|
أحزاب سورية 1946 -2005
صادق حسين فتال
الحوار المتمدن-العدد: 1296 - 2005 / 8 / 24 - 11:39
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
سورية هي بلد الديمقراطية الحقيقية قبل لبنان وقبل تونس والمتابعة السياسيبة للعمل الحزبي في سورية، من خلال الأحزاب التي تواجدت، منذ فجر الاستقلال حتى يومنا الحالي، يتطلب كثيراً من الضغط في الإنشاء، خاصة حين ندرك حجم المساحة المتاحة لهذا الحديث، باعتبار أن هناك أحداثاً كثيرة ومتتالية ومتنوعة مرّت بها سورية، من خلال تفاعل هذه الأحزاب، سلباً أو إيجاباً، مع حركة الداخل والخارج السوري، في الوقت الذي لا بدّ من أن نقرّ بأنّ حركة الداخل السوري كانت مرتبطة وبوثوق مع حركة الخارج، أو على الأقل متناغمة معها، ضداّ أو توافقاً، كون أن الداخل السوري لم ينفصل يوماً عن حركة خارجه العربي، أو العالمي، لهذا نرى أن جملة من الأحداث السياسية التي مرّت بها سورية - الداخل، كانت مرتبطة بظروف الخارج، وذلك على الصعيد السياسي والقومي. وكي نستطيع قراءة المشهد السياسي لهذه الأحزاب، وبصورة أمثل، ضمن الفترة المشار لها آنفاً، لا بدّ من تقسيم الحياة السياسية السورية إلى جملة من المراحل، باعتبار أنّ كل مرحلة كانت تتميّز، شيئاً ما، عن سابقتها، وهذا الأمر عائد، إلى مجموعة من المتغيرات التي عصفت بالداخل السوريّ:
أولاً: مرحلة الاستقلال الأولى: المعني بمرحلة الاستقلال الأولى، المرحلة التي تلت انتهاء الانتداب الفرنسي في سورية، في السابع عشر من نيسان عام (1946)، حيث أن هناك جملة من القوى السياسية التي كانت تتواجد على الساحة السورية، والتي سجّلت أدوارها المتميزة، وتأثيراتها في طبيعة الفعل السياسي السوري، وتحديد هويتها وتأثيرها، على خارطة المشهد السياسيّ السوريّ. وما مدى تأثيرها بالفعل السياسي العام، وما هي هويتها وطبيعتها ودورها في الواقع السياسي..!؟ -الكتلة الوطنية: كانت تقود الحركة الوطنية في سورية، وهي تقوم على مبدأ: (خذ وطالب)، إذ أنّ جلّ عملها التوفيق بين الاستقلال المنشود، وبين مصالح فرنسا في المنطقة، وهي عبارة عن تجمع عريض غير متجانس، ضم: [حزب الشعب] و[الحزب الوطني] و[حزب الاستقلال]، كما أن هناك عدداً من الزعماء المستقلين، المثقفين، الذين كانوا يعملون في ظل هذه الكتلة، ومن أهم أسماء الكتلة هاشم الأتاسي وجميل مردم وفارس الخوري. في حين أنّ [الحزب الوطني] خرج من عباءة الكتلة ذاتها، في الوقت الذي شعرت به القيادة البرجوازية بالخطر، وبضرورة لم شتاتها وتوحيد جهودها، نتيجة تعميق عزلة [الكتلة]، أكثر فأكثر عن الجماهير، حيث كان المؤتمر التأسيس الأول له في نيسان من عام (1947)، ومن أهم أسماء الحزب سعد الله الجابري ونبيه العظمة وصبري العسلي وبدوي الجبل، الأمر ذاته الذي دفع البعض إلى الانشقاق عن الكتلة وتشكيل [الحزب الجمهوري]. وكذلك بالنسبة لحزب [الشعب]، والذي يعتبر الجزء الثاني الهام من الكتلة الوطنية الحاكمة، باعتباره المنشق الآخر عنها، إذ أنّه كان يصدر عديد الصحف الخاصة به، وفي أكثر من محافظة من محافظات القطر، ففي حلب، على سبيل المثال، أصدر صحيفة [النذير].. -الحزب الشيوعي السوري: كذلك كان الحزب الشيوعي موجوداً على الساحة، باعتباره انبثق منذ النصف الثاني من عقد العشرينات، وكان من أهمه الشخصيات المتواجدة في هذه الإثناء خالد بكداش، كما كان يقوم بإصدار صحيفته [نضال الشعب]، التي مازالت تصدر حتى الوقت الحالي. -الأخوان المسلمون: كما أنّ الأخوان المسلمين كان لهم وجودهم الواضح والمتميز، من خلال حركتهم واتصالهم بالشارع، حيث خطابهم الهام الذي يعتمد على إرث سياسيّ إسلاميّ كان له بعده الهام في وعي العامة من الناس، ومن الأسماء الهامة التي كانت تتزعم الأخوان مصطفى السباعي. -حزب البعث: ومن القوى التي كانت موجودة في هذه المرحلة حزب [البعث]، باعتبار أنّ قواه وطلائعه كانت تتحرك منذ مطلع الأربعينات، وذلك من خلال فئتين أساسيتين، الأولى تتحرك من خلال زكي الأرسوزي ووهيب الغانم وفائز إسماعيل وصدقي إسماعيل وسليمان العيسى، أمّا الفئة الثانية فكانت تتحرك من خلال مجموعة أخرى من الأسماء أهمها ميشيل عفلق وصلاح البيطار وجلال السيد ومدحة البيطار. وبما أن الحقيقة هي ملك للشعب قبل أن تكون في طيات التاريخ فان الاستاذ فائز اسماعيل كان له الفضل الكبير في خلق وصناعة حزب البعث في العراق في الفترة ما بين 1944حتى 1950 ومرة أخرى من عام 1950 الى 1953- وهو من الرواد الذين أضاؤوا بقوة وصبر شمعة البعث العربي في مرحلة ظلام الاقطاع والبورجوازية والعمالة في العراق, ولأنني لم أجد كلاماً معبراً وصادقاً مثل الكلام الذي قاله شاعر العروبة سليمان العيسى في معرض مقدمته لكتاب الاستاذ فائز اسماعيل ((بدايات حزب البعث العربي في العراق)) حيث قال: ((الاستاذ فائز اسماعيل لا يؤرخ,ولا يدون الحقيقة فحسب,وانما كان يعطي الشريط الحي الذي عاشه هو قبل كل انسان وأكثر من أي انسان خطوة خطوة..ونبضة نبضة..في صمت الأولياء وزهد القديسين)) وقد يثير توسعي في الكلام عن أبا البعث بعضاً من الاستغراب أقول بصدق ,لأنه يعتبر من الأعمدة الأساسية في التاريخ السياسي لسورية منذ1946 وحتى هذه اللحظة. -الحزب السوري القومي الاجتماعي: كما أنّ هناك قوة أخرى كانت موجودة من خلال الحزب السوري القومي، والذي كان يتزعمه أنطون سعادة، حيث ترك أثره الهام في سورية، وعلى أكثر من صعيد، خاصة حين ندرك حجم الترابط السوري اللبناني الفكري والثقافي. -الحزب العربي الاشتراكي: وقد كانت حماة المركز الأهم لحركة وتواجد هذا الحزب، ومن أهم أسمائه البارزة أكرم الحوراني، حيث عمل هذا الحزب على الاتصال بالفلاحين، واعتبرها القوة الأهم التي ترفده والذي يناضل من أجلها. -الحزب العربي القومي: كما أنّ هناك تنظيماً سياسيّاً آخر، كان يعمل تحت اسم [القوميون العرب]، ومن الأسماء الهامة التي عملت خلال الخمسينات من هذا القرن، في هذا التنظيم: هاني هندي وجورج حبش. أغلب هذه الأحزاب كانت لها برامجها ومناهجها، التي تعمل من خلالها، كما كان بعضها يمتلك ميليشيات، غير أنّ حزب البعث كان يقوم ببعض المخيمات المتميزة، والتي تركّز على جملة من الندوات والمحاضرات، وتبثّ روح التعاون والانسجام بين أعضاء الحزب القياديين.. ثانياً: مرحلة الانقلابات العسكرية: تنقسم مرحلة الانقلابات العسكرية بدورها إلى ثلاثة أقسام: -انقلاب العقيد حسني الزعيم: في (30) آذار من عام (1949) وقع انقلاب العقيد حسني الزعيم، إذ أنّ جملة من الأسباب التي ذكرت حول أسباب انقلاب الزعيم، منها الخاصة الشخصية، ومنها ما يؤكّد على وجود ارتباطات خارجية، فرنسية أمريكية، غير أنّ الحركة السياسية العامة، من خلال غالبية الأحزاب الموجودة على الساحة السورية وقفت بداية وبنسب متفاوتة مع هذا الانقلاب، غير أنّ هذا الموقف لم يعمّر طويلاً، حيث أن جملة من الأسباب التي نتجت عن سياسة الزعيم الداخلية والخارجية جعلت هذه الأحزاب تعيد النظر في مواقفها من هذا الانقلاب، حتى أنّ حزب [الشعب]، والذي ينتمي إليه الزعيم ذاته انقسم على نفسه. ويلاحظ خلال هذه الفترة توقف نشاط الحزب [العربي القومي]، كما أنّ حزب [الشعب] انقسم إلى قسمين، الأول ينادي بالوحدة مع العراق، في حين أن القسم الثاني يميل إلى المحور السعودي المصري، وكذلك بالنسبة للحزب [الوطني] فقد انقسم إلى جناحين، جناح الأغلبية الذي يميل إلى التعاون مع المحور السعودي – المصري، والثاني الذي يؤمن بالوحدة مع العراق، في حين أن الحزب الشيوعي السوري وقع التضييق عليه في هذه المرحلة، وكذلك بالنسبة للحزب السوري القومي الاجتماعي، كما ظهرت في هذه الفترة [حركة الفداء العربي]. -انقلاب الزعيم سامي الحناوي: في فجر (14) آب من عام (1949) وقع انقلاب الحناوي، فوقفت الأحزاب السياسية في سورية منه، كما وقفت من سابقه، في الوقت الذي رحبت به، بداية، إلاّ أنّ تصاعد الأحداث ونمو المواقف للنظام الجديد، شكّلت جملة من ردود الأفعال، من النظام ذاته، فقد عمل كلّ من الحوراني ممثّل حزب [الشباب] ومصطفى السباعي ممثل [الجبهة الوطنية الإسلامية]، على تشكيل [الكتلة الجمهورية]، التي رفضت أن يقوم اتحاد سوري – عراقي، يلغي النظام الجمهوري. ويلاحظ في هذه الفترة أن [الحزب العربي القومي]، بقي نشاطه ضعيفاً، في حين أنّ [كتائب الفداء العربي] لم تفرز موقفاً محدداً سوى مهاجمة المقدم (سترلنك)، وهو مراسل التايمز، باعتباره كان أهم ضباط المخابرات البريطانيين في سورية. -انقلاب العقيد أديب الشيشكلي: وقع انقلاب الشيشكلي في فجر (19) كانون الأول من عام (1949)، حيث رحب حزب [الشباب] بهذا الانقلاب، من خلال عميده الحوراني، الذي ساهم في الوقوف إلى جانب الشيشكلي، في حين أن حزب [البعث العربي] استقبل الانقلاب بصمت، وكذلك بالنسبة لحزب [الشعب] أيضاً، أمّا بالنسبة للحزب [الوطني] فقد رحب جناح القوتلي به، في والوقت الذي استقبله مؤيدو الاتحاد مع العراق بوجوم، كما رحب الحزب [العربي القومي] بالانقلاب، بعد أن كان يتقلص تدريجيا، أمّا بالنسبة لـ [كتائب الفداء العربي] فلم يبد أيّ اهتمام، كما أظهر الشيشكلي موقفاً سلبياً قوياً من الحزب [الشيوعي السوري]. بعد دستور (1950) انقسمت الأحزاب السورية في ثلاث كتل، أولها [الجبهة الوطنية]، وضمت: [الحزب الوطني] و[الحزب التعاوني الاشتراكي] و[الحزب الجمهوري الديمقراطي]، حيث شكل هذا الأخير في حزيران (1950) من مؤيدي القوتلي من خارج [الحزب الوطني]، وهو عبارة عن تكتل وقتي أكثر منه حزب سياسي، أما الكتلة الثانية فكانت تتألف من [حزب الشعب]، مع بعض المستقلين الموالين للهاشميين، في حين أن الكتلة الثالثة هي الكتلة العسكرية للشيشكلي المدعومة من [الحزب العربي الاشتراكي]، وبعض المستقلين من أعضاء [الكتلة الجمهورية]، كما أن [حزب البعث] وقف ضدّ [حزب الشعب] و[الجبهة الوطنية]، معترضاً على تدخل الجيش في السياسة، كما شكك بشرعية الانتخابات، لما تخلّلها من تزوير وضغوط مختلفة.. بعد انقلاب الشيشكلي الثاني، وفي (15) كانون الثاني (1952) حظر النشاط الحزبي على [الحزب الوطني] و[حزب الشعب] و[الأخوان المسلمين] و[الحزب التعاوني الاشتراكي]، وأبقي، بداية، على نشاط كل من [حزب البعث] و[الحزب العربي الاشتراكي]، باعتبار أنّه في (15) كانون الثاني من عام (1950) تحول حزب [الشباب] إلى الحزب [العربي الاشتراكي]، ولم يستمر هذا الرضى طويلاً، فسارعا [الحزب العربي الاشتراكي] و[حزب البعث] إلى نضالهما السري. حاول الشيشكلي بعد ذلك الاعتماد على [الحزب العربي القومي]، والاستفادة منه، في محاولة لتشكيل [حركة التحرير العربي]، غير أن هذه الحركة انتهت بانتهاء عهد الشيشكلي، كما أن [الحزب السوري القومي] وقف مع الشيشكلي في هذه الفترة، كون أن الأخير وعد الحزب بالتركيز على شخصية سورية الخاصة، وكذلك بالنسبة للحزب [التعاوني الاشتراكي]، الذي كان بديلاً للفراغ الذي أحدثه [الحزب العربي الاشتراكي] الأمر الذي دفع الحزب، إلى التخلي عن الوقوف إلى جانب الشيشكلي. في هذه الفترة تمّ دمج [حزب البعث] و[الحزب العربي الاشتراكي]، وشكّلا [حزب البعث العربي الاشتراكي]، الذي قام بمحاولة انقلابية سلمية، غير أنّها فشلت، فما كان من الشيشكلي إلاّ أن يقوم بسجن وإبعاد أكثر الضباط البعثيين، وغيرهم ممن اشتركوا في المحاولة، كما أنّ هذه الفترة من النضال السري ضدّ حكم الشيشكلي أدت إلى تعاون جميع التنظيمات السياسية القومية، فأرسلت بياناً احتجاجياً إلى الشيشكلي، جاء تحت اسم: [العاملون العرب القوميون].. والبادرة الثانية كانت في تشكيل [الجبهة الوطنية] والتي تضم: [الحزب الوطني] و[حزب الشعب] و[حزب البعث العربي الاشتراكي]، ووضع ميثاقاً لها، حيث نشطت من أجل تصعيد نقمة الجماهير السورية على الشيشكلي، وخاصة في أوساط الطلاب. في هذه المرحلة كان طموح الكتائبيين واضحاً، خاصة حين أصروا على العمل من داخل تنظيم سياسي واسع، حيث رفضوا العمل من داخل [الحزب السوري القومي]، نظراً لتبعيته [للقومية السورية الشعوبية]، حسب زعمهم، كما اختلفوا مع [الحزب الشيوعي] حول قضية فلسطين، حيث وافق الشيوعيون على قرار تقسيم فلسطين (1947)، في حين أنهم فشلوا في الاتفاق على تعاون مع [حزب البعث]، في الوقت الذي قدّم به جورج حبش اقتراحاً حول تشكيل [حركة القوميين العرب]، غير أنّ نشاط هذه الحركة بقي محصوراً في لبنان، نتيجة لديكتاتورية الشيشكلي.
ثالثاً: مرحلة المد القومي العربي لصالح الوحدة مع مصر: [حزب الشعب]، من خلال الأب الروحي له، مع الضباط البعثيين، نفذوا انقلابهم ضدّ حكم الشيشكلي، بتاريخ (25) شباط (1954)، وعلى رأسهم مصطفى حمدون، مما دفع بممثلي الأحزاب السياسية إلى عقد مؤتمر حمص الثاني، وهي: [حزب البعث العربي الاشتراكي] و[الحزب الوطني] و[حزب الشعب]، هذا المؤتمر الذي فرز [القيادة الحرة] التي أعادت الأتاسي لممارسة صلاحياته كرئيس للجمهورية. وكان على الحركة السياسية في سورية أن تختار بين اتجاه العراق والتحالف مع الغرب، وبين اتجاه مصر والحياد والتضامن العربي، فقد انقسم [الحزب الوطني] بين العراق ومصر، كما حصل الأمر ذاته بالنسبة [لحزب الشعب]، أمّا بالنسبة لحزب [البعث] فقد كان في أغلبيته يتجه نحو مصر وتصريح رئيسها جمال عبد الناصر، كما أدى موقف مصر هذا، من خلال معاداتها للغرب، إلى اندفاع [الحزب الشيوعي السوري] إلى التحالف مع الاتجاه القومي العربي التقدمي.. رابعاً: مرحلة الوحدة: إثناء مرحلة الوحدة، وقيام الجمهورية العربية المتحدة، انحلّ كلّ من حزب [الشعب] والحزب [الوطنيّ]، وذلك بمجرد إصدار عبد الناصر قرار حل الأحزاب في سورية، في حين أنّ حزب [البعث] و[حركة القوميين العرب]، انتصاراً للوحدة، وتأييداً لعبد الناصر، حلاّ تنظيمها القطري فقط، باعتبار أنّ لهما فروعاً أخرى، في بعض الأقطار العربية، لهذا فهي حلّت على صعيد الداخل السوري، وبقيت في إطارها القوميّ، في الوقت الذي بدأ فيه خلاف عبد الناصر مع الشيوعيين، نتيجة خلافه مع الاتحاد السوفييتي.. بداية وقف [البعث]، كما [حركة القوميين العرب]، مع عبد الناصر، غير أنّ موقف [البعث] تغيّر من مجمل حكم ناصر، نتيجة تهجّمه على البعثيين، ومهادنته لحكم الملك حسين والملك سعود، حسب رأيهم، في الوقت الذي لا يمكن فيه أن نتعامل مع [البعث] في هذه المرحلة، بالذات، ككتلة واحدة، لقد انقسم [البعث] إلى جملة من الاتجاهات، الأول عمل على قيام الوحدة، ثمّ فقد حماسه لها، نتيجة جملة من المواقف، والثاني وقف مع الوحدة، وبقي أمينا لها، في معناها الكلي، وهذا الاتجاه تزعّمه وبجدارة فائز إسماعيل وكان الى جانبه أديب النحوي، وهو الاتجاه الذي شكّل فيما بعد [حركة الوحدويين الاشتراكيين]، وهناك اتجاه ثالث بقي يحافظ على لقاءاته الخاصة، والشبه تنظيمية، وكان بعيداً عن الطرفين..وفي الوقت ذاته، شاركت بعض العناصر البعثية في جملة من المناصب الوزارية، ومناصب أخرى حساسة في الدولة. وفي هذه المرحلة تشكّل [الاتحاد القومي]، كتنظيم سياسي يشمل كلّ من يعيش داخل الجمهورية، وهو بمثابة التنظيم الشعبي الشامل، والذي جاء يسدّ الفراغ الذي أحدثه حلّ الأحزاب السياسية في سورية.
خامساً: مرحلة الانفصال: أمّا حيال الانفصال، وحكمه، فقد انقسم البعث إلى أكثر من جناح، الأول جناح الحوراني الذي وقع وثيقة الانفصال، والثاني: الجناح الناصري، الذي آمن بدولة الوحدة، وبزعامة عبد الناصر، رغم بعض المآخذ على دولة الوحدة، وعلى رأسه فائز إسماعيل، والثالث: الجناح القومي، الذي رفض الانفصال، والرابع: هو الجناح الذي أطلق على نفسه [التنظيم القطري]، والذي اعتبر الانفصال واقعاً يجب استغلاله. في حين أن [حركة القوميين العرب] وقفت ضدّ الانفصال، واعتبرته مؤامرة رجعية ونكبة للحركة العربية الثورية، كما أنّ هناك جماعة من قيادة حزب [الشعب] المنحل، أطلقت على نفسها اسم [الخماسي الناصري] وقفت ضدّ حكم الانفصال، في الوقت الذي ذهبت بقية قيادات هذا الحزب مذاهب أخرى، فبعضها شارك في حكم الانفصال، والبعض الآخر سجّل موقفاً سلبياً منه، وكذلك بالنسبة [للحزب الوطني]، فقد انقسمت قيادته بين ناصريّ وانفصاليّ، في حين أنّ قواعد هذا الحزب كانت في أغلبيتها الساحقة ناصرية، حاولت ترتيب قواها من جديد، ضدّ حكم الانفصال. [الأخوان المسلمون] في هذه المرحلة، كانوا يقرؤون الواقع بطريقتهم، حيث كانوا ينوون الوثوب لاستلام الحكم، في الوقت الذي شاركوا فيه في أوّل حكومة لمرحلة الانفصال، في حين أن الشيوعيين والقوميين السوريين وقفوا ضدّ حكم عبد الناصر، وضدّ دولة الوحدة، فتلقائياً كانوا مع سقوط دولة الوحدة. كما ظهرت في هذه المرحلة بعض التنظيمات السياسية، أهمها [الخماسي الناصري] و[والوحدويين الأحرار] وتنظيم [الاتحاد الاشتراكي]، وهو التنظيم الذي تشكّل بعد تشكيل [الاتحاد الاشتراكي] في مصر، حيث كان امتداداً له. لم يكن الجيش بعيداً، من مجمل ما يحصل، فقد كان، وفي أغلب الأحيان، المركز الأهم لحركة هذه الأحزاب، خاصة القوى البعثية والناصرية، وهو الأمر الذي سيدفع به، لاحقاً، ليصبح المسؤول الأول عن بوصلة الحركة السياسية في سورية.
سادساً: مرحلة حكم البعث حتى التصحيح: في صبيحة الثامن من آذار من عام (1963) فجّرت القوى البعثية والناصرية ثورتها ضدّ حكم الانفصال، وهي القوى التي وقفت ضدّ حكم الانفصال ومجمل صيغه الممكنة، غير أنّ [البعث] من خلال قوّته الكامنة في تنظيمه وتنسيقه، استطاع أن يزيح شيئاً فشيئاً كثيراً من الشخصيات الناصرية التي لم تكن أصلاً منظمة، بشكل يوازي تنظيم [البعث]، حيث استطاع، [البعث]، وبعد فترة وجيزة من ضرب كافة القوى الناصرية، بعد حركة تموز، من نفس العام، ممّا سهّل على البعثيين الانفراد في الحكم. في الوقت الذي تلقت بعض القوى ضربات قوية، حيث كان يتصاعد صوت المطالبة بعودة الوحدة، خاصة وأنّ الثورة كانت ضدّ الانفصال وحكمه، ومن القوى الهامة التي تزعمت هذه المطالبة [حزب الوحدويين الاشتراكيين]، فتعرضت كوادر هذا الحزب وقيادته إلى الملاحقة والنفي والسجن والتعذيب، وبقي الانفصال يخيّم بروحه، من خلال حكم يرفض اللقاء مع مصر، مصر عبد الناصر، غير أنّ الأمر لم يطل كثيراً حتى وقعت حركة [شباط]، من عام (1966)، وهي حركة داخلية كانت تقصد تقويم جسد الحزب الداخلي، بعد ملاحظات عديدة، أرادت أن تلغي دور حرس قديم لتقدّم طلائع جديدة تمارس دورها السياسيّ، داخل البلاد. في حين أنّ هذا الأمر كان يأخذ شكلاً تصاعدياً، من خلال فرز قوى جديدة، داخل بنية [البعث]، حين شعرت هذه القوى بأن الأمور تسير في الاتجاه الغير صحيح، فتجلى هذا التصاعد، ليصل ذروته، في صبيحة السادس عشر من تشرين الثاني، حين استطاع الفريق حافظ الأسد، عضو القيادة القطرية للحزب، ووزير الدفاع، أن يقوم بحركة داخل الحزب، عطّلت برنامج تصفية كاد يطاله، ممّا أعطى عمراً جديداً للحزب، من خلال الاستغناء عن مجمل الأسماء القيادة التي عملت على هذا البرنامج. في هذه الفترة، تمّ ملاحقة كافة القوى السياسية في سورية، وهي فترة وسمت بعدم الاستقرار، نظراً لجملة من المشاهد الداخلية والخارجية التي أعطت صورة تناقضية في بنية النظام والدولة.
سابعاً: مرحلة التصحيح: بداية التصحيح، عمد الفريق حافظ الأسد إلى أن يسلك سلوكاً جديداً، يعمل من خلاله على تثبيت عمل الأحزاب ووضعها في خندق واحد، من أجل العمل على مواجهة التحديات المفروضة على البلاد، وأوّلها الاحتلال الصهيوني للأراضي العربية. بدأت فترة طويلة من المباحثات، حول وضع مشروع ميثاق يجمع جملة الأحزاب، التي تعمل على الساحة السورية، باستثناء القوى الدينية [والحزب السوري القومي]، توصلت الأحزاب المجتمعة إلى مشروع مفهوم الجبهة الوطنية التقدمية، ثمّ وقعت على ميثاقه، وهي: [حزب البعث العربي الاشتراكي، حزب الوحدويين الاشتراكيين، الحزب الشيوعي السوري، حزب الاتحاد الاشتراكي العربي، حركة الاشتراكيين العرب]، ووقع على هذا الميثاق السادة -– [الفريق حافظ الأسد، ، السيد خالد بكداش، السيد جمال الأتاسي السيد فائز إسماعيل ، السيد عبد الغني قنوت]، وبهذا تمّ تشكيل [القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية]، وهي تعتبر من المؤسسات السياسية الهامة على مستوى القرار السوري، ، حيثتم تمثيل كلّ حزب من أحزاب الجبهة بعضوين، باستثناء حزب [البعث العربي الاشتراكي]، فقد مثّله ستّة أعضاء، وعلى رأسهم السيد رئيس الجمهورية حافظ الأسد رئيساً [للجبهة الوطنية التقدمية]. كفل الدستور، في بدايات السبعينات، لحزب [البعث العربي الاشتراكيّ]، قيادة الدولة والمجتمع، كما كفل له، وحيداً، ميثاق الجبهة، أن يتحرك بين الطلاب والجيش، ممّا أعطى لهذا الحزب مساحات أوسع ومقدرة على الفعل والقرار أيضاً، في حين تمّ إستبعاد باقي أحزاب الجبهة عن هاتين الساحتين المهمتين جداً, ممّا أثّر على أداء هذه الأحزاب. كما أنّ غالبية هذه الأحزاب تعرضت لهزات داخلية، وخارجية بفعل تغلغل أجهزة الأمن بكافة فروعها بين قيادات هذه الأحزاب ودفعها للإنشقاق على قياداتها الأعلى لكي تبدو مشرذمة ومتقطعة الأوصال أكثر مما هي فيه، انعكست هذه التدخلات الأمنية على جسد هذه الأحزاب، ومشاريعها، وساعدت على ضمورها، ولرصد جملة هذه الهزات والانقسامات علينا أن نستعرض ما تمّ في كل حزب على حدة بكل شفافية وصدق للتاريخ:
-الحزب الشيوعي السوري: تعرض الحزب الشيوعي إلى جملة من الهزات الداخلية، أهمها الانقسام الكامل في الحزب، والذي أدى إلى قسم الحزب إلى فصيلين، وكلّ منها يعتبر نفسه الحزب [الشيوعي السوري]، فالحزب الشيوعي جماعة خالد بكداش ظلّوا ممثلين بالسيد خالد بكداش، في القيادة المركزية، حتى وفاته واستلام السيد وصال فرحة بكداش زعامة الحزب واصدار صحيفة صوت الشعب وأدار تحريرها السيد عمار بكداش المعروف عنه بغيابه المتواصل عن الوعي بسبب ادمانه على الكحول، في حين أن الحزب الشيوعي الآخر، وهو جماعة يوسف فيصل، باعتبار أن الأخير، أي السيد يوسف فيصل، أصبح أمينا عاماً للحزب، في حين بقي السيد دانيال نعمة ممثّلاً له في القيادة المركزية للجبهة.ولهذا الفصيل تم اصدار صحيفة النور الواسعة الانتشار ويتابع المراقبون أن هناك سبباً رئيسياً لانقسام الحزب، وهو أنّ الوجود الكردي داخل جسد الحزب كان طاغياً، ممّا فرز فراغاً ظاهراً في الخطاب القومي للحزب، أو المساحة المتاحة للقضايا القومية العربية، خاصة حين نعلم أن السيد خالد بكداش كان كردياً سورياً، الأمر الذي دفع نسقاً قيادياً في الحزب إلى هذا الانقسام.
-الاتحاد الاشتراكي العربي: لقد تعرض الاتحاد [الاشتراكي العربي] إلى جملة من الهزات، كان أولها، حين خرج السيد جمال الأتاسي من الجبهة، وكان ثانيها حين قام نسق آخر في الحزب بشقّ الحزب، وشكّل حزباً جديداً، إنّه (الاتحاد العربي الديمقراطي)، حيث تزعمه بعض أعضاء المكتب السياسيّ في الحزب الأصل، ومازالت هذه الهزات تنال من بنية الحزب الداخلية. علماً أنّ حزب [الاتحاد الاشتراكي العربي] هو الحزب الوحيد الذي وقّع على ميثاق الجبهة الوطنية، وتتالى على رئاسته أكثر من شخصّ واحد، نتيجة جملة من الأحداث المتلاحقة الداخلية، في حين أنّ السيد صفوان قدسي يقود الحزب منذ أوائل الثمانينات بالتعاون مع بارعة زوجته والتي قد امتلأ جواز سفرها بأختام الدول التي زارتها على حساب الحزب والصحيفة وقد وصل الرقم الى 17 مليون ليرة سورية فقط تكاليف سفر خلال عام واحد، بينما باقي أحزاب الجبهة الأخرى بقي الأمين العام لم يتغيّر، إلاّ أنّ بعضهم أنهاهم الموت.ومع السماح لأحزاب الجبهة باستبدال النشرة الداخلية بصحيفة حزبية جبهوية أصدر الاتحاد الاشتراكي صحيفة الميثاق وهي من اعداد واخراج وكتابة صفوان القدسي ومن المؤكد أنه هو وبعضا من أعضاء حزبه فقط من يقرأها؟؟ -الحزب الوحدوي الاشتراكي: وكان يسمى بحركة الوحدويين الاشتراكيين. هذا التنظيم الذي حافظ على هويته منذ عام انتكاسة الوحدة 1961بفضل أمينه العام الأستاذ فائز اسماعيل، وهو المشهود له برجاحة الفكر وصدق القول وحكمة الرأي من خلال تمسكّه بفكرة الوحدة والنضال من أجل اعادتها ، كما يعرف عنه انضباطه وشدة بأسه في التعامل الحزبي وخاصة مع القياديين في الصفوف الأولى للحزب. حيث مارس الحزبية باتقان وشفافية تجاه من انشقوا أو تم فصلهم عنه مثل ديب المصري وكريم الشيباني ومحمود نور عنتابي وحسام الصفدي .والملاحظ في تعامل الاستاذ فائز اسماعيل مع عناصر حزبه أنه بقدر ما هو قريب من العضو ان كان قياديا أو عضواً عاديا بقدر ما هو منصت جيداً ويدير الأمور بميزان سياسي قلما نجده في أحد الموجودين حالياً من السياسيين وظلت الوحدة كشعار و كهدف عربي أوّل وأهم، وبين الوقوف إلى جانب ناصر، لقد وقّع الحزب [الوحدوي الاشتراكي] على ميثاق الجبهة الوطنية التقدمية، بعد أن تعرض لهزة داخلية قامت بها مجموعة من عناصر الحزب، الذين وجدوا في الحركة التصحيحية عودة بـ [حزب البعث العربي الاشتراكي] إلى طريقه الصحيح، والذي حلّ نفسه من أجل الوحدة مع مصر، في حين أنّ الأمين العام للحزب، السيد فائز إسماعيل، وبعض القيادات والتي كان لها شرف ارساء قواعد هذا الحزب الى جانب فائز اسماعيل من خلال مجمل قواعد الحزب ومن بعد ذلك بقليل من الوقت ظهرت في منتصف الستينات قيادات واعدة أمثال الاستاذ غازي مصطفى ومحرم طيارة، ومصطفى عليوي وشعبان شاهين,وفوزي ابراهيم وبعض الوجوه الحزبية من حلب ودمشق ودير الزور لا يسع المجال لذكرها الأن, ولكن من الملاحظ انكفاء دور الكثير من هؤلاء وغيرهم أمام نجم الحزب الصاعد خالد العبود وهو كما ورد في مقالات كثيرة عن الجبهة الوطنية بأن السيد عبود أيضاً مبرمج من قبل أجهزة أمنية معينة تريد لهذا الحزب التفتت والانقسام وكونه يطمح الى استلام دفة الحزب في ظل غياب مقصود للمكتب السياسي وغير فعّال وذلك حسب تصريحات السيد العبود نفسه وفي أكثر من لقاء,وهو ذات المناخ الذي سعت في الأجهزة الأمنية و ساعدت عليه أحمد الأسعد وغيره الكثيرين كما سيأتي معنا لاحقاً ...وتم اصدار صحيفة الوحدوي ورأس تحريرها خالد العبود . وللعودة الى بدايات الحديث فقد رفض فائز اسماعيل هذه العودة ..عودة الى البعث المنحل، معتبراً أنّ الحزب خلال هذه الفترة استطاع أن يضيف مجموعة من المعالم التي تخطت صيغة البعث الأوّل، ثمّ تعرض الحزب لهزّة أخرى، قامت به عناصر أخرى، استفادت من علاقاتها الداخلية في بنية النظام، فانشقّت مشكلة [الحزب الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي]، من خلال السيد أحمد الأسعد، الذي استفاد من ظروف غير طبيعية مرّت بها الحياة السياسية في سورية، خلال منتصف السبعينات، من خلال ظهور سيء الذكر رفعت الأسد، والذي وقف وراء تشكّل هذا الفصيل ولم يكن ليحترم بوقوفه هذا مع الأسعد أي نوع من وشائج الود والمحبة بين حافظ الأسد وفائز اسماعيل.
-حركة الاشتراكيين العرب: وهو الفصيل الذي أطلق على نفسه اسم [التنظيم القطري] بعد وقوع الانفصال،بدأ بهذا الاسم ولايزال كما أنّه كان تنظيماً خارجاً، أصلاً، من عباءة الحزب [الاشتراكي العربي]، والذي اندمج مع حزب [البعث]، خلال مطلع الخمسينات، كي يكونا حزب [البعث العربي الاشتراكي].. لقد سجّل بعض قادته مواقف سلبية من الحوراني، الأب الروحي للحزب [الاشتراكي العربي]، كما أنّهم سجّلوا مواقف من النظام نفسه، بعد ثورة آذار، إلاّ أنّ رموزه اختلفوا فيما بينهم منذ مطلع آذار، حول آلية العمل السياسيّ وأدواته، غير أنّ فترة التصحيح حصرت هذا الاختلاف بين تيار يتزعمه السيد عبد العزيز عثمان وآخر يتزعمه السيد عبد الغني قنوت، الأول يرى في العمل السياسي الحزبيّ الصيغة القادرة على نقل الوعي العام للجماهير من حالة متخلفة إلى أخرى متطورة، تعتمد أساساً على الالتزام التنظيمي وفق صيغ وعلاقات داخلية تنظيمية مضبوطة، قائمة أصلاً على قيمة العمل الجماعي، والثاني كان انسحاباً لفترة الحوراني، وامتداداً لطريقته في العمل الذي يعتمد على قيمة الزعامة والشخصية. استمر هذا الخلاف، منذ منتصف السبعينات، وازداد بعد أن بعد أن مال الحزب باتجاه عثمان، إلاّ أن تصرفات قنوت حالت دون وصول الأول إلى أمانة الحركة، ممّا أجبره على أن يبقى الرجل الثاني في الحزب، وأن يبقى عضواً في [القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية]، حتى أن استطاع عثمان، في عام (1994)، عقد اجتماع للجنة المركزية للحزب في مدينة حمص، بعيداً عن قنوت، ثم انتخاب السيد عثمان أميناً عاماً، غير أنّ الموت حال دون استمرار عثمان، الأمر الذي دفع ابنه غسان عبد العزيز عثمان، من خلال المؤتمر الخامس للحركة، (1997)، إلى تزعم الحركة، الفصيل المنشق، وتمثيلها في [القيادة] واصدار جريدة آفاق الجبهوية، وبقاء السيد قنوت يقود الفصيل الأم.ومن ثم انتقال غير هادىء الى زعامة أحمد الأحمد مساعد المهندس في محافظة دمشق. الذي قفز سريعاً وطويلاً أفقياً وعامودياً بالتعاون مع أجهزة أمنية دبرت له التخلص بهدوء من فراس قنوت والهائه بفتات المناصب بينما انقض على منصب الأمين العام وهو الذي كان ينتظره طويلاً حتى وفاة قنوت الأب وبهذا يكون السيد أحمد الأحمد قد قفز من الصفوف الخلفية للحزب وتجاوز أعضاء المكتب السياسي والرفاق القدامى لأبو أحمد الذي وثق به وقربه منه وجعله مدلل الاشتركيين العرب .بل وكان لا يسمح لأحد بانتقاده وهو الخطأ الفادح الذي انعكس سلباً على المجريات السياسية لهذا الحزب فيما بعد. وأيضا تم اصدار جريدة اليقظة الجبهوية بامكانات أدبية وثقافية ضحلة جداً ومعيبة وهنا صدقت مقولة الكاتب السوري حكم البابا عن صحف الجبهة بأنها جرائد كول واشكور أمّا بالنسبة للقوى السياسية التي لم يسمح لها بالعمل داخل سورية، فهي: -الأخوان المسلمون: سجّل الأخوان المسلمون حضوراً واضحاً ومتميّزاً، أواخر العقد الأول لمرحلة التصحيح، في الوسط الجماهيري، من خلال سيطرتهم على المساجد، في الوقت الذي كانوا يبيتون فيه للصدام مع النظام، فما كان منهم إلاّ أن يبدؤوا مشروعهم بالتصدي لرموز النظام، ثمّ مؤسساته، فقاموا بجملة واسعة من المداهمات والعمليات الاغتيالية، وخاصة في المدن السورية الرئيسية: (دمشق – حلب – حماة..)، وأخيراً تطوّر الفعل لدى هؤلاء، حتى قاموا بمحاولة السيطرة على مدينة (حماة)، إلاّ أن النظام كان قد قرّر مواجهة هذا العمل الدامي، فما كان منه إلاّ أن يقوم بمواجهة (الأخوان المسلمين)، من خلال الإعداد لمشروع مواجهة كامل، استطاع فيه أن ينهي هذه الحركة تماماً، وذلك في بدايات النصف الأوّل من عقد الثمانينات، بعد جولات دامية، أدت إلى سحق الآلاف.تم ذلك بقيادة رفعت الأسد واشراف وتخطيط الرئيس الراحل حافظ الأسد وبعض قيادات الأجهزة الأمنية وتؤكّد الأحداث التي مرّت على سورية أنّ الأخوان لم يكونوا نتاج الداخل السوري، بقدر ما تم استثمار هذه الأحداث استثماراً خارجياً واسعاً، من خلال أنظمة عربية مجاورة، كان لهذه الأنظمة غايات وأهداف وتصفية حسابات مع النظام السياسي في سورية. -الحزب السوري القومي: بقي الحزب القومي السوري يتّبع سياسة هادئة لمحاولة الحفاظ على شعرة معاوية، بينه وبين الداخل السوري، والحفاظ على جسده التنظيميّ، حيث أن جزءاً كبيراً منه كان مكشوفاً لدى النظام في سورية، وأدرك هذا التنظيم، على ما يبدو، بعض فصول خطاب النظام السوري، من خلال التزامه بجملة من الصفات، كانت تقرّبه من أقطاب النظام وشخصيته، ممّا أعطاه صفة إيجابية، الأمر الذي دفع بالأحداث داخل سورية، إلى أن تجعل النظام يقتنع بحقيقة هذا الحزب ووجوده، ثمّ موقفه الإيجابي على وجود ممثلاً له، في البرلمان السوري، ولأكثر من دورة، وهو الدكتور باصيل دحدوح، في الوقت الذي ينظر يعدّ خطاباً خاصاً به، للنظر بقبوله في الجبهة الوطنية التقدمية، وأن للسيد فايز اسماعيل اليد الفضلى بمساعدة القومي السوري لدخوله الى الجبهة قبل نهاية 2005 تكفيراً عن الخلافات السابقة بين قيادة الحزبين على مدى أعوام طويلة وذلك حسب تصريحات أمين سر المكتب السياسي للوحدويين خالد العبود مع عدد من أعضاء مجلس الشعب السوري باعتباره حاول ويحاول لهذا الأمر، ومنذ فترة بعيدة..ومع حلول عام 2005 دخل الحزب القومي السوري الى صفوف الجبهة الوطنية التقدمية دخولاً هزيلاً شابه الكثير من التساؤلات عن التوقيت الخاطىء لهذا الدخول وبهذه الصورة الغير مقبولة لحزب عريق .
#صادق_حسين_فتال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ
...
-
سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام
...
-
الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء
...
-
-سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد
...
-
برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت
...
-
إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات
...
-
بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول
...
-
مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
-
بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
-
-ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|