مزمل الباقر
الحوار المتمدن-العدد: 4610 - 2014 / 10 / 21 - 00:28
المحور:
المجتمع المدني
رأيتها .. كانت تتكيء على حافة الأسفلت، تجاور إناءاً معدنياً متسخاً، من الألمونيوم في الغالب. ظهرها يقابل جامع السوق الكبير(1) وقبالتها شارع الموردة وقد ضج بالسابلة وبأبواق السيارات الزاحفة وأصوات الباعة التي تجولت وأقدامهم في فوضى ببردهات سوق امدرمان وازقة المتسخة بقصاصات الأوراق وأكياس النايلون التي خرجت من رحم الصنادق التي كانت تحوى أحذية جديدة قبل ان تجربها ارجل المشترين بفرح.
رأيتها.. كانت تحاذي حافة الأسفلت، غير آبهة بإطارات السيارات التي مرت من امام جسدها كما تمر من أمام إشارة المرور وكادت ان تلامس حافة اصابع اقدامها المتسخة المتشققة وأثمالها البالية المتعضنة بعرقها الذي مازجه الرهق، الضجر، الضياع ورائحة السلسيون(2).
رأيتها .. كان الكل منشغل عنها بشراء حوائج العيد. وكانت منشغلة عنهم تماماً بإنائها الفارغ إلا من بعض جنيهات معدنية، أدخنة عوادم السيارات الفارهة وغبار أحذية متعجلة لمارةٍ تعلقت انظارها بجيوبهم. وربما بإيدهم علها تجود ببعض المال على إناءها المعدني المتسخ.
مزمل الباقر
امدرمان في 1 / 10 / 2014م
(1) السوق الكبير: هو أول سوق من أسواق مدينة أمدرمان وأقدمها.
(2) السلسيون: مادة بترولية لاصقة تستخدم للصق المصنوعات الجلدية وغيرها. ولكن معظم المتشردين يستشقون هذه المادة كنوع من المخدر.
#مزمل_الباقر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟