فقه فاسد أم فكر شرير (حاملة الفيل!)

هبة عبده حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4595 - 2014 / 10 / 6 - 23:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

من أجمل الأشياء التي أتت بها رياح التغيير في يناير 2011 في مصر المحروسة أن أميط اللثام عن كل المواضيع الملغومة... فلم يعد هناك بعد محاذير ولا محظورات ولا محرمات... فتحت الدفاتر كلها وكسر حاجز الخوف وعبر المصريون (أو من شاء منهم ذلك) إلى درب نور أوجع أعيننا بهاؤه أولاً ثم عصرت قلوبنا حقائقه ثانياً ثم بانت لعقولنا بديع رياحينه وشهي ثماره لحظة أن اعتادت العيون بهجة النور... فهنيئاً لذوي النهى ومرحى لمن ثبتوا على درب النور.

من ضمن الدفاتر التي تم فتحها ملف ديني عتيق عن حمل النساء، ففي بدايات عام 2011 ظهر مفتي الديار المصرية الأسبق الدكتور علي جمعة في حديث تليفزيوني قال فيه أن البشرية واسعة الانتشار مترامية الأطراف قد رصدت نساءً ولدن أطفالهن بعد حمل دام لأكثر من 4 سنوات. حاوره المحاور في أقواله هذه التي كان قد وضعها في كتاب (يستند على متون صحيح كتب التراث كالبخاري ومسلم المبنية على قصة امرأة محمد بن عجلان التي أطلق عليها اسم حاملة الفيل لأنها – حسب الرواية – كانت تحمل في كل طفل ثم تضعه بعد أربعة سنوات!!!). ظل مقدم البرنامج يداور الدكتور جمعة حتى نجح في أن يحصل منه على الأتي: "نحن أولاد آدم وحواء، والنساء تحملن وتلدن دون أجهزة كشف وموجات صوتية وفلسفة زائدة منذ ذلك الحين... الأئمة نقلوا لنا روايات عن نساء حملن لمدة 4 سنوات، أتريدني الان أن أتهم تلك النساء بالزنا؟؟... ويستطرد الشيخ: "من يريد الاعتراض فليعترض على الأئمة فيما يقولون". هكذا ألقى علينا الشيخ علي جمعة بالقاضية أو هكذا ظن لأنه معتاد – هو وكل الفقهاء الأزهريين – أن يقولوا فنسمع حتى لو كان ما يقولونه غثاءً وهراء (كحديث الشيخ الذي يتحول غائطه إلى حلوى، وكنت قد أشرت إليه في أولى مقالات هذه السلسلة).

وكانت المحاكم السعودية قد أقرت نسب ولد لأبيه الذي توفي قبل ميلاد الصبي ب 4 سنوات وفي حالة أخرى حكمت بنسب ولد لأبيه الذي كان قد طلق والدته قبل عامين من ميلاد الصبي (الحالتان لشقيقتين سعوديتين، حيث بني الحكم على الحديث الصحيح الذي يقول بأن الولد للفراش وللعاهر الحجر).

الأمر، كما طرحه العالم الأزهري، لا علاقة له بالمنطق أو بالطب ولكن بالنسب والميراث، وعليه يصبح لزاماًعلى الطب وأهله والعلم وناسه أن يجدوا التفسير للظاهرة لا أن يعارضوها على خلفية إستحالة حدوثها (لأن حدوثها مستحيل). الأمر العجيب أن القرآن يعارض هذه الفتاوى بمنتهى الوضوح، فهناك نص صريح ورد في القرآن يقول "...وحمله وفصاله في ثلاثين شهراً..." وإذا وسعنا دائرة فهم النص بتفسيره اعتباراً لنص آخر وهو "وفصاله في عامين = 24 شهراً" يكون القرآن قد جمع أقل مدة للحمل (6 أشهر) مع أكبر مدة للفطام (24 شهراً) فيصبح بذلك استناد فقهاء السنة على رواية الشافعي عن حاملة الفيل واهية مقارنة بمرجعية النص القرآني... ولكن الغريب أن مرجعية الفقهاء ورواياتهم هي الأكثر أهمية هنا. رأيت أن أقدم مرجعية النص القرآني على العلم الذي يرفض هذه المزاعم العجيبة بمنتهى الحسم، أما عن تسجيل حالات إنسانية لأكبر مدة حمل فكانت في موسوعة جينيس للأرقام القياسية عن امرأة استمر حملها لمدة 10 أشهر... فيا ذوي النهى روحوا ابحثوا عن الأسباب التي تجعل الفقهاء يستميتون للدفاع عن الخرافة.

#هبة_عبده_حسن (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات