علي عبد الرحيم صالح
الحوار المتمدن-العدد: 4602 - 2014 / 10 / 13 - 01:05
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
يعد التسوق احد الممارسات المهمة التي نقوم بها يوميا في حياتنا الشخصية ، وذلك لما نقضيه من وقت وطاقة ومال ونحن نحاول شراء الحاجيات والتعامل عليها . ورغم ان التسوق هو سلوك طبيعي في بعض الأحيان عندما نريد شراء الحاجات الضرورية من طعام وملابس وادوات منزلية إلا أن بعض الاشخاص يتخذون توجها مفرطا في استهلاك وشراء الحاجيات ، فيظهر بعض الناس هوسا قهريا نحو شراء واستهلاك بعض السلع والإدمان عليها رغم ما يمتلكونه من كميات مناسبة كشراء الملابس والموبايلات والحاسبات والسيارات . ومن المؤسف ان نجد أن مثل هؤلاء الأشخاص يضيعون الكثير من اموالهم بسبب هذه النزعات القهرية بل ان البعض يستدين المال او يطلب قروض مالية او يسرق من اجل شراء هذه الحاجيات .
ويرى علماء النفس ومنهم Stanton,1991 ان سوء إدارة نزعتنا الشرائية نحو استهلاك البضائع الجديدة فوق حاجتنا الماسة يرجع الى طبيعة شخصيتنا أو نمطنا الشخصي في الشراء فبعض الاشخاص يمتلك شخصية استهلاكية مفرطة تتميز بضعف التحكم في انفاق الموارد الشخصية وسرعة الوقوع في شبكة اغراء السلع الجديدة . ومن خصائص هذه الشخصية كما يذكر Ryan Howell,2014 من جامعة هارفارد شعورهم بسعادة كبيرة عند شراء السلع المرغوبة ، وحالات من القلق والالحاح نحو عملية شراء السلع ، وضعف السيطرة على الذات نحو الرغبات الشرائية ، والشعور بالاستياء والخوف في حالة عدم توفر المال الكافي لشراء الحاجيات . في حين يصف Paul J. Albanese من جامعة كنت الدولية الشخصية الاستهلاكية (من وجهة نظر معرفية) بانها تظهر بعض المخططات المعرفية غير السوية في عمليات الشراء والاستهلاك ، إذ تنظر الى السلع بصورة غير واقعية ، وتتصف بالقرارات الخاطئة عند عمليات الشراء الضرورية ، وافكار غير عقلانية في تقييم السلع التي ترغب في شرائها ، ونتيجة لذلك تخسر الكثير الوقت والجهد والمال في عمليات الشراء .
ويرجع بعض علماء النفس سبب السلوك القهري لدى الشخصية المستهلكة الى انها كانت تعاني في السابق من نقص في اشباع بعض الحاجات النفسية والعاطفية (مثل الحرمان من العطف والحب الوالدي ، او عدم اشباع الحاجات الأساسية في الطفولة) مما تعبر عن هذه الحاجات في صيغة تعويض قهري والناجم عن النقص اللاشعوري الذي حدث في المراحل السابقة من الحياة ، وكذلك يرجع البعض سلوكيات الشراء القهرية الى سلوكيات متعلمة من الآخرين مثل تعلم الفتاة الاستهلاك المفرط في شراء السلع من والدتها حتى تصبح تدريجيا سلوكيات مستقرة في الشخصية . في حين ترجع التفسيرات الحديثة هذا السلوك كتفسير باندورا الى ضعف الفاعلية الذاتية والتي تعني ضعف القدرة على التحكم في النزعات الموجه نحو البيئة ، واعتقاد الشخص بانه لا يمكن ان يقمع نفسه في شراء حاجاته المرغوبة . لذلك يجب على كل شخص يظهر سلوكيات شرائية مفرطة ان يتبع نصائح علماء النفس بشأن كيفية أنفاق موارده الشخصية في مكانها المناسب وأن يقاوم أغراء موجات البضائع الاستهلاكية الجديدة واللامعة.
#علي_عبد_الرحيم_صالح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟