|
وضعية الأمازيغية بعد 13 سنة، من خطاب أجدير وإحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (17 أكتوبر 2001)
الحسين أيت باحسين
الحوار المتمدن-العدد: 4608 - 2014 / 10 / 19 - 09:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بعد 13 سنة؛ أي منذ خطاب أجدير وإحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي يعتبر تصورا جديدا بخصوص الهوية المغربية؛ فتحت مجموعة من الأوراش من أجل رد الاعتبار للأمازيغية لغة وثقافة وهوية وحضارة، ومن أجل تثمينها لكي تساهم في التنمية المستدامة. من بين هذه الأوراش، تلك التي تتمثل في تنفيذ ما عُهِد للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية من مهام أسندت لمختلف مراكزه السبعة من تهئية للغة الأمازيغية، ومعيرة لخط كتابتها، وإعداد للكتب المدرسية والدعائم البيداغوجية وتأطير تربوي وبيداغوجي لفائدة مدرسي الأمازيغية ولفائدة طلبة الجامعة في مسالك وماستيرات اللغة الأمازيغية وكذا لبعض الأطر التربوية والإدارية (من مفتشين تربويين ومديري المؤسسات التعليمية التي برمج فيها تعليم الأمازيغية)، وإقامة ورشات تكوين للإعلاميين والعاملين في مجالات السينما والفن التشكيلي)؛ وإنجاز بحوث ودراسات في مجالات الآداب والفنون والتاريخ والأنتروبولوجيا والسوسيولوجيا؛ إضافة إلى القيام بالترجمة، من وإلى الأمازيغية؛ وبالطبع والنشر ووضع الآليات والبرامج المعلوماتية التي تتوقف علي خدماتها مختلف مراكز البحث وكذا مؤسسات التعليم والإعلام التي ينبغي أن تدمج فيها الأمازيغية. كما تقوم مختلف المراكز بأنشطة ثقافية لها علاقة، من جهة، بالمهام التي أنيطت بها، ومن جهة أخرى، بالأيام الوطنية والعالمية التي تتعلق بجانب من الجوانب الثقافية والاجتماعية أو الحقوقية للأمازيغية. كما تجدر الإشارة إلى قيام الباحثين بمهام في مختلف مؤسسات ذات نفس الاتمام داخل الوطن وفي بعض البلدان الأجنبية. هذا جانب مما تقوم به هيئة البحث والدراسة؛ يضاف إليه ما يقوم به مجلس إدارة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية من تقييم ومصادقة لمشاريع مراكز البحث والدراسة، وتقديم لاقتراحات وملتمسات، خاصة بالنسبة للمؤسسة الملكية لكون المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية مؤسسة استشارية. كما أن مجلس إدارة المعهد يقوم بالاتصال والتواصل مع مختلف المؤسسات المعنية بإدماج الأمازيغية (خاصة مؤسسات التعليم والإعلام) وكذا مع مختلف جمعيات الحركة الأمازيغية ومؤسسات البحث الجامعي وجمعيات ومنظمات المجتمع المدني التي تقوم بتنظيم لقاءات أو أيام دراسية لها علاقة بالمهام الموكولة للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. كما ثم خلق جوائز للمبدعين في مختلف مناحي اللغة والثقافة الأمازيغية وتخصيص دعم للجمعيات والمؤسسات والمنظمات التي تتقدم بمشاريع ذات نفس الاهتمام بمهام المعهد. في ما يتعلق بإدماج الأمازيغية في المؤسسات العمومية وفي الفضاء العمومي، تنبغي الإشارة إلى أن بداية هذا الإدماج ثم أساسا في مرفقين: التعليم والإعلام، وذلك ببرمجة تعليم اللغة الأمازيغية بتدرج في مستوى التعليم الأولي (الابتدائي) كما خلقت مسالك وماستيرات ببعض الجامعات المغربية؛ وبخلق قناة "خاصة" بالأمازيغية. وقد واكبت هذا الإدماج مجموعة من المبادرات المتمثلة في التكوين والتأطير وإعداد ما يتوقف عليه هذا الإدماج. في ما يتعلق بالفضاء العمومي، استطاعت كل المبادرات، التي ثم القيام بها في هذه المدة، أن تقلص من الصورة الدونية التي كانت لصيقة بالأمازيغية وبالناطقين بالأمازيغية، واختفت إلى حد كبير تلك الخطابات التي كانت تعادي كل ما هو أمازيغي؛ وأصبحت بعض الرموز الثقافية الآمازيغية (تيفيناغ، العلم الأمازيغي، ...) وبعض الطقوس (كرنفالات بوجلود وإمعشار والزفاف الجماعي، ورأس السنة الأمازيغية) وكذا بعض المهرجانات التي لها علاقة بالثقافة الأمازيغية تؤثث الفضاء العمومي بنوع من الاعتزاز من طرف المنظمين ودون تحقير من طرف جهات كانت تعادي الأمازيغية من قبل. وتتويجا لكل ما سبقت الإشارة إليه تمت دسترة الأمازيغية وترسيم اللغة الأمازيغية في دستور 2011، ونشر عدد لا يستهان به من البحوث والدراسات في إطار المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ومن طرف مجموعة من جمعيات الحركة الأمازيغية وفي إطار الجامعات وكذا من قبل مؤسسات عمومية. وأصبح المغرب بذلك مرجعية في تدبير إدماج الأمازيغية في المؤسسات العمومية وفي الفضاء العمومي. لكن؛ اليوم وبعد دسترة الأمازيغية وترسيم اللغة الأمازيغية في دستور 2011، أصبح من المستعجل تنزيل القوانين التنظيمية الخاصة ب"تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية" وب "إحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية"؛ كما أصبح أيضا من الضروري تحديد مكانتها في تنزيل مختلف القوانين التنظيمية الأخرى التي تهم مثلا الجهوية والقضاء والصحة وكذا مختلف المؤسسات العمومية الأخرى التي لها ارتباط وطيد بالأمازيغية. وذلك بعيدا عن كل منظور إيديولوجي سياسوي. لقد ساهمت مجموعة من جمعيات الحركة الأمازيغية وجمعيات مهتمة بالأمازيغية باقتراحات في هذا الشأن وبعثت بها إلى مختلف المؤسسات الحكومية وإلى الغرفتين البرلمانيتين وإلى الأحزاب السياسية ومختلف المنابر الإعلامية؛ وعقدت عدة ندوات في شأنها في مختلف مناطق المغرب؛ بل إن ممثلي بعض الأحزاب وبعض الوزارات قد أعلنوا في أكثر من لقاء بأنهم قد أعدوا مقترحات، لا ينتظر منها سوى أن تقدم إلى الحكومة (في شكل مشاريع)؛ كما أن جمعيات من المجتمع المدني قدمت إلى البرلمان مذكرات ومشاريع مقترحات. بل نشر في الصحافة، في يناير 2014، بأن البرلمان سيستقبل اللجن التي أعدت هذه المقترحات؛ لكي يسمع في اليوم نفسه بأن هذا اللقاء لم يفض إلى شيء ملموس. هذا إضافة إلى أن الخطاب الملكي الموجه الى البرلمان بغرفتيه، بمناسبة اجتماعه في دورته الخريفية لسنة 2013، قد أوصى بالتعجيل بإصدار القانونين المذكورين خلال الدورة التشريعية لسنة 2013 . بعد كل ما ذكر، وما لم يذكر، من بين المبادرات التي قامت بها الحركة الأمازيغية؛ لم تبد أية إرادة سياسية واضحة في الأفق، لا القريب ولا البعيد، في ما يتعلق بتنزيل هذه القوانين التنظيمية، وأصبح السؤال الملح هو: ما هي الجهة التي في يدها قرار الحسم في وضع حد لهذه الانتظارية وفي رفع هذا الالتباس الذي أصبح يكتسح، أكثر فأكثر، الرأي العام بوجه عام ورأي الحركة الأمازيغية، بوجه خاص؟ خاصة بعد تصريح رئيس الحكومة الحالية الذي قال بأن "ملف الأمازيغية بيد جهات عليا". لكن، حداري أن يتم مجرد تصريح لرئيس الحكومة الحالية؛ سنة قبل نهاية ولاية حكومته الحالية التي ينبغي خلالها، حسب ما ينص عليه الدستور نفسه، إنزال مختلف القوانين التنظيمية؛ إلى اتهامات واتهامات مضادة بين أطراف الحركة الأمازيغية، فذلك ما يبحث عنه خصوم الأمازيغية. كما ينبغي أن تتحدد أيضا وضعية المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بعد أن تمت دسترة مجموعة من المؤسسات ذات الطابع الاستشاري أو أن تحدد مهامه الجديدة، مثله مثل المجالس الاستشارية أو ذات الطابع الاستشاري التي لا زالت تمارس مهامها المنوطة بها. وذلك حتى يواكب المستجدات التي تمليها روح الدستور الجديد. لأن إحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي لم تتم دسترته؛ كما هو الشأن بالنسبة لمجموعة من المجالس الاستشارية الأخرى التي تمت دسترتها، وخاصة بعد عدم تجديد أعضاء مجلس إدارته؛ أصبح ينظر إليه، أكثر فأكثر، من طرف جزء كبير من مناضلي الحركة الأمازيغية كأداة لتدجين منتظرات المجتمع المدني التي بلورتها مطالب الحركة الأمازيغية والمنظمات الحقوقية وحركة 20 فبراير. فإذا كان المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، قد أنجز مهاما كثيرة في ما يتعلق بإعداد وتهيئ ما من شأنه أن يجعل الأمازيغية قابلة لأن تدمج في المؤسسات العمومية وفي الفضاءات العمومية، فإن كثيرا من القرائن تجعل هذا الإدماج موضع التساؤل. أهمها الفراغ التشريعي المرتبط بعدم تفعيل القوانين التنظيمية؛ والتراجع الذي أصبح يلمس أكثر فأكثر في مجال التعليم والتكوين؛ وعدم تخصيص، بعد، ميزانية خاصة بإدماج الأمازيغية في مختلف المرافق التي ينبغي أن تدمج فيه؛ عدم التنصيص على الأمازيغية في مشاريع بعض المؤسسات العمومية التي قدمت تلك المشاريع، كما هو الشأن بالنسبة لمشروع التعليم في أفق 2030 والذي أشار إليه السيد عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في الندوة التي تم تنظيمها بمناسبة الذكرى 13 لخطاب أجدير وإحداث المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية. وأخيرا، وليس آخرا، فإن من بين أهم المنتظرات من دسترة الأمازيغية ثقافة وهوية وحضارة وترسيمها لغة هو مأسستها؛ اعتمادا على التشريع الذي ينبغي أن يجد له سندا في المقاربة التشاركية التي ينص عليها الدستور الحالي ( دستور 2011) وفي الإجماع الذي ينبغي أن يلتئم حوله كملف لا يقل أهمية سياسية واجتماعية من ملف الوحدة الترابية والمسألة الدينية وقضية المرأة؛ وذلك لكي تستطيع (الأمازيغية لغة وثقافة وهوية وحضارة) أن تقوم بدورها الفعال، المنتظر منها، ألا وهي المساهمة في التنمية المستدامة وفي التلاحم والسلم الاجتماعيين والأمن الثقافي. وبهذا فالجميع مدعو؛ بما أنه لم يعد أحد يطرح الأمازيغية، لكونها قضية كل المغارية، موضع النقاش؛ إلى الإجماع والتوافق على ما ينبغي أن تكون عليه مأسسة الأمازيغية عبر تشريعات تضمن هذه المأسسة؛ لكي يتم التفرغ للقيام بتفكير متجدد يؤسس لتفعيل تلك المأسسة الجديدة المنشودة من طرف الجميع. الحسين أيت باحسين باحث في الثقافة الأمازيغية
#الحسين_أيت_باحسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التلفزة والخدمة العمومية (القنوات التلفزية الوطنية المغربية
...
-
مناضل خلف الواجهة المرئية (شهادة في حق المناضل إبراهيم أقديم
...
-
المرحوم الحسين عبد المالك أوسادن صاحب -دار الندوة الأمازيغية
...
-
تاريخية مطالبة الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي بدستر
...
-
-الهوية الأمازيغية- في ضوء دستور فاتح يوليوز 2011: أية آفاق
...
-
دسترة الأمازيغية: المطالب، الترسيم، التحديات والآفاق (لمحة ت
...
-
-أسطورة ؤنامير- بين -طّالب-، -أنضّام- و-رّايس- (قراءة في ثلا
...
-
إعمال الطابع الرسمي للأمازيغية
-
الاحتفال برأس السنة الأمازيغية: - أثر من آثار نزول نوح عليه
...
-
من أجل ضبط علم جغرافي أمازيغي ضبطا سليما (-إفْرانْ- و-يَفْرن
...
-
الأفكار تتضارب حول تواريخ الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية
-
تيفيناغ: مقاربة أنتروبولوجية (أبجدية -تيفينّاغ- أو -الأبجدية
...
-
المغرب مرجع لتدبير التعدد اللغوي
-
التقاعد بين التكريم والكرامة
-
الأمازيغية والعربية وما بينهما من اتصال وانفصال
-
الأمازيغية وتكريس قيم الديمقراطية والحداثة والمواطنة الحقة
-
الإنسان والحيوان (مقاربة أنتروبولوجية)
-
الأمازيغية والحاجة إلى الحماية القانوية
-
رأي حول الأمازيغية منذ 16 سنة خلت (1996) - فما الذي تغير بعد
...
-
حدث دسترة الأمازيغية بالمغرب بداية تلمس طريق سليم
المزيد.....
-
بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من
...
-
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش
...
-
فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ
...
-
واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
-
بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
-
هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
-
هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
-
-مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال
...
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|