|
ماركس وأنجلز وبنو خالد
سعود قبيلات
الحوار المتمدن-العدد: 4583 - 2014 / 9 / 23 - 23:43
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
قرأتُ في كتاب «إرم ذات العماد.. مِنْ مكَّة إلى أورشليم: البحث عن الجنَّة»، وهو مِنْ تأليف صديقي الأديب والمفكِّر العراقيّ المعروف الأستاذ فاضل الربيعيّ، الملاحظة التالية: «لكن الصديق تركي علي الربيعو وهو باحث طليعيّ شابّ في حقل الميثولوجيا، لفت انتباهي إلى رأي مثير لماركس (رسائل إلى أنجلز) يرجِّح فيه احتمال أنَّ كلمة (كلدانيين) قد قرئت بشكل مغلوط من المستشرقين فهم برأيه [بني خالد] (الخالديون)». (ص 220 و221. والأقواس الموجودة داخل النصّ مِنْ وضع المؤلِّف) دفعني هذا إلى البحث، في مكتبتي الخاصَّة، عن رسائل ماركس وأنجلز، فوجدت في رسالة أرسلها أنجلز إلى ماركس بتاريخ 26 أيَّار 1853، شيئاً له صلة بهذا الموضوع المحدَّد وأشياء أخرى تتجاوزه.. لكن من المفيد الاطِّلاع عليها جميعاً. وقد اقتطفتُ منها ما يلي: «... أمس قرأتُ كتاباً عن الكتابات العربيَّة سبق وحدَّثتك عنه. والكتاب لا يخلو من المتعة والفائدة رغم أنَّه من الكريه أنْ يطلّ الكاهن ومدَّاح التوراة في كلّ سطر من أسطره. ويعتبر المؤلِّف أنَّه أحرز أعظم انتصاراته لكونه أفلح واكتشف عند غيبون بضعة أخطاء في الجغرافية القديمة؛ ومِنْ هنا يستخلص استنتاجاً مفاده أنَّ علم اللاهوت عند غيبون لا يصلح البتّة هو أيضاً. اسم الكتاب "الجغرافية التاريخيَّة للجزيرة العربيَّة، مِنْ وضع الكاهن تشارلز فوستر". وأطرف الاستنتاجات عنه هي التالية: 1- أنَّ سلسلة النسب الواردة في سفر التكوين، على أنَّها سلسلة نوح وإبراهيم، والخ.، هي تعداد دقيق نسبيّاً للقبائل البدويَّة في ذلك الزمن وفقاً لدرجة قرابة لهجاتها والخ.. وحتَّى الآن، تسمِّي القبائل البدويَّة نفسها، كما هو معروف، بني صالد، بني يوسف، والخ، . أي أبناء هذا وذاك. إنَّ هذه التسميات، المدينة بأصلها لأسلوب العيش البطريركيّ القديم، تؤدِّي في آخر المطاف إلى هذا الضرب مِنْ سلاسل النسب. إنَّ تعداد الأجيال في سفر التكوين يؤكِّد الجغرافيون القدماء صحَّته إلى هذا الحدّ أو ذاك، في حين أنَّ الرحالة الحديثين يشهدون على أنَّ هذه الأسماء القديمة، رغم تغيرها وفقاً للهجات المحليَّة، لا تزال قائمة الآن أيضاً بمعظمها. ومِنْ هنا ينجم أنَّ اليهود أنفسهم هم كذلك قبيلة بدويَّة صغيرة مثل جميع القبائل الأخرى، ولكنّهم تصادموا مع البدو الآخرين بحكم الظروف المحليَّة، والزراعة، والخ..». (ماركس أنجلز – رسائل مختارة – ص 65 و66. والكتاب صادر عن دار التقدّم السوفييتيَّة عام 1982 ومِنْ ترجمة الياس شاهين) ويتابع أنجلز تعداد استنتاجاته «الطريفة» – كما وصفها – عن كتاب الكاهن تشارلز فوستر، فيقول: «2- بصدد الفتح العربيّ العظيم الذي تحدَّثنا عنه مِنْ قبل، يتَّضح أنَّ البدو، شأنهم شأن المغول، كانوا يقومون دوريّاً بالغزوات، وأنَّ المملكة الأشوريَّة والمملكة البابليَّة قد أسَّستهما القبائل البدويَّة في نفس المكان الذي ظهرتْ فيه خلافة بغداد فيما بعد. إنَّ مؤسِّسي المملكة البابليَّة، الكلدان، لا يزالون الآن أيضاً يعيشون في المحلَّة ذاتها بالاسم ذاته – بني كلد. (...)». (المصدر السابق «رسالة أنجلز إلى ماركس» – ص 66) استنتاج أنجلز التالي (رقم 3) ليست له صلة مباشرة بموضوعنا المحدَّد، لكنَّني أُثبِّته هنا لما يحتويه مِنْ رؤية مهمّة (وموضوعيَّة) لنمط عيش العرب القدماء: «3- حيث كان العرب يعيشون عيشة حضريَّة، أي في الجنوب الغربيّ، كانوا، على ما يبدو، شعباً متمدّناً مثل المصريين والأشوريين، والخ.؛ وهذا ما تثبته انشاءاتهم المعماريَّة. وهذا ما يفسِّر الكثير في الفتح الإسلاميّ». (المصدر السابق «رسالة أنجلز إلى ماركس» – ص 66) وفي حين اعتاد كثير من الباحثين والمفكِّرين (العرب والأجانب) الحديث عن أثر التوراة ومجموعة المعتقدات والمدوّنات اليهوديَّة في الثقافة العربيّة (والإسلاميَّة)؛ أي كما لو كان التأثير باتِّجاه واحد، نجد أنجلز، في رسالته التي نحن بصددها، يتحدَّث، على العكس مِنْ ذلك، عن أثر التقاليد العربيَّة القديمة على اليهود وتوراتهم، فيقول: «ومن الواضح لي الآن تماماً أنَّ الكتاب اليهوديّ المسمَّى بالكتاب المقدَّس لا يعدو أنْ يكون تسجيلاً للتقاليد الدينيَّة والقبليَّة العربيَّة القديمة التي تغيَّرتْ بفضل انفصال اليهود باكراً عن جيرانهم – أي عن القبائل القريبة النسب منهم، ولكن التي بقيتْ مِنْ قبائل الرحل». (المصدر السابق «رسالة أنجلز إلى ماركس» – صم 66) ويتابع شرح فكرته السابقة، قائلاً: «ولكن الكتابات والتقاليد العربيَّة القديمة والقرآن، وكذلك السهولة التي تتَّضح بها جميع سلاسل النسب، والخ. ، - كلّ هذا يبرهن أنَّ المضمون الأساسيّ كان عربيّاً أو، بالأصحّ، ساميّاً عامّاً، مثلما هو عندنا حال "ايدا" والملحمة البطوليَّة الجرمانيَّة». (المصدر السابق «رسالة أنجلز إلى ماركس» – ص 66 و67) على أيَّة حال، رسائل ماركس وأنجلز كثيرة جدّاً؛ إذ يبلغ عددها حوالي أربعة آلاف رسالة. ومع الأسف، فإنَّه لا يوجد لديَّ منها سوى قدر ضئيل. لذلك، قد تكون ملاحظة ماركس بالنص الذي أورده صديقي الربيعيّ في كتابه، موجودة في واحدة مِنْ تلك الرسائل الكثيرة الأخرى التي لا تتوفّر في مكتبتي. لكن ثمَّة في ثنايا رسالة أنجلز التي نشرتُ مقتطفاتٍ منها هنا ما يدعم رواية الربيعيّ ويزيد عليها.
#سعود_قبيلات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شيءٌ مِنْ «يوميَّات سجين سياسيّ اسمه زعل»
-
في «مليح» صرتُ ماركسيّاً*
-
شيوعيّ وتكفيريّ في زنزانةٍ واحدةٍ!
-
الشركات النفطيَّة في الثكنات..
-
كلمة افتتاح الاجتماع الثاني ل-المجلس المركزيّ لاتِّحاد الشيو
...
-
سعود قبيلات -رئيس اتِّحاد الشيوعيين الأردنيين - في حوار مفتو
...
-
كلمة افتتاح المؤتمر التأسيسيّ لاتِّحاد الشيوعيين الأردنيين
-
استعادة الذات
-
معاً مِنْ أجل «اتِّحاد الشيوعيين الأردنيين» على طريق الجبهة
...
-
اتِّحادٌ مِنْ طرازٍ جديدٍ
-
إلى اليسار دُرْ
-
الوحدة.. الوحدة
-
شيء عن تجربة اتّحاد الشيوعيين الأردنيين..
-
الماغوط .. الشاعر الجميل الأكثر جنوناً
-
تلك الغيمة في بنطال تيسير سبول وماياكوفسكي
-
الرحلة الروسيَّة
-
أفضل مِنْ أن أكون على حق
-
مثل كتلة من الرخام العاري
-
رسائل حبّ عاملة النحل
-
نهايات -رغبويَّة- وبدايات موضوعيَّة
المزيد.....
-
استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س
...
-
استمرار إضراب عمال “سيراميك اينوفا” لليوم السابع
-
جنح مستأنف الخانكةترفض استئناف النيابة وتؤيد قرار إخلاء سبيل
...
-
إخلاء سبيل شباب وأطفال المطرية في قضية “حادث الاستثمار”
-
إضراب عمال “النساجون الشرقيون”
-
تسعة شهور من الحبس الاحتياطي.. والتهمة “بانر فلسطين”
-
العدد 590 من جريدة النهج الديمقراطي
-
اليمين المتطرف يحتفل برحيل أونروا من إسرائيل
-
الفصائل الفلسطينية تفرج عن دفعة جديدة من الأسرى بينهم أربيل
...
-
تسع خطوات عاجلة لـ 10 نقابات مهنية مصرية ضد تهجير ترامب للفل
...
المزيد.....
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
المزيد.....
|