أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماريو أنور - دور المسيحيين الثقافى فى العالم العربى -الحلقة الرابعة















المزيد.....


دور المسيحيين الثقافى فى العالم العربى -الحلقة الرابعة


ماريو أنور

الحوار المتمدن-العدد: 1294 - 2005 / 8 / 22 - 06:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العصر الذهبى : القرنان العباسيان الأولن
نقل المؤلفات
فى مرحلة أولى , فى القرنين الثامن و التاسع , ظهر النقل الأول إلى العربية , تارة من اليونانية و تارة من السريانية , و كان هذا التقل لا يزال قليل الدقة إلى حد ما . و فى النصف الثانى من القرن التاسع و طوال القرن العاشر , توطدت تلك الحركة و تحسنت , وحل محلها طريقة دقيقة , بدافع من حنين بن إسحق ( المتوفى فى 873 ) و تلاميذه . وكان النص المنقول تعاد قراءته و يقارن بالنص اليونانى الأصلى , للحصول على نقل أفضل . فازدادت اللغة الفلسفية دقة و أصبحت تقنية , لأن الذين ينقلون و يعيدون النقل كانوا أنفسهم فلاسفة . و انتهى عمل نقل التراث الهلنستى فى الربع الثالث من القرن التاسع .
ففى حقل النقل , قام مسيحيون بنقل 90 % من الفكر اليونانى المعروف فى ذلك الزمان . إنطلقوا من نقل المؤلفات المفيدة , أى تلك التى تختص بالتقنية و الرياضيات و الطب . و هكذا نقل حنين ستة و تسعين مؤلفاً طبياً لجالينس و بقراط ( هييوقراطس ) . يستطيع من كانت له خبرة فى النقل أن يتصور أى عملية هذه .
مثال قسطا بن لوقا
كانت أعمال النقل هذه شاقة تتطلب أحياناً تشكيل فريق فى مراحل متعاقبة . فكيف الوصول إلى نقل مفاهيم رياضية أو فلكية أو أسطورية أو فلسفية أو طبية أو صيدلية , فى لغة أدبية و شعرية فى أساسها , غير معدة لتلك العلوم و الحقائق . نتحقق اليوم من هذه الصعوبة , حين يجب علينا أن ننقل إلى العربية مؤلفات علمية أو طبية أو فلسفية أو ألسنية , أو مفردات الأنترنت إلخ ......... كل ذلك يتطلب تعاوناً بين أجيال من العلماء الناطقين بعدة لغات .
ففى حقل الريضيات , فى مطلع القرن العاشر , نعرف قسطا بن لوقا البعلبكى الأصل و الذى كان يعيش فى بغداد . كان آخر شخص نقل الفصول العشرة من مبادىء إقليدس , بعد أن نقل شخصان آخران بعض فصول .
كان أولئك العلماء , بوجه عام , يتخصصون بحقل محدود , كالطب أو الميكانيكا أو الفلسفة إلخ ........... من دون الاقتصار عليه . فهكذا نرى قسطا بن لوقا يتخصص بالطب ( ترك لنا 55 مؤلفاً هى مزيج من النقل و التأليف ) و الرياضيات , و لا سيما بالميكانيكا , وهى حقل حبذه الخلفاء لأنه يفيد صناعة الأجهزة الحربية , لإلقا القذائف مثلاً . و هو أيضاً صاحب مؤلف المرايا المحرقة التى كانت لها أهمية فى الحرب . لإحراق معسكر العدو بواسطة مرايا لها بؤر مركزة إلى أقصى حد .
هذا و إن قسطا بن لوقا كتب المقالة الأولى للمحافظة على الصحة فى القيام بالحج إلى مكة , نزولاً عند طلب أحد الوزراء أن يرلفقه بصفة طبيب شخصى . لكنه اعتذر لعدم استطاعته أن يرافقه , لأن امرأته و أولاده كانوا فى حاجة إلى حضوره . و مع ذلك , فقد حرر له مقالة علمية و عملية , لكى يعرف كيف يتقى المرض .
الشروح
فى مرحلة تالية , تدخل جيل نقلة جديد و ذهب إلى أبعد من النقل , أى إلى الشروح . إنطلقت هذه الحركة فىالمدارس والرهبانية , و امتدت إلى خارجها ابتداءً من القرن التاسع . و كانوا يسيرون على هذه الطريقة : كانوا يملون على الطالب موجزاً قصيراً من أحد المؤلفات الكبرى ( يسمونها الجوامع ) , و كان المعلم يعلق على الموجزات , قارئاًً و شارحاً إياها شفهياً . و كان ألمع الطلاب ينسخون تلك الشروح , و لقد و صلت بعضها إلينا .
و فى تلك المدارس , كان طلاب الأجيال الأولى مسيحيين جميعاً . وعلى مر الأيام ازداد عدد المسلمين حتى أصبحوا الأكثرية . يمكننا أن نذكر أشهر فيلسوف أرسططاليسى عرفه الربع الثالث من القرن العاشر , و هو يحيى بن عدى ( 893 – 974 ) الذى تتلمذ له عدد كبير من الطلاب أشهرهم ستة مسلمين و أربعة مسيحين . و هؤلاء المسيحيون ( ما عدا الرابع ) , أى أبو على عيسى بن زرعة ( 942 – 1008 ) , و أبو الخير الحسن بن صوار الملقب ابن الخمار ( 942 – 1017 ) ., و أبو على بن السمح ( المتوفى فى 1027 ) , و أبو على نظيف بن يمن ( نهاية القرن العاشر ) هم الذين كتبوا تعليم الأستاذ الذى وصل إلينا فى مخطوط رائع من باريس ( الكتاب العربى 2346 ) , نشره قبل قليل فى لبنان تلميذان من تلامذة الأب فريد جبر .
( لا شك فى انكم لاحظتم أن جميع أولئك الكتاب يحملون أسماء تبدو إسلامية فى أيامنا , كعلى و حسن . فى الواقع , إنها أسماء عربية , و هى إذاً مشتركة بين الجميع : إن أحيانا الانعزالية هى التى تشدد على التمييز بين الطوائف الدينية ) .
و أخيراً , فى مرحلة ثالثة , ابتداء من القرن العاشر , أخذوا يبتكرون مؤلفاتهم الخاصة , مستوحين الفكر اليونانى , و ذلك فى حقول الطب و الفلسفة , وبقدر أقل فى حقل العلوم . إنها أشد شرائح مساهمتهم إيحاء فى الحضارة العربية , ولكنها الأقل شهرة .
نلفت النظر هنا , بطريق المصادفة , إلى أن الموارنة , بعد ذلك بعدة قرون , ساروا على الطريقة نفسها ما بين القرن السابع عشر و التاسع عشر , فى ما خص الثقافة الغربية . فلقد نقلوا , ثم شرحوا و علقوا من دون أن يذكروا دائماً مصادرهم , قبل أن يؤلفوا مباشرة . هذا هو الأسلوب المستخدم فى كل ظاهرة انثقاف , فى أى زمان و مكان .
الفارابى الذى تتلمذ لثلاثة معلمين مسيحيين
إن الفارابى الذى سمى , فى الفلسفة العربية , المعلم الثانى , بمعنى (( أرسططاليس الثانى )) أو (( أرسططاليس الجديد )) , ولد فى 872 بالقرب من فاراب فى بلاد الأتراك , و أتى إلى بغداد و هو شاب .
تتلمذ لثلاثة معلمين فى الفلسفة , و كانةا ثلاثتهم مسيحين نسطوريين . ذهب أولاً إلى حران , مدينة صغيرة فى ما بين النهرين الشمالية , ليدرس على يد الطبيب و الفيلسوف النسطورى إبراهيم المروزى . و بعد وموته , خلفه نسطورى آخر بصفة معلم فلسفة , و هو يحيى أو يوحنا بن حيلان الذى انتقل من مرو إلى بغداد بعد 908 , و حين مات هو أيضاً , أغلقت المدرسة أبوابها. فانتقل الفارابى إلى بغداد ليتتلمذ للمعلم أبو بشر متى بن يونس , فيلسوف نسطورى هو أيضاً , و صلت إلينا شروحه لأرسطو .
و حين مات معلم الفارابى فى بغداد , رأى أنه تعليم كل شىء و أن تكوينه قد اكتمل بقدر كاف , فشعر بأنه لم يعد مرتبطاً ببغداد . فحين دعاه المللك الحمدانى سيف الدولة إلى بلاطه , فى 942 , غادر بغداد و ذهب إلى حلب حيث عاش حتى وفاته فى دمشق سنة 950 .



#ماريو_أنور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقيقة الإيمَان بالإله الواحِد
- دور المسيحيين الثقافى فى العالم العربى -الحلقة الثالثة
- ما هى أسباب إستضعاف المجتمع للمرأة؟ الجزء الخامسة
- ثلاثية أبعاد الحب
- دور المسيحيين الثقافى فى العالم العربى -الحلقة الثانية .
- دور المسيحيين الثقافى فى العالم العربى -الحلقة الأولى
- ما هى أسباب إستضعاف المجتمع للمرأة؟ الجزء الرابع
- ما هى أسباب إستضعاف المجتمع للمرأة؟ الجزء الثالث
- ما هى أسباب إستضعاف المجتمع للمرأة؟ الجزء الثانى
- ما هى أسباب إستضعاف المجتمع للمرأة؟
- مشكلة الشر 2
- مشكلة الشر
- تعددية الانسان
- فلسفة الاختلاف بين الجنسين
- غريزة المراة


المزيد.....




- حماس: منع الاحتلال اعتكاف المصلين للمرة الثانية في المسجد ال ...
- على أنغام -طلع البدر علينا-.. وفد من رجال الدين السوريين من ...
- شاهد.. الزعيم الروحي للدروز يتهم الإدارة السورية بالتطرف
- قوات الاحتلال تقتحم مناطق بالضفة وتمنع الاعتكاف بالمسجد الأق ...
- بالصلاة والدعاء.. الفلبينيون الكاثوليك يحيون أربعاء الرماد ...
- 100 ألف مصلٍ يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- مأدبة إفطار بالمسجد الجامع في موسكو
- إدانات لترامب بعد وصفه سيناتورا يهوديا بأنه فلسطيني
- الهدمي: الاحتلال الإسرائيلي يصعّد التهويد بالمسجد الأقصى في ...
- تزامنا مع عيد المساخر.. عشرات المستعمرون يقتحمون المسجد الأق ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماريو أنور - دور المسيحيين الثقافى فى العالم العربى -الحلقة الرابعة