أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - الزواج في المسيحية بين النظرية والتطبيق- الجزء العاشر- دور المرأة في الأسرة















المزيد.....


الزواج في المسيحية بين النظرية والتطبيق- الجزء العاشر- دور المرأة في الأسرة


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4608 - 2014 / 10 / 19 - 09:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



تعرضنا في المقال السابق لدور الزوج في الاسرة وذكرنا أن الرجل مطالب بمحبة زوجته محبة لا تقل عن حبه لنفسه. فهو القائد الخادم الذي يعمل لتلبية احتياجات اسرته، كما انه يتعامل مع افراد بيته بلطف واحترام. لكن ما هو دور الزوجة في الزواج المسيحي؟

قد تكون أكثر آيات الكتاب المقدس جدلية عندما يتعلق الامر بدورالزوجة هو ما كتبه بولس الرسول في أفسس 5 " أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب، لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح هو أيضا رأس الكنيسة." ترى ما هو هذا الخضوع الذي يتكلم عنه بولس؟ ما هو شكله ومضمونه؟ هل هو شبيه بخضوع الاطفال لوالديهم؟

للإجابة على هذه الاسئلة، دعونا اولا نتذكر ان بولس علّم "ليس يهودي ولا يوناني، ليس عبد ولا حر، ليس ذكر ولا انثى، بل الجميع واحد في المسيح." إذا موضوع المساواة محسوم. كما أن بولس تلى وصيته للمرأة بوصية مماثلة للرجل يطلب فيها منه "أيها الرجال، أحبوا نساءكم كما احب المسيح أيضا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها... كذلك على الرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم." إذا في هذا الإطار من الحب اللامحدود، تخضع المرأة لرجل يحبها كنفسه ويعمل لخدمتها متمثلا بالمسيح بصفته القائد الخادم. لا يعمل الزوج والزوجة في المسيحية في إطارين منفصلين، بل هما يرسمان خارطة الطريق معا، خارطة لا تحيد عن الإطار الذي رسمته لهما العناية الإلهية والذي مثاله الاعلى هو حب المسيح المطلق لكنيسته التي مات لأجلها، و حب الكنيسة لفاديها واستعدادها لخدمته حتى الموت. في هذا الإطار تطلق الزوجة يد زوجها في قيادة سفينة الزواج الى بر الامان.

ماذا لو طلب الرجل من زوجته امورا لا تليق؟ هل تستمر الزوجة في الخضوع؟ سؤال وجيه، لكن دعونا نذكر ان هذه الوصية لم تعط لجميع الناس على اختلاف مشاربهم وفلسفاتهم، بل هي أعطيت لرجل وامرأة تعاهدا على ان يسيرا في مخطط العناية الالهية، حيث الرجل يحب زوجته حتى الموت و المرأة تحترم زوجها احتراما مطلقا. إذا، إن كان زوج يقدم نفسه على زوجته وأولاده أو يطلب من زوجته أمورا لا تليق، فهو زوج فاقد لأهلية القيادة، وبالتالي يطرح على ايمانه علامة استفهام كبرى. إذا الزوجة في المسيحية مطالبة بالخضوع لزوج محب ومتفان وليس لوحش كاسر، والزوج مطالب بحب امرأته حبا لا يقل عن حبه لنفسه، حبا يجعله يضحي بنفسه لأجلها.

في هذا الإطار تعمل الزوجة الى جانب زوجها وليس ضده. فهي وبحسب سفر التكوين "معين نظيره". في هذا الاطار أيضا، يعمل كل من الزوجين لخدمة الآخر وليس لخدمة مصالحهما الضيّقة. فالكل يتفانى في سبيل الآخر وليس لنفسه، كل واحد منهما حسب تكوينه الجسدي والنفسي والفكري والعاطفي. ومن أجمل ما كتب عن المرأة هو وصف كاتب الأمثال، الملك سليمان، لها "امرأة فاضلة من يجدها؟ لأن ثمنها يفوق اللآلئ. بها يثق قلب زوجها فلا يحتاج الى غنيمة."

يقدم لنا المجتمع العصري صورة عن المرأة الجميلة من خلال الميديا مختلفة عن صورة المرأة الحقيقية. فقلما نشاهد مسلسلا تلفزيونيا او فيلما سينمائيا او اغنية فيديو كليب او اعلانا مصورا دون ان تطالعنا صورة المرأة الخارقة الجمال والتي غالبا ما تكون نصف عارية. ولكثرة ما نتعرض لهذه المشاهدات، أصبح الرجل يبحث عن هذه المرأة النادرة الوجود في مجتمعه، وأصبحت المرأة تسعى للتمثل بهذه الصورة الصعبة المنال. فإن رافق الحظ الرجل وحصل على هذه المرأة والمرأة أيضا على الرجل الوسيم الذي يشبه ابطال المسلسلات، غالبا ما تكون النتيجة الفشل، لأن هذه العلاقة بنيت على أقنعة لا تعبر عن داخل كل من الشريكين، بل على صورة مزيفة خلقتها لهما الميديا. فما هي الصورة الحقيقية للمرأة في العلاقة الزوجية؟

المرأة، مثل اللآلئ، تبهر زوجها ومجتمعها بخصالها وليس بجمالها الخارجي، الذي وإن وجد هو شيء جميل في حد ذاته. فهي أولا موضع ثقة زوجها المطلقة، ثقة يبادلها إياها في في اموره المادية والعاطفية. فإن كنا ندرك ان البيت هو مملكة المرأة المطلقة، فإنها وبحكمتها تغني زوجها عن "غنيمة" لأنها مدبرة وذكية.

المرأة المسيحية هي المرأة العاملة في بيتها أولا، ومن ثم خارج البيت ان هي استحسنت الامر، وكانت قادرة على الجمع بين المجالين. لسؤ الحظ، مرة أخرى، أن الرؤيا المعاصرة لدور الرجل والمرأة كما نراه في الميديا شوّه الحقيقة وجعلنا نبحث في الشريك عما ليس موجودا على ارض الواقع. فالميديا ترسم صورة للمرأة الجميلة التي يأتيها الحبيب باللآلئ ربما على متن يخت غالي الثمن وغالبا في قصر لا يبنى إلا في الاحلام. فما ان يرتبط كل من الشاب والشابة حتى يدركان ان ما كانا يراياه في الميديا لا يعكس حقيقة الحياة اليومية، فيصابان بالاحباط، ويبدآ بالبحث عن حقيقة غير موجودة في مكان آخر.

إن كانت المرأة في المسيحية هي المرأة العاملة، إلا أنها لا تعمل لنفسها، بل تعمل لخدمة زوجها واطفالها. يقول عنها كاتب الامثال "تطلب صوفا وكتانا وتشتغل بيدين راضيتين. هي كسفن التاجر، تجلب طعامها من بعيد وتقوم اذ الليل بعد وتعطي اكلا لاهل بيتها وفريضة لفتياتها. تتأمل حقلا فتأخذه وبثمر يديها تغرس كرما." إن كان الرجل هو معيل الاسرة الاساسي، إلا ان المرأة بحكمتها ودرايتها تأخذ ما يأتي به زوجها فتكثّره، وهذا القليل على قلته يصبح بين يديها خيرا وفيرا وكثيرا.

من اللافت للنظر قول الكاتب عن المرأة العاملة أنها تعمل "بيدين راضيتين"، مما يقودنا للنكد في العلاقات الزوجية والذي غالبا ما كان سببا في تقهقر العائلة. فالمرأة البشوشة الراضية (كما الرجل) تحافظ على سعادة زوجها وابنائها، فترفعهم وتشددهم في المحن.

ويستكمل كاتب الامثال وصفه للمرأة الفاضلة، فهي صاحبة حس انساني "تبسط كفّيها للفقير، وتمد يديها للمسكين"، كما انها مصدر امان للبيت حيث ان اولادها لا يخشون البرد بل هم "لابسون حللا". وفي النهاية، نقرأ أن "زوجها معروف في الابواب"، مقولة تقابلها مقولة اخرى عصرية الا وهي ان "وراء كل عظيم امرأة." ويخلص كاتب الامثال للقول ان "أولادها يقومون ويطوبونها. وزوجها ايضا يمدحها".

لا شك اننا نحيا خللا في المجتمع العصري بناء على تعارض فكرة الزواج المسيحي مع القيم المعاصرة. فالفتاة العصرية تنتظر بطلا يأتيها من صفحات الروايات او المسلسلات التلفزيونية كيما يبني لها قصرا خياليا ويغرقها بالثروات، بينما الشاب يطلب امرأة يعبد فيها الجمال والاثارة. إلا ان الواقع ليس كذلك. فالحياة الزوجية في المسيحية هي خضوع متبادل، تضحية في سبيل الآخر، محبة غير محدودة، وعطاء مستمر.

يختم الملك سليمان بالقول "الحسن غش والجمال باطل، أما المرأة المتقية الرب فهي تمدح"، مما يعكس اختلاف مقاييس الجمال بين ما ورد في الكتاب المقدس والصورة التي تقدمها لنا الميديا او الفلسفات المعاصرة. فجمال المرأة في الكتاب المقدس هو جمال القلب والروح، فيما الجمال الذي تمليه القيم المعاصرة هو جمال الجسد بكل تفاصيله. ومع نهاية هذا المقال عن دور الزوجة في المسيحية، لا يسع كاتب هذا المقال إلا أن يقدم تحية إجلال واحترام لكل امرأة، أكانت أمّا أم لم تكن. أكانت زوجة ام اختا، ابنة ام صديقة. فالمرأة المضحية والمحبة هي ينبوع من البركات لبيتها واهلها وزوجها.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هاتي يديكِ
- بين إيبولا وداعش
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء التاسع-دور ا ...
- إن كنت حبيبي... علّمني قطع الرؤوس
- عنصرية أم كبرياء؟
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثامن
- عبادة الصليب شرك عقابه الذبح
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء السابع
- أريد جارية شقراء، زرقاء العينين، طويلة القامة، روسية الجنسية ...
- يونس البلجيكي...يهجر مقاعد الدراسة
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزءالسادس
- نساء برسم البيع
- روبن وليامز، بسمة لطيفة و رحيل مأساوي
- عندما نعلّم أطفالنا قطع الرؤوس
- حكاية بطة
- و بعد النون يأتي دور الألِف
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الخامس
- زمن الجنون
- عتبي عليك يا حرف النون
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الرابع


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - الزواج في المسيحية بين النظرية والتطبيق- الجزء العاشر- دور المرأة في الأسرة