|
أنسنة الإله أم حرب على الله ورسوله ؟!
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4591 - 2014 / 10 / 2 - 12:02
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أنسنة الإله أم حرب على الله ورسوله ؟! تتردد هذه العبارة كثيرا على ألسنة الإسلامويين الذين "يتلفعون " بعباءة اللعبة السياسية الحزبية ، كما ويرددها بكثرة وتلهف إشقاؤهم في الجناح "الجهادي " الذي يقطع الرؤوس ويفجر الأطفال أمام المدارس . وهذه المقولة هي بمثابة "الدافع " المُعلن لهؤلاء للخروج إلى حرب ، متنكبين إسلحتهم ومؤتزرين بأحزمتهم الناسفة ، زارعين عبواتهم في الأماكن العامة ، مُستهدفين حياة الأبرياء . وليست هذه هي المرة الأولى ، التي يتم فيها تجنيد الله ورسوله في صفوف هؤلاء . لكنهم ومن حيث يدرون أو لا يدرون ، فإن فعلتهم هذه ، تقع تحت طائلة القدح بالذات الإلهية والإساءة إلى رسوله . ولربما يدعون بأن الحرب على الله ورسوله ليست بالجديدة ، ففي حياة الرسول ، أعلن المناوئون له حربا عليه وعلى طروحاته . لكن، مع فارق بسيط ، فالرسول كان حيا بينهم ، وكانت هذه الحرب فعلية وحقيقية، كما وأن الرسول كان على تواصل مع الله ، بحيث كان قادرا على معرفة إرادة الله أيضا . وكان الرسول ، وحسب الميثولوجيا ، يتلقى وحيا إلهيا ، إنقطع بموته طبعا ... فدفاعه عن ذاته ومبادئه كان أمرا واقعيا "فرضته" ظروف الساعة ، ولا نُريد الخوض في الجانب الميثولوجي هنا . لكن مع وفاة الرسول وإنقطاع الوحي ، كيف يُمكن الحكم على حرب أية حرب ، بأنها حرب على الله ورسوله ؟ وهل يملك هؤلاء المُدعين ، وسيلة تواصل خفية مع الذات الإلهية تُطلعهم على "نوايا " القائمين على هذه الحرب ، أم أن الله قد أبلغهم بأنه يتعرض لحرب ؟ سيقولون وبكل ثقة بأن الحرب على الصحوة الإسلامية ، الدولة الإسلامية ، الخلافة الإسلامية هي حرب على الله ورسوله بالقطع . فهم والحالة هذه يخلقون تماهيا مُطلقا بينهم وبين الذات الإلهية ، فكل مساس بهم وبإفكارهم هو مساس بالذات الإلهية . مما يعني فعليا تأليه ذواتهم ، كيانهم السياسي أو فكرتهم (أيديولوجيتهم ) . ولكن وفي سياق عملية التأليه ، لا بُد من حدوث تغييرين أساسيين على الإله والمُؤلَه المُحدَث . ففي المسار الأول ، تتم عملية " أنسنة " الإله ، فهو يتعرض لحرب ، وقد "يكسبها " أو "يخسرها " ، لذا على "أنصاره" التجند في جيوشه التي تتعرض "لحرب " إبادة . فهم( أي الإسلاميون ) والحالة هذه يفترضون في الله ضعفا ونقصا ، وهم فقط القادرون على إمداد الإله بالقوة اللازمة له ودعمه عسكريا . وعلى الطرف الأخر ، يقومون بتأليه الفكرة (دولة الخلافة مثلا )، وتحويلها إلى "إرادة إلهية " ، فهي إرادة الله . أما كيف علموا بما يريده ألله ، فهذا شأن أخر ! ؟ فعملية تعظيم الكيان ، الفكرة أو القائد ، تهدف أصلا إلى الإسباغ عليها صفات ألوهية مُقدسة . وهكذا يتم التقريب بين الله (المُحتاج ) عن طريق أنسنة الله ، وتعظيم الفكرة بحيث تكون في مكانة موازية لفكرة الله ، غير أنها غير مُساوية له . وعملية أنسنة الذات الإلهية ، في جوهرها ، هي عودة إلى الإله الإنسان في الديانات القديمة ، شرقية كانت أم غربية . فالألهة كانت تملك كل الصفات والرغبات الإنسانية ، مع فارق واحد عن الإنسان العادي بأنها كانت خالدة . لكن متى يحتاج الإنسان إلى تأليه فكرة أو زعيم ، مما يعني بالقطع ، أنسنة الإله . فقط في حالات الضعف والأزمات . فالإنسان الضعيف يبحث عن دعم وسند ملموس ، عن دعم يستمد منه قوة أنية في مواجهة صعوباته الذاتية والعامة . وهذا الدعم لا يستطيع الحصول عليه من إله مُنزه عن الصفات . فهو يبحث عن إله يمتلك صفات وسلوك إنساني . إله نواياه ورغباته معروفة ، يتعرض للحرب ويحتاج الى الدعم . فأنسنة الإله ، بحد ذاتها ، تُقوي الضعيف ، الإنسان ، وتُزوده بقوة تضعه في موازاة الإله ، بحيث يُصبح قادرا على الدفاع عن الإله الذي يتعرض لحرب ، وكل الوسائل مشروعة لأنها دفاع عن الله ، دفاعا عن المقدس ألوضعي .
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نتانياهو والعالم ..
-
صدام الأعياد .
-
أوسلو ورصاصة ألرحمة .
-
بُقع ضوء داعشية...!!
-
الأكثر قراءة..!!
-
الإله الأعرج ..!!
-
-خلّي هالباب يلقى من الكلاب -..!!
-
ألعبيد حين يملكون ..!!
-
من أجل خاطر عيونكم ..؟؟!!
-
المسلم كيّس فَطن أم كيس قطن ؟؟!!
-
إنما ألمسلمون وغير ألمسلمين أُخوة ..في ألوطن .
-
انه وَغدُنا اللطيف...!!
-
سيكولوجية الأسير : المجتمعات والدول العربية كمراكز إعتقال
-
بستوريوس وهرم الأعراق ..
-
بين الحُلم والمعنى ..
-
غارقون في بولهم ..!!
-
- علم ألنحو- والجنس..
-
أينشتاين ، أللحمة وبعض أسباب ألتخلف ألعربي ..
-
في ظرفية ألنص و-الأزهري- المُتبلبل ..!!
-
ألمُنزلق نحو ألفاشية...
المزيد.....
-
كيف تحوّل حلم كندا بامتلاك طائرة مقاتلة اعتراضية إلى كابوس و
...
-
الإمارات ضمن قائمة الدول العشر الأولى على مؤشر التنافسية الع
...
-
-بلومبرغ بيزنيس ويك-: ماذا يعني فوز ترامب بولاية ثانية للأمر
...
-
تركيا وسوريا: معضلة المعارضة السورية والنفوذ التركي
-
تجهيز أكبر معسكر منذ الحرب العالمية الثانية.. هكذا تستعد بار
...
-
جنوب لبنان ـ تصاعد القصف المتبادل بين إسرائيل وحزب الله
-
سوريا.. أمر إداري بإنهاء الاستدعاء والاحتفاظ للضباط ولصف الض
...
-
نصرالله يجدد التأكيد: جبهتنا في لبنان لن تتوقف ما دام العدوا
...
-
بكين: نعارض ذكر الصين في الحملات الانتخابية الأمريكية
-
زاخاروفا: الغرب يجس نبض روسيا
المزيد.....
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
-
فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال
...
/ إدريس ولد القابلة
-
المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب
...
/ حسام الدين فياض
-
القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا
...
/ حسام الدين فياض
-
فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|