|
جبرائيل ونبي وهلوسة
عماد البابلي
الحوار المتمدن-العدد: 1291 - 2005 / 8 / 19 - 07:46
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قبل الدخول في موضوع المقالة الرئيسي لا بد من تعريف ما هي الهلوسة من ناحية الطب النفسي والهلوسة مصطلح إنكليزية و لها مقابل في اللغة العربية كلمة خيالات وتعني الكيفيات الحسية الوهمية ، وهي عبارة أدراكات حسية دون وجود مثير خارجي لها وتتحول إلى انطباعات ذهنية داخلية ، الهلوسة أحد أهم أعراض تطور الاضطراب العقلي ( الفصام العقلي والكآبة العالية الشدة )ومن جانب آخر تترافق الهلوسة مع بعض الأعراض المرضية ذات المنشأ العضوي مثل الارتفاع في درجة الحرارة .. تنقسم الهلوسة إلى أنواع حسب نوع الحاسة المثارة منها : - الهلوسة البصرية : أكثر أنواع الهلوسة شيوعا بين مرضى الاضطراب العقلي كرؤية المريض أشخاصا لاوجود لهم والتكلم معهم بشكل طبيعي وهذا النوع من الهلوسة يعتبر علامة رئيسية في الطب النفسي على تطور الفصام العقلي إلى مراحله النهائية . - الهلوسة السمعية : نوع نادر من الهلوسة ويتمثل بسماع أصوات وحوارات مع أشخاص لاوجود لهم على أرض الواقع ، وعلى النقيض من النوع الأول يكون الإدراك العقلي أكثر ، تظهر الهلوسة السمعية مرفقة غالبا مع الكآبة . - أنواع أخرى : أنواع أخرى من الهلوسة تتمثل بالحواس الأخرى وأكثرها بالجلد، وهي ثانوية وهي قليلة الظهور جدا تترافق مع اضطرابات عقلية خفيفة الشدة مثل القلق والرهاب والكآبة الخفيفة الشدة . القرن التاسع عشر كان الميلاد الحقيقي للطب النفسي وفي تلك اللحظة ميز العقل البشري بواسطة الأبحاث الطبية على كون الهلوسة من أهم أعراض الاضطراب العقلي وأحيانا أخرى الاضطراب النفسي في أعلى شدة له .. ولكن المشكلة الحقيقية هي قبل ذلك التاريخ في طريقة فهم الاضطراب العقلي .. مثلا كان مرض الصرع يفسر ولغاية القرن التاسع عشر على أساس كونه روح شريرة تسكن المريض وعلاجه الوحيد التفاهم مع ذلك الشبح الزائر لكي يرحل بسلام من جسد هذا المريض .. والهلوسة تعتبر من علامات الاتصال المقدس مع عوالم أخرى بشكل لاإرادي من قبل الشخص الذي يعاني من تلك الحالة . الكل يعرف بأن التفكير السحري والأسطوري كان هو السائد على البشر لغاية القرن التاسع عشر ، القرن الذي أزاحت فيه ثورة إنكلترا الصناعية ذلك التراث القذر الذي ساد طوال آلاف السنين .. خلال عصور الظلام كانت الهلوسة نعمة إلهية لا تأتي لكل إنسان .. نعمة تقدم لها الصلوات وأدعية الشكر ؟!! نبدأ بالكتاب المقدس في عهده القديم والجيد ونرى قصص كثيرة لأنماط من الأدب الرؤيوي القائم على مسلسل لا ينتهي من حوارات ولقاءات مع شخصيات تسكن عوالم عليا تستطيع السفر والتنقل بين العالمين بشكل سهل ، كان السيد جبرائيل ذاك الملاك الرسول بين الله وأنبيائه الذي تكرر في الديانات الثلاثة في دور بطولة لا ينافسه أحد عليه .. من هو السيد جبرائيل في الحقيقة ؟؟ شخصية هذا الملاك حيرت كل باحثي الميثولوجيا وخصوصا تكراره في نفس الملامح في أغلب الكتب المقدسة ، ولا يعطي لنا هؤلاء الباحثين أجابه مقنعة عن الهوية الحقيقية لهذا الملاك الذي يمتلك سبعين جناح كما يصفه النبي محمد في رحلته الفضائية ( الإسراء والمعراج ) عندما قابل الله وجها لوجه في غرفة نومه الخاصة ؟؟!! وهو نفسه الملاك الذي زار محمد في الغار وبشره بالنبوة والرسالة واختياره خليفة لله الواحد القهار على كوكب الأرض .. جبرائيل كما يقول القرآن التقى بالسيدة مريم وخرجت بعد اللقاء وهي حامل ولا أحد يعرف لحد هذه اللحظة كيف فعل السيد جبرائيل ذلك ؟؟!! جبرائيل كان نفسه معلم النبي موسى لكل التشريعات التي خرج بها بعد أربعين ليلة كان قد قضاها موسى مع السيد الملاك الرسول ، لماذا رقم أربعين بالذات ؟؟!! بعد النبي محمد لم يزر جبرائيل كوكب لأرض لأحالته على التقاعد على ما أعتقد .. جبرائيل كان برأي الشخصي يمثل هلوسة مشتركة تنتقل عبر اللاشعور الجمعي لمجموعة من البشر الذي كانوا يعانون من حالات مركبة من كآبة شديدة وفصام عقلي بسيط ( بسيط جدا جدا )، طوال عصور الظلام القديمة من الطبيعي جدا على بشر يمتلك حساسية مرهفة وخيال واسع أن يعانوا من تلك الأعراض .. السيد يسوع عاصر عبادة الإله ( بعل ) في بعض مناطق سوريا الذي كانت قرابينه الخاصة على شكل أطفال أحياء رضع يلقون في محرقة تقديسا لهذا الإله .. السيد محمد عاصر هو الأخر ظاهرة وأد البنات وهي عبارة عن دفن الطفلة الرضيعة وهي حية خوفا من العار الذي قد تجلبه عندما تكبر .. مثل تلك المشاهد الوحشية تؤدي في النهاية إلى كآبة حادة بكل ما تحمل من أعراض كالقلق والأرق ليلا وسؤ الشهية واضطراب التفكير والأنطوائية ، واليوم وفي أرض العراق يعاد المسلسل من جديد تقدم القرابين لرب القرن العشرين ( بعل الجديد ) هذا الرب الذي يبتسم عندما طقوس الذبح وقتل الأطفال بالجملة باسمه .. ولأن جبرائيل تقاعد عن العمل لكان الآن أول الزائرين في غرفتي الصغيرة ؟؟!!
#عماد_البابلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن الماركسية العراقية وأشياء أخرى .. تحليل أنثربولوجي بسيط
-
دفاع عن السيد ابليس
-
باراسيكولوجية الحيوانات .. مدخل
-
عن اللاشعور الجمعي العربي/ مواصفات الشخصية العربية
-
رسالة من الأميرة ضبأ إلى جرذان الدين السياسي
-
نيتشه ومختارات من كتاب هكذا تكلم زارادشت
-
رسالة من نزار قباني للمرأة العربية
-
الشرنقة .. ماهو الموت ؟؟؟
-
بحث حول الغريزة
-
يوميات مثقف عراقي .. الجزء الثاني .. المرأة العراقية والوهم
...
-
الأليات الدفاعية النفسية .. مدخل
-
يوميات مثقف عراقي / الحلقة الأولى .. سوريالية أم عراقية
-
السريان .. حكاية حزن لاتنتهي
-
تعريف اللاشعور.. رحلة إلى بلاد العجائب
-
القائمة 169 ومنتخب البرازيل
-
المواطن العراقي والقومية العربية / علاقة من نوع خاص
المزيد.....
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|