أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد علاونه - حالات تترك أثرها على نفسي














المزيد.....

حالات تترك أثرها على نفسي


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 4612 - 2014 / 10 / 23 - 20:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


معظم المواضيع الفلسفية التي أكتبها تترك أثرها على نفسي, ومعظم حالات المعاتيه فكريا يتركون أثرهم على نفسي, معاقون فكريا ومعاقون اجتماعيا , ومعظم المذاهب الفلسفية والدينية التي أدرسها تترك أثرها أيضا على نفسي ومعظم المعاناة التي أعانيها هي بسبب كثرة قراءاتي ومعرفتي بالناس وبحقيقتهم, ولا أستطيع أن أخفي ما بداخلي عن الناس ولا حتى عن نفسي, فدموعي تفضحني ولون وجهي يفضحني وكل شبر من جسدي يرتعش ويقشعر بدني عندما أستمع لصوت مذيع الأخبار, ويقشعر بدني عندما تلامس أصابع يدي الصحف التي تصدر صباح كل يوم, وأشعرُ بالغيرة على وطني وعلى أهلي عندما أنظر إليهم وإلى الجهل الذي يطورونه كل يوم عبر ابتكار صيغ وعبارات دينية جديدة, وكلما ازددت معرفة بآلام الناس وأوجاعهم كل توجعتُ وتألمت أكثر,أنا مشكلتي أنني أشعرُ بكل شيء من حولي, وأدرك بإحساسي ما تفعله الدولة وأجهزتها الأمنية بالناس, وكيف تتم عملية صناعة الفقر والجوع والجهل, نحن نعيش في بيئة معادية للإنسان وللثقافة وللتنوير,وكل شيء من حولي يؤذيني ويترك أثره على نفسي, مناظر الناس الموتى والجثث الملقية بالشوارع تترك أثرها على نفسي, وروح الشر أو الأرواح الشريرة التي تسكن أجساد الناس في قلوبها وعيونها تترك أيضا أثرها على نفسي, وأشعر أحيانا أنني بحاجة للدخول بمصحة عقلية كي أتخلص من تلك الآثار التي تؤثر على عقلي وقلبي ودمي الذي يحترق.

قرأت قبل عدة سنين عبارة تقول: الجهلُ مثل المعرفة قابل للزيادة, وعندنا تتوسع يوميا رقعة الجهل وهي تمتد على اتساع رقعة الوطن العربي من المحيط إلى الخليج, من تونس والجزائر وليبيا إلى اليمن, الجهل كان فقط عند الفئة التي لا تعرف القراءة والكتابة, وحين دخل الناس في المدارس والجامعات ظننت بأنهم سيتخلصون الآن من جهلهم وقلة وعيهم ولكن للأسف, الطلاب في المدارس يدرسون مواد ومناهج تعلمهم على الجهل وعلى محاربة الفكر والثقافة, والطلاب في الجامعات يتعلمون مذاهب دينية تحرض على قتل المفكرين والمثقفين, وضباط في الجيش والمخابرات ووزارة الداخلية يأخذون دورات نظرية وعملية تعلمهم على إعادة تدوير القمع والاستبداد والجهل والتخلف, والجهل بهذه الحالة يزداد كل يوم, تزداد رقعته, يزداد عرضه وطوله, أطباء جهلة ومهندسون أغبياء وأساتذة جامعات لم يتعلموا بعد على طرائق النقاش وعلى قراءة مناهج البحث والتطوير والتدريس, أعمارهم تتراوح بين الستين والسبعين سنة ولم يسمعوا بعد بشيء أسمه مؤسسات المجتمع المدني, كل هذا يترك أثره على نفسي وهذه الفئة من الناس عندي مرضى وبحاجة للعلاج, وكما يترك أحيانا المريض وحالته المرضية أثرها على الطبيب المعالج كذلك تترك هذه الفئة من الناس أثرها على نفسي, أنا أتألم خصوصا من أولئك الذين يقرئون مقالاتي ويكتبون عليها تعليقات لا تدل على أنهم قرؤوا في حياتهم كتابا أو حتى صفحة واحدة, أولئك الذين لا يقرئون ويحلمون بإقامة دولة الخلافة الإسلامية يتركون أيضا أثرهم على نفسي, رجال يريدون بناء إمبراطوريات وفتح أراضي بِكر جديدة لم تطأها من قبل قدم أي إنسان ولم يفتحها أي محراث, كل تلك الأمور تترك أثرها على نفسي, يريدون بناء إمبراطوريات وهم لم يقرءوا بعد كيف تنشأ الإمبراطوريات وكيف تسقط.

تنشيط الدماغ في مجتمعنا صعب جدا, الإمساك بكتاب صعب جدا, قراءة مواضيع سياسية تتعلق بالعلاقات الدولية وبالنزاعات الدولية أيضا صعبة جدا في بلداننا العربية, هذه الأمور المتداخلة كلها في بعضها البعض تترك أكثرها أثرها على نفسي.

أحيانا أشعر بتنميل في أطرافي العليا وأحيانا أشعرُ ببرودة في الأطراف العليا والسفلى وأنا أتحسر على حالة الأمة العربية الإسلامية التي لا تميز بين كتاب علمي وبين كتاب خرافي مثل قصص ألف ليلة وليلة,أستغرب من أمة تنفق ملايين الدولارات على شراء كتاب تفسير الأحلام لأبن سيرين في الوقت الذي تتواجد فيه جامعات علمية وأطباء نفسيين يسهرون الليل والنهار على دراسة علم السلوك البشري ولا يتوجهون إليهم, أستغربُ من أمةٍ تطلق لقب زنديق وكافر ومرتد على مثقف قرأ في حياته مئات الكتب والغريب أن الذي يطلق هذه الألقاب وتصدقه الناس لم يقرئ في حياته كتابا واحدا أو حتى صفحة واحدة وكل الذين يصدقونه مثله لم يقرؤا ولم يبحثوا ولم يجتهدوا, أمة ترى في التفكير إثما كبيرا, أمة ترى الاستقراء نجاسة وجريمة يعاقب عليها الله يوم القيامة, أمة ترى المرأة العصرية في النار, أمة ترى حرية الفكر كفرا, أمة أبعد ما تكون عن الحضارة, أمة ما زالت تؤمن بالأرواح الشريرة التي تسكن الأجساد, أمة لا تميز بين كتاب علمي وبين صحيح البخاري ومسلم, أمة غارقة في الجهل والجهلُ غارقٌ فيها, أمة تقدس القتل وقطع الرؤوس في الوقت الذي تنفق فيه الدول المتحضرة ملايين الدولارات على الأبحاث العلمية التي تبحث في كيفية توصيل أو إعادة إيصال الأطراف المبتورة من جسم الإنسان.

هذه الأمة وهذه الحالات تترك أثرها على نفسي كثيرا, أمة ضد الخير وضد الجمال وضد الحرية وضد الأحزاب المدنية وضد انتشار مؤسسات المجتمع المدني وفي النهاية تقول عن نفسها بأنها خيرُ أمةٍ أُخرجت للناس.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحمير2
- أنشروا السلام
- لا أحد يخدمنا من أجل الإنسانية
- يجب أن نشكر الشعب اليهودي
- الحب والقتل في مجتمعاتنا العربية
- مختار القرية
- إسرائيل دولة قريبة وبعيدة
- الشفاء من الاكتئاب يؤدي إلى الانتحار
- الحمير والبقر والتيوس
- من ذكريات طفل عاش يتيما
- هنالك في المكان البعيد
- كيف يعرف المسيحي أنه ابن الله؟
- العقل والمال
- المشكلة في عقلي
- التلفزيون الأردني قبل 35عام.
- نحن محتاجون للعطف
- مشغول ومُتعب جدا
- كلمة كافر يجب أن تموت
- الإله الأكثري أو إله الحد الأقصى
- أقتل أباك وستنهض


المزيد.....




- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 بجودة عالي ...
- طقوس بسيطة لأسقف بسيط.. البابا فرانسيس يراجع تفاصيل جنازته ع ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جهاد علاونه - حالات تترك أثرها على نفسي