أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان المفلح - السياسة العربية وغياب السياسة















المزيد.....

السياسة العربية وغياب السياسة


غسان المفلح

الحوار المتمدن-العدد: 1295 - 2005 / 8 / 23 - 13:43
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


[اليوم، وفي هذا الزمن بالذات، نعيش على أنقاض "النظام العربي" الخمسيني. نصف قرن راكم فيها "حكامنا" الخراب فوق الخراب، حتى صار كل شيء خردة. أرضنا خردة. ديمقراطيتنا خردة. مستقبلنا خردة، هذه الخردة الشاملة ورثت حكمها خرِدةً من فلول النظام البائد ومن هياكله المدمرة، ومن أبوابه المخلّعة، ومن محركاته المعطوبة ومن سقوفه المقبوعة. خردة تحكم خردة. وفي كل هذه الظواهر المَرَضية المستشرية يبدو كل إصلاح حقيقي أو حتى جزئي بعيداً. وكل تغيير محكوماً بما هو أسوأ، من الواقع. فنظام الخردة العربي، بعقله الخردة، والذي لم يورثنا سوى الخردة، من أبناء وأحفاد ـ خردة، ومن حرس قديم، جديد خردة، من الصعب أن يقوم بإصلاح نفسه، أو بإصلاح ما حوله. إذ كيف يمكن أن يقوم إصلاح ما إذا غابت عنه الركيزتان الأساسيتان، إي ركيزتا، الديمقراطية: تداول السلطة (حكم الأكثرية المنتخبة) وسيادة القانون. وكيف يمكن أن تقوم هذه "الخردة" الحاكمة بأي عملية تصليح (أو إصلاح) أو ترميم إذا كانت هي تحتاج إلى من يصلحها، ويحاسبها ويقومها وينتقدها، بمعنى آخر كيف يمكن خردة ـ حاكمة، بلا عقول سياسية (أو حتى ثقافة سياسية) أو تربية سياسية أن تفكر حتى في التغيير إذا كانت لا تعترف بالمجتمع كمصدر سياسي لكل تحول واستشراف، ولا تعترف بأي حوار مع هذا المجتمع ] هذا القول للشاعر اللبناني
بول شاوول : حيث يكثف فيه المحنة العربية في غياب الفعل السياسي والسياسة بعد مصادرة للمستوى السياسي من قبل أنظمة بنيت على ثلاث مقومات أساسية :
الأولى: سرقة الأموال العامة والتحكم بها وبطريقة لا شرعية وغير قانونية ..وإعطاء الأولوية في توزيع هذه الثروات إلى مكنة النظام الفاسد لكي لا تتوقف عن الدوران وإنتاج مجتمعا فاسدا حتى
يتسنى لهذا النظام إعادة إنتاج سيطرته بسهولة ودون قيود.في هرمية فاسدة من رأس السلطة وحتى الطفل في المدرسة . وبالتالي ما خلقته هذه الطريقة من إعادة إنتاج السلطات الفاسدة من جديد بطريقة عكسية , حيث المجتمع نفسه بات يبحث أكثر عن سلطات فاسدة أكثر طالما أنه لا يقرب المجال السياسي على طريقة الفعل ورد الفعل أو التأثير المتبادل بين رأس الهرم وطبقاته : صعودا ونزولا ..حتى الطفل واليافع مثال في سوريا : كلن يرسل للجيش بعد أن يربى من قبل أهله : إن الذهاب إلى التطوع في الجيش أو كي يصبح مسئولا يسرق الدولة ويرتشي لأن هذه القضية باتت جزء من ثقافة هذه المجتمعات الخلبية ــ الخلبية من زاوية اعتبارها مجتمعات بالمعنى الحديث للكلمة فما بالك بالمعنى المعاصر .. المدرسة تحولت إلى بؤرة لإنتاج الفساد والأسرة والعشيرة والطائفة ..الخ حتى بت تنظر إلى المجتمع فتقول لقد تحول إلى بؤرة لإنتاج الفساد وليس لمكافحة هذا الفساد .. هو الغنيمة السهلة : لأن هذا المجتمع في دار حرب ...!! حتى وصلنا لمرحلة الآن باتت : حتى المعارضات العربية فيها تتهم بعضها بالفساد والقبض من الداخل والخارج حتى بات هذا الأمر وهذا المحزن في الموضوع : أن هذا الاتهام بات جواز مرور لكي يحتموا فيه بعض المعارضين من بطش هذه الأنظمة أو تسويق أنفسهم عند بعضهم الآخر من أجل الالتحاق بعجلة الفساد والسلطة ..وهذه العجلة للأسف لزالت تدور وإن ضعفت رحاها قليلا في خنق المخنوق وتدمير المدمر وإحياء الميت من التاريخ والحديث عن الهوية القومية أو الدينية والخصوصيات التي علاها الصدأ والعفن واصفرت حتى درجة الموت ...واللعب على وتر جعل المجتمع مستنفرا على عصبياته وأمراضه الطارئة والتي أضحت مزمنة, وآلية من آليات ليس إعادة إنتاج السلطات الفاسدة وحسب بل وإعادة إنتاج المجتمعات الفاسدة ... وهذه هي الخردة التي يتحدث عنها شاعرنا بول شاوول ..ماذا نريد من مجتمع هو نفسه يركض لينصب ابن الوزير ليصبح وزيرا مصل أباه أو ينصب زوجة أمين عام لحزب عريق أمينة عامة كي تتابع مسيرة زوجها .. وقس على ذلك والحجج واهية وقائمة للدفاع عن هذا الترف في الفساد وليس الفساد وحسب : إذا كلن المجتمع كذلك فالسلطة لا حول لها ولقوة فالمجتمع فاسد وكما أنتم يولى عليكم " حياكم الله...وهذه العدوى
ليست عندنا وحسب بل عند الكرد وغيرهم من ملل ونحل هذا التاريخ الشرق أوسطي ...
الثانية: القمع المعمم على كافة مناحي الحياة من خلال القوننة العرفية والتي تتجسد فيها شخصية الحاكم الفرد , المستبد والفاسد , وهذه الطوارئية والعرفية في السيطرة على الشعوب يتم التعامل
معها ليس حتى بشكل قانوني فالطوارئ والأحكام العرفية هي : قانون أيضا , ولكن قانون حالات الحروب والكوارث التي تتيح أكبر قدر ممكن من اللا قانون , لهذا هي تنزع ونزعت في مسيرتها
الفاسدة الطابع القانوني لقوانين الطوارئ والأحكام العرفية , مستفيدة من الطابع العملياتي السري الذي تتيحه حالة الحرب أو حالة الفوضى عند حدوث أية كارثة تستوجب هذه الطوارئية .. فالتعذيب الجسدي على سبيل المثال لا ينص عليه قانون الطوارئ .. وهدر الأعراض والشتائم التي تجعل الكائن الإنساني عبارة عن : مكب نفايات ...الطريقة التي يعتقل فيها البشر معارضون أو
غير معارضين ويتم فيها جلبهم لمراكز الاعتقال طريقة لا تشبه حتى طريقة إحضار جاسوس في حالة حرب .. لا ينص عليها أي قانون طوارئ مهما كان متشددا وحقيرا ــ عذرا لهذا التوصيف ــ ..
عبر ما يعرف بإثارة الرعب في البيت المنكوب بزوار الفجر وهتك الحرمات ..الخ والتي ليست خافية على أحد ..
الثالثة : حصر العلاقة في الخارج الدولي بيد الرئيس أو الملك شخصيا وهذا الأمر غير قابل للمناقشة أصلا وخصوصا في الغرب الذي كان يدرك هذا الأمر أكثر من سكان هذه المنطقة ويتعامل ولازال بأنانية مفرطة ومصالح ضيقة ..لأن هذه العلاقة هي الأكثر تأثيرا على الدواخل الشرق أوسطية حتى من معارضي هذه الأوضاع لهذه الدول : الخلبية ..
هذه الثلاثية التي حكم فيها هذا النظام الفاسد وتراكمها أو ما أحدثه فعلها التراكمي عبر سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الآن .. من تدمير ممنهج لقدرات وكرامات هذه الشعوب التي أصبحت في الحضيض في نظرتها لذاتها ومستقبلها وتحاول أن تسلم أمورها للباري عز وجل ..!! عله يجد لها مخرجا من هذه الشرنقة المخيفة ..
هذه التركة الخردة لم يعد من الممكن تغييرها من الداخل وهذا في الواقع هو السبب الحقيقي لكتابة هذا المقال وليس تشريح ما هو قائم لأنه معروف للقاصي والداني من الشرق ومن الغرب في هذا العالم .. ودون الضحك على الذقون كما يقول العرب : الوضع بات عصيا على التغيير من داخله , وأزمتنا الأخلاقية في الواقع لم تعد مع هذه الأنظمة وحسب بل مع هذا الغرب الذي لازالت مصالحه الضيقة تتحكم في قراراته وسلوكه السياسي .. وخير مثال على ذلك ما يجري الآن في سوريا : لقد عاد النظام كي يقبض على المجتمع الصغير ــ المعارض ــ بطريقة شرسة وعلى مرأى
ومسمع هذا الغرب ..مع أن هذه المعارضة لازالت تتغنى مجبرة أم مخيرة ب : أنها لا تأتي على ظهر دبابة أمريكية : وكأن أمريكا تنتظر هذه المعارضة كي توافق على أن تحضرها على ظهر هذه
الدبابة التي علاها الصدأ الأرعن والبراغماتي في العراق#1 .. وهنا المضحك المبكي في الوضع العراقي : جماعة الجهاد والمقاومة والإرهاب محمية من سنة العراق : وسنة العراق الذي يحميهم في الواقع هو الوجود الأمريكي .. ولولا هذا الوجود .... لا نريد الحديث عن النتائج المتخيلة , فقط سنضرب مثالا لازال مثار عقدة في العراق ودستوره المرتقب وهو مثال كركوك ولو تسنى للبيشمركة مثلا غض الطرف الأمريكي عن قضية كركوك فما الذي كان يمكن أن يحدث لبقية خلق الله في كركوك من غير الكرد !!؟...هذه الخارطة الشبيهة بلغز المتاهة هي نتاج لهذا التوافق الثلاثي على مدار الخمسين عاما الأخيرة .. من عمر هذا النظام العربي الرسمي .. هذا كله في كفة وتوطين العنف بمستوييه : المادي والرمزي في هذه المجتمعات المنكوبة في كفة أخرى بمعنى أن ثقافة العنف من خلال الفعل ورد الفعل هي السائدة أو الكامنة والتي تعتمد بؤرة ثأرية وانتقامية ليس من السلطات وحسب بل من الآخر عموما . هذه الثقافة هي ثقافة الخوف#2 و كي لا يتم
الدفع في الحديث نحو متاهات العصبويات القومجية : نفس الشيء كان سيحدث ولولا الغرب لكان صدام أو أبو مصعب الزرقاوي أو : المليشيات العربية من شيعة وسنة فعلوا ما فعلوه في الكرد
هذا بات جزء من ثقافة هذه المجتمعات وكنا ولازلنا نعول على المعارضة الكردية أن تقدم للعرب نموذجا حقيقيا للتعايش الحر والديمقراطي ..بعيدا عن المنطق الثأري أو العصبوي في كل أماكن تواجدهم سواء في العراق أو في سوريا ..الخ
هذه هي التركة ... ما هو الحل لتجاوزها ...؟

الهوامش :
#1ــ رب قائل يقول إذا كانت المعارضة السورية ترفض الخارج ومساعدته فمادا يفعل هذا الخارج إذن : هل يجبرها على قبول هذه المساعدة !!!؟
#2ــ إن الخطير في ثقافة الخوف ليس في نتائجها خلال وجود هذه السلطات القمعية بل نتائجها الأخطر هي في حال لحظة غياب لمركزية القوة عند الدولة في حال أي تغيير ...

غسان المفلح ــ كاتب سوري
سويسرا



#غسان_المفلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفدرالية العراقية بين سطوة الإقطاعية وولاية الفقيه
- مرة أخرى
- المشروع الغربي والإسلام السياسي
- العلمانية والإسلاموية في سوريا
- الديمقراطية الثقافة والتأسيس
- المرأة بين حقوق الإنسان وجاهزيات الجسد ... وجهة نظر ...


المزيد.....




- محكمة روسية تبدأ النظر في قضية -الخيانة- ضد راقصة باليه مزدو ...
- خبيران يكشفان لـCNN ما -أذهلهما- بزيارة بوتين إلى كوريا الشم ...
- عدد الحجاج المتوفين يتجاوز الألف معظمهم غير مسجلين
- رئيس الوزراء الفيتنامي يعلق على زيارة بوتين
- سيئول تحتجز سفينة شحن بدعوى انتهاكها العقوبات الدولية على كو ...
- -بوابة العالم السفلي- تعود إلى موطنها بعد اختفاء محير لأكثر ...
- محكمة سويدية تبرئ ضابطا سوريا سابقا من جريمة حرب
- أوكرانيا بلا كهرباء والولايات المتحدة توقف طلبيات -باتريوت- ...
- مجلة أمريكية تنصح أوكرانيا وحلفاءها بالتنازل عن الأراضي التي ...
- علماء: أكبر إعصار في النظام الشمسي على وشك الاختفاء والأرض ا ...


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان المفلح - السياسة العربية وغياب السياسة