|
بالأمس الهاجاناه واليوم داعش!
باسل مهدي
الحوار المتمدن-العدد: 4588 - 2014 / 9 / 29 - 11:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
منظمة الهاجاناه وهو اسم بالعبرية ويعني الدفاع (بتشديد الدال) تأسست سنة 1921 في مدينة القدس وخلال فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين، وكان نواتها مجاميع من المهاجرين اليهود الحاملين لجنسيات مختلفة، هذا المنظمة حين تأسست كان لها هدف معلن وهو الدفاع عن المستوطنين اليهود وممتلكاتهم، لكن بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عمدت منظمة الهاجاناه بشنّ حملة مناهضة للقوات البريطانية في فلسطين، فقامت بتحرير المهاجرين اليهود الذين احتجزتهم القوات البريطانية في معسكر "عتليت"، وقامت بنسف سكك الحديد بالمتفجرات ونظّمت حملة هجمات تخريبية استهدفت مواقع الرادار ومراكز الشرطة البريطانية في فلسطين. وهذه المنظمة صارت فيما بعد حجر الأساس للجيش الإسرائيلي الحالي. هذه المنظمة قامت بعد الحرب العالمية الثانية وتحديدا عام 1948 وما بعده بعدد كبير من المذابح بحق سكان المدن والقرى الفلسطينية ودفعتهم الى الفرار وترك مدنهم وقراهم، بدأوها بقتل جميع سكان قرية "حواسة" وتلتها جرائم وبوحشية قل نظيرها، اقتحموا قرية "بلدة الشيخ" وذبحوا 600 إنسان بينهم العديد من الأطفال والنساء، نسفوا 20 منزلا بساكنيه في قرية "سعسع الجليل"، وتوالت جرائم القتل والذبح على أيدي هذه المنظمة ولعل أشهرها مذبحة دير ياسين والتي قتل فيها 360 فلسطيني، والتي قال عنها مناحيم بيجن في كتابه بأن هذه المذبحة هي التي دفعت العرب الى الفرار مذعورين. قتلوا الأطفال وكسروا رؤوسهم، دفنوا الناس في حفر كبيرة وهم أحياء أطلقوا النيران على كل الساكنين في القرى ومثلوا بجثثهم. وكان شعارهم إنشاء دولة الدين "الدولة اليهودية". الأعلام ساهم وقتها وبشكل مدروس وممنهج بتضخيم حجم تلك العصابات وتضخيم قدرتها وجرائمها والتركيز على وحشيتها وبربريتها، كان المراد من هذه المنظمة هو بث الرعب والخوف في صفوف الناس لحثهم على ترك مدنهم وقراهم والفرار بحياتهم، فحدثت وقتها واحد من عمليات التهجير الكبيرة، فهاجر الفلسطينيون نحو الأردن وسوريا ومصر والعراق اللذين فتحوا أذرعهم ورحبوا بالمهجرين ونصبوا لهم الخيام، وكالعادة لم يفت من عضد الدول والمنظمات العالمية من تقديم المساعدات الإنسانية من الغذاء والدواء للمهجرين من بطش الهاجاناه. واليوم داعش لا تختلف عن الهاجاناه في التأسيس وتقترب منها في الشعار في أعادة أنشاء دولة الدين "الخلافة الإسلامية"، وتتخذ نفس الطريق في مشوار القتل والوحشية والأعلام هو نفس الأعلام في عرض الوحشية وتضخيم قدرات الهاجاناه. كانت المنظمات والدول تكتفي بإصدار بيانات الشجب والاستنكار ووصف الجرائم بالمرفوضة، لكن مع داعش المنظمات الدولية أصدرت قرارات والدول شكلت تحالفا للحرب ضدها وبدأوها بالقصف الجوي، وأمدوا بعمرها الى عشرات السنوات القادمة للقضاء عليها حسب تصريح قادتهم العسكريين، لكن يبدوا أن داعش لا يعنيها أمر التحالف الدولي في شيء ولا يعنيها بداية معركتهم الجوية، فقط يعنيها أن تحالف الحرب الدولي قرر لها عمرا جديدا يستمر لعشرات السنوات القادمة، فلا زالت قواتها تهاجم وتحتل مدن وقرى جديدة في العراق وسوريا تحت لهيب القصف الجوي ومرأى تحالف الحرب. ولا زالت تذبح وتغتصب النساء وتهجر السكان ولازالت أحضان تركيا وكردستان العراق مفتوحة للمهجرين من بطش داعش. الهاجاناه بعد عشرات السنوات من بيانات الشجب والاستنكار ووصف جرائمها بالمرفوضة، تحولت الى مؤسسة عسكرية وتقود جيشا على رأسه وزير ويحيط به المئات من جنرالات القتل والجريمة ويمتلك أسلحة فتاكة. وأصبحت جرائمها ووحشيتها مقنونة ولا تحتاج الى بيانات شجب واستنكار من الدول والمنظمات العالمية، صارت جرائمها تدار عبر دولة دينية الوجه والطابع والمحتوى ويبرر نفس الأعلام لها جرائمها بخانة محاربة الإرهاب والإرهابيين.. الحرب على داعش وشماعتها القضاء على الإرهاب تحمل نفس جدية وطابع بيانات الشجب والاستنكار وتسمية الجرائم بالمرفوضة. لكن الفرق بين بيانات الشجب والاستنكار على الهاجاناه وبين الحرب على داعش. هو أن بيانات الشجب والاستنكار لم توقف جرائم الهاجاناه بحق ساكني المدن والقرى الفلسطينية، لكنها في نفس الوقت لم تساهم في قتل وتشريد وتهجير الساكنين،.. أما الحرب على داعش فهي الأخرى لن توقف جرائم داعش لكنها في نفس الوقت ستساهم في قتل وتشريد وتهجير الساكنين في مناطق تواجد داعش. وبين هذا وذاك يمتد اجرام ديني بكل معنى الكلمة، اجرام يفرض على البشرية ان تفكر جديا بماهية التيارات السياسية الدينية ومكانة الدين في حياة الانسان اليوم.
#باسل_مهدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حين يغرد الوزير
-
خطبة الوداع للمالكي
-
زمام المبادرة قبل زمام المغادرة
-
ما أروع ملاحم العراق
-
مستنقع الدين والطائفية لاينتج الأمن والأمان
-
المالكية تنتج مفهوما جديدا للشرف والكرامة
-
حيوانية الرجل في القانون الجعفري
-
فتاوى النفاق وفتاوى التكفير
-
الارهاب بين داعش ...وفاحش
-
مهازل الفتاوى في اسواق التقوى
-
الحركة العمالية والامل في العراق
-
نور.. الحمل والعمل
-
بطعم البهجة صوتك
-
قوى الظلام تنشر غسيلها البربري في أروقة الجامعة التكنلوجية
المزيد.....
-
استهداف ممتلكات ليهود في أستراليا برسوم غرافيتي
-
مكتبة المسجد الأقصى.. كنوز علمية تروي تاريخ الأمة
-
مصر.. حديث رجل دين عن الجيش المصري و-تهجير غزة- يشعل تفاعلا
...
-
غواتيمالا تعتقل زعيما في طائفة يهودية بتهمة الاتجار بالبشر
-
أمين عام الجهادالاسلامي زياد نخالة ونائبه يستقبلان المحررين
...
-
أجهزة أمن السلطة تحاصر منزلا في محيط جامع التوحيد بمدينة طوب
...
-
رسميًا “دار الإفتاء في المغرب تكشف عن موعد أول غرة رمضان في
...
-
ساكو: الوجود المسيحي في العراق مهدد بسبب -الطائفية والمحاصصة
...
-
هآرتس: إيهود باراك مؤسس الشركة التي اخترقت تطبيق واتساب
-
الاحتلال يسلم عددا من الاسرى المحررين قرارات بالابعاد عن الم
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|