة رغم الهدف ذو الجدوى الاقتصادية المهولة والذي يلبي مستقبلا مطامع ويطمئن مصالح أفراد وشركات وهيأت في الإدارة الأمريكية وحلفائها،مما يرجح لدى تلك الأطراف  الذهاب بالشوط الى نهايته وخوض المعركة بكامل الجهد والاستعداد لاحتلال العراق ومن ثم التأثير على التركيبة الإقليمية لصالح الطرف الإسرائيلي وجني الأرباح من هذه الصفقة الاقتصادية المربحة.
من الصعب التفكير بان الإدارة الأمريكية سوف تتراجع عن الهدف المعلن وتتخلى عن الأمر بالهين وتبتعد عن (الغايات المعلنة) أمام دافع الضرائب وعامة الشعب الأمريكي أو أمام حلفائها وهي التي لازال كابوس الهزيمة الفيتنامية والكارثة اللبنانية والفشل في الصومال يقض مضجعها .من هذا فأنها تفكر وبأسوأ الاحتمالات أن تنهي الموضوعة العراقية بالنصر الناجز على عدوها. أي أن التراجع عن هدف أبعاد صدام عن سدة الحكم في العراق لا يعني في النتيجة النهائية غير هزيمة منكرة لخطط الإدارة الأمريكية الحالية وانتصار محقق لسلطة صدام حسين التي اعتادت الرقص على كومة الهزائم والخيبات وجعلها وبكامل الصلف والوقاحة انتصارات مدوية .فهل تعطي الولايات المتحدة ذاك النصر لصدام على طبق من ذهب؟
أذن لا شيء في الأفق سوى قدوم البلدوزر الأمريكي القبيح المفتوح الشهية لسحق كل العوارض والموانع ومن أي نوع وطبيعة كانت .وفي هذا المشهد المفروض يغيب أبناء الشعب العراقي من اللوحة لدى طرفي المواجهة بشكل قسري ومجحف ،وفي أغلب الأحيان يكون هذا الشعب وحياته وكرامته معروض للمساومة ومجال واسع لتمرير أقذر وأبشع المخاتلات . ومع هذه القتامة الموحشة يبقى العراق في مجمل أوضاعه حالة شاذة قادرة على تفريخ العجائب.ويبقى مفتوح على جميع الاحتمالات، واللعب في الوقت الضائع ربما يعني أن حصول (الهدف الذهبي ) جائز رغم أنه في علم الغيب لحد هذه اللحظة. ومع كل هذا التشويش وفي لجة الرعب والتمويه فأن المواطن العراقي يحمل سؤاله المليء بالمواجع ( متى.. كيف .. وعلى يد من يحدث التغيير…؟؟ ) .
 كي لا  يقتصر الأمر في البحث عن دورة الخراب التي فرضها علينا محوري الشر الولايات المتحدة الأمريكية والسلطة الفاشية في العراق من الضروري المعاينة والبحث بدقة في جميع الخيارات المطروحة  للحصول على نتائج تقارب الرغبة في المعرفة المستفيضة عن الوضع العراقي وبمختلف إشكالياته.
من المهم التأكيد على أنه ليس هناك موضوعة تتعرض للتشويش والغموض والتلفيق في الوقت الراهن أكثر من موضوعة الوطنية والمواطنة والدفاع عن الوطن .فالقناعات والحجج والآراء جاهزة لدي جميع الفرقاء لتقديمها عند اللزوم لإثبات صحة وجهة النظر وتفنيد حجج وقناعات الطرف الأخر واثبات نوع الوطنية المرغوبة.وأخضع الأمر برمته للنسبية والرغبات الشخصية.لست في هذا ذاهبا لمناقشة من هم أكثر وطنية ودفاع عن الوطن من سواهم ولكني أود شيء آخر.
رغم الموقف الواضح والمعلن لأغلب شرائح المجتمع وقواه السياسية وفعالياته المختلفة بالرفض التام للمصالحة  والوفاق مع السلطة الفاشية .وهذا الموقف متأتي من خبرة طويلة كرستها لقاءات وحوارات مباشرة وغير مباشرة بين تلك الفعاليات وسلطة صدام خرجت بعدها أغلب تلك الفعاليات بخيبات ويأس تامين من حدوث تغيير عقلاني ومنطقي في خطاب السلطة وأدائها .ومع أن هذا الأمر ما عاد في السر لكن هناك بعض من العراقيين وبمشارب وغايات متعددة يفضلون طرق هذا الباب لأسباب يجدون فيها مبرر مقنع للدفاع عن الوطن في الوقت الراهن وأيضا وبأسباب وجيهة عما متوقع حدوثه من خراب محقق على يد الأمريكان.ومحاولة (ربما تصيب) لإخراج العراق من أزماته الكارثية لو تخلت السلطة الفاشية عن نهجها المجرم والمتخلف الذي تتعامل به مع الشعب العراقي والأزمات.
السباق مع الزمن للرهان على هذا الخيار أصيب في إحدى واجهاته بخسارة وإحباط فادحين جراء ذهاب محمد جواد وفاضل الربيعي مع الوفد الذي ترأسه الكبيسي والذي أسفر اللقاء مع رجالات السلطة عن المعلوم وقدم الوفد فروض الطاعة الواجبة لصدام حسين بين يدي نائبه عزت الدوري.
الكبيسي والقلمجي من الشخصيات المعروفة بالعلاقة الطويلة والمستمرة مع النظام ولا يمكن عزلهما عن النظام لأنهما من رحمه ونطفته السيئة ،ولكن محمد جواد وفاضل الربيعي كانا يموهان عن علاقاتهما والغايات و الأهداف  من مسألة الدفاع عن الوطن مثلما الآخرين.وهما أصحاب علاقات ووشائج قوية وروابط رفاقية مع أغلب ممثلي نهج الدعوة للحوار والمصالحة مع سلطة صدام.وفي حساب العملية النهائية يمكن اعتبار ذهابهما الى بغداد انشقاق حاد وخيبة كبيرة داخل جبهة دعاة الحوار والمصالحة.في ذات الوقت أعطى النظام الفاشي رسالة واضحة لأصحاب نهج الحوار عن مفهومه لعملية الحوار والمصالحة والتي لا تعني عنده في أغلب الأحوال غير دخول الجميع تحت فضاء الخيمة البعثية.ليس المهم الآن البحث في شكل العلاقات والنوايا أو وحدة الهدف والاختلاف في التفاصيل عند تلك المجاميع بعد أن بدأ العد التنازلي لقدوم الأب وانسحاب الابن العاق وبداية دورة التفكير من جديد بالتخلص من الاحتلال الأجنبي بعد أن شبعنا من احتلال وجرائم أبن الوطن.ولكن أجد من المستحسن أن نذكر أن أفكار الوفاق والمصالحة قديمة قدم الدولة العراقية وأن دورات الحياة السياسية العراقية شهدت في بعضا من  مفاصلها إمكانيات لصلح ووفاق اجتماعي سياسي. وترددت الكثير من التعابير والأفكار عن تلك الإمكانية في فترات متفاوته.ولربما أن أخصب فترة عمل روج فيها لمبدأ الوفاق والمصالحة كانت فترة حكم الرئيس عبد الرحمن عارف لأسباب لسنا الآن بصددها.
في ظل فاشية صدام حسين أعلن عن إمكانية الانفتاح والتصالح وانتهاج العمل الديمقراطي بعد نهاية الحرب ضد إيران ثم تخلى النظام عما طرحة بعد فترة قصيرة لم تتعدى الأربعة أشهر.وتجددت الدعوة من قبله أيضا نهاية حرب الخليج الثانية وهزيمته المنكرة بعد عملية غزو الكويت.جاءت الدعوة بالتحديد في العام 1992 وأنجذب لبريقها ( الساحر ) بعض من السياسيين في الخارج وقدم بعضهم مقترحات عن المهمة الواجب البدء بها لكن النظام تخلى عن الأمر مرة أخرى وفضل أن يطرق أسلوب الحوار وراء الكواليس وفي الحجر المغلقة لأسباب تتعلق بكتمان ما يمكن أن تثيره الأطراف الأخرى من المتحاورين ويصبح مكاشفة في العلن عن مستحقات يتهيب النظام من تداولها في العلن.حتى مباحثاته مع الأحزاب الكردية أرادها أن تكون مقتصرة على ما يضمن سيطرة الدكتاتورية على جميع مفاصل الوضع العراقي .
اليوم نحن في نهاية عام 2002 .لازال خطاب السلطة الفاشية يقدم لأصحاب نهج الحوار نفس الملامح وذات الأفكار ويطلب منهم البحث ودراسة خيار واحد عليهم أن يبحثوا فيه عن ثغرات للوصول الى ما يبتغون الوصول إليه وبحدود الممكن.لربما الرجوع الى وفد الكبيسي وتابعيه محمد جواد وفاضل الربيعي وقياس النتائج يفضي لنوع من الإجبار لتدارك النفس ومعاينة الخيار بعقلانية وبات على الجميع قراءة الخيار المطروح كثغرة مفتوحة لا يمكن ترقيعها بخيط واهي .في ذات الوقت فأن النتائج المبتذلة والسمجة لزيارة الوفد قد قدمت إضافة مقنعة للقوى والفعاليات الأخرى المدركة كون الحوار مع هكذا نظام بات من الأمور الكسيحة والمضرة وغير المجدية وأن خبر كان وحده لا يكفي للملمة الأمر والنقاش فيه مع انحسار الوقت .وبعد تقديم النظام العراقي كل شيء في العراق قربانا لبقائه في الحكم .
من المجدي القول أن الحوار والوفاق والمصالحة مفاهيم لنوازع ورغبات إنسانية وأيضا أدراك حقيقي لعمق الأزمات ومسبباتها، وأن مصالح الأفراد والوطن تدعو لجسر الخلافات في أوقات الشدائد والملمات .وتلك المفاهيم تنحو بالبشر الى أجواء العقلانية والتحضر. وتستند الغاية منها الى قواعد ومبادئ تقف في المقدمة منها المسؤولية الوطنية.وأيضا يمكن القول بإيجاز أن أهم نقطة بعد المسؤولية الوطنية أن لا تكون الغايات المرجوة من الحوار والوفاق والمصالحة الخروج من الأزمة مؤقتا أو محاولة تبييض وجه أحد الأطراف .
شهد العالم المعاصر الكثير من الأمثلة عن تحول أنظمة دكتاتورية وشمولية الى أنظمة ديمقراطية تعددية .وما كان هذا التحول ليتم الى واقع لولا توفر شروط وعوامل موضوعية وذاتيه لدى السلطة وأيضا لدى معارضيها.وتلك الشروط والعوامل في حقيقة الأمر جوهر التبدل ولب موضوعة الخروج من الأزمة والوصول الى بر الأمان وتبني خيارات الديمقراطية والتعددية.ولذا من الواجب اليوم معاينتها والبحث في جوهرها ومقدار تحققها في الواقع المعاش أن رحلناها على وقائع المشهد العراقي.وهي:

1ـ وجود قوى فاعلة ومؤثرة داخل النظام ،مقتنعة بضرورة التحول الديمقراطي ونبذ النظام الشمولي.

2ـ أن تكون هناك قوى معارضة مناضلة وفاعلة في الداخل والخارج تعمل بالضغط اليومي المستمر  للتأثير في ميزان القوى لصالح أحداث تغييرات من شأنها تسريع عملية التحول نحو الديمقراطية والتعددية.

3ـأن تعترف السلطة الشمولية بالذات بالأزمة وتهيأ المناخ المناسب والضمانات الكافية لإطلاق مبادرة أو مشروع للانتقال من حالة التكتم والسرية والطعون والتضييق على الخصوم الى حالة انفتاح موجب دون شروط تعجيزية. وأن لا تكون دواعي المشروع أو المبادرة الالتفاف على الغايات لاجتياز  (الأزمات) مؤقتا.

ربما أن تسارع الأحداث وضغط الزمن يوجبان بعض اللين و حلحلة بعضا من العقد في هذا الشأن لو أريد الوصول الى ما يعادل الأثر الفعلي وإعطاء الدلائل المادية المقنعة على أرض الواقع. ولكن عند هذا يبرز السؤال الذي يملأ الواجهة ولا يمكن الالتفاف عليه أو قلب المعادلة و دعوة المعارضة ( للمبادرة ) وتبني فكرة الحوار والمصالحة.والسؤال اللجوج في هذه المرحلة هو(على عاتق من يقع الأمر ؟؟؟) مع المعرفة التامة بأن القرار 1441 الصادر عن الأمم المتحدة يتعلق أساساً بوجود صدام حسين وإدارته.
لحد الآن وبعد جولات سرية مباشرة وغير مباشرة من الحوارات بين فعاليات سياسية معارضة وسلطة صدام .لا زالت السلطة تقف عند هذا السؤال دون اكتراث وكأن مصير الوطن لا يعنيها من قريب أو بعيد .ومع هذا فأنها لو شعرت بخطر جدي قادم يهدد وجودها كسلطة دكتاتورية فهي مستعدة  وبقدرة عجائبية على تقديم التنازلات والاعتذار لمن يمتلك قوة لي الأذرع .إما الشعب العراقي وقواه الوطنية فعليها الصبر أو تقديم فروض الطاعة وابتلاع ما تجود به يد الدكتاتور من فتات مغمس بالسم . لنبعد هذا الأمر ونناقش شأن النقاط الثلاث فالجميع على إطلاع ودراية بمستوى المسؤولية الوطنية عند جميع الأطراف.
ـ المسألة الأولى :
بشكل عجول ومفبرك أزيح ( أحمد حسن البكر ) عن السلطة ليحل بدلاً عنه صدام حسين ليكون في ذات الوقت أمين السر القطري لقيادة حزب البعث العراقي. تمت العملية بهدوء ظاهر لكن بواطن الأمور تعني الكثير مع وجود التهديد الإيراني وتأثيراته على مصالح الدول الكبرى في المنطقة حينذاك.الانقلاب الثاني والأشد وقع وتأثير والذي أنهى حزب البعث ككيان سياسي جاء في الإعلان عن اكتشاف ما سمي بمؤامرة المشهدي ـ محمد عايش حيث صفيت أثرها كوادر قيادية مثل غانم عبد الجليل وعدنان حسين وغيرهم وأستغل صدام الرهبة والفزع الذي عم صفوف حزبه لينهي خصمه (عبد الخالق السامرائي )الذي أضحى هاجساً يؤرق صدام رغم كون السامرائي في السجن و لا علاقة تربطه بما فبرك من أمر المؤامرة. تلك الليلة من التصفيات كانت بالذات نهاية مفزعة وحد فاصل بين نموذجين من الأفكار واختفى إثرها أي شكل من أشكال المشاركة وتبادل الرأي في صفوف حزب البعث وعمم نموذج واحد لكادر من الببغاوات الخائفة وأصوات مرتجفة مرعوبة تحاول أن تكون نسخة من قائدها في حركاته وتعابيره .وحين تريد هذه الكوادر محاورة الطرف الآخر تجدها تتجاوز في قسوتها وعدوانيتها خطاب القائد خوفا ورعبا من سيف سمقليدس المسلط فوق الرؤوس .وحتى لو ندم هذا القيادي البعثي على تأريخه السياسي فليس هناك خيار لديه وغير مصرح له بالأعتزال (مقابلة لطارق عزيز في القناة الأولى للتلفزيون السويدي) .
ومع هذه الكارثة وبعد أن حصر الأمر بين رجال العائلة وأصبح الكادر الحزبي يرتعش أمام صبيان لم يتعدى قدومهم الى بغداد من مدينة العوجه العام الواحد .فأية قوى مؤثرة تؤمن بالتحول السلمي نحو الديمقراطية يمكن لها أن تتفاعل لأحداث التغيير المرجو لإنقاذ الوطن .أو لنعيد صياغة الأمر بتوجيه سؤال مباشر .هل هناك قوى فاعلة ومؤثرة داخل السلطة مقتنعة بضرورة التحول الديمقراطي ونبذ النظام الشمولي؟؟.وفي أي دورة خراب سياسي يتم البحث عن هؤلاء ؟.
ـ المسألة الثانية:
عام 1978 وأثر النهاية المأساوية للجبهة الوطنية التي ضمت حزب البعث والشيوعي العراقي .صفيت بالكامل جميع هوامش الحريات النسبية وذهبت أدراج الرياح الآمال بالانفراج السياسي وظهر أن نظام البعث كان يسعى لاستيعاب الجميع في هياكله التنظيمية وأن فترة الجبهة كانت هدنة مؤقتة لالتقاط الأنفاس وتثبيت الأقدام ثم الهجوم لتطويق الآخرين .ومع كل ما رافق ذلك من بطش وجرائم بحق منتسبي الأحزاب وبجميع تياراتها فأن ذلك لم يفت من عضد تلك الفعاليات وإنما زادها إصرار وتمسك في الدعوة للحريات ومقارعة الدكتاتورية .
جابهت السلطة الفاشية جماهير الشعب وقواه الوطنية بتضيق الخناق على أية دعوة أو فعل ممكن للمواطن من خلاله طرح بعض الأفكار المغايرة.ووضع النظام العراقي المواطن في شباك من المحرمات والخطوط والدوائر الحمراء. وأصبحت مهمة أجهزة السلطة الأمنية والمخابراتية وأيضا منظمات حزب البعث اعتقال الناس وتصفيتهم على الشبهة .
درس انتفاضة آذار  لم يكفي السلطة لتنظر بعين فاحصة وتتملى أخطائها وإنما اندفعت لتواجه الأمر بمزيد من البطش والقسوة التي أدت في نهاية الأمر الى مفترق طرق وضع الشعب العراقي في جانب والسلطة الفاشية في طرف آخر.أثر تداعيات حرب الخليج الثانية وانتفاضة آذار تراخت قبضة السلطة وظهر عجزها في السيطرة على مناطق كثيرة من الأرض العراقية وكشف ظهرها مما سهل عمل المعارضة في الخارج وساعدها في خلق روابط  وفعاليات نوعية في الداخل .وأيضا شكلت نماذج جديدة معارضة في الداخل .يمكن القول ورغم أتساع حركة الكفاح الجماهيري بشتى صوره في داخل العراق ورعب السلطة ،فأن الفعاليات الموجودة لا زالت غير قادرة على قلب المعادلة وإمالة كفة الميزان لصالح قوى التغيير.أما قوى المعارضة في الخارج ورغم علاقاتها المتشعبة وعملها الطموح وقدرتها في استحداث علاقات ذات جدوى ومنفعة قصوى مع الداخل لتصعيد النضال والضغط على السلطة الفاشية، فأنها أيضا لم تصل في مسعاها وقوة أدائها الى مرحلة القدرة على التأثير في موازين القوى لصالح التغيير.والحديث الآن عن الأسباب أصبح مملاً ومتعباً.
في واقع الحال هذا فأن عملية تسريع التحولات الديمقراطية من خلال ضغط قوى معارضة  تبدوا مع غلواء القمع والإرهاب أنها تحتاج للكثير من الشروط والإمكانيات لتتحول الى وقائع ملموسة على الأرض. 

المسألة الثالثة :
أن تعترف السلطة الشمولية بالأزمة وتهيأ المناخ  والضمانات المناسبة لإطلاق مبادرة أو مشروع يبعد الخلل ويعالج الأزمات ويتم خلالها الانتقال الى الحل الديمقراطي.
لحد اللحظة الراهنة ورغم الكوارث التي حلت بالوطن فأن السلطة تأنف من أية خاطرة دالة على سؤ أدارتها ومسئوليتها عن المآل المفزع الذي وصل إليه العراق.وتعتبر أن مجمل الأحداث والخسائر والخيبات انتصارات مدوية ومن النوع الثقيل والفريد.وهي على هذا الموقف لا تساوم أو تهادن وسنت قوانين للمواطنة تصب في الأساس للتفريق بين المواطنين على خلفية المشاركة بتلك المعارك وأيمانهم بأهداف  انقلاب 17 تموز وإخلاصهم لفكر القائد .ومع عنادها المخبول واستحكاماتها هذه أضحت غير قادرة على الاعتراف بالأزمة أو إطلاق مبادرة حقيقية للانتقال السلمي نحو الديمقراطية والتعددية.
على مدى الزمن قدمت قوى وفعاليات وهيئات دولية ووطنية الكثير من النصح للسلطة لسلوك نهج الانفراج السياسي وإعطاء الشعب العراقي بعض من الحريات .وتضمن القرار 688 الصادر عن الأمم المتحدة في فقرته الثانية الدعوة للحوار وضمانة حقوق الإنسان .لم يلاقي القرار ذاك غير الجفاء والنكران التامين من قبل السلطة العراقية.و ما برحت على عنادها ومكابرتها رغم شبح الحرب والخيار النووي الذي تلوح به الإدارة الأمريكية .ويبدوا أن الدكتاتور يسعى لتمجيد ذاته عبر دفع العراقيين للانتحار الجماعي الإجباري.وهذا ما يمكن ملاحظة دلالاته وما مبيت فيه من خلال خطبه الإيمانية الحكمية التي يطلقها بين الحين والأخر.والدكتاتور في هذه الحال التي وصل إليها يقدر حجم الكارثة القادمة عين اليقين ،لكنه وبكومة اللوثات وأوهام العظمة والأمراض السيكولوجية الأخرى لا يمكنه العبور الى الضفة الأخرى .أكد ذلك في رده المباشر على النداءات والتمنيات التي راجت لبعض الوقت عند الإعلان عن أجراء الانتخابات الرأسية والتي أثيرت في حينه وضن البعض بأن الدكتاتور سوف يتخلى عن العرش لصالح نجله الأصغر قصي.ورغم أنه يسلم العرش من اليد اليمنى الى اليسرى .لكن حتى في هذا  فأن الأمر يؤرقه تماما .
وأخيرا وفي الوقت الضائع ومع تقاطر المعدات والجنود بالقرب من الحدود العراقية وأدراك الجميع بمن فيهم رجالات النظام بأن مفتاح الحل في جعبة الدكتاتور وليس غيره. وأن تفويت الفرصة على الولايات المتحدة وإبعاد  الكارثة المحققة يقع ضمن مسؤولياته حصرا .وفي قولي هذا دعوة لأصحاب نهج الحوار من غير المخاتلين وذوو الدعوات المبطنة الذين يكشفون أوراقهم بين الحين والأخر بصرخات شوهاء تسقط الآخرين وتنال منهم بالتشويه والاتهام بالعمالة وفي ذات الوقت يغلسون عن جرائم النظام ويدعون لتبييض وجهه القبيح بحجج الوطنية والدفاع عن الوطن. ويدعون لطبخة موهومة تبحث عن مقعد وزاري وصحيفة تهتم بالشؤون اليومية الأجتماعية في ظل قيادة الدكتاتور.وإنما أقصر الأمر  على من يبحث عن حل الـ( لو ) في الطريق الثالث.وتذكير  ربما ينفع في عجالة الوقت بأن الأمر قطيعة جدية بين الإدارة الأمريكية وأبنها العاق وأنه بالذات من يعطي المبرر لاحتلال العراق وليس غيره، مهما ساءت أفعالهم.
سؤال ملحاح وعجول يستفز الجميع لمناقشته ويعتبر وأحد من أهم أعمدة طريقة الحل التي يدعو لها دعاة الطريق الثالث :
هل هناك في الأفق تحشد دولي وعربي يسند خيار ما يسمى حل الطريق الثالث في هذا الوقت المتسارع ؟.

أذن من أي جهة يأتي الهدف الذهبي لإنقاذ العراق والعراقيين من المذبحة القادمة في سباق الزمن هذا ..؟؟
   

 



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معارك الطواحين المرادية
- في رثاء سحلية منقرضة - رد على مقال السيد باقر إبراهيم
- بعض من الشأن العراقي


المزيد.....




- لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء ...
- خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت ...
- # اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
- بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
- لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
- واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك ...
- البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد ...
- ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
- الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
- المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5 ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - فرات المحسن - من يحرز الهدف الذهبي في الوقت الضائع