أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى محمود - المثقف بين المطرقه والسندان














المزيد.....

المثقف بين المطرقه والسندان


مصطفى محمود

الحوار المتمدن-العدد: 4591 - 2014 / 10 / 2 - 16:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم يكن مستغربا ما آل إليه دور المثقف العربي، وتأخره عن حركة الشارع وزخمه، خلال الثورات التي شهدتها وتشهدها الكثير من البلدان العربية، دور جاء نتيجة عقود من ممارسات، وإجراءات أفقدته السلطة على تفكيره وحريته وآرائه، وغيبتّه في ظلال التحولات التي شهدتها المجتمعات العربية تحت ظل أنظمة أيديولوجية شمولية، كرست بنيانها المتهافت إلى السلطة، معتمدة على إقصاء سلطة المثقف، وجعلها سلطة تذوب وتختفي خلف السلطة السياسية للدولة والمجتمع.

أدركت الأنظمة خطورة سلطة المثقف، كونها تحترف الفكر، وتؤثر في أفكار الناس، وتوظيف ما في أذهانهم من معارف ومقولات ومفاهيم في اتجاه معين، كأحد أشكال ممارسة السلطة، ليس بمعناه المادي، بقدر حفاظها على الثقافة ككيان متفاعل داخل المجتمع، قادر على الإنتاج وتجديد الذات، ورفده بالفكر والعمل السياسي، الذي يبنى في أساسه على البحث عن أدوات التغير، ما شكل مساحة وبؤرة توتر، تؤرق أنظمة الحكم، ورؤيتها للمجتمع، التي لا تقبل القسمة إلا على نفسها. لذا كانت العلاقة بين سلطة المثقف وسلطة السياسي متوترة لسنوات، استطاعت خلالها السلطة السياسية من الهيمنة على الثقافة ومفاصلها، وإشاعة أيديولوجيتها، وإقصاء الفكر إلى خارج المجتمع.

الجلي في بلداننا، أن دور المثقف بدأ بالانكماش مع نهاية فترة الستينات، حيث سبقها فترة تأسيس الحياة السياسية وبناء الدولة بعد الاستقلال، والحاجة إلى المثقف، لزجه في السجال الفكري بين التيارات السياسية المختلفة، كجزء من حراك سياسي واجتماعي، اختتمت فصول هذه الفترة بنكسة حزيران/يونيو، التي أسكنت الهزيمة في جنبات الثقافة والوعي، وأسست لابتلاع السياسة لكل مجالات الثقافة، وتفخيمه بخطاب متشنج. اخفت خلفه القوة العارية والعمياء للدولة، المتوسلة للغة السلاح وتجيش المجتمع، وصياغة الشرعية تحت شعارات الثأر واستعادة الحقوق، محددة دور المثقف بالتزامه بالقضايا الكبرى، العابرة للأحاسيس والأزمنة.

من خلال مفهوم الالتزام وإسقاط المفاهيم السياسية على الثقافة وحراكها، ضعفت سلطة المثقف، وتراجع دوره وتواصله مع الناس، وظهرت ثقافة سياسية معلبة ومصنعة، ذات الصلاحية والسطحية المناسبة للاستهلاك في مناسبات المديح والذم، والمحددة بما ترضاه السلطات السياسية ومزاجها الأمني، الأمر الذي أثر على الخطاب الثقافي وبنيانه حيث حُمِل بخطاب أيديولوجي يعبر عن رأي واحد، أدخلت الثقافة في أزمة مديدة، مع انتزاع جوهرها الحر، وعلاقتها بالحراك الاجتماعي، وجعلها تابعة ومسخّرة للسياسة، متصلبة وفقيرة، تفرض قسرا على جماهيرها، بعد احتكار الدولة للإعلام والصحافة ودور النشر، وبذلك تداخلت وظائف المثقف مع وظائف السلطة، وظهر ما يسمى بمثقف السلطة.

اخذ مثقف السلطة دور الواعظ، مطالبا جمهوره بالطاعة، متجردا من أي دور ناقد، متحولا إلى موظف بيروقراطي، همه تسلق المناصب واعتلاء المنابر، لا يكتنز المعرفة بقدر اكتنازه الثروة والنفوذ، مبعدا المثقف الحقيقي عن الواجهة الثقافية والاجتماعية. أمرُ دفع إلى اختلاط المعايير الثقافية وغياب مشاريعها النافذة، فلم يعد من المستخرب / من الخراب/ أن يعين ضابط امن بعد تقاعده مديرا لمركز ثقافي، ولا أن يتحول الشرطي إلى كاتب مهم وصاحب زوايا ثابتة في الصحف التي لا تحمل أي رائحة أو لون. أرضية ثقافية أفرزت المثقف الهيلولي العائم، الذي يتحدث في كل شيء، دون الحديث عن أي شيء بذاته، ممارسا الثقافة من باب الارتزاق والنظر على أنها الوظيفة الأقل كلفة، وبالتالي ضياع الملمح الـخاص لكل مـــبدع مع ضياع المشروع الخاص الذي يميزه.



#مصطفى_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من مطار الطبقه الى مطار دير الزور
- من جورج بوش الى اوباما _ دراسه في السياسات الامريكيه
- تهميش المثقف العراقي
- ماوراء سقوط مطار الطبقه العسكري
- المثقف والسلطه صراع الفكر والقوه
- البيت الابيض يلعب على الملف السوري
- أثر المتغيرات الاقليمه والدوليه على الازمه السوريه
- موت اسامة بن لادن ....وميلاد الشعوب العربية
- اليسار ...-اتجاة اجبارى- للثورة المصرية
- الرأسمالية ....والازمات الدائمة
- لماذا الاشتراكية ؟
- خصخصة التعليم ..ومستقبل الفقراء
- التدوين ...ومستقبل الاعلام الشعبى
- ازمة اتصالات ام ازمة مقاومة ؟
- الختان ....وتهافت اليسار
- اليسار واشكالية الاسلام السياسى
- لا تراجع عن اضطهاد المعارضين
- لماذا يحتاج النظام للتعذيب؟
- مادة الدين الاسلامى الاجبارية
- دعوة لالغاء مادة الدين


المزيد.....




- -قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ ...
- سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام ...
- الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء ...
- -سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد ...
- برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت ...
- إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات ...
- بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول ...
- مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
- بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
- -ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى محمود - المثقف بين المطرقه والسندان