إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)
الحوار المتمدن-العدد: 1293 - 2005 / 8 / 21 - 11:59
المحور:
الادارة و الاقتصاد
التنمية هي نتاج لجملة من العوامل، و لعل أهمها في عصرنا الحاليحجم السوق. فأمريكا ما كانت لتكون القوة الأولى في العالم اليوم لولا حجم سوقها. فلو كانت أمريكا ولايات مستقلة لما بلغت الشأو الاقتصادي الفائق في العالم، و ما كانت لتكون القوة العظمى على كل صعيد.
فقوة الدولة سياسيا و عسكريا و تكنولوجيا هي رهينة بالقوة الاقتصادية و هذه الأخيرة رهينة بحجم السوق، لأن الصناعة – العمود الفقري للاقتصادات المتطورة – لا تنعم بفرصة التوسع و النمو إلا في كنف أسواق تسمح بتصريف المنتوجات.
و كمثال آخر، هناك الصين و الهند اللتان سارتا في هذا الاتجاه. و هناك كذلك مثال أوروبا التي اكتسبت منذ الحرب العالمية الثانية حجما اقتصاديا ، و بالتالي سياسيا و عسكريا و تكنولوجيا ملحوظا في العالم.
لكن حال العرب بين كل هذا؟
كل الدول العربية تتبنى خططا تنموية، إلا أنها في غالبيتها إن لم تكن كلها ، تظل رهينة بحركة الاستثمار الخاجي. لكن إشكالية التنمية بالبلدان العربية تظل بالأساس مرتبطة بالتفتت. فالعالم العربي مكون من كيانات اقتصادية صغيرة لا تكاد تجد لها مكان في معايير الاقتصاد العالمي سواء فيما يخص حجم السوق أو إجمالي الناتج المحلي. لذلك فإن مخططات التنمية في البلدان العربية ظلت تعتمد بالأساس على الانفتاح على الخارج و تدخل في حسابها بطريقة جوهرية دور الاستثمارات الخاصة لاسيما الخارجية و الأجنبية منه، و كذلك المساعدات و القروض المقدمة من طرف الصناديق و المؤسسات الدولية.
إن البعد الخارجي ظل حاضرا و بقوة خاصة في مخططات التنمية بالبلدان العربية، لكن هذا لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يعوض الدور الحاسم الذي يؤديه حجم السوق الداخلية، و مع الأسف هذا ما تفتقر إليه أساسا الدول العربية. و بالتالي فإن امكانات التنمية في هذه البلدان ستبقى محدودة و ضيقة مهما بذلت من مجهودات مادام حجم السوق بها لن يكون من شأنه التمكن من تغيير جدري في واقعنا الراهن بالسرعة اللازمة و المنشودة.
إدريس ولد القابلة
#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)
Driss_Ould_El_Kabla#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟