|
حرب أكتوبر: هل كان فوز مصر عسكرياً ام إستراتجياً؟
فادى سمير خلة
الحوار المتمدن-العدد: 4597 - 2014 / 10 / 8 - 00:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أمس كانت ذكرى حرب السادس من أكتوبر كما ندعوها فى مصر أو حرب عيد الكفارة Yom Kippur war كما تدعى فى إسرائيل ، أنطبعت تلك الذكرى فى أذهان المصريين و العرب بأن مصر خاضت الحرب ببسالة متناهية و دمرت قوات الإحتلال على ضفاف سيناء حتى أخذت الأراضى من إسرائيل بيد منتصرة و عالية! و طبعاً لا نستطيع ان ننكر دور الجيش المصرى العظيم فى مواجهة العدو بصورة مبغاتة شلته فى الساعات الأولى لكن ما يتجاهله المصريون (أغلبهم على الأقل) لم تكن الحرب يومين أو ثلاثة بل إمتدت أيام كثيرة و حدثت أحداث من حق الجميع أن يعرفها ليس من أجل إرضاء عواطفنا و حبنا للوطن بل من أجل الدقة العلمية و التاريخية! سنحاول هنا جاهدين بالإستعانة بمراجع عربية و أجنبية مراجعة الحوادث التاريخية المهمة فى حرب أكتوبر بطريقة موجزة و سريعة.
خلفية الحرب:
بعد حرب الستة أيام (أو كما يدعوها المصريون النكسة) سنة 1967م ، غزت قوات الإحتلال الإسرائيلى سيناء و غزة و القدس الشرقية و هضبة الجولان فى سوريا و حصلت على 4 أضعاف مساحات الإحتلال الأولى ، و تسبب خسارة أراضينا فى استياء الكثير من المصريين حتى وصل الأمر أن جمال عبد الناصر استقال عن جميع مناصبه السياسية بعد تلك الهزيمة لكنه عاد للسلطة بعد مظاهرات حاشدة طالبت بعودته ، و عين نفسه رئيساً للوزارء عام 1968 بجانب سلطته كرئيس للجمهورية و شن حروب استنزاف تنتقم من العدو الإسرائيلى. لكن لم يدم عبد الناصر طويلاً فقد وافته المنية عام 1970 و تولى بعده نائبه أنور السادات الذى رأى أن بلاده مضطربة إقتصادياً و سياسياً ، فكان يريد أن يسترجع سيناء ، فتارة كان يتحدث فى أوائل سنة 71 و 72 عن شن حرب ضد إسرائيل حتى تقبل إسرائيل قرار الأمم المتحدة رقم 242 بالتخلى عن أراضيها المحتلة بعد سنة 67. حاول السادات أن يعقد معاهدة سلام قبل الحرب حتى أنه طرد 20.000 خبير روسى بالمقابل اجراء محادثات مع أمريكا و إسرائيل و الحصول على سيناء بطريقة سلمية لكن تجاهلت الولايات الأمريكية طلباته كذلك إسرائيل. فأعلن السادات فى أبريل سنة 1973 عن شن حرب لإسترجاع سيناء لكن كما قال الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون:" قرار شن هجوم على إسرائيل فاجئنا لكن حسب تقرير مركز الإستخبارات الأمريكية CIA وجدنا أن الحرب فى الشرق الأوسط شىء غير متوقع بتاتاً"
التخطيط للحرب:
بدأ السادات بتدريب 600.000 جندى مصرى لبدء الحرب كما حاول الإتصال بروسيا فى السر للحصول على صواريخ "سكود" و بقية الأسلحة الثقيلة لكن مع ذلك لم تشعر إسرائيل بوجود أى شىء خطر من ناحية مصر بل أعتقدوا الموضوع لا يتعدى التهديدات الفارغة! فى 4 أكتوبر هاجر الخبراء الروس من القاهرة و سوريا مما جعل شكوك الحرب تقل أكثر لكن تفاجىء مدير الموساد "زفى زامير" يوم 5 أكتوبر بطلب من أشرف مروان -المستشار السياسى للسادات و الجاسوس المزدوج - مقابلته فى لندن الذى نبه "زفى" أن هناك حرب ستبدأ يوم السادس من أكتوبر مساءً. لكن ما لبث أن هرع "زفى" إلى لقاء "جولدا مائير" رئيسة وزراء إسرائيل لكنه تأخر فكان تنبيه لها قبيل ساعات قليلة من الهجوم ، مما جعل المؤرخون يظنوا أن أشرف مروان أعطى معلومات خاطئة لإسرائيل عن أن موعد الحرب كان مساءاً بينما هو كان فى الصباح الباكر و أنه كان مدسوس من المخابرات المصرية! أمر الجنرال "دافيد أليعازر" فى 6 أكتوبر فى الساعة الخامسة صباحاً بمناداة جميع الجنود للحرب لكنه رفض طلبه بسبب قدسية ذلك اليوم عند اليهود الذى كانوا يصومون فيه على مدار26 ساعة و أن معظم الجنود ذهبوا لحضور المجامع للعبادة! بعد ساعات قليلة تم الموافقة على طلبه لكن حذرته "جولدا مائير" من عدم بدء أى ضربة حربية بسبب تحذيرات أمريكا المستمرة بعدم ظهور إسرائيل كقوة عدوانية!
عبور قناة السويس و إعادة هضبة الجولان:
عبر 600.000 جندى و 2000 دبابة و 550 طائرة حربية فى اتجاه قناة السويس حيث قابلهم عدد قليل جداً من القوات الإسرائيلية حوالى 550 جندى و 3 دبابات فقط ، مما جعل القوات المصرية تبنى جسور على طول المياه و تعبر بكامل قوتها فى فقط ست ساعات اتجاه الضفة الشرقية فى سيناء و دمروا خط بارليف بواسطة مضخات مائية اشترتها وزارة الزراعة مما تسبب فى خسائر كثيرة لإسرائيل بينما فى سوريا هاجمت 1400 دبابة سورية مقابل 180 دبابة اسرائيلية و اعادوا السيطرة على هضبة الجولان. و قطعت السعودية و دول الخليج تصدير النفط لأمريكا و ساعدت 8 دول عربية فى الحرب.
استدعت اسرائيل جميع قواتها فى مصر و هضبة الجولان لسد هجمات الفرقتين و نجحت فى سد الهجمات السورية و دفعهم للخلف حتى ان القوات الاسرائيلية بدأت فى التوجه لغزو دمشق ، بينما فى مصر كانت هناك مقاومة اكثر من سوريا لكن فقدت مصر تقدمها و دفعتها القوات الإسرائيلية للخلف.
الإتحاد السوفيتى و الولايات المتحدة الأمريكية فى حرب باردة:
فى يوم 9 أكتوبر بعثت قوات السوفيت طائرات تحمل اسلحة لتساعد مصر على الحرب مما أغضب "هنرى كسينجر" وزير الخارجية الأمريكى و أوعز للرئيس الأمريكى "ريتشارد نيكسون" بالتقدم لطلب من الكونجرس لمد إسرائيل بأسلحة ثقيلة و فعلاً وافق الكونجرس على مد إسرائيل بأسلحة قدرها 2.2 مليار دولار و منها طائرات و دبابات يوم 12 أكتوبر.
ففى 12 أكتوبر إلى يوم 14 أكتوبر 1000 دبابة إسرائيلية دمرت 250 دبابة مصرية مما جعل خسائر مصر فى تزايد ، و 114 طائرة إسرائيلية دمرت 450 طائرة عربية حتى أن الجنرال "إيريل شارون" تشجع أن يطلب من جولدا مائير أن يعبر القناة و يقف خلف القوات المصرية ليحصارها لكنها رفضت ذلك حتى يتم تدمير الجيش المصرى فى سيناء من ثم يعبر البؤرة التى اكتشفها فى صف الجيش المصرى التى كانت تسمى "جزيرة الصين"!
فعلاً فى 18 أكتوبر عبر شارون جزيرة الصين و بدأت القوات الاسرائيلية تتجه للقاهرة. و فى سوريا استعادت اسرائيل هضبة الجولان و سيطروا على جبل حرمون و اقاموا فيه رادار كبير.
عندما شعر السفير الروسى فى امريكا ان اسرائيل تتقدم نحو دمشق ، قابل "كسيجنر" و هدده ان هناك قوات روسية مستعدة للدفاع عن دمشق و فى 24 أكتوبر هدد الاتحاد السوفيتى بالدخول للحرب و وصلت انباء عن ان الطائرات السوفيتية باتت طائرات حربية تخطط للهجوم على اسرائيل ، فامر نيكسون بتجهيز أسلحة نووية فى حالة دخول الاتحاد السوفيتى الحرب.
وقف اطلاق نار:
ضغط السادات على الاتحاد السوفيتى بعمل أى شىء لتوقف الحرب خصوصاً ان الجيش المصرى كان محاصر من القوات الاسرائيلية و القوات الاسرائيلية تتجه للقاهرة ، فاصدرت الامم المتحدة قرار بوقف أطلاق النار فى 22 أكتوبر لكن تجاهلته اسرائيل و استمرت فى تدمير الجيش المصرى و محاصرته حتى يوم 25 أكتوبر اعادت الامم المتحدة وقف اطلاق النار و توقف الجانبين عن اطلاق النار.
فبفضل جهود وزير الخارجية كسينجر فى البلدين تمت الموافقة على اتفاقين قبل كامب دافيد
ففى يناير 74 ، أعادت إسرائيل قناة السويس للمصريين و حررت الأسرى و أقامت خط من وقف إطلاق النار و فى سبتمبر 75 أعادت إسرائيل أراضى مهمة لمصر
لكن الوضع كان مختلف فى سوريا ففى مارس 74 جددت سوريا الهجوم على القوات الاسرائيلية و قتلت 73 عسكرى اسرائيلى لكن بضغط من الولايات المتحدة قبلت فصل القوات فى مايو 74 و حتى الان لا يوجد معاهدة سلام بين اسرائيل و سوريا.
النتائج:
خسر العرب حوالى 7000 جندى مقابل 2660 جندى اسرائيلى و دمرت 1063 دبابة اسرائيلية مقابل 2250 دبابة عربية و كانت الخسائر اكثر فى ناحية العرب
اتفاقية كامب دافيد و استعادة طابا:
بعد عدم جدوى المباحثات بين الطرفين ظلت أراضى سيناء عالقة فى يد إسرائيل حتى ذهب السادات فى سبتمبر 78 للولايات المتحدة الأمريكية و اجرى مباحثات فى كامب دايفيد مع رئيس الوزراء الإسرائيلى "مناحم بيجن" طلب منه استرداد الأراضى المحتلة و تحرير غزة و الضفة الغربية و وقع الطرفين على الاتفاقية حتى 26 مارس 1979 تم توقيع معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية و استرجعت مصر اراضيها و انسحبت القوات الاسرائيلية من سينا و المستوطنين معها بالمقابل القبول بالسفن الاسرائيلية فى قناة السويس لكن تلك المعاهدة لم تروق للدول العربية التى علقت عضوية مصر من وقت كامب دايفيد حتى 1989
لكن ضغطت اسرائيل على مصر لقبول استعادة طابا من مصر عام 1982 لكن كان يرفض الرئيس السابق حسنى مبارك بالتخلى عن اى شبر فى سيناء ففى عام 1985 تأسست اللجنة العليا للدفاع عن طابا و فيها العديد من القانونين و الدبلوماسيين المصريين ليدافعوا عن حق مصر فى استرداد طابا امام محكمة التحكيم الدولى وفعلاً فى 15 مارس حصلنا على اخر شبر محتل فى سيناء و رفعنا العلم فى 19 مارس
هل فزنا استراتجياً أم عسكرياً؟
لقد خسرنا عسكرياً كما رأينا لكن فزنا استراتجياً، السادات كان يهدف لاستعادة مكانة مصر فقط و لم يكن يهدف من الحرب استرداد الاراضى المحتلة بالطرق الحربية فكان حسب قول كاميليا السادات ان ابى تمنى فقط ان يتواجد فى 5 كيلومتر من سيناء ليساوم على السلام و بالضغوط المستمرة من الاتحاد السوفيتى و امريكا وافق الطرفين على السلام لكن انا ادعو المسئولين و المؤرخين العلميين ان يغيروا اسم عيد من انتصار يوم السادس من اكتوبر إلى ذكرى عبور قناة السويس فنحن لم ننتصر فى الحرب حربياً بل كانت خسارئنا كثيرة نحن فى تلك الذكرى باغتنا العدو لمدة قليلة شلته!
#فادى_سمير_خلة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السبكى رجل العصر!
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|