|
بلد خطفه الإرهاب، وشعب ممزق، وحائر، ومسحوق..
عزيز الحاج
الحوار المتمدن-العدد: 1292 - 2005 / 8 / 20 - 11:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إن لوحة الوضع العراقي الراهن تبدو لي غرائبية، مأساوية، ومزيجا من الكفكائية والسوريالية المشوهة! القتل الجماعي يومي، والأمن مفقود تماما، والعاصمة نفسها مختطفة بامتياز! ناهيكم عن كهرباء مفقودة في حر الخمسين درجة، والماء النادر، والبطالة. المشكلة الكبرى لا تزال هي مشكلة الأمن أولا، وثانيا، وثم الأمن! فاتساع وتكرار العمليات الإرهابية الدموية، وآخرها في مرآب النهضة، وحيث سقط أكثر من مائة قتيل وجريح، حالة مسؤولة قبل غيرها عن تعطل وشل الخدمات جراء التخريب المتواصل لمحطات الكهرباء وتنقية الماء، وقتل العشرات من العاملين هناك، ناهيكم عن شل الوزارات والمؤسسات. وما كان ممكنا لهذه الحالة أن تستمر وتتسع لولا فشل الحكومة وأجهزتها فشلا ذريعا دون إنكار حملات مداهمات واعتقال بفضل القوات الأمريكية أولا وتضحياتها. أما المجرمون الذين يعتقلون متلبسين بالجرائم الجماعية فلا نعرف عن محاكمتهم، ولم نسمع منذ سقوط صدام عن أي حكم بالإعدام قد نفذ. وكما يكتب الأستاذ مالوم أبو رغيف في مقالته الرائعة المدوية بتاريخ 17 {ب الجاري بعنوان "كراسي مذهبة لرجال عزائمهم من صفيح": " المشاهد تتكرر، العويل والبكاء والنحيب، وليس من صوت لسيارات الإنقاذ أو الشرطة، أو موكب لرجل مسؤول تحنن وتمعن لكي يتفقد من بقي على قيد الحياة ويواسي من أصابته النكبة، ولا رجل دين يلوح في الأفق، من أولئك الذين يدعون الحرص على أن تكون الشريعة هي أساس الدستور، فيأتي ليصلي على الموتى، ويريح الناس ولو لبعض من الوقت من ادعاءاته الفارغة ووعوده المعسولة، وتصلبه الأعمى، وإصراره على الالتصاق بالكرسي كما يلتصق القراد بجسم مبتلى." سوريا وإيران تواصلان تصدير الإرهاب بكثافة، وحيث يتصدر المدعو أبو مصطفى الشيباني رئاسة الشبكات الإيرانية من الحرس الثوري ومليشيات معلومة في تحالف عملي مع الزرقاوي والإرهاب البعثي الصدامي، وحيث التنظيمات والمليشيات المدعمة إيرانيا في البصرة والمسيرة لشرطتها، تواصل زرع الرعب والخوف في حربها على البشر والحريات الشخصية والحقوق المدنية للمواطنات والمواطنين. وهناك القاعدة وأوساط عربية تدعم الزرقاوي، والقوى الصدامية، وهي رأس الإرهاب والقائدة له، تستخدم المليارات المنهوبة لشراء الإرهابيين والضمائر والسلاح وبعض الفضائيات، وبدعم من بعض الحكومات العربية. ومما يضيف للوضع مأساوية وغرائبية أن الأطراف الرئيسة في الحكومة الرشيدة، تعتبر أن إيران هي حليفها الاستراتيجي، ولا تكف عن مدحها وغض النظر عن تدخل مخابراتها وعن تسريب السلاح الإيراني المتطور. كما لم ترفع الحكومة أية مذكرة احتجاج، ناهيكم عن شكوى دولية ضد النظام السوري برغم افتضاح دوره المعروف، ولحد أن يقف المدعو خالد مشعل، الإسلامي الفلسطيني، في دمشق ليدعو جهارا إلى القتال [ الإرهاب] في العراق، بل ويعتبر ذلك أهم من قضية فلسطين ولماذا؟ لأن قيام الديمقراطية في العراق سوف يهدد دمشق! ونحن أيضا نسأل مع غيرنا هل عقدت الجمعية الوطنية اجتماعات خاصة لبحث المشكلة الأمنية ومحاسبة وزيري الداخلية والدفاع ورئيس الوزراء على هذا الفشل الأمني الصارخ؟! إن الموت الجماعي يومي، والانفجارات صارت من التوالي بحيث أن عدم وقوعها يوميا هو الغريب! والجميع في السلطة، من فوق لأدنى، يستنكرون، دون تركيز الجهود أولا على حل المشكلة الأمنية كرأس المشاكل الراهنة، والعمل لتهدا العاصمة على الأقل، وتتحسن بعض الشيء حالة الناس، وينشأ الجو المناسب حقا للمناقشات الدستورية، وتولد رغبة من الجمهور في متابعتها، حيث أن الدستور إنما يكتب له، ولتحديد مسار مستقبله لأمد بعيد. وكما جاء في أحد المقالات عن الدستور، إنه يكتب لشعب غير مبال به وهو في جحيم القلق والخطر وانعدام الخدمات. لقد طلبنا مع عشرات من مثقفينا، ومن موقع الشعور الوطني والإخلاص المجرد من أية غاية ذاتية، تأجيل كتابة الدستور فترة كافية ليركز الجميع على مكافحة الإرهاب، وتوفير الخدمات بحدها الأدنى على الأقل؛ ولكن حتى مدة الشهور الستة المسموح بها بموجب الدستور المؤقت تناسوه، وهم في سباق ماراثوني، والضغط الأمريكي من ورائهم لأسباب معروفة من حرص الأمريكان على ترك البلد في الوقت الممكن بسبب الضغوط الداخلية. وإن على السفير السيد خليل زلماي والإدارة الأمريكية، وكما ورد في خطاب لسيادة رئيس الجمهورية مام جلال، أن يستوعبا جيدا مدى إحباط المواطنات والمواطنين، ومدى شعورهم بالمرارة والضياع والحيرة، بينما النخب السياسية لا تأخذ لنفسها فترة مناسبة في هذا الوضع المتوتر، ومع وجود خلافات جذرية وعميقة بين دعاة الفيدرالية وبين خصومها؛ بين دعاة حكم الشريعة والنظام الإسلامي وبين المعارضين بقوة، وغيرها من خلافات برهنت الأطراف المتنازعة على عدم قدرتها لحد اليوم على حلها بما يضمن كتابة دستور ديمقراطي فيدرالي مدني، يضمن حقوق الإنسان، ومنها الحرية الدينية الشاملة، وحرية الضمير والمعتقد؛ دستور يفصل بين الدين والدولة، ويضمن كرامة المرأة وحقوقها المدنية، وفقا للإعلان الدولي لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية ضد جميع أشكال التمييز الموجه للمرأة، وبعيدا عن تدخل وتطفل المؤسسات الدينية. [ 19 آب
#عزيز_الحاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة طريدتهم الأولى
-
مناورات الساعات الأخيرة.. هل سيقف الزعماء وقفة التاريخ؟!
-
عودة إلى -فارسية- الكورد الفيلية!
-
نعم، أجلوا كتابة الدستور الدائم واسترشدوا بالدستور المؤقت
-
إيران النووية على طريق صدام!
-
التذكير مجددا بقانون الإدارة والخلافات الساخنة اليوم!!
-
حدود التحالفات السياسية
-
اغتيال الصحفي ستيفن في البصرة...
-
خطاب موجه إلى رئيس الجمهورية العراقية الأستاذ جلال طالباني
-
نظرة أولى على مسودة الدستور
-
ملاحظات ونقاط عن رجال الدين والسياسة في العراق
-
إيديولوجية التطرف الإسلامي: إرهاب بلا حدود!
-
حذار، حذار من الدستور إسلاميا!
-
عن ندوة اليونسكو حول الثقافة في العراق
-
لابسو الأكفان يزحفون من لبنان!
-
تحالف الأضداد ضد الشعب العراقي..
-
الضجة المغرضة
-
-مقاومة- حرق الجثث و-جهاد- قطع الرؤوس ونبش القبور!!
-
العراق بين الإبراهيمي والعرب!
-
خراب بشري، وتدمير إيراني ـ سوري.... وعلم جديد!!
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|