أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء التاسع-دور الزوج في الأسرة















المزيد.....

الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء التاسع-دور الزوج في الأسرة


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4597 - 2014 / 10 / 8 - 09:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ما هو دور كل من الزوجين في مؤسسة الزواج؟

كان من السهل الاجابة على هذا الامر قبل مائة عام. لكن ومع تطور نمط الحياة اختلفت الادوار وتداخلت حتى لم يعد من السهل الاجابة. نريد من خلال هذا المقال الاجابة على هذا الجواب من منطلق مسيحي يعتمد على الكتاب المقدس.

خلال آلاف الاعوام كان الزو ج محاربا وصيادا. فكان يقع على عاتقه صيد الحيوانات والغزو كيما يعيل عائلته، فيما كانت المرأة والفتيات والصبيان الصغار يلزمون الخيمة او البيت لغزل الثياب وطهو الطعام. ابتدأ بعض الناس فيما بعد بتكوين مجتمعات زراعية على ضفاف الانهر وابتدأت القرى والمدن في الظهور، ومع ظهور المدن ابتدأت المجتمعات تشهد بدايات حرف مثل البناء والنجارة والحدادة والصناعة. كانت مشاركة المرأة في هذه الحرف خجولة بعض الشيء نظرا لما تتطلبه من اعمال جسدية مرهقة، فبقيت لحد كبير اسيرة المنزل والاهتمام بالاطفال اضافة الى الطهو. أتاح هذا الوضع تسلط الرجل على المرأة كونه المعيل الاساسي للمنزل، إضافة الى كونه الاقوى جسديا. وبما انه لم يكن من مجال للمرأة كي تطوّر مهارات تسمح لها بالاستقلال، بقيت خاضعة لسلطة الرجل بتشجيع من المناخ الديني والثقافي الذي تحكّم بهذه المجتمعات.

اتاحت الحرب العالمية الثانية فرصة ذهبية للمرأة للخروج من المنزل. ذهب الرجال الى الحرب، فكان لا بد من الاستعانة بالمرأة لملإ الفراغ خاصة فيما يتعلق بالوظائف الادارية مثل التمريض وفي سنترال التلفون المستحدث وما الى هناك من وظائف أخرى مماثلة. أدى خروج المرأة للعمل على تعزيز استقلاليتها، فلم تعد خاضعة للرجل مما أدى الى ازدياد الخلافات العائلية وحالات الطلاق. وحتى في الحالات التي لم يحصل فيها طلاق، ادى غياب المرأة عن المنزل الى بعض الضعف في العلاقات العائلية حيث ان مؤسسات العناية بالاطفال حلت محل الام في تربيتهم. وأقل ما يقال اليوم أن المؤسسة الزوجية تعاني من خلل وتفكك، ليس في الغرب فحسب، بل حتى في الشرق ايضا. ترى ما هو موقف الكتاب المقدس من دور الزوجين في هذه المؤسسة؟ هل يتساوى كلا الطرفان في المسيحية؟ وكيف تتم ادراة البيت عندما لا نتسجم آراء الطرفين؟

يعلم سفر العبرانيين 3: 28 ، "ليس يهودي ولا يوناني، ليس عبد ولا حر، ليس ذكر ولا أنثى لأنكم جميعا واحد في المسيح يسوع." لا شك ان البداية جميلة إذ تضع قاعدة ذهبية تساوي الناس جميعا بغض النظر عن لونهم، خلفيتهم، مكانتهم الاجتماعية، أو جنسهم. لكن المساواة بين الجنسين لا تحول دون ان يكون لكل من الرجل والمرأة وظائفهما الاسرية التي نتسجم مع تكوينهما الفكري والعاطفي والجسدي. دعونا اولا نتأمل في دور الرجل في البيت.

أولا يذكر الكتاب المقدس أن الرجل هو القائد الخادم في البيت. قد يختلط الامر هنا عن القارئ إذ لا وجود لمسمى القائد الخادم في تركيبة الحياة الاجتماعية. فالقائد هو الذي يجلس في أعلى الهرم، بينما الخادم هو الذي يقبع في أسفله. لكن الحال في المسيحية ليست بهذا الشكل. فلقد وضع الله الرجل في مركز القيادة، شأنه شأن ربان السفينة الذي لا يحق له قيادة السفينة لأغراضه الشخصية، إنما كيما يصل بالمسافرين جميعا الى بر الامان. فقائد السفينة خادم للمسافرين يشرف على راحتهم وسلامة سفرهم. لذلك كان لا بد للقائد من أن يكون حكيما، قادرا، وماهرا كيما يمارس خدمته بإتقان، وهذا ما يعبر عنه بولس لتلميذه تيطس عندما أوصاه "أن يكون الأشياخ صاحين، ذوي وقار، متعقلين، أصحاء في الايمان والمحبة والصبر."

قيادة الرجل للبيت الزوجي تفرض عليه صفة المحبة، يوصي الرسول بولس الرجل في أفسس 5 "أيها الرجال أحبوا نساءكم كما أحب المسيح الكنيسة، وأسلم نفسه لأجلها (مات لأجلها)". فالرجل المسيحي يحب امراته ويكرمها مقدما اياها على ذاته.

كذلك على الرجل ان يتحلى باللطف في تعامله مع زوجته ومع أولاده. فهو المسؤول عن تقويم أبنائه وتأديبهم. لكن هذا التقويم لا يعتمد على القساوة والعنف. يقول بولس في رسالة كولوسي 3: 21 " أيها الآباء، لا تغيظوا أولادكم لئلا يفشلوا." ويزيد في أفسس 4: 6 "أيها الآباء لا تغيظوا أولادكم بل ربوهم بتأديب الرب وانذاره". نحن نعلم من واقع الحياة أن الاب القاسي كثيرا ما يخلق مسافة بينه وبين أولاده، حتى أن بعض الشباب يصابون بصغر النفس ويكرهون واقعهم بسبب عنف آبائهم لهم، فيما بعض الفتيات يرفضن فكرة الزواج لأنهن يرين في كل رجل صورة للأب العنيف والقاسي. ولا بد من القول ان البيت الذي يكثر فيه الصياح والشتائم والعراك ينتج أطفالا لا يتقنون سوى لغة الحرب والعنف. لكن الاب المسيحي هو الاب اللطيف الذي يهتم باحتياجات اطفاله،يقضي الوقت معهم، يستمع اليهم، يقدم لهم العون والمشورة، ويرسم لهم الطريق السوي كيما يوصلهم للاستقلال والاعتماد على النفس.

الزوج هو ايضامصدر الامان في البيت لزوجته واولاده.يكتب بولس الرسول "كذلك أيها الرجال كونواساكنين بحسب بالفطنة مع الإناء النسائي كالأضعف، معطيهن إياهن كرامة." فالرجل يسكن مع زوجته في جو من الحب والامان بعيدا عن التهديد والترهيب. وليس من المبالغة القول، أن أكثر ما يسبب القلق للمرأة والأطفال هو تخلي الزوج عنهم ليرتبط بامرأة اخرى. فابتعاد الرجل عن عائلته يشبه بيتا دون باب يسهّل للرياح والاعاصير دخوله دون رادع، كما يعطي للوحوش ذريعة لالتهام ضحاياهم بسهولة.

بالاضافة الى ما ورد ذكره أعلاه، على الزوج والوالد أن يكون قدوة لزوجته وأطفاله. فالبيت هو المدرسة الاولى للطفل، كما ان الطفل يرى الحياة من خلال الدور الذي يقدمه له كل من الاب والام. فالاب القدوة يزرع القيم في حياة اطفاله. وللأسف نرى الكثير من الاهل يزرعون القيم في حياة اطفالهم وعظا فيما حياتهم تشهد عن ريائهم. كيف لنا كآباء أن نعلم اطفالنا الصدق ونحن نكذب امامهم؟ كيف نعلمهم التضحية ونحن نغرق في أنانيتنا وبحثنا عن ملأ شهواتنا؟ كيف نقنعهم اننا نحبهم ونحن لا نهتم بصغائر امورهم؟ الاب هو المدرسة الاولى التي يكتسب فيها الطفل مهارات اجتماعية تؤهله عند البلوغ ان يتعامل مع الآخرين ومع أهل بيته ومع نفسه باحترام وثقة بالنفس.

أخيرا، الرجل هو المعيل للأسرة. هو الذي يعمل كيما يضع الخبز على الطاولة. هو الذي يتعب كيما يرتاح اهل البيت. هو الذي ينفق على أفراد اسرته قبل ان يفكر في الانفاق على نفسه. يقول بولس في رسالته الى تلميذه تيموثاوس "وإن كان أحد لا يعتني بخاصته، ولاسيما أهل بيته، فقد أنكر الايمان، وهو شر من غير المؤمن."

إذا دور الزوج والوالد في البيت أساسي. تشهد المجتمعات الغربية اليوم خلل في العائلة سببه غياب الآباء عن رعاية أطفالهم. ومن هذه الاسباب إفراط الوالد في تعاطي الكحول والمخدرات، هجره لعائلته كيما يرتبط بامرأة أخرى، الطلاق ورفض الزوجة ان يكون للزوج دور في رعاية الاطفال، واخيرا الحمل الذي ينتج عن علاقة عابرة يرفض بعدها الرجل الالتزام بالمرأة والأطفال.

عندما خلق الله الرجل، خلقه ليلعب دور القائد الخادم. ومن أكثر ما يدمر العائلة هو اصرار الرجل ان يكون القائد دون ان يكلف نفسه خدمة افراد عائلته. فالقائد الخادم هو القائد المحب، اللطيف، الكريم، العامل، والقدوة. وأي قيادة لا تسير في هذا الاتجاه تسيئ الى العائلة بغض النظر عن كون العائلة والقائد مسيحيين أم لا.



#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إن كنت حبيبي... علّمني قطع الرؤوس
- عنصرية أم كبرياء؟
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الثامن
- عبادة الصليب شرك عقابه الذبح
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء السابع
- أريد جارية شقراء، زرقاء العينين، طويلة القامة، روسية الجنسية ...
- يونس البلجيكي...يهجر مقاعد الدراسة
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزءالسادس
- نساء برسم البيع
- روبن وليامز، بسمة لطيفة و رحيل مأساوي
- عندما نعلّم أطفالنا قطع الرؤوس
- حكاية بطة
- و بعد النون يأتي دور الألِف
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الخامس
- زمن الجنون
- عتبي عليك يا حرف النون
- الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء الرابع
- صلب انطوان حنا
- أثداء البقر فتنة
- داعشية تبني مجتمعا


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
- ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طوني سماحة - الزواج في المسيحية بين النظرية و التطبيق- الجزء التاسع-دور الزوج في الأسرة