|
ما قدسية ضريح سليمان شاه بالنسبة لتنظيم داعش؟
ماجد ع محمد
الحوار المتمدن-العدد: 4594 - 2014 / 10 / 5 - 08:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يبدو أن قلق الحكومة التركية فيما يخص الاتهامات الغربية عموماً والأمريكية بوجهٍ خاص وكذلك ما تداولته وسائل الاعلام حول مدى علاقتها بتنظيم الدولة الاسلامية يزداد وتيرةً يوماً بعد يوم، إذ أن الدولة التركية الى حين قُدرتها من خلال كل وسائلها المتاحة كدولة فاعلة ومؤثرة على تحرير رهائنها الدبلوماسيين في الموصل، قد أثارت حول نفسها الكثير من الشكوك بخصوص علاقتها اللا مباشرة بالمتطرفين في سوريا والعراق في الآونة الاخيرة، منها تلك الأدلة التي قدمها شخصيات كردية من تركيا عن مدى تورط تركيا في دعم داعش من النواحي اللوجستية والعسكرية، ما زاد من رصيد الاشتباهات الدولية في مدى علاقة تركيا بالمنظمات الارهابية العاملة في كل من سوريا والعراق، خصوصاً بعدما قدّم رئيس بلدية ماردين النائب الكردي أحمد تورك إلى سفير الاتحاد الأوروبي في تركيا، في ماردين منذ أيام تقريراً مفصلاً وموثقاً ومدعوماً بالأدلة الدامغة من صور وأشرطة فيديو عن الدعم الرسمي الذي تقدمه تركيا لتنظيم "داعش"، ومنها تنقل أفراد من التنظيم وهم يرتدون البزة العسكرية التركية، والآليات العسكرية التركية داخل البلاد، وكيف أن رئيس بلدية جيلان بينار، وهو من حزب العدالة والتنمية، التقى داخل أحد الخيم بمقاتلين من تنظيم داعش، وكذلك ما يقدمه النشطاء من أدلة عن فتح تركيا الحدود لمقاتلي "الدولة الإسلامية" للتسلل إلى سوريا أو التداوي في تركيا كلما نشبت معارك بينهم وبين المقاتلين الأكراد أو عناصر الجيش الحر، لذا زادت الشكوك حول احتمالية أن تكون تركيا هي الجهة التي تقدم لتلك المنظمات المتطرفة العون، وذلك من خلال تسهيل عبورهم مع عتادهم عبر الاراضي التركية الى المناطق المستهدفة، ولكن يبدو أن أكثر ما يُحرج تركيا في الوقت الراهن أمام أصدقائها الغربيين والرأي العام، هي قضية ضريح سليمان شاه الواقع حالياً في منطقة نفوذ تنظيم داعش، وذلك بعد تطويق التنظيم لمدينة كوباني من جميع الاتجاهات منذ ما يقارب العشرين يوماً، وللتذكير فإن الضريح المذكور يحتضن رُفات سليمان شاه، وسليمان شاه هو والد عثمان الأول مؤسس الإمبراطورية العثمانية عام 1299م، وهو يقع داخل الأراضي السورية، وقد وُضِع تحت السيادة التركية بموجب اتفاقٍ وقع عام 1921 بين كل من تركيا وفرنسا التي كانت آنذاك دولة الانتداب على سوريا، وحالياً يُعتبر موطئ هذا المزار هي الأرض الوحيدة ذات السيادة التركية داخل سوريا وخارج حدود الدولة التركية، ويقع الضريح في شمال سوريا على ضفة نهر الفرات قرب مدينة منبج في ريف محافظة حلب على بُعد 25 كلم، ويحرسه بالعادة 30 عنصراً من الجنود الأتراك، وهو مشيَّد من الحجر الأبيض وعمر المقبرة حسب المختصين هو 700عام، والملفت للانتباه في هذ الملف المُقلق لتركيا هو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد حذَّر مؤخراً عبر وسائل الأنباء تنظيم "داعش" من المساس بضريح سليمان شاه، حيث يعتبر أردوغان أن مكان إقامة الضريح أرض تركية، ويبدو أن الرئيس أردوغان من خلال هذه التصريحات يختار في دخيلة نفسه بعض الخيارات المتاحة للخروج من الأزمة، منها فإما أنه سيؤكد الشكوك حول مدى علاقة بلادة بهذا التنظيم الارهابي علناً هذا إذا ما قام داعش بتسليم الجنود الأتراك سالمين وعدم المساس بالضريح الميمون، أو ربما يختار طريقاً آخر ألا وهو الاتفاق مع الدواعش للرجوع الى الخلف مؤقتاً أي بأن يتقهقروا شكلياً الى ما بعد حدود الضريح، وذلك الى أن يتم عبر سيناريو معين الاتيان بهم، ومن ثم إعطاء الأوامر للتنظيم من جديد للزحف نحو كوباني، بحيث تكون قد تخلصت من مشكلة الجنود، ولكنها بهذه الخطة ستكون فعلاً قد جلبت الجنود ولكن مشكلة الضريح الثابت ستبقى قائمة، إلا اللهم إذا فكر الساحر التركي برفع المرقد من أساسه والاتيان به الى داخل الحدود التركية، وهذا الحل ربما هو غير قابلٍ للتطبيق بسهولة في ظروف الحرب، أو أن يلجأ أردوغان الى طريقةٍ مغايرة تماماً ولو أنها تتضمن العنف وذلك لكي يستطيع التملص من هذا المأزق الذي وُضع فيه بسبب هذا الضريح المسمار، فيستفيد عندئذٍ من خبرة نظيرة السوري بشار الأسد الذي مراراً ما لجأ الى نسف الكثير من المواقعّ التابعة للنظام ليُثبت للعالم بأنه يتعرض للعمليات الارهابية من قِبل تنظيم داعش أو مثيلاتها، أي أن يلجأ الرئيس أردوغان لاستنساخ التجارب الأسدية ويضحي فعلاً بالجنود الأتراك والضريح معاً، ليُعيد بذلك الثقة التي بدأ يفقدها لدى أصدقائه الغربيين وأيضاً لدى بعض الشرقيين منهم وربما لن يكون آخرهم عبدالفتاح السيسي، ولكن ما يزيد الأمر استغراباً هو أن رئاسة الأركان التركية وحسب وسائل الاعلام قد أجازت للجنود الأتراك المكلفين بحراسة الموقع التاريخي بفتح النيران على من يهددهم أو يهدد ضريحهم المقدس في حال تعرضهم لأي هجوم وهو ما لم يحصل، إذ لا أنباء عن مكان تواجد الجنود الذين تم اقتيادهم من قبل الدواعش الى مكانٍ مجهول لوسائل الاعلام ولكنه ربما يكون معلوماً من قِبل الاستخبارات أو الحكومة التركية وذلك على غرار تواصلهم مع الرهائن وتنظيم الدولة في الموصل! لكن الذي يُحير الناس عامة هو لماذا تنظيم داعش لم يؤذي حتى الآن ذلك الضريح، علماً أنهم سبق لهم وقد فجروا العشرات من الحسينيات والجوامع الشيعية والمراقد والمزارات المقدسة لدى أهل السنة والشيعة على حدٍ سواء، وكذلك هدمهم لعددٍ من الكنائس والأديرة المسيحية ولجوئهم لحرق عددٍ من المكتبات العامة في مدينة الموصل العراقية، كما أنهم ومن خلال الممارسة الميدانية يؤكد تنظيم داعش يوماً بعد يوم مدى إيمانه بثقافة التدمير التي نشأ عليها، ويصر على نشرها في كل المناطق التي يسطير عليها مجدداً، حيث أنهم وخلال زحفهم على أية منطقة لا يعتمدون فقط على قتل المناوئين وقطع الرؤوس لترويع السكان والتنكيل بهم فحسب، بل ويعمدون على تدمير ثقافة بعض فئات المجتمع بأكملها، كما يحاول جاهداً محو تاريخ أماكن وأوابد أثرية تعود إلى ألاف السنين، ومنها على سبيل الذكر وليس الحصر مرقد النبي يونس عليه السلام في مدينة الموصل العراقية. وكذلك الأمر ففي سوريا أيضاً قام التنظيم المذكور مؤخراً بتفجير كنيسة شهداء الأرمن التاريخية في حي الرشدية في مدينة دير الزور، الكنيسة التي شيدت في عام 1991 وهي تخلد ذكرى شهداء الأرمن الذين قضوا على يد العثمانيين بداية القرن العشرين، لاحظوا الفرق بين رمزية كنيسة الأرمن، أرمنياً وعالمياً، ومدى تحسس الدولة التركية من هذا الصرح التاريخي الذي يُقلق الذاكرة التاريخية لدى تركيا، مقارنةً بمدى قدسية ضريح سليمان شاه بالنسبة لكلٍ من سليلة الخلافة العثمانية "تركيا" وتنظيم الدولة الاسلامية "داعش"، عموماً فالأسئلة تورد الى أذهان الناس بالعشرات عن سبب إبقاء الجنود الأتراك في حوزة تنظيم الدولة من دون أية تصاريح علنية تخصهم من الجهتين، أي تركيا وتنظيم داعش، أو حتى ولو تسريب أية معلوماتٍ عنهم وعن مصيرهم؟ والذي يثير التساؤلات هو معرفة كل العالم من خلال وسائل الإعلام عن أن تنظيم داعش دمر العشرات من الأضرحة والمزارات اينما حطوا رحالهم، وربما يكون آخرها كنيسة الأرمن، والسؤال الاستفزازي والملح هو لماذا لم يعمَد تنظيم داعش للآن الى تفجير ضريح سليمان شاه؟ وفي أي مكانٍ تراهم يحرسون الجنود الأتراك لكي لا يطالهم أي سوء؟ وما الذي يمنع الدواعش من فعل ذلك وهم بمثابة جنود هولاكو المعاصرين؟ إن لم تكن هنالك اتصالات بين طرفي المعادلة، أو أن تنظيم داعش يستفيد من تركيا حتى اللحظة، لذا لا يستطيع إلحاق أي أذى بمصالح الدولة التركية، أو حتى بالأشياء العائدة لتركيا لقاء التزاماتٍ معينة من الجانب التركي لهذا التنظيم، أم أن لسليمان شاه وضريحه المبارك قدسية معينة لدى تنظيم الدولة الاسلامية ولكن عامة المسلمين لم يصلوا بعد الى اكتشاف مدى أهمية وفهم كنه تلك القدسية في دين داعش؟.
#ماجد_ع_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السوريون بين خطابات الساسة وتصرفات الشارع التركي
-
هي شنكال
-
لو كنتُ يزيدياً
-
عبدو خليل: يُحشر السُرَ مع التساؤلات في قبوِ بارون
-
هل يُعيد حزب الاتحاد الديمقراطي تجربة حلب في كوباني؟
-
وزير شؤون الجنس والأدب
-
أفي القضايا الكبرى نكايات؟
-
الفحيح النخبوي
-
الثورة والتغيير من قلب أوروبا
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|