|
ما خاب قوم ولوا أمرهم إمراة .
صالح حمّاية
الحوار المتمدن-العدد: 4611 - 2014 / 10 / 22 - 08:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
جرت العادة وكلما طرحت مسالة تولي المرأة للمناصب القيادية في "البلاد الإسلامية " كمنصب الرئاسة مثلا ، أن يخرج علينا الأصوليون للقول أن هذا الأمر لا يصح و أن هذا باطل ، وحسبهم في هذا هو الحديث المنسوب للنبي صلعم (ما افلح قوم ولوا أمورهم امرأة ) ؛ لكن طبعا و لان الأصولية اليوم باتت تجد في مثل ذلك الكلام حجة ساقطة للإثبات ( خاصة في ظل الواقع الحالي المكذب لهذا الزعم ونحن نرى عشرات النساء ينجحن في المناصب القيادية ) ، فالأصولية تحاول إضافة و لما ذكرت ، عرض بعض النقاط الموضوعية بنظرها التي تجعل المرأة غير صالحة لقيادة الدولة من قبيل أن المرأة ضعيفة و أن المرأة عاطفية إلخ ، وهي الحجج التي سنقوم بمناقشة صحتها هنا للإجابة على سؤال : هل حقا أن المرأة لا تصلح لقيادة الأمم ، أم أن الأصل انه لا يوجد خير من ا لمراة لقيادتها ؟
تعتبر الحجة الأولى التي يستعملها الأصوليون لإدانة حكم المرأة عادة هي القول أن المرأة تميل إلى العاطفة ، و ويزعم الأصوليون أن هذا الأمر منها لا يصلح لأن يؤهلها للقيادة ، فالأصلح للقيادة كما يرون هو الرجل الحازم و الصارم وليس الحكام العطوف ، و ردنا على هذا الكلام هو انه حقيقة أسوء تبير يمكن سرده لإدانة حكم المرأة ( إدانتها على الأقل في الزمن الحديث) لأنه وبهذه الحجة فالأصوليون و كأنما يدعوننا لان نختار حاكما جلادا وباطشا وهذا لعمري جنون محض ، فأي شعب (و خاصة شعب كشعوبنا المغبونة و المقهورة بالإرهاب و القمع ) من سيستبدل حاكم عطوفا ورحيما ، بحاكم جلاد و ارهابي ؟؟ و طبعا الجواب هو " لا" ، فكل الشعوب ستختار الحاكم العطوف بدل الحاكم القاسي فالشعوب بطبيعتها لا تريد أن تحكم بالإرهاب و الديكتاتورية ، وعليه فحكم المرأة هو أفضل في ظل حجة الأصولية هذه لان المرأة العطوفة أفضل من الرجل القاسي، و الحقيقة وبالنسبة لهذا الزعم من الأصولية فالافتراض غالبا أن الأصوليين وحين طرحوه فهم كانوا ينظرون للأمر من منطق الزمن القديم حيث كان البطش والعدوان ضرورة في الحكام ، لكن بالتأكيد للعصر الحالي عصر الاستقرار فبلا شك لا أفضل من المرأة كحاكم فكل الشعوب اليوم تريد حكما رحماء عليهم لا يقمعوهم ولا يرهبونهم ، الأمر الأخر و ولمن قد يقول ان عطف المرأة هذا سيؤدي إلى تراخيها في حماية شعبها ، فطبعا كلنا يعلم أن هذا زعم باطل ، لان المرأة العطوفة الحنونة يمكنها الانقلاب إلى وحش كاسر إذا ما مس صغارها أي سوء ، لهذا فالقول أن عطف المرأة سيؤدي إلى تخاذلها في حماية شعبها ، فهو قول باطل لان المرأة بقدر ما هي عطوفة وحنونة ، بقدر ما هي مقدامة في الدفاع عن شعبها (و هذا مع الأخذ بالاعتبار أن المرأة لا تبطش إلا دفاعا عن النفس ، وهذا على عكس الذكور عموما حيث البطش لديهم نوع من الغريزة بسبب هرمون التستستيرون ) لهذا فالمرأة ووفق الحجة الأصولية أفضل من الرجل علميا وعمليا .
الحجة الثانية التي يستعملها الأصوليون لمنع المرأة من الحكم عادة هي القول أن المرأة لها احتياجات خاصة (الولاة الإرضاع الحيض الخ) وان تلك الأمور تمنعها من الرئاسة ، و الرد هنا : ومتى كان المرض أصلا مانعا للحكم ، فكل الحكام في كل الأمم تمر عليهم فترات مرض ، عدى أنهم يأخذون عطلا ، وعليه فحاجيات المرأة ليست لا اقل ولا كثر من تلك التي يحتاجها الرجل (ودعنا لا ننسى هنا أن الحكام العرب الذي تباركهم الأصولية اليوم كلهم مرضى وبعضهم مقعد ) وهو ما يعني أن لا حجية لهذا الزعم ، الأمر الأخر و بخصوص مسالة الحمل و القول أنها معرقلة ، فالرد هو و من قال أن الحمل معرقل لمهمة الرئاسة ، فأولا الحقل السياسي الخاص بالصراع على الرئاسة لا ثلجه المرأة إلا في عمر متقدم (50 سنة على الأقل ) وفي تلك الفترة الكل يعلم أن المرأة قد تجاوزت كل الأمور التي يحدث عليها الأصوليون ، فأين إذا هي المعوقات التي يحدثون عنها ، فكما نرى هؤلاء يتكلمون عن أمور متوهمة و لا وجود لها وهو ما يجعلها حجة باطلة.
الحجة الثالثة وربما الأخيرة المهمة التي يستعملها الأصوليون للمنع المرأة من الحكم (والتي أراها الأكثر حجية بنظرهم ) هي الزعم إن المرأة ليست مؤهلة الأمور الحكم من الناحية النفسية والعقلية ، فالحكم يحتاج رجال يفهمون في إدارة الدولة ، ومعتادون على المعارك وخلافه كما يقولون ، في المقابل فالمرأة ككائن ضعيف فهي لا تصلح سوى لإدارة البيت و تربية الأطفال ، و ردنا على الأمر هو انه نفس المنطق الأصولي القديم المغلوط حيث لا يزال ينظرون للزعيم على انه زعيم عصابة تمارس النهب أو قائد ميليشيا يحتاج أن يكون باطشا لحفظ النظام ، لهذا فحاكمها يحتاج أن يكون كزعيم العصابة سفاح وباطش الخ ، لكن طبعا كلنا نعلم اليوم أن هذا أنتهي لأنه و في دولة اليوم فكل هذا لم يعد له وجود ، لان دولة اليوم هي دولة الاستقرار ومثل هذه الدولة تأتي تماما على هوى المرأة و تركيبتها ، لان المرأة عموما شاطرة في أمور البيت من حساب للميزانية واهتمام بالأولاد و بتعليمهم ، ورعايتهم ، و صحتهم ، وعليه فهي بالفطرة قادرة على الإلمام بأمور الدولة كالتموين و الصحة والتعليم ، وستكون المرأة بلا شك أفضل حاكمة لأنها ستكون بمثابة الام الراعية للشعب و الحنونة عليه ، وفي ظل معرفتنا بشطارة المرأة في إدارة أمور البيت ، فلنتخيل شاطرتها في إدارة الأمور الداخلية للدولة ، وطبعا وكما نلاحظ هنا فالمرأة تتفوق تفوقا رهيبا على رجل في مسالة إدارة الدولة الحديثة بما لها من خبرة بإدارة الأسر ، لهذا وكما نرى فنفس حجج الأصولية الموضوعية المزعومة التي تطرحها لإدانة حكم المرأة هي ذاتها الحجج التي أكدنا بها حقيقة أن المرأة هي الأصل للحكم ، بل وإنها الأفضل له ، وهو ما لا يبقى للأصولية سوى الحجج الأيدلوجية ، من قبيل المرأة لا تصلح للحكم لان الحكم فيه اختلاط بالرجال لحرمان المرأة من هذا المنصب ، لكن طبعا مثلا هذه الكلام لا معنى له ، لان قضية الاختلاط هي أمر اخترعه الأصوليون ، وعليه فلا احد ملزم بالالتزام به ( عدى طبعا أن الحكام المسلمون اليوم ملزمون بالاختلاط بالنساء الغربيات الحاكمات وهو المحرم أيضا و الذي لا نرى أحدا يمنعهم بسببه ) ومنه نصل في النهاية إلى نتيجة أن المنطق الأصولي بخصوص المرأة منطق مغلوط تماما ، فالدولة التي لا تصلح لها النساء هي (دولة العصابة ) وهذه الدولة قد ولت ، أما الدولة التي تنجح فيها المرأة (الدولة المدنية ) فهي لا تزال قائمة ، وعليه فاليوم الحكم منطقا هو للمرأة بل أن التاريخ يؤكد أن الحكم ماهو إلا للنساء ، فالنساء و متى ما حكمن فقد كان ذلك دليل عز وازدهار في دولهن ، فجميع النساء اللائي حكمن على مدار التاريخ حكمن في أزمنة ازدهار وتقدم لدولهن ، لهذا فيمكن القول أن حكم المرأة هو دليل تحضر للأمم ، لان الشعوب التي تسمح للمرأة بحكمها هي شعوب متحضرة ، و الشرق الأوسط خير دليل على هذا فحين حكمت النساء في الشرق كان هذا الشرق بلاد الحضارات ومهد الفكر والرقي ، لكن حين استولى عليه الأصوليون بالفكر الذكوري انهار هذا الشرق العظيم إلى الحضيض ، مما يجعلنا نقول أن الحل للشرق الأوسط هو مطالبته بالعودة لحكم النساء ليحل مشاكل التخلف و القمع و الإرهاب التي تدمره ، فكل تلك المصائب لم تنزل على الشرق إلا بسبب إجرامه في حق المرأة ..
#صالح_حمّاية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمركة داعش لن تبرئ الشريعة .
-
الشريعة فُضحت و أنتهى الأمر .
-
دفاعا عن الدين المغلوط .
-
و إنك لعلى خلق ذميم .
-
-ناعوت- مجرم مدان بتهمة الشفقة .
-
الشريعة بما لا يخالف حقوق الإنسان .
-
نماذج على همجية الشريعة الإسلامية .
-
في ضرورة الإعتراف بهمجية الشريعة الإسلامية.
-
ضد الشريعة الإسلامية قبل ضد داعش .
-
نحن قوم أذلنا الله بالإسلام .
-
حتى داعش لن تفيد .
-
داعش كتجلي للإسلام الصحيح .
-
-غزة- تضامن إنساني مغشوش .
-
هل أفتعل الإخوان العدوان على غزة ؟ .
-
دساتير المتناقضات لا تحمي الحرية .
-
ما تحتاجه تونس بدل منع التكفير .
-
دفاعا عن التكفير .
-
إيزيس تخلع مرسي .
-
متى يغدوا الحب جريمة ؟ .
-
ربما التقسيم هو الحل .
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|