أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - درّاج مروان - الشركات المتعددة الجنسية.. رأس حربة منظمة التجارة















المزيد.....

الشركات المتعددة الجنسية.. رأس حربة منظمة التجارة


درّاج مروان

الحوار المتمدن-العدد: 5 - 2001 / 12 / 13 - 18:28
المحور: الادارة و الاقتصاد
    



اذا كان ثمة مدخل للوقوف عند مفهوم عولمة الاقتصاد، فلا بد بهذه الحالة من تحديد ما يعنيه هذا التعبير في النواميس الغربية التي كانت وراء ترويج مصطلح العولمة، والذي هو ليس بجديد على أي حال، فالغرب ومنظروه من كتاب وباحثين وإعلاميين، يشرح هذا المفهوم بلغة ملتبسة، إذ يعتبر ان العولمة تعني العدالة الاجتماعية والرفاهية الانسانية وحق البشرية في المنافسة الشريفة للبضائع وحرية ترويج السلعة، وظاهريا يبدو هذا الكلام بريئا وينم عن نوايا طيبة، لكن حين الوقوف عند السياسات العملية التي تمضي بها دول الشمال الصناعي التي تنتمي في غالبيتها الى المعسكر الغربي، سنعثر على ما هو نقيض لكل تلك الطروحات.
فاقتصاد دول العالم الثالث والدول الفقيرة محصور في أطر ضيقة، الا بالقدر الذي تسمح به قوى السوق، وفي حال تكرمت هذه العقلية الأحادية بقليل من فتاتها، لبلدان باستطاعتها تقديم بعض الخدمات وفقا لمقاييس ((عدو)) ((صديق)) ((حليف)) ((دولة إرهابية)) ((دولة غير ارهابية)).. وغيرها من المقاييس المتعددة والمختلفة. وحتى في حال جادت تلك البلدان بكرمها، فهذا لا يعني ان هذا الكرم من غير مقابل، او انه تم بطرق شرعية مباشرة، وانما وظيفة الغرب الصناعي بهذه الحالة، انه ((يغض الطرف)) ولا يتفوه بأي كلمة لها علاقة بالممانعة، فمثلا يضطر بلد مثل البرازيل لشراء تكنولوجيا تقنية توجيه الصواريخ الحاملة للأقمار الاصطناعية والخاصة بالأرصاد الجوية، اي لدواع سلمية محضة، يضطر لشراء تلك الصواريخ من السوق السوداء بواسطة سماسرة، ويدفع من أجل ذلك مبالغ مضاعفة لشركات أميركية وغربية كبرى، تندرج جميعها تحت تسمية ((الشركات متعددة الجنسية)) مع ان هذا البلد كان سيوفر الكثير من المال والمغامرة، لو وجد سبيلا لعقد صفقة رسمية من هذا النوع مع حكومات احدى الدول المتقدمة، والامثلة المشابهة ومن ذات النمط كثيرة، وتهدف بمجملها عرقلة نمو صناعات العالم الثالث وبقاء اعتمادها على استيراد المهارات والتقنيات المكلفة، وعلى الرغم من ذلك فهناك من يصدق في العالم الثالث بأن ((عولمة الاقتصاد)) ستكون البوابة الوحيدة التي تسمح باستيراد التكنولوجيا، علما ان مفهوم العولمة ومن ضمن ما يعني، تسوية الخلافات بين الدول الصناعية، كي لا تكون أسواق العالم الثالث حكرا على دول صناعية من دون غيرها، وبالتالي فان ازدياد نفوذ الشركات المتعددة والنمو المطرد لنشاطاتها في العقد الاخير من هذا القرن يترجم هذه المعادلة.
وعلى الرغم من انه من المتعذر اليوم الوقوف بوجه العولمة او مواجهتها او التغريد خارج سربها، الا انه يمكن بذل بعض الجهود للتقليل من مخاطرها في دول الجنوب، بالتنبه الى ضرورة عدم البقاء خارج التكتلات الاقتصادية الاقليمية، بدءا من إمكان اقامة مناطق تجارية حرة وليس انتهاء بالأسواق المشتركة، تماما مثلما تفعل أوروبا الغربية بعد وحدتها النقدية، والولايات المتحدة من خلال التكتلات الاقتصادية مع كندا ودول أميركا اللاتينية، ذلك ان مواجهة الشركات متعددة الجنسية تتطلب استحقاقات لا حصر لها. فهي أصبحت تشكل ثقلا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا لا يستهان به، فعدد هذه الشركات بلغ عام 1998 نحو 30 ألف شركة، إجمالي حجم نشاطاتها وفاعلياتها الاقتصادية اكثر من نصف الناتج العالمي، وتقدر قيمة أصولها بأكثر من 92 تريليون دولار (التريليون يساوي 1000 مليار) ويعمل بهذه الشركات نحو 35 مليون عامل وموظف، ولإدراك وتوضيح ما تعنيه بعض هذه الأرقام، ليس من الصعب العثور على أمثلة متخمة بمفارقات لا تدعو سوى للاستغراب والدهشة والرثاء لواقع الحال الاقتصادي في نصف الكرة الجنوبي، فعلى سبيل المثال، وحسب احصائيات أظهرها البنك الدولي، فان حجم أعمال خمس شركات متعددة الجنسيات في العالم، تجاوز عام 1996 مجموع الناتج المحلي لدول آسيا الجنوبية وأفريقيا الصحراوية، والدول الاكثر فقرا في العالم، بدءا من ((بنغلادش)) و((الهند)) وليس انتهاء بالصومال، الذي يصل فيه متوسط دخل الفرد الى نحو 80 دولارا في العام.
ونمو أعمال ونشاطات الشركات المتعددة الجنسية، يتوقع لها في ضوء الاتفاقات الاقتصادية الدولية، المزيد من التعاظم والمزيد من التوسع في قارات العالم، فجولة ((أورغواي)) ومن بعدها الاتفاقات التي أبرمت من جانب الدول المنتمية الى منظمة التجارة العالمية في مراكش، ومن ثم جولة المؤتمر الوزاري في سياتل، هذه الاتفاقات التي ستحرر التجارة العالمية توقعت ومنذ عام 1994، أنه مع سريان مفعول اتفاقات مراكش عام 2005 ستتمكن الشركات المتعددة الجنسية من تحقيق أرباح لم تشهدها منذ ولادة الثورة الصناعية والتكنولوجية في أوروبا، وهذا الكلام ليس فيه شيء من المبالغة، فاذا كان تسهيل انتقال الاستثمارات الخارجية هو أبرز عنوان من عناوين اتفاقات ((غات)). فهذا يعني ان عقدة انتقال تلك الرساميل من دولة الى اخرى ومن قارة الى قارة، سوف تكون في دائرة التلاشي والنسيان، ذلك ان عقدة هذه الشركات تمثلت ولعقود طويلة بعدم إمكان تصدير السلع والرساميل الى البلدان التي ما زالت تمثل أسواقا عذراء او واعدة، وتشير الاحصاءات بهذا الشأن، ان حجم الاستثمارات في الدول الصناعية وصل عام 1995 الى 315 مليار دولار، ذهب ثلثها حسب أفضل التقديرات للدول النامية، ومع الاشباع الذي أصاب الاستثمارات في الدول الصناعية، تمثل طموح الشركات متعددة الجنسية، برفع حصة الاستثمارات في الدول النامية، انطلاقا من حقيقة ان هذه الأسواق ما زالت عذراء وبحاجة للكثير من السلع والمنتجات، ومقابل هذه الصورة، سيعتقد الانسان العادي في الدول النامية ان تلك الاستثمارات، سوف تساهم في توفير المزيد من فرص العمل، وستخفض تكاليف الانتاج والنقل وسترفع الزيادة الانتاجية وانها ستحد من البطالة والركود والتضخم، وهذا الاعتقاد سرعان ما يبدد في حال الانحاء على تجارب هذه الشركات في معظم البلدان النامية، فهي قد تحدث تبدلا كبيرا في الهيكلة الاقتصادية للدولة والمجتمعات النامية. لكن هذا التبدل لم يكن يوما في صالح القطاعات الانتاجية، وانما في صالح القطاعات الخدمية، التي تساهم في ترويج سياسة الاستهلاك.
وتجسيد هذه الاخيرة يعني تراجع القطاعات الانتاجية الصناعية وغير الصناعية التي من شأنها إحداث بعض التبدلات الايجابية على صعيد النمو الاقتصادي والحد من الركود والتضخم وغيرها من المعايير الاقتصادية، وفي حال توجيه الانظار الى ما أحدثته الشركات متعددة الجنسية في بلدان أوروبا الشرقية وروسيا في العقد الاخير من القرن الماضي، فثمة الكثير من الدروس التي يمكن الاسترشاد بها. فالدول التي كانت قيد التحول من الاقتصاد الاشتراكي الموجه الى اقتصاد السوق، تعرضت الى هجمة كبيرة في رساميل الشركات متعددة الجنسية، وكانت النتيجة تراجع حصة القطاع الصناعي بمعدل 6 نقاط كمتوسط عام بين 1989 و1996، بينما زادت حصة قطاع الخدمات بمعدل 5 نقاط، وتختلف نسب التراجع حسب التركيبة الاقتصادية لكل بلد، فاذا كان التراجع في أوروبا الشرقية وروسيا انحصر تحديدا في الصناعة بكافة أشكالها وقطاعاتها الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، فواقع الحال في الصين وفيتنام كان مختلفا، إذ ان التراجع كان من نصيب الزراعة، حيث وصل في ذات الفترة الآنفة الذكر الى حدود 10 نقاط، وهذا التراجع يعتبر في المقاييس الاقتصادية العلمية من الأرقام ذات الخطورة العالية من ناحية التأثير على الناتج المحلي.
ولعل الحقيقة الاكثر وضوحا تتبدى في نصيب الشركات المتعددة من أصول الدخل العالمي السنوي، فحسب أرقام البنك الدولي فان نصيب 30 شركة وصل عام 2000 الى نحو 255 تريليون دولار اي اكثر من نصف إجمالي الدخل العالمي البالغ 510 تريليون دولار. وقد لا تبدو تلك الارقام على درجة عالية من الخطورة الا في حال علمنا ان إجمالي الدخل العالمي لم يكن يصل لغاية عام 1995 الا الى حدود 212 تريليون دولار، وبهذا المعنى فنصيب تلك الشركات كان قد زاد على الضعف خلال فترة زمنية قياسية وهي بحدود خمس سنوات، وبالتالي فان الاسئلة التي تتبادر الى الأذهان ضمن هذه المعادلة اذا كانت تلك الشركات تمكنت من مضاعفة مداخيلها ومراكمة الأرقام الفلكية في أرباحها، قبل سريان مفعول القوانين والتشريعات التي تسمح بتحرير التجارة العالمية من الرسوم الجمركية. إذن، كيف سيكون واقع الحال بعد تذليل الكوابح والعقبات التي تم الاختلاف بشأنها في مؤتمرات منظمة التجارة العالمية وأي صورة قاتمة يمكن تخيلها بعد ان تصبح التجارة العالمية والعالم كله، بلا حدود عام 2005؟!... وكيف يمكن تصديق الشعارات الغربية التي تروج للعولمة باعتبارها البوابة التي ستكبح جماح الفقر وتوزيع الثروات بطرق عادلة، في وقت تراجع فيه الدخل لدى الدول الاكثر فقرا في العالم الى نحو 600 مليون دولار لكل دولة خلال السنوات الممتدة من عام 1995 ولغاية 2000؟!
أسئلة كثيرة يمكن ان تتوالد في هذا السياق، والاجابة ليست مرهونة بالمستقبل القريب وما سيحمله من عواقب ومخاطر، ذلك ان الاجابة قائمة في واقعنا الراهن. فقطار العولمة الذي تحتل فيه الشركات متعددة الجنسية القاطرة الاولى او المحركة، أقلع من محطته، وأعطى دروسا كافية في تحديد الآثار السلبية، ومع ذلك فوجه المأساة يتجسد بحقيقة مفادها ان الدول الفقيرة التي تشكل نحو 80 في المئة من اجمالي سكان المعمورة، تدخل لعبة ((العولمة)) بعيون معصوبة، ولا يناط بها سوى دور التهليل والتصفيق للاعبين الكبار الذين تبارزوا في سياتل، ومن قبلها في مراكش، ومن بعدها في الدوحة، بهدف تسوية الخلافات حول آليات اقتسام ونهب ثروات دول الجنوب.
() كاتب فلسطيني مقيم في دمشق.



#درّاج_مروان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رابط الحصول على البطاقة الذهبية بالجزائر و تعرف على شروط الت ...
- الجزائر.. بيان توضيحي بشأن رفع أسعار تذاكر قطار الجزائر- تون ...
- برنس الفئة الاقتصادية.. مواصفات وسعر هاتف Realme 12x 5G.. ال ...
- الجزائر.. وزير الصناعة يعلن انجاز -خطوات مهمة- لتحقيق الأمن ...
- حريق اليونان يغطي مساحة تعادل ضعف مانهاتن ويضر بـ 22 شركة وي ...
- التضخم السنوي يرتفع في إسرائيل بسبب الحرب
- هل استطاع -آل التنين- منافسة -لعبة العروش- في موسمه الثاني؟ ...
- هل العالم على أبواب أزمة اقتصادية كبرى؟
- تقرير يكشف عن قيمة الاحتياطيات النقدية الاجنبية في البنك الم ...
- رسمياً: إتاحة استخراج البطاقة الذهبية إلكترونياً عبر موقع بر ...


المزيد.....

- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - درّاج مروان - الشركات المتعددة الجنسية.. رأس حربة منظمة التجارة