أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علاء مهدي - إيزابيل دينكيزيان .. حكاية معاناة وتألق!















المزيد.....

إيزابيل دينكيزيان .. حكاية معاناة وتألق!


علاء مهدي
(Ala Mahdi)


الحوار المتمدن-العدد: 4597 - 2014 / 10 / 8 - 08:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ربما لم يسمع الكثير بأسم إيزابيل دينكيزيان من قبل لكنني متأكد بأن هذا الأسم سيتبوأ مكاناً مرموقاً في ذاكرة الكثير من الناس خاصة أبناء جلدتها من الأرمن وبالتحديد العراقيين منهم وكذلك العراقيين بصورة عامة.

إيزابيل دينكيزيان ، من مواليد بغداد 1962 (52 سنة) هاجرت إلى السويد مع عائلتها عام 1965( كان عمرها ثلاث سنوات) . والدها رجل أعمال يدعى كريكور دينكيزيان. تشير البيانات التي نشرت عنها إلى أنها أمرأة قوية وطموحة هدفها تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في مجال العمل. بعد أن دخلت المجال السياسي في وطنها الجديد السويد عملت بجد وجهد عظيمين لتتمكن من الوصول إلى البرلمان السويدي ممثلة عن حزب البيئة عام 2006، ثم أحتلت منصب نائب لجنة الدفاع ولجنة التربية والتعليم عام 2010 كما كانت عضوة في لجنة الشؤون الثقافية وعدد آخر من اللجان. ومؤخراً ، رشحها حزب البيئة لمنصب نائب رئيس البرلمان الذي فازت به. ويعتبر تبوأ إيزابيل دينكيزيان هذا المنصب الرفيع سابقة لم تحدث من قبل في السويد حيث انها المرة الأولى التي يتم فيها ترشيح مواطن سويدي من أصول أجنبية لمنصب نائب رئيس البرلمان.
ربما يرى البعض أن قصة نجاح هذه السيدة ووصولها إلى هذا المنصب السياسي الرفيع هي قصة عادية قد تحصل للكثير من المهاجرين الذين تركوا أوطانهم إلى العالم الجديد بحثاً عن الأمان والعيش الكريم لكنني أرى ان قصة النجاح هذه تتضمن جوانب كثيرة سأحاول تلخيصها بشفافية هادفاً إلى تقييم جهود هذه الإنسانة التي لم يسبق لي أن عرفتها أو سمعت بها، وكذلك انصاف الأرمن العراقيين بصورة عامة من خلالها.
إيزابيل دينكيزيان ، عراقية المولد من أصول أرمنية ، وكما نعلم أن التواجد الأرمني في العراق وفي بقية دول الشرق الأوسط والعالم يعود سببه بالدرجة الأولى إلى مجازر الإبادة التي اقترفتها السلطات التركية ضدهم خلال الفترة مابين 1894 – 1915 والتي تم فيها – ذبح وتصفية وحرق - أكثر من مليون ونصف المليون إنسان أرمني برئ عدا تشريد الآلاف من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال في عملية إجرامية تعتبر من أبشع الجرائم التي أقترفت في تاريخ البشرية بأسم الدين. المحزن أن جريمة إبادة الأرمن لم تأخذ نصيبها من العدالة منذ حدوثها ولغاية تأريخه ربما لكي لاتعتبر تلك المجزرة الأكثر وحشية على الإطلاق من أية عمليات إبادة بشرية أخرى وبالتالي تغطي على جرائم أخرى تحتل الصدارة حاليا في قائمة مجازر الإبادة لأسباب نعرفها جميعاً.
وعلى الرغم من بشاعة تلك الجرائم فإن المهاجرين الأرمن تمكنوا من إعادة بناء عوائلهم معتمدين على مهاراتهم الشخصية التي برعوا فيها فكان لهم نجاحات كثيرة ومتميزة في مجالات متعددة علمية وثقافية وفنية وسياسية ومهنية. فكان من بينهم ، الطبيب ، والصيدلي ، والمدرس والمحاسب والمصور والفنان التشكيلي ، والمطرب والممثل والمغني والسياسي وغيرها من مجالات العمل والتجارة والثقافة والإبداع.
من صفاتهم ، الإخلاص في العمل والإلتزام به ، وهم أوفياء إذا ما وعدوا ، لذلك حالفهم النجاح في اعمالهم. وكنتيجة للظرف اللاإنساني الذي تعرضوا له على أيدي العثمانيين الأتراك فإن تواجدهم في مجتمعات تدين بنفس الدين الذي تدين به السلطات التركية قد فرض عليهم إلتزام الحيطة والحذر في تعاملهم مع الآخرين وهي حالة مررنا بها نحن معشر المهاجرين والمهجرين العراقيين في بداية تواجدنا في دول المهجر. لذلك كان دخولهم في مجال السياسة مقتصرا على مجموعة قليلة خاصة وأن ممارسة السياسة في العراق تتصف بالخطورة وهي مليئة بالمتاعب والصعاب والأمثلة كثيرة وذكرياتها محزنة وأليمة. كما لا يخفى أنهم على الرغم من تواجدهم الزمني الطويل نسبيا في العراق ظلوا يشعرون بأنهم ضيوفٌ على البلد ، لذلك كانوا يعيشون على شكل مجاميع قريبة من بعضهم بعضا – كمب الأرمن مثالاً – فذلك يوفر لهم خيمة من الأمان.
وهم كغيرهم من أتباع بقية الديانات والمذاهب في العراق نالوا حصتهم من التفرقة والظلم العنصري والديني وان كان بدرجة أقل من الآخرين إلا أن الكثير منهم لم يجدوا بدا من الهجرة مجدداً بحثاً عن ملاذ آمن جديد يوفر لهم ولأطفالهم حياة حرة كريمة وأعتقد جازماً ان هذا ماحصل لعائلة السيدة إيزابيل دينكيزيان.
سمعت قصة عن رجل أعمال عراقي أرمني الأصل هاجر من العراق إلى أستراليا في بداية ستينيات القرن الماضي وكان لديه ولدان كان قد تم إستدعاء مواليدهما للخدمة العسكرية وكانت الحرب الدائرة في كوردستان العراق طاحنة أتت على الكثير من الطرفين. وعندما حط رحال العائلة المهاجرة أرض أستراليا تم أستدعاء الشابين للخدمة العسكرية الوطنية للمشاركة في حرب فيتنام ! أستدعى الرجل ولديه وعائلته وقال لهم: لقد تركت العراق، البلد الذي ولدتما فيه خوفاً من أن تستشهدا على أرضه. الآن وقد تم إستدعائكما للذهاب لحرب ليس لنا فيها ناقة أو بعير وعلى أرض غريبة عنا ، قررت أن أعود بكما إلى العراق لتستشهدا على الأرض التي ولدتم عليها بدلاً من أن تستشهدا في فيتنام. وهذا مافعله ، ولم يخبرني ناقل القصة عن مصيرهم بعد عودتهم.
أحد أصدقائي هاجر إلى أستراليا عام 1962 وكان في حينها من أوائل المهاجرين العراقيين إلى أستراليا. كان يشغل منصب المدير التنفيذي لإحدى أكبر شركات إستيراد السيارات الأمريكية وأدواتها الإحتياطية في العراق. كان أحد خريجي كلية بغداد وكان على مستوى ثقافي ومعلوماتي متميز وله علاقات مع شخصيات سياسية وعسكرية ورموز عراقية كثيرة بحكم عمله. طلب منه أحد العمال أن يتكفله لكي يقترض من مصرف الرهون مبلغاً زهيداً من المال فذهب معه إلى المصرف المذكور. لم يتمكن الموظف المصرفي من كتابة إسمه في إستمارة القرض فعلّق بالقول : انتو ليش ماتتعلمون؟ ليش متغيرون أسمائكم حتى نعرف نكتبها؟ شوكت تصيرون أوادم؟ . هذا التصرف غير اللائق تسبب في هجرة صديقي وعدد من العوائل القريبة منه بما لايقل عن عشرين شخصا اغلبهم من الكفاءات.
على الرغم من طول تواجد الجالية الأرمنية العراقية في أستراليا فإن أفرادها لازالوا يتكلمون اللهجة العراقية كما كانوا يستخدمونها في العراق. عاداتهم ، تقاليدهم ، حفلاتهم ، لازالت عراقية. ولن أنسى تلك المشادة الكلامية بين سيدتين منهم خارج مبنى كنيسة الأرمن بشمال مدينة سيدني قبل سنوات إحداهن عراقية والأخرى سورية. كان حديث السيدة العراقية ينم عن فخر وإعتزاز بوطنها العراق مقارنة بأي بلد عربي آخر.
في تصريح لنائبة رئيس البرلمان السويدي إيزابيل دينكيزيان للإذاعة السويدية أعربت عن فرحتها بالفوز بالمنصب وقالت: إنه شعور رائع. إنني أشعر بالفخر جدا". وأضافت: " أريد بهذا الترشيح ان اثبت بأنه من الممكن لاشخاص من اصول اجنبية ان يتبوّأوا مواقع نفوذ في السويد، وليس فقط للذين يملكون أسماء سويدية او لهم شعر اشقر".
سعدت كون الخبر الذي تناقلته وسائل الإعلام ومواقع الإنترنيت والصحف يذكر أن " عراقية " تترشح لرئاسة البرلمان السويدي ولم يذكر انها أرمنية أو عراقية من أصل أرمني. فتحية تقدير للسيدة التي زادت من أسم العراق تألقاً سواء عن قصد أو بدونه ، في هذا الزمن الذي أصبح فيه أسم العراق مرتبطا بنحر رقاب البشر.

-;--;--;-



#علاء_مهدي (هاشتاغ)       Ala_Mahdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما أصبح -سوادي- سكرتيراً للمدير العام!
- ندوة حوارية أم مهرجان خطابي؟
- هذه هي العوامل وهذا هو الحل .. ماذا ننتظر ..؟!
- هل يبقى العراق عراقاً بدون مكونه المسيحي ..؟!
- نساء مهاجرات بخطر !
- من سينقذ المرأة العراقية؟
- يوم لاينفع فيه عض الأصابع! حلول ومعالجات رهينة الانتظار والت ...
- فوضى وتخبط !
- أفكار ثائرة على نار هادئة!
- أديب عراقي ينعي نفسه!
- ذكريات أكثر من مؤلمة .. ! حسوني شهيد عراقي من أصل إيراني . . ...
- شميرام .. مازلت أتذكرحكايتها بألم .. !
- ميزانية الأحرار: أرقام تفتقر لمراعاة الجانب الإنساني
- هل المسألة فيها -إنَّ-.. ؟!
- بإنتظار نتائج الإنتخابات العراقية!
- هوامش على دفتر . . . الإنتخابات!
- عزيزي . . . الناخب العراقي
- ملاحظات إنتخابية تفرضها ضرورات ديمقراطية !
- نحو إنتخابات عراقية ديمقراطية نزيهة
- الإنتخابات العراقية في الخارج .. ملاحظات تنتظر الاهتمام - مس ...


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - علاء مهدي - إيزابيل دينكيزيان .. حكاية معاناة وتألق!