أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هبة عبده حسن - فقه فاسد أم فكر شرير (المنصورون بالرعب!)














المزيد.....

فقه فاسد أم فكر شرير (المنصورون بالرعب!)


هبة عبده حسن

الحوار المتمدن-العدد: 4583 - 2014 / 9 / 23 - 20:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم يكن عصر يوم الخميس 4 سبتمبر 2003 يشي بأي شيء غير عادي، الزملاء والزميلات في الشركة الدولية التي عملت بها في ذلك الوقت كانوا يستعدون لعطلة نهاية الأسبوع بخطط صاخبة تتناسب وأعمار معظمهم الشابة، اما من تخطوا الخامسة والثلاثين فقد اجتمعوا ليرحبوا بزميلنا الجديد "اليكسندر" القادم من فرنسا حول آخر فنجان قهوة قبل المغادرة كل لعائلته. وعلى الرغم من أن القادم الجديد قرر المغادرة النهائية بعد أسبوع واحد فقط من التحاقه بالعمل، فقد ترك أثراً عميقاً في تفكيري حيث أجاب (بحكاية أصابتني بالذهول وقتها) على أكثر تساؤلاتي إلحاحاً وإيلاماً حينها: كيف يستطيع شخص عاقل تفجير نفسه وقتل آخرين معه؟ يبدو السؤال الآن ساذجاً ونحن نشاهد القتل الجماعي وقطع الرؤوس والأيدي على الهواء مباشرة ولكن تظل حكاية "أليكسندر"، التي أصابتني بالدهشة وأجابت على سؤالي منذ عشرة اعوام، حية في مخيلتي. وهاهي الحكاية...

كان هو صبياً في الخامسة عشر من عمره يعيش في العاصمة الإيرانية طهران مع أمه الفرنسية وأبوه الإيراني حينما بدأت الحرب العراقية الإيرانية (قادسية صدام) بضربه لعمق مدن إيرانية في سبتمبر 1980 وذلك بعد سنة واحدة من تولي الخميني قيادة إيران وصدام حسين رئاسة العراق. كان والد "أليكس" يعمل طبيباً في الجيش الإيراني، وفي ظهيرة أحد الأيام جاء الأب إلى المنزل مضطرباً ليطلب من زوجته الفرنسية أن تستعد هي وابنهما حيث ستغادر العائلة إلى فرنسا في أقرب وقت. وبعد عدة أيام كانت الأسرة على متن الطائرة المغادرة إلى باريس بعد أن تركوا منزلهم وأثاثهم وسيارتهم وكل ما صنع ذكرياتهم... وعلى خلفية صوت محركات الطائرة سمع الولد أباه يقول لأمه باللغة الفرنسية بصوت تخنقه العبرات: إنهم يخطفون الأولاد الصغار من القرى، يدربونهم على استعمال السلاح في النهار، وعندما يجلسون لتناول الغداء يأتون لهم بالطعام مخلوطاً بالأفيون فتغيب عقول الصغار وعند وقت معين يأتي شخص يرتدي عمامة خضراء رافعاً راية "لا إله إلا الله" ترفرف خلفه وهو يقطع الحقل القريب على صهوة جواده الأبيض فيصيح قائد الصبية في حماس: هذا ولي الله مولانا علي بن أبي طالب يدعوكم للجنة...يصمت الأب ثم يجهش بالبكاء قائلاً: إنهم يحولون الصغار إلى آلات للقتل.

تذكرت زميلي وأنا أشاهد (بدون الألم والدهشة هذه المرّة) صبياً سورياً صغيراً يتكلم لقناة تليفزيونية لبنانية من إدلب السورية. الصبي يحمل بندقية آلية ويتحدث عن كونه يقنص أفراد الجيش السوري بمنتهى البساطة وبشكل عادي... هكذا هو يقول: "عادي!". هذا الصغير الذي لا يزيد عمره عن أحد عشر عاماً يحكي بهدوء كيف أنه يقتل جندياً أو اثنين كل يوم ببندقيته... هذا الصبي الجميل الملامح لم يكن يبدو عليه أنه تحت تأثير الأفيون، هناك مخدر أقوى هذه المرّة: الرعب! هذا الصبي الذي يبدو وكأنه قد وضع ثقته العمياء في قائده الشاب الذي يقول بلا حياء أن الأطفال هم أفضل الجنود حيث أنهم "يطيعون الأوامر بدون مناقشة وهم لا يشككون في شيء" بدا لي خائفاً، لقد التقطت أذني المدربة في صوته المتأرجح بين الطفولة والرجولة خوفاً لا طاقة لإنسان به. ألة القتل هذه ذات الأحد عشر عاماً تكاد تموت رعباً.

فكرت للحظة كم كانت استراتيجية الأفيون ودعوة الإمام علي لدخول الجنة طيبة ساذجة مقارنة بالبربرية السادية والوحشية التي نعيشها الآن. وفكرت للحظة هل لازال أبو "أليكس" حيّاَ يا ترى؟ وما عساه - لو كان حيّاً - تراه يفكر ذلك الذي هرب من وجه قسوة أبكته ودفعته للتخلي عن ممتلكاته وهجر أرضه واللجوء إلى مكان أكثر إنسانية؟ وإلى أين يا ترى عساه يهرب - لو كان حيّاً - هذه المرّة؟



#هبة_عبده_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نكاح العقل!
- في ملكوتك
- نون
- مفتاح الفرج
- ماتقتلنيش
- مصر بين لعبتي الشطرنج الإيرانية والنسيج المهترئ السعودية (ال ...
- مصر بين لعبتي الشطرنج الإيرانية والنسيج المهترئ السعودية (ال ...
- مصر بين لعبتي الشطرنج الإيرانية والنسيج المهترئ السعودية (ال ...
- مصر بين لعبتي الشطرنج الإيرانية والنسيج المهترئ السعودية (ال ...
- زمانان لشجرة المانجو العتيقة (قصّة)
- جان دارك أفريقيا
- سوق الحلاوة
- لنهدمنّ الأمم
- واضربوهن!
- بين معارك 1926 ومذابح 2014، نحن شركاء بالجهل مرّة وبالعلم مر ...
- المجلس المصري للإعلام بين السموات المفتوحة والنوايا الطيبخبي ...


المزيد.....




- الشرطة الألمانية تعتقل شبانا حاولوا التسلق إلى كاتدرائية كول ...
- مستعمرون يقتلعون أشجاراً ويجرفون أراضٍ بالخليل وسلفيت
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يؤدون طقوسا تلمودية بالمسجد الأقصى ...
- مظاهرات حاشدة في مدن عربية وإسلامية دعما لغزة
- الخارجية الأمريكية تطالب الموظفين بالإبلاغ عن حالات التحيز ض ...
- أحد الشعانين: مسيحيو غزة يحتفلون في -ثالث أقدم كنيسة في العا ...
- أنور قرقاش يهاجم -الإخوان المسلمين- ويثير جدلا على منصة -إكس ...
- عاجل | أبو عبيدة: فلسطين وشعبها لن ينسوا الوقفة المشرفة من ا ...
- قائد الثورة الإسلامية: ضرورة الحفاظ على جاهزية القوات المسلح ...
- فتوى الجهاد المسلح دفاعاً عن فلسطين


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - هبة عبده حسن - فقه فاسد أم فكر شرير (المنصورون بالرعب!)